الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سبنسر تونيك .. كما نبي يقود أمته عرايا يوم الحشر

يوسف ليمود

2010 / 7 / 28
الادب والفن


مع رؤية آلاف البشر المتطوعين بجسمهم العاري في برد الميادين أو على حافة النهر أو منحدر الجبل أو فوق جذوع الشجر أو في الجليد... من أجل لقطة فوتوغرافية، يلحّ السؤال عن الدافع وراء رغبة العري، رغم أن الفرد الواحد من هذه الحشود لن يطمح أن يرى جسمه العاري في الصورة أكبر من حجم قطعة اللحم التي يُدخلها في فمه، هذا إن تعرّف على نفسه في الصورة! إنّ إعلاناً واحداً من هذا الفنان الأمريكي، سبنسر تونيك، عن نيته في تنفيذ مشروع عري جديد في هذا البلد أو ذاك، أو فوق هذا المبنى أو أسفل ذلك الكوبري، لكفيل بان يدفع بالآلاف لتسجيل استعدادهم للتعري لهذا الحدث رغم كل شيء، فما السر؟ أهي الروح الجماعية تحركها طبقات التاريخ البدائي المتكلس في قاع الذاكرة منذ عصر القرود والكهوف، أم أنها الفرصة النادرة في فعل شيء اتُفق عليه وخُطط له مسبقا فخرج من حيز الفضيحة والخجل حين القيام به عفوياً وبشكل فردي، وأخذ مصداقيته وأخلاقيته المتحضرة في دفيء الجموع؟ أم هو واعز شبه ديني مغروز في الأعماق يدفع إلى تجريب رؤيا الحشر كبروفة؟ شيء واحد مؤكد هو أن للحشود طاقتها ومغناطيسيتها المصقولة بإشعاعات كل جسم مفرد، مشكلّةً في مجموعها حزامَ الهدير الهائل، فإذا بالجميع وكأنهم فرد واحد والعكس، ويبقى العري هو الكهرباء المحصورة بين قطبي السالب والموجب التي تحرّك موتور العالم ولو في الخفاء. إنها إذن فرصة لإطلاق الحواس في الهواء العاري.

يمسك الفنان الميكروفون على فمه يوجّه الحشود: أن يقْعوا فيقْعون، أن يسجدوا فيفعلون، أن يرقدوا على منحدر النهر، أن يتبعثروا على قضبان سكة الحديد، أن يذهب هؤلاء الألف في مستطيل مروع أسفل هذا المبنى، أن ينحشر المئات هؤلاء في مدخل المبنى وعلى السلالم والطبقات، أن يتمددوا كالموتى على الرصيف الطويل، أن يندلق بعضهم على البعض في بهو المتحف تحت لوحة كلاسيكية عارية، أن يتراصوا على الجسر الذاهب في عمق الماء، أن يركبوا الماء في المراكب، أن يدسّوا عريهم في الجليد على الجبل... عري فوق عري تحت عري. الصورة حقل عري، الأجساد المشاركة في العري تتشبع بالعري، صندوق الكاميرا يكتظ بالعري، العين التي تشاهد يفيض منها العري، الرغبة في العري تثير الرغبة في العري... إنها صورة بدائية جداً ومتحضرة جداً، يطبعها فنان معاصر على ورق فخم، هائل الحجم، فادح العري والرمز والتعبير.

يوسف ليمود
م. جسد
لمشاهدة الصور المتعلقة بالمادة على هذا الرابط: http://www.doroob.com/?p=45783
رابط المادة السابقة: http://www.doroob.com/?p=45454








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال