الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنة ودولة النص

محمد عبد الفتاح السرورى

2010 / 8 / 29
المجتمع المدني



المواطنة ودولة النص
كان لنا حلما .... أن تصبح مصر دولة مدنية مستنيرة تتعاطى مع الواقع بإشكالياتة وتهزم المستقبل وتحدياته ... كان لنا حلما
وذهب هذا الحلم الى غير رجعة بعد ان لقى الهزيمة الساحقة فى ظل دولة النص والتى ألقت بظلالها الكئيبة على حياتنا وواقعنا الآسن فكره والمغيب فقهه والطاغى على الجميع كهنوته
هذا المجتمع الذى يتحدث فيه الجميع عن ضرورة إعلاء كلمة القانون وأن يتساوى الجميع امامه بلا تفرقه وهو -لعمرى - حديثا نظريا فحسب ولكن عندما يترجم عمليا نجد أول ما نجد ممانعة من هؤلاء الذين صدعوا رؤسنا ليلا ونهارا عن هذا القانون المهدور
على الرغم من أن التشريع المصرى متخم بعشرات القوانين إلا أنه يفتقد الى أهم قانون وهو القانون الذى يلزم الجميع بإحترام القانون وقد يكون هذا القانون موجودا بصورة أوبأخرى ولكن من المؤكد أنه غير موجود واقعيا
النص ثابت والواقع متغير ومتحرك وهو فى حالة صيرورة دائمة وعلى الرغم من هذه البديهيه إلا أن فقهاء الثوابت وكهان النصوص يرفضون رفضا باتا الإعتراف بهذه الحقيقة الواضحة والماثلة أمام الأعين الشاخصة
إننى على يقين تام بأن العقلية العامة التى تحكم المصريين عقلية واحدة فى تكوينها سواء كانوا مسيحين أو مسلمين وأن محددات الخطاب الدينى لكل منهما يكاد يكون متطابق تمام التطابق وحتى لا يظن فينا احد أننا نتقول بغير حق ونرسل كلامنا مرسلا بلا دليل نصوغ ما نبغى قولة فى أمثلة محددة وبدليل مبين وببرهان لا ينكره إلا مكابر
إن التفكير الماضوى أصبح له اليد الطولى فى ذهنية وفكر وفقه عموم المسلمين وأبح الماضى هو الأمل وهو الذى ينبغى السعى اليه بلا كلل أو هوادة أصبح الماضى هو النموذج الذى يحتذى به دون الأخذ فى الإعتبار أن إنتصارات الماضى وعنفوانة لم يكن منبت الصلة عن قوانين تلك المرحلة والتى تغيرت معالمها وقوانينها مع مرور الأيام وتقادم الزمان وان الثبات على التمسك بالتفسير الحرفى لكثير من النصوص ليعد ضربا من ضروب الهرب من مواجهه الواقع مما يؤدى فى النهاية الى أن هذا الواقع نسه سوف يتغلب على معايشيه بحكم المنطق السوى تتجلى المأساه عندما ينبرى نفر من وهبهم الله نعمة الإستنارة بالتطوع ودون إنتظار عطية من هذا أو ذاك بتبيان ما يحتاجه المجتمع من قوانيين وتشريعات جديدة تتماشى مع متطلبات العصر المتجدد فإذا بنفر آخرين ممن وهبهم الله نعمة -الفضائيات- بالتصدى لهذه المقترحات والأفكار وكأن قائليها من نبت الشيطان وليس من نبت هذا المجتمع المكلوم فلا تزال بعض من أحكام الزواج والطلاق عند المسلميين كما هى على الرغم من وضوح الرؤية بضرورة تغير بعض هذه الأحكام مثل التشريعات الخاصة بالطلاق الغيابى ووضع شروط فى العقد من إختيار الطرفين كشروط منشئه للتعاقد وهى أحكام لها أصل فى الشرغ ةلكن لا أصل لها عند أساطين السلفية وعمداء النصوص
