الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( الحلقة السادسة ) يوميات سكين

باسم محمد حبيب

2010 / 8 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


لم تكن الكوابيس وحدها هي التي منعتني من النوم كان للكهرباء دورها أيضا في ظل ارتفاع حاد في درجات الحرارة لم نألفه من قبل ولولا الكهرباء التي يوفرها المولد في بعض ساعات النهار لما أمكننا العيش ولو لأيام لذلك قضيت ليلي أفكر بما سأقوله للطبيب عندما التقي به لأني بت اشعر بالحرج مما أنا فيه .
قضيت ساعات الفجر الأولى وأنا اهيا نفسي لذلك اللقاء الذين عولت عليه الكثير لم أكن ابغي إلا أن اخرج من هذا الوضع بأقل الخسائر وأعود إلى طبيعتي التي كنت عليها قبل الكوابيس مرت تلك الساعات ببطء شديد ثم جاء الفرج بمجيء أخي الذي أنهى ما كنت عليه من السام والانتظار وبعد تناول الفطور تناقشنا في موضوع الطبيب :
- هل أنت مهيأ للقاء الطبيب ؟
- اعتقد ذلك
- تكلم معه عن حالتك فقط ولا تذكر له أي أمور أخرى لا علاقة له بها
- مثل ماذا ؟
- مثل السكين
- أليست هي سبب معاناتي ؟
- ما اقصده هو أن تتجنب إثارة مواضيع فيها بعض الحساسية أو تثير بعض التأويلات غير المفيدة
- سأحرص على ذلك
- إذا ما خرجنا من هذه الزيارة بشيء نافع فسنصرف النظر عن الجلوس للحق مع صاحب المحل
- لن تكون هناك ضرورة لذلك عندئذ
ثم غادرنا المنزل على أمل أن نصل قبل استفحال الحر الذي بلغ هذه الأيام أوج جنونه أجرنا سيارة تقلنا مباشرة إلى الطبيب فربما سنجد بعض المرضى الذين سيؤخرون مقابلتنا له وأنا في أحوج ما يكون مع الوقت الذي أفسدته الكوابيس .
سمح لنا بمقابلة الطبيب فور وصولنا إلى العيادة لأننا وصلنا مبكرين تكلمت معه بحضور أخي الذي بدا عليه القلق الشديد فقد حرصت على أن اسرد عليه قصة الكوابيس التي سببتها تلك السكين اللعينة من طقطق إلى السلام عليكم غير عابئ بنظرات أخي ومخاوفه وكنت بين الحين والحين أراقب تأثير كلماتي في وجه الطبيب ذو القسمات الباسمة الذي لم تغادر البسمة محياه حتى وأنا اسرد عليه تفاصيل تلك الكوابيس الدموية ، بعد أن انتهيت صمت برهة ثم سألني بعض الأسئلة :
- هل واجهتك مثل هذه الكوابيس قبل شراءك للسكين ؟
- لا أبدا
- هل تأتيك في النوم أم في اليقظة ؟
- لا ادري إنها تداهمني فجأة
ثم تحول للكلام مع أخي فقد سأله أسئلة لها علاقة بحالتي أما أنا فقد تهت من جديد فلمحت طبيبا غير طبيبي وجمعا غير هذا الجمع وهم يكيلون الاتهام للطبيب المطرق الجالس بهدوء في وسط الجمع فكان مما اتهم به انه لم يساهم في عمليات المجاهدين ولم يقدم ما يمكنه تقديمه لهم ثم سمعته يرد :
- لست إلا طبيب
- أليس بمقدور الطبيب أن يجاهد ؟
- سأفعل ما استطيع فعله
- بل تفعل ما نطلبه منك
- وإذا لم استطع
- ستعد حينئذ من أعدائنا عندها يحق عليك العقاب
- لكني لا استطيع أن أؤذي حشرة
- الجهاد ليس ايذاءا انه اقتصاص من المذنبين
- هو كما تقولون لكن كل حسب طاقته
- لديك ما تستطيع أن تقدمه لنا عوض الجهاد
- مثل ماذا ؟
- المال فالجهاد نوعين بالنفس وبالمال
- سأفعل
- وهناك أمر آخر تستطيع أن تفعله
- ما هو
- وافق على تزويج بناتك من المجاهدين فسيكون ذلك شرف لهن
- لسن أهل للزواج إنهن قاصرات
- لا تتذرع بهذا
- يجوز الزواج حتى بابنة التاسعة
- لا يمكنني ذلك
تعالت أصوات الحاضرين وهي تندد بالطبيب الذي وصفوه بالمارق و طلبوا محاكمته على هذا الأساس لمعت عيون الحاضرين وهي ترنوا إلى القيادي الذي تنحنح استعدادا للكلام :
- هناك الكثير مما يمكن للطبيب فعله غير ما ذكرتم دعونا نجربه في مجال اختصاصه فسيكون مفيدا لنا في هذا المجال
- أنا رهن الإشارة سيدي
- كن مستعدا فمواجهتنا قاسية وسيكون لدينا الكثير من الجرحى الذين يحتاجون للعلاج
- سيكون ذلك ممكنا لي
هنا نطق احد الحاضرين :
- والمال والزواج ماذا عنهما ؟
- لن يبخل علينا بهما عندما يتشبع بمبادئنا

فجأة سمعت صوتا بدا خارج العالم الذي كنت فيه صوت الطبيب الذي تركته وأنا أغوص في عالم الكوابيس حيث قال :
- هل أنت معنا ؟
- اعتذر لقد واجهت كابوسا
صمت الطبيب وهو يتأمل حالتي ثم نظر إلي بوجه مبتسم وقال :
- نحتاج إلى جلسات أخرى حتى نعثر على حل لحالتك
- هل حالتي ميئوس منها
- ليست كذلك
- إذن لماذا جلسات أخرى ؟
- لأني لا أريد التسرع في الحكم على وضعك
- والى ذلك هل أبقى تحت سطوة الكوابيس
- سنعطيك بعض المهدئات التي ستجعلك تحضى ببعض الراحة

ثم غادرنا الطبيب على أمل لقاءه في وقت لاحق .



يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة