الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( الحلقة الخامسة ) يوميات سكين

باسم محمد حبيب

2010 / 8 / 18
الارهاب, الحرب والسلام


تنكبني الأرق والخوف ففقدت أي إحساس باللذة ولم اعد ارغب بالخروج من البيت ولو للحظات عدة كأنني أجد راحتي في الاعتكاف والابتعاد عن الناس حتى شهيتي للطعام لم تعد كالسابق فقد أصبحت أتناول ما يسد رمقي وما يديم حياتي التي قلبتها السكين رأسا على عقب اقترح أخي عرضي على طبيب نفسي فقد نجد لديه الحل الذي ينهي معاناتي شعرت بالاهانة وأنا اسمع هذه الكلمات التي ربما ستجعلهم يوصموني بالجنون وبعد اخذ وجذب وافقت على مقترح أخي على آمل أن يكون في ذلك نهاية لمعاناتي في المساء زارني جارنا أبو سامي بعد أن سمع بما الم بي كان رجلا طيبا في الستين من عمره فقد ابنه سامي في إحدى موجات العنف التي شهدتها البلاد وقد شعرت بألمه وهو يتحدث معي رغم انه حاول أن يسليني ويبعد عني السام لكن حشرجات صوته الحزينة وقسمات وجهه المتألمة كانت بادية للعيان كأنه يتذكر ابنه في كل لحظة من لحظات حياته شيء ما جعلني أرى سامي معصوب العينين بين جمع من المسلحين وهم يحكمون إمساكه ويتقدمون به نحونا ثم أجلسوه في وسط الجلسة لم تستمر جلسة المحاكمة إلا دقائق معدودات فقد كانت تهمته الوحيدة انه يعتنق دينا آخر غير الدين الذي نعتنقه شعرت في تلك اللحظة باني عاجز عن إنجاده فلم اعد قادرا حتى على الكلام لأني خشيت أن يعرف سامي صوتي فأكون محرجا أمامه لكن لابد لي أن افعل شيئا فللجار حق على الجار وأهل سامي معروفون بالوفاء حين شاركونا أفراحنا وأتراحنا اقتربت من القيادي ثم استأذنت بالجلوس قربه فأذن لي :
- لي عندك حاجة
- ماهي ؟
- هل لي أن اطلب العفو عن هذا الفتى ؟
- لماذا ؟
- انه ابن جاري
- لا تجعلوا أبنائكم وإخوانكم وعشيرتكم أولياء أن استحبوا الكفر على الإيمان
- لقد وقفو معنا في أفراحنا وأتراحنا
- هذا لا يغني عنهم من الله شيء فليس في الدين واسطة لأننا لا نفرق بين مذنب وأخر فان عفونا عنه لابد لنا أن نعفو عن الآخرين وسيكون علينا ترك الجهاد الذي هو فريضة على كل مسلم ومسلمة .
أصابني الإحباط وأنا اسمع هذه الكلمات فهل يقتل جاري وأنا انظر إليه ؟ وهل من الأخلاق في شيء أن لا أقف معه وقت الشدة ؟ لقد وقفوا معنا كثيرا فهل استطيع أن أقف معهم ولو لمرة ؟ لاشك إنني سأكون عاقا وناكرا للجميل أن سمحت لهم بإيذائه لكن ما الذي استطيع فعله والسكاكين بأيديهم ؟ ربما سيعدوني مارقا فاخسر حياتي ولن انفعه في شيء لكن على الأقل سيكون لي موقف ما ولن ألوم نفسي بعد أن فشلت في إنجاده فأطرقت أخيّر نفسي بين الصمت والكلام وبقيت على هذا الحال لبعض الوقت ويبدو أن القيادي كان منتبه لي وربما كان يدرك ما يدور في خلدي فأراد أن يحسم حيرتي بضربة تجعلي أخور كما يخور المصعوق في عز المطر قال :
- أنت من سينفذ حكم الله في هذا المارق
شعرت إن الكلام موجه إلي لكنني أملت نفسي بان أكون مخطئا فالتزمت الصمت وبقيت على إطراقي الذي كنت عليه هنا همس لي رجل كان يجلس قربي قائلا :
- أنت المقصود بالكلام
- أنا !؟
سمرتني هذه الكلمات فلم اعد قادرا على النطق ليت الأرض تنشق وتبتلعني عاد الرجل إلى الكلام :
- لا تكن أحمقا فتخسر حياتك
- خير لي أن أموت من أن ارتكب هذا الفعل الشنيع
- وإذا مت هل ينجو صاحبك سيقتلوه بعدك
- سيستراح ضميري حينئذ
- لن يكتفوا بقتلك سيقتلون اهلك أيضا لأنهم سيعدوك من المارقين الذين يستحقون القصاص
- هل يفعلوا ذلك ؟
- وهل تشك ؟
- ولكن ما دخل أهلي في الموضوع
- أنت تعلم أن هذا القيادي لا يتهاون مع المقصر
- وهل حفظ الجار تقصير ؟
- كل ما يعيق الجهاد يعد تقصيرا
- أنا لا أعيق الجهاد فكل ما أريده أن يعفوني من قتله فهذا ما لا أطيقه
- أليس الأمر سيان أن قتلته أنت أو قتله غيرك فهو في كل الأحوال مقتول لا محالة
هنا سمعت القيادي يقول :
- توكل على الله
إذن أصبحت على المحك إما أنفذ فأنجو وينجو معي أهلي أو ارفض التنفيذ فيقتله غيري وسأكون وأهلي من المغضوب عليهم أوقفني الرجل الذي بقربي ودفعني نحو الفتى فتعالت أصوات التكبير أخذت قدماي تسيران رغما عن إرادتي كان شخصا آخر يقودني من الداخل حتى وقفت إزاء الفتى الذي كان معصوب العين لما شعر باقترابي بدا بالصراخ
- أرجوكم أني أخوكم لا أريد أن أموت

يالها من محنة كبيرة هذه التي وقعت فيها هل يصل الأمر أن اقتل جاري بيدي فماذا سأقول للجيرة والزاد والملح ؟ وكيف سأنظر بعد الآن بعين أبيه وأمه ؟ تعالت أصواتهم وهي تدعوني لتنفيذ ما طلب مني فمسكت سكيني حتى لمع بريقها أمام عيني فتبادر إلى سمعي نشيج أبيه الذي تعالى ليبكي كل من في الغرفة عندها عرفت إنني كنت احلم .



يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت