الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرير الشهيد مشهور العاروري وفتح الجبهة القانونية

ريما كتانة نزال

2010 / 8 / 24
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


في زحمة الضغوط على الفلسطينيين من كل حدب وصوب، بهدف البدء بعملية المفاوضات المباشرة، يعود رفات الشهيد " مشهور العاروري " محررا بعد أن احتجز شهيدا حوالي خمسة وثلاثين عاما في ما يُسمى بمقابر الأرقام.
لم يتحرر جثمان الشهيد الذي حمل الرقم (539 ) من الأسر نتيجة لقرار إسرائيلي بالإفراج، ولم يتم الأمر نتيجة عملية تبادل الأسرى، بل عاد نتيجة لقضية قانونية الى المحكمة العليا الإسرائيلية، في إطار الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والبحث عن مصير المفقودين.
لقد أعادت عملية استعادة جثمان مشهور إلى الواجهة أهمية المعركة على الجبهة القانونية ضد الاحتلال، والذي يسجل يوميا جرائم مادية وأخلاقية تضاف إلى سلسلة من الجرائم المترابطة بلا نهاية، حيث ان دولة الاحتلال لا تتوانى عن الإقدام على أي شيء وكل شيء. فالدولة المارقة كما أطلق عليها تقرير "جولدستون"، تقتل وتعتقل وتهجر، وتدمر وتحرق وتصادر كل ما يعترض مخططاتها الاستيطانية والجدارية، كما تزوَر وتطمس المعالم والخصوصية التاريخية والثقافية الفلسطينية في عملية اجتثاث للجذور، ولا تجد ما يمنعها من تحويل الجسد الفلسطيني إلى درع واق أو ترْس لهمجية المحتل، وهدفا لحقد مستوطن يتسلى على الطرق الالتفافية بالصعود على جسد طفل، وباختصار ومن الآخر ينفلتون علينا كفرعوْن الذي لا يجد من يرده.
لا يذاع سرا من خلال القول بأن الضعف الفلسطيني والعربي يعزز مواصلة الاحتلال لسياساته للإطباق على الأرض، وفي الإطباق على خناق الشعب واستباحته. ويلعب انحياز الولايات المتحدة الأمريكية السافر إلى جانب إسرائيل، بالرغم من محاولات تجميل مواقفها الدور الأكبر في اندفاع الاحتلال وإمعانه في تنفيذ جميع خططه، دون أي تعديل عليها أو مجرد محاولة إجراء ما يمكنه من إحداث تقارب في وجهات النظر. فإدارة أوباما كسابقاتها من الإدارات الأمريكية تواصل تبني المواقف الإسرائيلية على الصعيد السياسي التفاوضي؛ وعلى الصعيد الأمني بالإبقاء على تفوقها العسكري، وتجنّد نفسها للدفاع عن جرائم الاحتلال في المحافل الدولية. أقول ما سبق حول تجليات ضعفنا القاتل على غير صعيد، سلطتنا وفصائلنا وأحزابنا ومؤسساتنا ومقاومتنا، في الوقت الذي يشهد الوضع العالمي تقدما عن مجمل الحالة العربية، حيث يتم استيعاب ماذا تعني مفردات "كالابارتهايد" أو "الترانسفير".
ان الحركات التضامنية مع الفلسطينيين تنمو باضطراد، وتتوسع الحالة العالمية العازلة لدولة الاحتلال. لننظر إلى حجيج الأساطيل البحرية لفك الحصار عن غزة، والى السيل الذي لم ينقطع لقوافل المتضامنين الأجانب القادمين للمشاركة في التحركات الشعبية المناهضة لبناء الجدار والمستوطنات. ولنمعن النظر في تنامي حملة المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل ولبضائع المستوطنات، والى اللجنة العالمية لمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. كذلك لا بد من متابعة الحملة الصهيونية على القضاة في بريطانيا، وإلى المحاولات المتوالية لتقديم مرتكبي المجازر الصهاينة بهدف محاكمتهم أمام القضاء الدولي، والى الموقف القوي والفاعل للمنظمات والمراكز الحقوقية الأوروبية لدى طرح تقرير جولدستون.
وسنلمس الأثر الذي سيحدثه نشر صور جنود جيش الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص التصريحات الدموية للمجندة " عيدين ايفرجيل" المتفاخرة بصورها مع ضحاياها المكبلين والمعصوبين، والتي تلخص ثقافة الاحتلال ومبادئه العنصرية والاستعلائية، والى الأخلاق السادية التي يتحلى بها جنوده.
أن قضيتنا كقضية شعب تحت الاحتلال؛ قد باتت أقوى من أصحابها، وأقوى من الشعب ذاته الذي يحملها ويتلظى بلهيب الممارسات العدوانية، والقضية كذلك أقوى من الأطر الرسمية والشعبية الفلسطينية والعربية، كقضية في طريقها للعولمة ذات آليات نضال أيضا تتجه نحو العولمة.. لكونها تحولت الى قضية ومعركة أخلاقية تستفز الضمير العالمي وتستنفره.. فماذا نحن فاعلون..؟
إذا كانت الجبهة القانونية لم تفتح على مصراعيها بعد، فإن تحرير الشهيد "العاروري" بقضية أمام المحاكم الاسرائيلية، والانجازات التي تحققت على صعيد طرق أبواب المحاكم الدولية بقوة، تعيد أهمية الانتباه الى استخدام السلاح القانوني في ملاحقة القادة الصهاينة في الكثير من الدول، وفي إثارة عديد القضايا القانونية وعلى رأسها: معركة قانونية ضد الجدار والمستوطنات؛ من خلال أصحاب الأراضي على خلفية القرار 2443 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1968، والذي تم التأكيد عليه في عام 1977، وبالاستناد الى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في عام 2006. ولنا في الانجاز الذي تحقق في قريتي "بدرس" و "بلعين" بتغيير مسار الجدار العبرة والدرس لأهمية المعركة المزدوجة من خلال النضال الشعبي والسلاح القانوني. ولنواصل معركة استرداد جثامين شهداء الأرقام البالغ عددهم أكثر من ثلاثمائة شهيدا تم حصر وتوثيق أسماءهم.. ولنفتح جبهة قانونية من خلال البيوت والمنشآت المهدمة من على منصة ميثاق جنيف لعام 1949...ولنعمل على إضافة قضية مقتل المواطنة الأمريكية "ريشيل كوري" والمواطن البريطاني " توم هارندل" الى القضايا المقدمة عن مقتل تسعة مواطنين أتراك قتلوا على متن أسطول الحرية.
ان فتح المعركة القانونية الى جانب استمرار المقاومة الشعبية وتوسيعها وتعميمها توفر فرصة هامة لتفعيل الجهد الدولي ولكسب تأييد الرأي العام العالمي، فالعنصر الدولي بات من العناصر الحاسمة لدوزنة ميزان القوى، ولخدمة هدف تدويل القضية وتخليصها من معادلة الصراع الثنائي والاستفراد في رسم الحلول.
ان الفعاليات المقاومة لمصادرة الأراضي بالتجاور مع فتح الجبهة القانونية يحاصر الاحتلال بجرائمه، ويزيل وينفي صفة الضحية عنه، ويوقف الابتزاز الذي تمارسه اسرائيل منذ النازية. ان المعركة القانونية يبقي مساءلة دولة الاحتلال ومحاسبتها كسيف مسلط على رقبتها، من أجل وضعها في مكانها الصحيح كدولة تمييز عنصري وقوة احتلال. ان السلاح القانوني هو الأمضى لتعميق مأزق الاحتلال، ولإحكام العزلة الدولية عليه ومنع فك عزلته. ولا شك بأن السابقة التي سجلتها قضية الإفراج عن الشهيد " مشهور" تفتح الآفاق للمضي من أجل استعادة جثامين الشهداء الآخرين، وهو الأمر الذي يستحق تكاملا في الجهد الوطني؛ وارتقاءً بالفعل الجماهيري كرافد وداعم لأي تحرك قانوني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة