الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلة سقوط النقد في زوبعة - فنجان قهوة-

توفيق العيسى

2010 / 9 / 20
الادب والفن


هل الحديث عن الشعر أم القصة، الرواية أم النقد؟ هل يحتمل فنجان القهوة الصغير والانيق لكل هذه المحاور؟ المكان على رحابته ضيق، عريف الحفل والمتحدث لم يرتبا أوراقهما، هذا ما صار واضحا تماما عندما بدأ الاستاذ صبحي شحروري كلامه عن الحالة الثقافية بشكل عام وعن سيرته الذاتية ككاتب، عريف الحفل "احمد الاشقر" غير موجود فمن سيدير النقاش؟.
كان المفترض للقائنا في مقهى الديوان أن يجمع بعض كتاب شباب والناقد صبحي الشحروري، حيث يتبادر للذهن أن النقاش أو الأمسية ستتركز على قراءات لهؤلاء الكتاب وتقدها ولو بشكل بسيط من قبل الأستاذ صبحي لتشمل المشهد الثقافي والشعري الفلسطيني في هذه المرحلة على ضوء تجربة الجيل الشاب، إلا أن هذا لم يحدث والنادل قدم القهوة باردة، وجاري البحث عن عريف الحفل.
في معرض حديثه الذي ابتدأه بسيرته الذاتية وكيف كتب القصة القصيرة انتقل بنا من تجربته الخاصة وبسرعة البرق لينكر وجود أدب الواقعية الإشتراكية فهو على حد تعبيره لا يعترف بها ولا يعرف تعريفها وهو بذلك أنكر مرحلة ثقافية كاملة وأنكر عدد من النتاجات الأدبية الفلسطينية والعربية، وإن كنا نحترم رأيه وهو حر بطرح رأيه إلا أنه كان من الواجب عليه أن يشرح لماذا.
وفي حديثه عن الأجناس الأدبية الأخرى كالقصة والرواية والشعر والنقد كان يشن هجوما لم يبرره على كتاب هذه الأجناس، ففي القصة القصيرة يرى بأن كتاب القصة القصيرة ما زالو يكتبون ضمن النسق القديم والمحدثون أخطأوا عندما لجأوا للقصة القصيرة جدا، وفي الرواية يبدأ هجومه بأن كتابنا لا يعرفون ما هي الرواية ولا كيفية كتابتها، عدة اتهامات وجهها دون أن يبين لنا من وجهة نظر نقدية ما الصواب وما الخطأ، بل اكتفى بالقاء محاضرة مدرسية عن الكناية والاستعارة ووصاياه للجيل الجديد بأن يلتزموا الحقيقة فيما يكتبون وأن يكتبوا بمشاعرهم واحساسهم وهذا كلام ليس بالضرورة أن تكون ناقدا لتقوله.
وعن النقد فقد بذل جهدا كبيرا وهو يتحدث عن ضرورة أن يوجه النقد للنص وليس للشخص والنقد يتعرض لبنيوية النص وتفكيكه، حتى اذا ما انتقل للحديث عن الشعر بدأ حديثه " بانني هاجمت جدارية محمود درويش" وهنا نستوضح أن صبحي شحروري اختصر محاضرته الطويلة بفعل الهجوم وليس النقد فاذا كان يعرف ويختصر جهده النقدي بكلمة هجوم فكيف يعيب على الذين يرون في نقد النص هجوما على الكاتب؟ وكيف يرى ناقدا كصبحي شحروري النقد هجوما وليس عملا أدبيا تفكيكيا لبنية النص؟ والنقد والهجوم لا يجتمعان.
استخدام كلمة هجوم كان لها وقعها فعندما تبدأحديثك بكلمة هاجمت بدلا من انتقدت توحي للمتلقي أن هناك أمرا شخصيا أو مبيتا ومهما حاول الأستاذ صبحي أن يجمل حديثه ليعطي انطباعا بالموضوعية فإنها ستنهار على وقع هذه الكلمة خاصة مع تكرارها والإصرار عليها، هذا المشهد الهجومي كان له وقعه على فئة الشعراء والكتاب " الجدد" الذين تساوقوا معه في هجومه، منجذبا البعض لفكرة مس المقدس، علما بأنا لسنا ضد نقد درويش، فالأمثلة التي ساقها شحروري والتي وافق الحضور عليها وهي من الجدارية، لم تكن صائبة، بل وكانت مغلوطة أيضا، فقد اتهم درويش بجنوحه إلى الذاتية وتكريسها من خلال استخدامه لكلمة أنا، على حد قول شحروري وانكاره لوجود الآخر في قصيدته " وكأنه لايوجد احد غيره" فقد نسي أو تناسى طالما أنه مهاجم وليس ناقد، بأن بنيوية القصيدة فرضت على درويش الحديث بالأنا فهي هم وجودي لمريض في غرفة الإنعاش يرى الموت والحياة أمامه وبشكل جلي، ولا ندري ما الذي قصده شحروري بكلمة الآخر لكن القصيدة بنيت على مشاهد وشخصيات متنوعة ولم تكن حكرا على درويش فقط، ويرى شحروري بأن درويش يشبه نفسه باليهودي وذلك عندما قال " أنا البعيد البعيد" وربط هذه الجملة بجملة أخرى لم يذكرها ولكنه ادعى بأن درويش شبه نفسه بداوود المذهب، وهذا ما اكد رأي الشحروري بتشبيه درويش لنفسه باليهودي وما وافقه عليه الحضور، ولكن من هو داوود المذهب؟؟
لا يوجد شخص اسمه داوود المذهب وهذا الاسم أسمعه لأول مرة من الأستاذ الشحروري ولو قرأنا القصيدة وبحثنا عن كلمة المذهب هذه لقرانا التالي
باطلٌ ، باطلُ الأباطيل … باطلْ
كلُّ شيء على البسيطة زائلْ

1400مركبة
و12,000 فرس
تحمل اسمي المُذَهَّبَ من
زَمَنٍ نحو آخر …
عشتُ كما لم يَعِشْ شاعرٌ
مَلكاً وحكيماً …
هَرِمْتُ ، سَئِمْتُ من المجدِ
لا شيءَ ينقصني
أَلهذا إذاً
كلما ازداد علمي
تعاظَمَ هَمِّي ؟
فما أُورشليم وما العَرْشُ ؟ُ
أظن أن هذا المقطع الشعري الذي أراد الناقد الحديث عنه والشاعر هنا لايشبه نفسه باليهودي ولا علاقة لهذا المقطع الشعري بجملة البعيد البعيد والتي تبعد عن هذا المقطع بمقاطع كثيرة وهي اذ تدل على شيء فهي على ابداع درويش بتصويره للحظة انتقاله وبصورة احتفالية للعالم الآخر وأعتقد أن على الشحروري أن يؤل، والشاعر هنا يشبه نفسه بالملك الحكيم سليمان وليس بداوود فال 1400 مركبة هم عدد المركبات التي كان يملكها النبي سليمان والتي كانت تستخدم في الحروب ونقل الأموال من فضة وذهب إلى سائر الممالك الواقعة تحت سيطرته
ودرويش الذي بشبه نفسه بسليمان فهو يتشبه بالحكمة واستخدم مركبات سليمان وهذا المشهد الاحتفالي بنقل الأموال ورمز القوة لنقله هو من عالم إلى آخر جسديا وخلوده شعريا ولعل القصيدة كانت تعج بهذه الصور، صور انتصار الشعر على الموت وبقائه بعد زوال الملوك والممالك.
وهو إن تشبه بحكمة سليمان وليس بقوة داوود فهو حاول التشبه بالمسيح الناصري أيضا الا انه لم يحتمل عذاباته فنزل عن الصليب، فماذا تقول بتشبهه بالمسيح، وأمنيته بأن يكون حرف النون في سورة الرحمن؟
كان على السيد صبحي الشحروري ان يرتب أفكاره ويختار محاوره بعناية وأن لا يتشتت في الحديث فالنقد ليس هجوما بل جنس أدبي يضاف إلى المشهد الثقافي فالناقد لا يبدأ حديثه عن اميل حبيبي بوصفه "غول الحزب الشيوعي" بل يتعرض لنصه وكأن حبيبي لا يمتلك الموهبة ولم يظهر لولا إعلام الحزب، كما أنه لا يتصيد المواقف الشخصية لدرويش كحذفه لقصيدة عابرون في كلام عابر من ديوانه مشككا في مصداقية الشاعر.
وكان على منظمي الأمسية أن يكونو أكثر ترتيبا وإدارة للحوار، أما الذين طربوا لحفلة الهجوم وليس النقد فكان عليهم ان يقرأوا أكثر ليكونو أكثر وعيا ودراية،
أما نادل المقهى فعليه ان يحضر القهوة ساخنة وفي كأس بدلا من فنجان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202


.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024




.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3