الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشهد السياسي والكفاءات العراقية

منذر الفضل

2010 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


ورثت الحكومة الاتحادية في العراق حزمة كبيرة من المشكلات التي يعود سببها للنظام الدكتاتوري الذي تم إسقاطه في 9 نيسان 2003 , وبشكل عام يمكن تصنيفها على نوعين : مشكلات داخلية معقدة , وأخرى خارجية مع الميحط الاقليمي والدولي . وعلى الرغم من مرور 7 سنوات على زوال النظام الدكتاتوري فأن هذه المشكلات بقيت على حالها , لا بل انها صارت تتفاقم لاسيما ما يتعلق بقضايا البطالة والفساد المالي والاداري ونقص أو انعدام الخدمات الاساسية للمواطن من ماء وكهرباء ورعاية صحية وتعليم بكل مراحله وانعدام الأمن والأمان فضلا عن بقاء المشكلات مع دول الجوار التي ما تزال قائمة بلا حلول جذرية وبخاصة ما يتعلق بترسيم الحدود والديون وأثار حروب النظام السابق ضد ايران والكويت.
ولعل من بين أهم معوقات حل هذه المشكلات الموروثة , والتي تزيدها تعقيدا صراعات السياسيين على السلطة , هي ركون هؤلاء على معلوماتهم الشخصية وعدم الايمان بالتداول السلمي للسلطة وتهميش أصحاب الخبرات والكفاءات والمتخصصين في فروع المعرفة لإيجاد الحلول والتوصيات لهذه القضايا المعقدة .
لقد اعتمد الساسة في بغداد أسلوب تعيين مستشارين لهم , وهي فكرة جيدة من حيث المبدأ , غير أن كثيرين منهم أخذوا يستعينون باشخاص من اتباعهم ومن الموالين لهم واغلبهم ممن لا يحملون مؤهلا علميا مناسبا , أو لهم تحصيل دراسي متواضع لا يكفي لأن يضعهم في مرتبة الخبير أو المستشار , والشواهد كثيرة على ذلك , بل إن الكثير من من المسؤولين الذين يشغلون مناصب مهمة في الحكومة ومؤسسات الدولة لا يحملون التحصيل الدراسي الجامعي الاولي , مما يزيد الحكومة فشلا على فشل في الاداء , ويعزز ظواهر الفساد المالي والاداري والمحسوبية والمنسوبية وهي آفات خطيرة تنخر المجتمع , ويعود هذا الى مبدأ المحاصصات الحزبية والطائفية التي تعد كارثة على مستقبل الاجيال والبلاد .
إن الوضع العراقي , لم يعد يحتمل المزيد من التدهور في الخدمات وفي الصراعات السياسية والأمنية , إذ يجب أن تكون هناك مؤسسات تضم متخصصين من ذوي الخبرات العالية بعيدا عن المحاصصات , وإعتماد معيار الكفاءة والخبرة عند إختيارهم , لكي تساعد على حل ازمات الوضع الراهن وتقدم التوصيات للسياسيين وصناع القرار مثلما يجري في كثير من البلدان في العالم المتحضر . ان من الاخطاء الفادحة ان ينفرد المسؤول باتخاذ القرارات الاقتصادية والقانونية والسياسية والادارية أو توقيع العقود دون مشورة من اصحاب الخبرة الحقيقة مثلما كان يفعل صدام حسين وطغاة العالم الذين يدعون المعرفة المطلقة في كل شيء , وانما يجب الاستعانة بآراء الخبراء المستقلين والبعيدين عن الاحزاب كل حسب تخصصه . ومن هنا ندعو الى ضرورة الاستفادة من الكفاءآت المهاجرة في المنافي وفي الداخل من العراقيين وعدم اللجوء للتظاهرات الاعلامية التي كان يلجأ اليها النظام السابق في دعواته المعروفة للمغتربين .
لذلك فأن من المفيد العمل على تشكيل مجالس أو لجان علمية دائمية من خبراء وكفاءات عراقية للتخطيط لمستقبل البلاد في الميدان الصحي والهندسي والمحاسبي والاقتصادي وفي كل فروع المعرفة , ولتقديم المشورة , ولدعم السلطة التنفيذية في ادارتها للدولة . وبهذه الطريقة فأن الوزير أو أي مسؤول في الدولة عندما يذهب للتفاوض مع ممثلي الدول الاخرى في امور هامة تمس مصلحة البلاد العليا فأنه يتوجب عليه أن يستعين بالمستشارين الاكفاء . فرأي الخبراء المتخصصين مثلا في الحكومة الحالية أو غيرها يكون له أهمية قصوى في حالة التفاوض مع تركيا وسوريا وايران حول قضية المياه وحقوق العراق في نهري دجلة والفرات او في قضايا الحدود او التعويضات .
وكذلك الحال بالنسبة للعقود التجارية والنفطية وعقود الكهرباء أو شراء الطائرات أو غيرها , فيجب أن تعد وتراجع وتكتب وتدقق من خبراء من اصحاب الاختصاص , لأن أي نص قانوني له جانبان , أحدهما شكلي وهو فن الصياغة القانونية , وآخر موضوعي ينصب على مضمون ومحتوى النص من بنود وشروط وجزاءات وغير ذلك , ولأن هذه العقود تتضمن عادة مبالغ مالية ضخمة قد تصل الى مليارات الدولارات وأي خطأ في احد هذين الجانبين يكلف خزينة الدولة خسائر فادحة.
إن المسؤولين العراقيين في بغداد لم يتمكنوا لحد الآن من بناء جسور الثقة بينهم وبين المواطنين ولا في ترسيخ قواعد الديمقراطية الحقيقية , فالصراعات بينهم قد بلغت حدا يثير الاستياء والسخط لدى العراقيين , بينما المصلحة العليا توجب احترام العهود وحقوق الانسان والالتزام بالدستور ودعم استقلال القضاء والابتعاد عن الفردية أو الشخصنة في الحكم وحل مشاكل البلاد المتفاقمة .
إن الاعتماد على العلماء والخبراء العراقيين في تسيير وادارة الدولة سينعكس ايجابيا على مستقبل العراق وتتجه الحكومة للعمل المؤسسي لا الفردي , إذ لا يمكن أن يبنى وطن كفاءاته مهمشة وطاقاته مهدورة .
‏12‏/08‏/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء