الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يدفع العراقيون ثمن صراع على الحكم بدأ قبل 1400 بين الامام علي بن ابي طالب ومعاوية بن ابي سفيان وامتد لحد الان

سامية نوري كربيت

2010 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



على الرغم من مرور ما يقارب الألف وأربعمائة عام على الصراع الذي قام بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان على الحكم وما خلفه ذلك الصراع من عشرات الألوف من القتلى اغلبهم من الصحابة الأوائل في معركة صفين , وانقسام المسلمين منذ ذلك الوقت إلى قسمين أيد كل قسم منهم احد الطرفين المتصارعين , وكان كل قسم يدعي أن صاحبه أحق بالخلافة من الثاني وما تلا ذلك من انقسام المسلمين إلى فرق وشيع متناحرة حينا ومتحاربة أحيانا أخرى والكل يدعي انه يمتلك الحقيقة وبالتالي الحق في الحكم , وان المطلع على التاريخ الإسلامي والدارس المتعمق له يستطيع أن يصل إلى نتيجة واحدة لا يمكن أن تكون خلاف ذلك وهذه النتيجة تقول إن مجمل الصراعات والفتن والثورات والحركات والأحزاب الدينية والحروب الداخلية التي قامت طوال الحكم الإسلامي ولحد الآن تحت مسميات وشعارات دينية ومذهبية لم يكن الدافع لها سوى الرغبة بالوصول إلى الحكم واستلام السلطة مهما كلف ذلك من ثمن , وكان الناس البسطاء الذين ليس لهم مصلحة شخصية وقودها والذين يدفعون الثمن بعد أن يكونوا قد شحنوا فكريا وعقائديا بحيث يصبح الموت عندهم مطلبا وأمنية محببة خاصة إذا كانوا قد وعدوا بجنات الخلد في العالم الآخر الذي سينالون فيه ما حرموا منه في هذه الدنيا .
ومنذ انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة بعد الخلاف الذي حصل بين معاوية والإمام علي على الحكم لم يستطع الشيعة العرب استلام السلطة في العراق مطلقا حيث توالى على حكم العراق بعد مقتل الإمام علي الأمويون ثم العباسيون وبعد سقوط الدولة العباسية على يد المغول سنة ( 1258 م – 656 ه ) توالى على حكم العراق أقوام غير عربية كالمغول ومن ثم قبائل تركمانية أقامت دولا حكمت العراق كدولة الخروف الأسود ودولة الخروف الأبيض والجلائريون ثم أعقب ذلك حكم الفرس الصفويون للعراق والذي انتهى على يد العثمانيين الذين دام حكمهم للعراق حوالي أربعمائة عام كانت نهايته بسقوط الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الثانية وحل محلهم البريطانيون عام 1918 م والذين أقاموا الحكم الوطني ونصبوا فيصل الأول ملكا على العراق وهو من أبناء الشريف حسين أمير مكة عام 1921 م , ولكن الشيعة رفضوا الاشتراك في الحكم استجابة لفتاوي مراجعهم الدينية في النجف وكربلاء تحت حجج مختلفة .
وبعد سقوط الحكم الملكي بثورة عام 1958 م دخل العراق مرحلة من التخبط السياسي انتهى باستلام حزب البعث للسلطة عام 1968 م , وعلى الرغم من أن كثير جدا من كوادر حزب البعث الذين استلموا مواقع مهمة في السلطة كانوا من الشيعة ولكن حزب البعث لقي معارضة من أحزاب شيعية ظهرت على المسرح السياسي منذ ستينات القرن الماضي كان أبرزها حزب الدعوة و المجلس الإسلامي الأعلى الذين اتخذوا من إيران مقرا لمعارضتهم للنظام العراقي بعد قيام ثورة الخميني واستلام رجال الدين الشيعة للسلطة في إيران عام 1979 م فلقيت هذه الأحزاب الشيعية العراقية دعما من الحكومة الإيرانية لأنها أحزاب شيعية ولأن إيران كانت تخوض حربا مع العراق فشجعت إيران هذه الأحزاب الشيعية العراقية بغية إضعاف السلطة في العراق , كما إن الحكومة الإيرانية رفعت شعار تصدير الثورة الإسلامية لتوسيع نفوذها إلى الدول المجاورة وفي مقدمتهم العراق لأنه من ناحية يحوي الأماكن الدينية التي يقدسها الشيعة والتي كانت إيران تحاول دائما السيطرة عليها , ومن ناحية أخرى أن نحو نصف سكان العراق هم من الشيعة الذين يأتمرون بأمر المراجع الدينية سواء أكانت في النجف أو كربلاء أو في مدينة قم الإيرانية مما سهل على إيران مد نفوذها فيه .
وهكذا تحول الصراع السياسي بين الأحزاب الشيعية والسلطة في العراق إلى محاولات مستميتة من قبل الأحزاب الدينية الشيعية لإسقاط النظام الحاكم في العراق الذي كان باعتقاد الشيعة يمثل سلطة الطائفة السنية والعمل على استلام السلطة , وعندما عجزت هذه الأحزاب عن إسقاطه بالرغم من المحاولات العديدة التي قامت بها التجأت إلى الأمريكان لتحقيق مطالبها ومن ثم تم على يدهم ما أرادت , وسقط النظام وفسح لها المجال لاستلام السلطة في العراق بعد انتخابات لعبت فتاوي المرجعيات الشيعية دورا كبيرا في فوز هذه الأحزاب الشيعية خاصة عندما لمست هذه الفتاوى اخص خصوصيات الفرد الشيعي ومنها على سبيل المثال تحريم زوجة الناخب عليه إذا لم ينتخب القائمة الشيعية وغيرها من الفتاوى التي وقع الناخب البسيط والجاهل والمغيب تحت تأثيرها وتأثير غيرها من الخرافات استغلها رجال السياسة لتحقيق طموحاتهم الشخصية والمصلحية تحت مسميات لا تمت إلى الواقع بصلة , ولأول مرة يصل الشيعة العرب إلى قمة هرم السلطة في العراق منذ مقتل الإمام علي على يد الخوارج , ومن المؤكد أن هدف التحالف الذي تم بين دولة القانون والائتلاف وبتخطيط وتوجيه من الحكومة الإيرانية التي تأتمر بأمرها هذه الأحزاب الاحتفاظ بالسلطة أي برئاسة الوزارة بيد الشيعة لأن من يتولى منصب رئاسة الوزارة حسب الدستور العراقي الجديد الذي سنه الحكام الجدد بعد 2003 م يملك جميع صلاحيات الحكم وتصبح جميع مؤسسات الدولة تحت إمرته وسلطته .
إن المشكلة لا تكمن باستلام الشيعة للسلطة في العراق ولكن المشكلة تكمن في ردة فعل الأطراف السنية خاصة المتطرفة منها إذا ما ابعدوا عن الاشتراك في إدارة الحكم أي بمعنى آخر تقاسم السلطة بين الشيعة والسنة , وكذلك رد فعل المنظمات السنية المتشددة القادمة من وراء الحدود والتي تعتبر الشيعة كفرة يتوجب على المسلمين قتالهم لأنهم كفار خارجون عن الإسلام , من هذا المنطلق أجد أن الصراع المذهبي في العراق لم يبلغ لحد الآن مرحلته الخطرة لان الأطراف السنية لا زالت تعتقد بأنها ستستطيع تقاسم السلطة مع الشيعة , ولكن مما يظهر من مجريات الأحداث الآن في العراق إن الشيعة سوف يستأثرون بالحكم ولو أن الكثير منهم يرددون في وسائل الإعلام إنهم سوف يشركون الجميع ولكن هذا الكلام هو فقط للاستهلاك المحلي , وتجربة الأربع سنوات الماضية تقول عكس ذلك عندما استأثر المالكي هو وجماعته على المراكز الحساسة في الدولة وسيطر على مرافقها الإدارية والسياسية والمالية , إن خطورة الوضع في العراق الآن تكمن في أن المالكي والأطراف الشيعية مندفعين في حساباتهم الخاطئة القائمة على جهلهم بأبسط أولويات حكم العراق وخصوصيته , وان الساسة الشيعة لم يستطيعوا قراءة الواقع السياسي جيدا وسوف يدفعون الثمن باهظا لان السنة لن يسكتوا على استئثار الشيعة بالحكم , وإذا كان شيعة العراق متأثرين بالتجربة الإيرانية ويريدون تقليدها على اعتبار إن الشيعة الفرس الحاكمين في إيران لم يعطوا الطوائف العرقية والدينية الأخرى حقوقها واستطاعوا الاستمرار بالحكم , فالوضع في العراق مختلف لان عمق السنة في العراق كل الدول العربية التي فيها المذهب السني هو الغالب , وهذا يعني أن هذه الدول لن تدع سنة العراق العرب مسلوبي الحقوق وسوف تدعمهم بكل الوسائل , والخوف كل الخوف على أبناء العراق مما سيحدث لأنهم دائما وقود هذه الصراعات كما كانوا سابقا , فهل سنشهد صراعا جديدا داميا على السلطة كما حدث بين الإمام علي ومعاوية قبل أربعة عشر قرنا تحت شعار من له الأحقية في الحكم أو حربا أهلية تأكل الأخضر واليابس من اجل مصالح رجال همهم الوحيد تحقيق طموحاتهم الشخصية تحت مسميات مذهبية لم يعد العصر الحالي يجد لها أي مبرر أو جدوى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جيوب فكرية
مصطفى مؤيد ( 2010 / 9 / 11 - 06:03 )
مرحبا بك مفكرا وكاتبا . سردا لواقع التاريخ بصورة متوازنة ومحايدة نعم روعة بالربط التاريخي وتاثيره على الحال المعاش للعراقيين.
لكن كل هذا ليس بسبب الحكومات المتعاقبة الظالمة كما تصفها رغم عدالة بعضها النسبي انما العامل الحقيقي وجود جيوب فقهية وفكرية وعقائدية تغذي هذه السلطات هو احاديث ملفقة من كل الاطراف كالفرقة الناجيةوحديث الافك وقميص عثمان وحديث الغدير والامامة والصحابة كلهم على هدى جميع هذه المشاكل جُعلت مطية للحكام وذاقت الشعوب العراقية ويلاتها.


2 - السنة و الشيعة خرافة في شعب واحد
فرحات الجزائري ( 2010 / 9 / 13 - 11:38 )
إستطاع كهنة الخرافة و الدجلة المرتزقين منها إقناع أمة لها من التاريخ ما ليس للآخرين و من التراكمات الثقافية و الحضارية ما يجعلها في مقدمة الأمم لو لا الخرافة الدينية ،أن أولوياتها في نصرة أشباح لم يكونوا قدوة في وقتهم لكي يصبحوا قدوة بعد اندثارهم
أن يعتقد المرأ بدين ما أو بمذهب ما كروحانيات لما يضنه بعث أو حياة بعد الموت قضية لا مشكلة فيها لبقية الناس و للحياة العامة،و لكن أن يكون من ذلك المعتقد شبه أمة تقاتل المخالف من أجله و يجعل منه هوية ترقى فوق هوية الوطن و المصير المشترك فذلك من الجهل الفضيع الذي يروج له رجال الخرافة لغاية دنيوية دنيئة
على أبناء العراق أن يعوا أن ما يحتاجونه في هذه الدنيا هو وطن يحمي الجميع و يسع لهم و أحلامهم و طموحاتهم في الكرامة و العزة و التقدم و الحرية الجماعية و الفردية مهما كانت معتقداتهم و أن على حكوماتهم الآتية أن تضمن كل ذلك و تسعى لتجسيده للجميع في نفس البلد و ليس النصرة لأهل البيت أو لصحابة تقاتلوا في زمانهم على نفس الشيئ و هو الثروة و السطوة في بلاد ليست لهم أصلا
وإلا ستحق على العراقيين لعنة حموربي جدهم و أول المشرعين في تاريخ البشرية وهم استوجبوها

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س