الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصورة المفبركة بدل الحقيقة المؤلمة

نوال السعداوى

2010 / 9 / 21
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لماذا فبركت جريدة الأهرام المصرية صورة مغايرة للحقيقة، لتجعل الرئيس المصرى يتقدم الرئيس الأمريكى والإسرائيلى والفلسطينى والأردنى فى الموكب السائر إلى المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين فى واشنطن سبتمبر ٢٠١٠؟ لولا اكتشاف هذه الخدعة بواسطة خبراء التزييف لما أدرك الشعب المصرى الحقيقة المؤلمة، لماذا أصبح تزييف الوعى ظاهرة القرن الواحد والعشرين، قرن الإعلام التكنولوجى الحديث وما بعد الحديث؟ الحداثة أو ما بعد الحداثة كلمات مزيفة، فشلت فى تهذيب العالم البشرى ليصبح إنسانيا وليس غابة قائمة على الحرب والاستغلال والخداع؟

نحن نعيش حضارة طبقية أبوية واحدة، وليس عدة حضارات، تغير من صورتها على الدوام، لتخفى حقيقتها غير الإنسانية، لا يمكن استمرارها على مدى القرون دون تزييف، فى الغرب الاستعمارى العسكرى أو فى الشرق المقهور داخليا وخارجيا، حضارة قائمة على الظلم، والتفرقة العنصرية والدينية والعرقية والطائفية والجنسية، لا تكف الحروب الدولية والمحلية الاقتصادية المادية التى تتغطى بشعارات دينية روحية مزيفة، أصبحت كلمة الديموقراطية أو السلام أو الشراكة أو الصداقة أو الحب أو الإيمان ضمن أسلحة تغييب الوعى والتزييف.

ربما كانت صورة جريدة الأهرام المفبركة ساذجة مكشوفة، بسبب التخلف التكنولوجى فى بلادنا، لكن فى الغرب تصبح عمليات التزييف السياسى أو الاقتصادى أو الأخلاقى (ومنها الخيانات الزوجية) أكثر حصافة يصعب اكتشافها.

يكتظ الإعلام بصور المرشحين والمرشحات، وقد عادوا جميعا إلى سن الشباب بالبشرة المتوردة المشدودة، والكلام الناعم المعسول عن خدمة الفقراء والمقهورين، من أجل ماذا كل هذا التنافس؟ من أجل الله والوطن؟ لا أحد فيهم يعمل لنفسه ومكاسبه، الكل ينكر ذاته، يتنافس على خدمة الفقراء والله والوطن، يتقاتلون، يتراشقون بالاتهامات وأفظع الشتائم (من الفساد الاقتصادى إلى الفساد الجنسى)، كل هذا الصراع الدموى بين المتنافسين فى الانتخابات (يمين يسار حكومة معارضة إخوان أخوات) من أجل خدمة الله والوطن والفقراء؟ المرشحون الأثرياء يدفعون مئات الآلاف من الجنيهات للناخبين، الأقل ثراء يوزع ثلاجات أمريكية أو سجاجيد من إيران أو مسابح من مكة أو علب طعام محشو كفتة أو كباباً، قد يستخدم بعض المرشحين عصابات من البلطجية لضرب خصومهم أو تمزيق لافتاتهم، حتى المرشحات النساء يقلدن المرشحين الرجال، فى صراعهن الدموى حول الكراسى.

كل هذا التقاتل الانتخابى الرهيب من أجل الله والفقراء وخدمة مصر الحبيبة، فى أحلامهم فقط فى ظلام الليل تلوح لهم الحقيقة تحت الصورة المزيفة: الملايين أو البلايين التى يكسبها نواب بيع الأراضى أو نواب العلاج على نفقة الدولة أو نواب القروض أو غيرها، وسائل الثراء الحديثة تحت قبة البرلمان، فى الانتخابات الأمريكية أو الأوروبية تبدو الصورة الديمقراطية أكثر إتقانا، تتخفى أموال الشركات الرأسمالية الكبيرة التى تمول المرشحين والمرشحات، تتخفى المصالح والتحالفات المسيحية اليهودية وراء الشعارات الروحية وكلمة الرب، يبدو النيولوك حقيقة طبيعية لوجه العجوز من الحزب الديمقراطى المنافس للمرأة الحسناء من الحزب الجمهورى، وقفزاته الخفيفة على السلالم ينافس بها قفزات باراك أوباما الشاب وهيلارى كلينتون الأقل شبابا.

يمتد التظاهر وتغليب الشكل على الجوهر والصورة على الحقيقة من الانتخابات والسياسة إلى الدين والأخلاق والحب والحياة الخاصة، فى نيويورك يخفى حرق المصحف الأهداف السياسية للاستعمار الإسرائيلى الأمريكى وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والبنك الدولى وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية، تتحول الحرب الاقتصادية العالمية إلى حرب دينية طائفية، تم تحويل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على الأرض والثروات إلى صراع دينى بين اليهود والمسلمين على الروحانيات وتحجيب النساء، تم احتلال العراق بالحرب العسكرية تحت اسم الديمقراطية وحقوق النساء والأكراد والشيعة والصوفيين، ينسحب الجيش الأمريكى صوريا من العراق (تاركا قواعده هناك) بعد تحقيق أهدافه الثلاثة: احتكار البترول، تمزيق العراق طائفيا، سيطرة إسرئيل على المنطقة.

أصحاب الضمير فى العالم يدينون الحكم الدينى ورجم النساء فى إيران، لكنهم يدينون البرنامج النووى العسكرى الإسرائيلى أكثر من إدانة المشروع الإيرانى النووى غير العسكرى، إنهم يحاربون الظلم والازدواجية وغطرسة إسرائيل وأمريكا، كما يحاربون الازدواجية الأخلاقية والاستبداد وقهر المرأة الإيرانية تحت اسم الدين، تم إشاعة صورة كاذبة فى إيران عن سكينة، قالوا اقترفت الزنى وتستحق الموت رجما، الحقيقة أن زوجها هو الذى اقترف الزنى بخيانتها، فأرادت الانفصال عنه فاتهمها بالخيانة انتقاما منها، الحكم الدينى السلفى فى إيران يتحيز للرجل وإن كان خائنا لزوجته، كما يحدث فى بلادنا، ليس فى القانون المصرى مادة تعاقب الرجل إن خان زوجته مع امرأة أخرى، إن ضبط متلبسا بالخيانة فهو يطلق زوجته بإرادته المنفردة ثم يعلن زواجه من العشيقة، وبهذا ينجو من أى إدانة، مثل الرجل الذى يغتصب فتاة بالقوة يمكن أن ينجو من العقاب إن تزوجها، هذه الازدواجية الأخلاقية وعقاب المرأة وحدها وإن كانت بريئة أمر شائع فى جميع الأنظمة، إلا البلاد التى فصلت بين الدين وقوانين الدولة بما فيها قانون الزواج والطلاق والنسب والإرث والحضانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصورة ليست مفبركة بل ناطقة بحالى وحالك
رجــــــــــــــاء أبو السعود ( 2010 / 9 / 21 - 21:30 )
أستاذتى الموقرة د.نوال
قد تبدين أسفآ على ماسوف أقول والذى يمثل رأيآ وصلت لفهم حقيقته ورضيت بمحتواه وطبيعته حين أقول لك أن ألأهرام لم يخطئ البتة حين نشر تلك الصورة..فهى امتداد لما توهمناه من قديم الزمان أن مصر بشعبها وبقائدها فى مقدمة العالم وقد كان واضحآ فى عهد الكبت والحرمان بعد قيام العسكر بانقلابهم المشئوم،ومن يومها أصبحت الصورة مزيفة سواء أكانت بالأهرام،أم كانت بأبى الهول!!كذب ونفاق وزور وبهتان تلف حياتنا وقد توهمنا أن ذلك هو ألأصل أو القاعدة،أما الحرية،والصدق،ورؤية ألأشياء على حقيقتها فذلك هو ألاستثناء.
الصور التى أشرتى اليها من مرشحى الحزب القمئ،أو من ذوى المليارات الذين اتخمت صدورهم بها وليس فقط جيوبهم فقد أصبحنا نراها صورة لحدث سعيد سيشملنا من مأكولات أصبحنا لانتعامل مع بائعيها لضيق ذات اليد،فمن منا يستطيع أن يبتاع اللحم بثمانين من الجنيهات؟؟
أرجوكى لاتسدى باب الرحمة علينا وتحرمينا من شئ لايأتى سوى كل سنوات ست نأكل فيها مانتصور أنه أكل أهل الجنة ؟؟
شكرآ لمن يقوم على تمويل أسياد هذا الشعب ممن سيجلسون على مقعد وثير فى مبنى له تاريخ كان يؤمه أكابر القوم وأصبح يحتوى على حثالته


2 - الأهرام ....وفضيحة نظام
atef wassim ( 2010 / 9 / 21 - 23:21 )

فضيحة الأهرام .....فضيحة عالمية ....
لوكان عنده شوية ثقافة وعلم فى السياسة و البروتوكولآت كان يدرك ان ترتيب الصورة يخضع لنظم ومعايير فى علم المراسم والمقابلات الرسمية لرؤساء الدول
لكن حب النفاق وغريزة التملق وحرفة التزوير غلبت
صورة «مبارك» -المعدلة- تتصدر ملصقات السيارات والحوائط في واشنطن.. واتهامات لـ«الأهرام» بالتزوير

سالة الى السيد صفوت الشريف
رئس مجلس الشورى
ئيس المجلس الأعلى للصحافة
ماهو رأيك أتجاة اقدم وأصدق جريدة فى مصر على مر العصور الأهرام الجريدة الرسمية لمصر الأهرام رمز الشموخ والحضارة يهان على يد رئيس التحرير للتملق والنفاق
رسالة الى رئيس الجمهورية
حتى لآيكون التزوير والتضليل شعار الجمهورية
المرة دى طالتك ياريس نطالب باقالة ومحاكمة رئيس تحرير الأهرام وتقديمه للمحاكمة بتهمة تضليل الرأي العام والإساءة لسمعة مصر بالخارج،-بعد أن جعل المصريين محل للسخرية في العديد من وكالات الانباء والصحف العالمية


3 - الحاج محمد اينشتين
محمد البدري ( 2010 / 9 / 22 - 01:38 )
توجد نظرية اسمها النظرية النسبية لصاحبها ووكيل اعمالها الحاج محمد اينشتين رحمه الله. تقول النظرية ان الراصد يعتقد بحقيقة وصدق ما يراه مهما كان وضعه ومن اي زاوية هو واقف للملاحظة والرصد منها. لهذا تتعدد الحقائق ويصبح الجميع صادقين فيما يروه وبالتالي فان بضاعتهم كلها سليمة ويمكن بيعها لان عليها شهادة صلاحية من المنشأ. فهل زاوية الرصد اليسارية التي تحاول توحيد الراسمالية مع الابوية العربية الاسلامية التي لم تدخل التاريخ بل تخربه سيوافق عليها اينشتين الحقيقي أم انها من منجزات الحاج محمد اينشتين؟ فالصور المفبركة والغش عامة لا يمكن لاصحابها البقاء يوما في الوظيفة لو اكتشف امرها في مجتمع اينشتين اليهودي (الابوي كما تحبين وصفه) اما في مجتمع الحاج محمد اينشتين الموحد بالله فلا قيم ولا اخلاق ولا حساب بل بلطجة حيث يخرج رئيس التحرير ليتبجح بانه فبركها وسيكافئ الموظف المزيف والغشاش. رحم الله الحاج محمد نيكسون الذي غش يوما لكن لان مجتمعه لدية ضمير وليس مجتمعا مسلما فقد قام بالواجب واصلحوا الامر بإزاحة الحاكم بقتله سياسيا وليس علي طريقة الحاج عثمان ابن عفان؟


4 - الكتابة مرأة لشخصية الكاتب
تي خوري ( 2010 / 9 / 22 - 16:01 )
سيدتي لقد صورتي لنا العالم بصورة سوداء قاتمة , كلها زيف وكذب ورياء , ولا تحوي اي شئ جميل ,؟؟؟
يقال بان الكتابة مرأة لشخصية الكاتب, فأنت يا سيدتي جمعتي بشخصيتك الكريمة كل الزيف الموجود على الارض وعلى مر التاريخ ..!! فأنت من جهة اسلامية ,ومن جهة اخرى يسارية , ومدافعة عن حقوق المرأة, وتريدين ان تكوني وليا فقيها على النساء ...؟؟؟؟

لماذا يا سيدتي لا تحاولي ان تتخلصي من هذا الزيف والتناقض الموجود بشخصيتك .., فربما تستطيعين , عندها , ان تري العالم بصورة افضل؟؟

مودتي


5 - قول على قول
رجــــــــــــــاء أبو السعود ( 2010 / 9 / 22 - 20:49 )
ماتقوله من تدعى بتى خورى هو كلام مضحك ويكشف عن سطحية وجهل بمجريات ألأمور،فبينما تنتقد المعلقة أستاذتنا نوال السعداوى وتتهمها بأنها تجمع بكل الزيف الموجود على ألأرض؟؟لاأدرى هل تمحصت وتفحصت فى التاريخ السرى لبعض ألأعلام المسلمين الذين يجمعون حقيقة لاكذبآ أو افتراءآ بين ماهو متناقض،أو لايستقيم؟؟على سبيل المثال أستاذ دكتور محمد عمارة الذى انتقل بقدرة قادر أو بقدرة أشياء أخرى يعرفها القلة أنها الباعث على التحول والتغيير من أقصى اليسار إلى يمين اليمين؟؟ويتخبط اليوم فى أحاديثه متوهمآ أنه يرضى الأسلام وزمرة المسلمين بادعائه أن المسيحية بها من الكذب ما يدفعه للنقد بل التجريح بها؟؟
أذكرك بمثال آخر هو رجاء جارودى المفكر الفرنسى الذى تحول من اليسارية إلى الأسلام رغمآ عن اختلافه مع كهنة المسلمين فى تفكيرهم وأفكارهم؟؟
د.نوال يكفيها فخرآ أنها بادئة الصوت العالى نحو منع ذبح الإناث فيما يعرف باسم ختان المرأة؟؟ألا يكفيها فخرآ أنها تدافع عن مكانة المرأة فى أتون المجتمع الذكورى الذى يدوس بأقدام متعصبة على الأنثى ويهضم حقوقها بل يعتبرها مخلوقآ زائدآ وذو درجة منحطة بالنسبة له؟؟راجعى نفسك قبل الحكم الجائر


6 - الحقيقة المرة
هاني فرج عبد الحكيم ( 2010 / 9 / 23 - 10:54 )
فبركة الاخبار والنفاق السياسي وفبركة الصور إرسال رسائل سياسية الي الناس كان ولا زال يجري علي قدم وساق في مصر وفي جميع الدول الاستبدادية التي ينعدم فيها سيادة القانون والحرية والمبادئ الديمقراطية ولكن هذه تم إكتشاف الفضيحة وكانت بجلاجل ولعل هذة القضية تبين طبيعة النظام الاستبدادي في البلد منذ عام 1952 حيث السلطوية والاستعباد والباشوية الجديدة التي إبتدعها عبد الناصر وسار علي طريقها من جاء بعده الي يومنا هذا علينا استبدال هذا النظام بنظام ديمقراطي علماني لا يخلط الدين بالسياسة يعمل لمصلحة المواطن وليس لطبقة محدودة من المنتفعين من رجال الاعمال المرتبطين بالحزب الوطني...وشكرا لإدارة الحوار المتمدن علي النشر.


7 - ليس بهده الطريقة تحل المشاكل
ابو سناء ( 2010 / 9 / 23 - 15:41 )
ان ما تبادر الى دهني اثناء دخول ((الزعماء العرب الثلاثة ومعهم زعيم العصابة الصهيونية ينتن ياهو يتقدمهم الزعيم العالمي اوباما ))،هو طريقة اخراج هوليوود ية في تقديم فرق التدخل السريع في مستهل افلامها المفبركة .لقد تعمدوا هده الطريقة في الاخراج كي يوهموا العالم ان هؤلاء الرؤساء العرب طبعآ هم الجديرين وحدهم فك لغز الصراع العربي الاسرائلي وهم وحدهم الدين يسطيعون هن يحققوا للشعب الفلسطيني كل ما يصبوا اليه من كرامة وحرية وعزة ، الا ان مسرحيتهم لمم ولن تروق لأحد مهما تقن اخراجها وان معرض استعراض العضلات هدا لن يقدم للشعب الفلسطيني الا مزيدآ من الآلام والقهر ،وان الصهاينة لا يفهمون الا لغة القوة وما سوى ذلك مجرد اوهام ،

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص