الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في زحمة الثنائيات والثلاثيات أين مفهوم الوطن

خالد حدادة

2010 / 8 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


سادت في الفترة الماضية، عناوين أساسية للنقاش والعمل السياسي في لبنان، وهذه العناوين في بلد مثل بلدنا غالباً ما تتحول الى "كليشيهات" تأخذ ببعض مضامينها بعض صيغ التعابير الدينية التي لا بد من ذكرها في أول المقال ووسطه وفي الخاتمة حتى يأتي المقال السياسي أو الحديث لائقاً بالمتحدث إن "ثلاثية " الجيش والشعب والمقاومة، أخذت المساحة الأكبر من خطب الساسة اللبنانيين هذه الفترة، وكذلك ثنائية " الإستقرار والعدالة" المرتبطتين بإشكالية "المحكمة الدولية" إضافة الى معادلة الـ"س-س" التي ربما إقترح أحدهم في فترة قريبة ادخالها لتشكل استمراراً طبيعياً للتراث العربي – الاسلامي في ميدان الرياضيات.. وإمتداداً لنظريات الخوارزمي نقارع بها العالم والغرب بشكل خاص

وفي أعماق هذه القضايا – الكليشيهات الكبرى، ضاعت " القضايا الصغيرة" مثل الكهرباء والماء والطبابة والتعليم الرسمي، " فأولويات الناس اليوم تتعدى هذه الصغائر، والحكومة اللبنانية التي تشكلت لمعالجة أولويات الناس، لا تعنيها هذه الأمور ....
ولم نكن نحن دائماً خارج هذا السباق السائد، فرطن لساننا أحياناً ببعض التعابير الكبيرة لتحسين صورة خطابنا وبالتالي نحن لسنا خارج دائرة الإنتقاد...
ولكن اليوم وبعد أن بدأ البلد يتمتع بنعمة " هدنة قصيرة" وفرتها له القمة الثلاثية وحسابات العدو الاسرائيلي والتطورات الخاصة بالمحكمة الدولية... أصبح بالإمكان العودة الى نقاش هادىء لمضمون هذه التعابير، علنا ندخل منها لاحقاً في تصحيح عملية التصدي لما هو آت حتماً من أخطار على وطننا وشعبنا ضمن الثنائية الدائمة والثابتة أي ثنائية : العدوان والفتنة....
***
فثلاثية، الشعب والجيش والمقاومة، مصابة من حيث الشكل الأول، بمرض الفصام، فيجري الحديث عن ثلاث قمم منفصلة لهذه الثلاثية، فالشعب قمة والجيش ثانية والمقاومة ثالثهما. أما من حيث المضمون فالمصيبة اكبر...إذ يبدو أن معظم من يتحدث بهذه الثلاثية وطبعاً هنا طغيان للطبع على التطبع، لايعطي انتباهاً الى أن الجيش والمقاومة هما وليدا هذا الشعب المفترض به أن يكون موحداً وحاضناً لجيشه (جيش الشعب والوطن) ومقاومته (مقاومة الشعب والوطن).
إن التدقيق في هذا " الخطأ" يدفعنا للقول ان في ذلك وإن كان خارج القصد، تعبيراً عن واقع لبناني، لا ينظر الى وجود قضايا تهم الشعب الموحد والوطن الواحد، فالشعب هو مجموع كمي "للشعوب" اللبنانية والوطن هو جمع أوطان الدويلات المستقلة.... وبالتالي تصبح هذه الثلاثية خاصة بكل شعب منها وبكل وطن منها والدعوة لها تصبح دعوة لتنسيق ومساومة بين هذه الدويلات وقواها السياسية على معادلة ثلاثية تفصل "الشعب" أو بالأحرى الشعوب" عن الجيش وعن المقاومة ( التي هي بعرف بعض الزعامات مقاومة للشعب الآخر الموجود في الجنوب أو بطائفة من هذه الطوائف وهي بالتالي ليست مقاومة كل الشعوب اللبنانية)... والجيش أيضاً، يتم التعاطي معه وكأنه جسم مستقل عن هذا الشعب وقضاياه ولا نقصد هنا القصائد الشعرية أو النثرية التي تطل من تصريحات السياسيين اللبنانيين بل نقصد تبلور الوعي الوطني وموقع الجيش داخل هذا الوعي الوطني وبالتالي دوره المفترض وأولويته الدفاع عن أرض الوطن ومواجهة الإعتداءات المتكررة على أرضه ومياهه وجوّهِ من قبل العدو الاسرائيلي....
ولا بأس إذا تناولنا هنا قضية تسليح الجيش اللبناني...
لسنا ضد دعم هذا الجيش من كل أفراد الشعب اللبناني والقدر الذي يستطيعه كل مواطن، فليرة الفقير بهذا الإطار، تفوق مليار الغني أو تعادله.... ولكن السؤال هو عن غياب سياسة واضحة لتسليح الجيش وبالتالي لمهامه... ورغم التطور الملموس في العقيدة القتالية والدماء التي بذلها الى جانب المقاومة والأهالي خلال عدوان تموز 2006 والى جانب الصحافة الوطنية خلال التصدي لإعتداء العديسة... لا نزال نرى من ينظر الى قضية التسليح وكأنها مستقلة عن السياسة العامة للدولة وللحكومة.. وإنطلاقاً من ذلك فإن الدولة مسؤولة أولاً عن تأمين موارد ثابتة ومتطورة لدعم تسليح الجيش وتطوير قدراته ورفض أي اشتراط يضعه الآخر حول وجهة هذا السلاح إذ أن وجهته الأساسية كان يجب ان تكون دائماً لصد الخطر الاسرائيلي الدائم والوجهات الأخرى هي ثانوية وداعمة لدور قوى الأمن الداخلي وليس بديلاً عنه....
والإقتراحات في هذا المجال كثيرة، لا يمكن فصلها عن تلك الإقتراحات الآيلة الى تطوير الاقتصاد الوطني... فالأملاك البحرية المنهوبة يمكن الإستفادة من مفعول نهبها الرجعي لدعم قدرات الجيش وكذلك الضريبة التصاعدية على الأرباح للأفراد وللمؤسسات التي يُعفى الكبير منها من الضرائب... والآن يأتي النفط وكيفية الإستفادة العامة منه...
إنه نهج اقتصادي يشكل أساساً من سياسة وطنية بديلة عن نهج المحاصصة وفلتان السوق والاقتصاد، إنه نهج اقتصادي وطني يتكامل ويدعم دور الجيش الوطني ومهامه ويؤمن شروط الإستقرار الاجتماعي للشعب الذي يفترض به إحتضان الجيش والمقاومة....
بالإستنتاج، إنها أحادية وليس ثلاثية، مفترضة، إنها شعب واحد يحتضن المقاومة والجيش، وهذا الشعب هو في وطن موحد ومقاوم، تحكمه دولة وطنية بديلة عن إتحاد دويلات "متصارعة – متعايشة" كما هو الحال المستمر منذ عشرات السنين....
***
أما الثنائيات الأخرى (س – س) والإستقرار والعدالة، فهي معادلات أشد فضحاً لطبيعة النظام السياسي في لبنان ومسؤوليته الدائمة عن غياب العدالة بأوجهها المختلفة وفقدان الإستقرار والحروب الأهلية المتكررة... فثنائية الـ (س- س) هي ثنائية وهمية لأنها بالحقيقة تختصر كل الأحرف الهجائية ودولها المفترضة وبالتالي تشرع لبنان دائماً عبر " منازله المتعددة" للتدخل الخارجي ولحماية الخارج للدويلات الداخلية "وشعوبها" وبالأساس لمصالح زعاماتها... هذه الحماية التي تستولد التبعية وتبرر العمالة وتحميها وتؤمن لها شروط النمو خصوصاً وأن هذا المنحى يدفع دائماً لإعطاء أولوية لحماية الطائفة والدويلة على حساب حماية الوطن حيث تصبح اسرائيل واحدة من الدول وليست العدو الأساسي لشعبنا ولوطننا..... والمفهوم ذاته للأسف يعطى للإستقرار والعدالة....
ففي حالات الدول والأوطان " الطبيعية" الإستقرار والعدالة هما مسؤولية الدولة السيدة الوطنية والمستقلة... ومجرد وضع العدالة في يد طرف خارجي ( الأمم المتحدة) والإستقرار بمسؤولية معادلة أخرى (س- س) فهذا يعني إستقالة كاملة للدولة عن مهامها تجاه تأمين الإستقرار لشعبها والعدالة لأبنائها....
فكيف إذا كان ضامن العدالة مختلف عليه وضامن الاستقرار خاضع لمعادلات متغيرة بإستمرار لا دور للداخل اللبناني في تحديد مسارات تغييره أو تثبيته....
في إطار هذه الثنائيات والثلاثيات، تضيع حكماً " القضايا الصغيرة" من حق الناس في العيش الكريم الى الكهرباء والماء الى الضمان الصحي في وقت تتجرأ فيه المستشفيات على الإضراب عن واجبها في تقديم العلاج للمرضى (الفقراء طبعاً) الى التربية التي تتجه يوماً بعد يوم بإتجاه الخصخصة والخضوع لمنطق السوق...
حتماً ليست حكومة أولويات الناس هي التي تحكم البلد اليوم كما بالأمس....
***
في الإستنتاج مرة جديدة، مرتا، مرتا تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد المطلوب الخلاص من هذا النظام الحاضن لكل المخاطر والمؤمّن لشروط إستمرارها، المطلوب البحث عن وطن حر موحد لشعب سعيد، يستطيع المقاومة من أجل الدفاع عن هذا الوطن....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام البديل
فؤاد النمري ( 2010 / 8 / 23 - 04:20 )
لو كنت أميناً عاماً لحزب شيوعي لأعلمت خالد حداده عن النظام البديل الذي يبحث عنه!!

اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س