يظل النص بالمرصاد ثابتا حتى فى بعض الامور التى بطبيعتها تخضع لأحكام (أهل الذكر) مثل الحكم الشهير الخاص بوجوب ختان الإناث وعنما أدلى الطب بدلوه هاج وماج النصية ) ضده وتجرأت إحدى المطبوعات الناطقة بلسانهم قائلا أن ختان الإناث واجب وإن رغمت أنوف ان الانوف المرغمة هنا هى انوف العلم والمنطق والحضارة والامثلة على تصخر العقليات أما النصوص كثيرة ما ذكرناه بعضا منها
والأمر لا يختلف كثيرا فى الشق الثانى من المجتمع والحكم الأخير الذى أصدرته إحدى المحاكم المصريه والتى تعطى الإنسان الحق فى التصريح له بالزواج مرة أخرى بعد ان صادفه الفشل فى زواج سابق لخير دليل على مانقول فلا جدال ان هذا الحكم يتوافق مع مقتضيات العدالة بل ومع الفطرة السويه ولنا ان نتخيل شاب إرتكب جرم الزنا فى بدايه حياته ونالت زوجته الطلاق وأيا كانت عمره آنذاك وأيا كانت عدد السنين يظل هذا الشاب بلا زواج ولا يستطيع الزواج مرة اخرى لأن وإن كان الله قد يسامحه لكن الكنيسة لن تفعل ولن تصرح له بالزواج مرة اخرى
ولنا أن نتخيل ان زوجا دخل بيته أو أى مكان فوجد زوجته فى وضع غير لائق تأباه رجولته ولم يستطع لسبب أو لأخر إثبات الحالة قانونا وبذلك يضيع عليه حقة فى إثبات أحقيته بالطلاق فبأى نفسيه يمكن ان يعيش مع زوجه زانيه أمامه بريئه امام القانون والكنيسة حال إنكارها ؟
الغريب عندما يواجهه رأس الكنيسة الأرثوذوكسية فى مصر بهذه الحجج وغيرها نسمع من قداسته نفس الالفاظ والتعبيرات ونفس مفردات الخطاب السلفى الإسلامى مثل أن الواقع مهما تغير لا تتغير الأحكام وأنه ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس وكأن فى التعامل العقلى مع النصوص جرأة على الله
إن الجميع يتناسون ويغفلون عن حقيقة بديهيه مؤداها ان المعركة لو كانت ضد الاديان كما يزعمون لطالب المخالفين بالتجاوز التام عن النصوص وبوضع تشريعات جديدة دون وضع النصوص المقدسة فى الإعتبار وهذا لا يحدث لأن لكل نص .. نص آخر يمثل مخرجا له إذا دعت الضرورة ولكن على ما يبدو أن الوجاهه التى يعطيها النص لأصحابه أكثر بكثير من الوجاهه التى سوف يعطيها التعامل معه بناء على الواقع المعاش وان نول الرضا من الأتباع والمريديين أولى من تيسيير الحال ومن السير قدما نحو دروب الحضارة والتقدم
لا مجال للحديث عن المواطنه فى ظل دولة النص لأن هناك نصوص تمنع الأخذ بفكرة المواطنة وعندئذ لا يمكن الدفع بحتميه فكرة التواطن لأن الغلبة للنص عند المتحدثين جميعا على الرغم من خصومتهم وهى خصومة ليست نابعة من أن طرف جار على الطرف الآخر ولكنها نابعة من كون طرف يملك الغلبة العددية على الطرف الثانى وملك الطرف الثانى زمام التقدم لفرض نصه هو الأخر بناء على الحجة الدامغة لرأس الكنيسة وكهانها
أى أن القضية ليست قضية المجتمع المدنى المأمول ولكنها قضية الإزدواجية فى الاحكام
لماذا إذن نتحدث عن أشياء لسنا أهلا لها لندع المجتمع المدنى لناسه فهو حلم بعيد المنال فى ظل دوله النص عند هؤلاء وهؤلاء وهو كما ذكرت آنفا حلما كان
ترى هل نراه قبل رحيلنا أشك فى ذلك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا