الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المياة وصراع الوجود بالعالم العربي

عبدالرحمن حامد القرني

2004 / 9 / 5
الادارة و الاقتصاد


العالم العربي فيه العديد من المتناقضات ولعل ابرز واخطر تلك المنتاقضات تكمن في انه في الوقت الذي حباه الله باهم سلعة عالمية هي " النفط " شريان الحياة الرئيسي الذي بدونه تتوقف الحياة الصناعية وتتعطل مصالح الدول والشركات والأفراد في هذا الوقت يعاني هذا الوطن الكبير من خطر أهم يتعلق بأهم شريان لحياة الإنسان الذي بدونه لا تتوقف عجلة المصانع والمعامل ومصالح الناس فحسب بل تتعطل عجلة الحياة البشرية والنباتية برمتها فمنه جعل الله عز وجل من كل شيء حي ذلكم هو الماء المرشح ليكون مصدر ومنبع الحروب القادمة كما ان النفط كان مصدر الحروب الماضية في القرون الأخيرة وهو مصدر الحروب الحالية.
مشكلتنا كعرب مع الماء لا تكمن في عدم وجوده وندرته فحسب بل و في ان معظم ينابيعه تقع خارج نطاقنا الجغرافي ما يعني ارتهاننا للغير وقد أصبح الماء سيفا مسلطا علي رؤوس الدول العربية فالعراق وسوريا مهددان ومصر والسودان في طريقهما والأردن وفلسطين يخضعان لرحمة العدو الإسرائيلي وهكذا والأخطر من كل ذلك ان استهلاكنا للمياه استهلاك مفرط كأنفاق من لا يخشي الفقر في ظل غياب سياسات ترشيدية للاستهلاك.
والحقيقة ان هناك وعياً بهذا الخطر بدا يتشكل علي الأقل لدي المفكرين ومراكز الأبحاث وعدد محدود من الساسة غير ان خطوات جاده في سبيل تأمين هذه المعضله لم ير النور بعد ومنذ عشرات السنين نسمع صيحات وتحذيرات ومطالبات بوضع استراتيجية عربية للمياه غير اننا كمن يسمع جعجعة ولا يري طحنا علي غرار لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي .
في هذا الإطار أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة دراسة تحليلية شاملة حول القضية بعنوان المياه وصراع الوجود في الوطن العربي الدراسة القيمة من تأليف الدكتور عدنان هزاع البياتي وتتكون من أربعة فصول بالإضافة إلي المقدمة والخاتمة.
في هذه الدراسة وقف المؤلف عند الأزمة المائية في الوطن بأبعادها المختلفة.
و في تقديمه لهذه الدراسة يقول المركز تأتي هذه الدراسة في سياق الحرص علي ايلاء قضية المياه الأهمية القصوي من منطلق رؤية بصيرة تدرك أن الصراع علي المياه هو السمة التي تميز هذا العقد، ناهيك عن خصوصية قضية المياه في الوطن العربي الذي يعد من أكثر مناطق الأرض تصحرا وأشدها ندرة للمياه بالإضافة إلي وجوده في منطقة تحاصرها أطماع شتي بهدف السيطرة علي هذه المادة بغية التحكم في حياة الإنسان وأمنه.
تبين هذه الدراسة التي تستند إلي بيانات و جداول أن مشكلة النقص في الموارد المائية أخذت في الازدياد بسبب نوبات الجفاف التي أصبحت من الظواهر المألوفة في الوطن العربي، حيث صارت حصة الوطن العربي من الموارد المائية العذبة المتجددة لا تشكل سوي ما نسبته 0.5% من الموارد المائية العذبة المتجددة في العالم، الأمر الذي انعكس سلبا علي متوسط نصيب الفرد العربي والذي أضحي من أقل المعدلات في العالم إذ انخفض من 3126 متراً مكعباً عام 1950 إلي 981 متراً مكعباً عام 2000.
وتشير الدراسة الي انه وعلي الرغم من أن الدول العربية بدأت تتحسس خطورة أزمة المياه، وأخذت تتعامل معها سياسيا علي الصعيد القومي منذ أكثر من ثلاثة عقود، إذ كانت هذه الأزمة وراء عقد أول مؤتمر قمة عربية في القاهرة عام 1964 لمواجهة مشاريع إسرائيل لتحويل مياه نهر الأردن إلي صحراء النقب، فإن أزمة المياه لم تأخذ نصيبها من الاهتمام علي الصعيد الاستراتيجي العربي إذ لا توجد استراتيجية عربية موحدة تتعامل مع هذه الأزمة المتفاقمة لوضع حلول عملية وعلمية للمشكلات الداخلية أو التحديات الخارجية للموارد المائية العربية.
وتلمح الدراسة الي أن الوطن العربي دخل الألفية الثالثة بمجموع سكان يصل 290 مليون نسمة، يعيش أغلبهم تحت خط الفقر المائي والذي تقدره الأمم المتحدة بنحو 1000 متر مكعب بالنسبة للفرد سنويا.
وقد خصص الفصل الأول من هذه الدراسة لقضية الموارد المائية المتاحة في الوطن العربي، والتي قسمتها إلي موارد مائية تقليدية وأخري غير تقليدية، و تتمثل الموارد التقليدية في الأمطار والمياه السطحية من انهار وأودية ومياه جوفية، بينما تضم الموارد المائية غير التقليدية تحلية المياه أو ما يعرف بإعذاب المياه المالحة و تنقية مياه الصرف، إضافةً إلي الاستمطار.
وفي الفصل الثاني تتناول الدراسة الاستثمار الحالي للموارد المائية في الوطن العربي، أي الاستخدامات المختلفة للمياه والتي تتنوع بين الري حيث تشير إلي تفاوت نصيب الهكتار من الأراضي المروية في الوطن العربي وذلك تبعا لتنوع الأقاليم والتربة والمحاصيل وطرق الري، أما الاستخدام الثاني فيتمثل في الاستعمال المنزلي و الذي تبلغ نسبته نحو 12450 مليون متر مكعب في السنة، وهي النسبة التي تتفاوت بين دولة عربية وأخري إذ يصل أعلي معدل في قطر تليها البحرين و الكويت فدولة الإمارات العربية المتحدة، فيما تقل النسبة في الصومال واليمن، بينما يتعلق الاستخدام الثالث بالقطاع الصناعي الذي تبقي نسبة استخدامه للمياه ضئيلة جدا بالمقارنة مع ما يتم استهلاكه في هذا القطاع علي الصعيد العالمي.
وتشير الدراسة في الفصل ذاته إلي أن الموارد المائية العربية التقليدية هي موارد ثابتة لا تتجاوز 264 مليون متر مكعب وان الموارد المائية القابلة للاستثمار هي أقل من ذلك.
وتضيف أن الاحتياجات المائية في الوطن العربي ستشهد ازديادا بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني,بالإضافة إلي تطور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، حيث ستصل عام 2025 إلي 499 مليون متر مكعب في السنة في ضوء التقديرات المحافظة و568 مليون متر مكعب في حالة استمرار معدلات النمو السكاني بمعدلاتها الحالية، و أن العجز المائي سيتجاوز في عام 2025 مليون متر مكعب.
وتتطرق الدراسة إلي الأطماع الأجنبية بدءا بالأطماع الإسرائيلية التي برزت منذ قيام دولة إسرائيل,وشكلت أهمية استثنائية في الفكر الاستراتيجي الصهيوني، وشملت هذه الأطماع مياه نهر الأردن ونهر اليرموك والضفة الغربية وقطاع غزة والمياه اللبنانية ناهيك عن مياه النيل .


القنبلة الموقوتة في الشرق الاوسط.. ندرة المياه
يقدر الاحصائيون ان عدد السكان في العالم العربي سيكون في آخر هذا العام في حدود 284 مليونا أي حوالي 5ر4% من سكان العالم وإذا أضفنا ما اصطلح في الأمم المتحدة بالـ مينا أي بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بما فيها غالب الدول العربية إضافة إلي إيران ومالطا وإسرائيل فإن العدد يشارف في هذه الحالة 5% من السكان.
ولكن قسط هذه البلدان من المياه المتاحة في العالم لا يتجاوز 4ر1% أي إن هذه البلدان تشكو عجزا فادحا من المياة باعتبار أن سكانها ليس متاحا بالنسبة اليهم الا ثلث المعدل الموجود عالميا يضاف اليه سوء توزيع فادح بين البلدان في المنطقة هذا الي جانب كثرة الفاقد والتبذير من المياة المتاحة وعدم ترشيد الاستهلاك وفقدان المردودية في إدارة المياة.
وتقول وثيقة نشرتها أجهزة البنك الدولي مؤخرا تحت عنوان أمداد المياة والصرف الصحي في المدن في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا : تعتبر المياة موردا شحيحا وثمينا في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ويزيد النمو السكاني وارتفاع مستويات المعيشة والعمران الحضري الضغوط الواقعة علي هذا المورد مما يزيد الي زيادة تكاليف امداد المياة والصرف الصحي في المناطق الحضرية في ضعف أداء مرفق الخدمات العامة، وباستثناء حالات قليلة جدا فإن مؤشرات مستوي تقديم الخدمات والكفاءة الفنية والأداء المالي أشد انخفاضا بكثير مما هي في هيئات المرافق التي تدار إدارة جيدة بينما إعداد الموظفين أعلي عادة مما هو ضروري .
وتضيف وثيقة البنك الدولي إلي ذلك: وبالإضافة إلي هذه المشاكل فإن الحكومات عازفة عن تحويل المياه من المستخدم الرئيسي لها - أي الزراعة - إلي المناطق الحضرية بتكلفة مالية منخفضة نسبيا لأنها تري أن العواقب الاجتماعية والسياسية لمثل هذا التحويل أكبر مما يمكن ان تقبله .
وتختص المنطقة بتضاعف عدد سكانها في ظرف 30 عاما ليصل العالم العربي وحده الي ما يقارب 300 مليون ومن المتوقع ان يرتفع الي 538 مليونا في سنة 2025 ويقول البنك الدولي انه مع تضاعف السكان هبط نصيب الفرد من المياه المتوفرة هبوطا كبيرا ومن معدل من المياة للفرد كان في حدود 3400 متر مكعب في سنة 1960 نزل نصيب الفرد المتوسط الي 1300 متر مكعب حاليا ومن المتوقع ان ينزل الي 650 مترا مكعبا في العام 2025.
وكان المعدل العالمي للفرد من المياة في حدود 13800 متر مكعب مقابل 14 الفا في منطقة افريقيا و 6 الاف في آسيا و 3400 في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سنة 1960.
ولكن انخفض الأمر بصورة حادة في سنة 1995 ليصبح 7500 متر مكعب كمعدل للفرد عالميا وحوالي 6 الاف في منطقة افريقيا وألفين متر مكعب للفرد في منطقة اسيا بينما اكتفي الفرد العربي وفي منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بألف و 300 متر مكعب كمعدل فردي.
وسيزداد الأمر سوءا علي الصعيد العالمي والإفريقي والآسيوي ولكن خاصة علي مستوي سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
فالمتاح كمعدل عالمي سوف لن يتجاوز في العام ،2025 4 الاف متر مكعب للفرد (13800 في 1960 و 7500 متر مكعب سنة 1995) أما في منطقة القارة الأفريقية فسوف لن يتجاوز 2000 متر مكعب للفرد (14 الف سنة 1960 و6 الاف في سنة 1995) وفي منطقة اسيا فإن المتاح من المياة لن يتجاوز معدل 1800 متر مكعب للفرد (6 الاف سنة 1960 و 2000 متر مكعب سنة 1995) وفي منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا فإن المتاح من المياة سوف لن يتجاوز 650 مترا مكعبا للفرد في سنة 2025 (3400 متر مكعب سنة 1960 و 1300 متر مكعب سنة 1995) وبذلك فإن أعلي نسبة في نزول نصيب الفرد من المياة المتاحة هي تلك التي شهدتها منطقتنا العربية اضافة للثلاثة بلدان الأخري الملحقة بها.
غير انه لا بد من القول ان هذه الأرقام المتوسطة تخفي اختلالا في التوزيع داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فنصيب الفرد في العراق من الموارد المتجددة للمياه يبلغ ما بين 35 و 40 مرة نصيب الفرد في مالطا أو الكويت أو قطاع غزة والضفة الغربية.
ويبرز الواقع المائي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة وبالترتيب ما يلي بحسب المتاح في سنة 1995:
العراق: 3750 مترا مكعبا للفرد.
إيران: 2250 مترا مكعبا للفرد.
سوريا: 1700 متر مكعب للفرد.
لبنان: 1400 متر مكعب للفرد.
المغرب: 1200 متر مكعب للفرد.
مصر: 950 مترا مكعبا للفرد.
عمان: 750 مترا مكعبا للفرد.
الجزائر: 650 مترا مكعبا للفرد.
تونس: 600 متر مكعب للفرد.
اسرائيل: 300 متر مكعب للفرد.
الأردن: 280 مترا مكعبا للفرد.
البحرين: 250 مترا مكعبا للفرد.
اليمن: 170 مترا مكعبا للفرد.
السعودية: 150 مترا مكعبا للفرد.
الضفة والقطاع: 150 مترا مكعبا للفرد.
ليبيا: 150 مترا مكعبا للفرد.
قطر: 120 مترا مكعبا للفرد.
مالطا: 100 متر مكعب للفرد.
الكويت: 100 متر مكعب للفرد.
ووفقا لحسابات البنك الدولي فإن هناك 8 دول في المنطقة هي اليمن والسعودية والأردن وليبيا والإمارات والكويت وقطر والبحرين تستغل أكثر من مواردها المائية المتاحة والمتجددة وذلك إما بالإفراط في استغلال المياة الجوفية أو بتحلية مياه البحر أو بإعادة استخدام المياة المستعملة.
وتتعرض مكامن المياة سواء السطحية أو الأحفورية (الارتوازية) الي أخطار تهددها سواء من ناحية الكميات عندما يكون السحب أكثر من طاقة التجدد خاصة في سنوات الجفاف (وفي حالة المياة العميقة) وهي مياة تعود الي ملايين السنين إن لم يكن لأكثر من ذلك فإنها مياة غير متجددة أو من ناحية النوعية فنضوب المياة في المكامن السطحية يستدعي امتلاء يأتي عادة من البحر بحيث تتحول طبقات مائية جيدة أو متوسطة الي نسبة عالية من الملوحة.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبدو وكأنه لا يكفي ما تعانيه الطبقات المائية من سوء استعمال أصلي حيث تضاف الي ذلك إدارة سيئة في الغالب غير ان الوضع يتميز بالاختلال من حيث حسن تدبير امتداد المياه ومن حيث الحرص علي وصولها الي أهدافها.
فالفاقد من المياه الذي لا ينبغي ان يفوق بين 15 و 25% في أي نظام جيد لا نجده ضمن تلك المقاييس في العينة التي اعتمدها البنك الدولي سوي في تونس حيث ان الفاقد لا يفوق 21% (أي إن 21% فقط تضيع في الطريق وتتسرب من أنابيب الإمداد) بينما تبلغ 31% في غزة و 34 في الدار البيضاء وبين 50 و 52% في كل من عمان عاصمة الأردن وصنعاء والجزائر.
كما ان استمرارية إمدادات المياة لا تتحقق في العينة المذكورة الا في تونس والدار البيضاء فيما ان السائد هو الانقطاعات المتكررة وعدم انتظام وصول المياة للاستعمال المنزلي في غزة وعمان وصنعاء والجزائر.
وإذا كان نصيب الفرد اللازم من المياه يوميا هو ما بين 120 و 200 ليتر في اليوم وفقا للمقاييس المتعارفة فإن أي مدينة من المدن موضوع العينة لا توفر ذلك وفي أفضل الأحوال فإن الدار البيضاء توفر لساكنيها 110 ليترات في اليوم أي أقل من الأدني فيما توفر عمان وتونس 80 ليترا وغزة والجزائر 70 ليترا وصنعاء 50 ليترا في اليوم.
وفي هذه العينة فإن نسبة جمع المياه المستعملة يبدو ضعيفا في كل الأحوال وإن تفاوت الأمر ففي عمان عاصمة الأردن يتم جمع 78% من مياة الصرف وفي تونس 77% وفي الجزائر 70% وكذلك في الدار البيضاء وينهار ذلك الي 25% في غزة و22% في صنعاء فيما المفروض ان يقع تجميع 100% خاصة في منطقة عطشي الي هذا الحد وذلك للمعالجة واعادة الاستعمال.
غير ان الظاهرة الأخري البارزة هي تلك المتمثلة في سوء إدارة المياه والكلفة العالية لذلك ووفقا لتقرير البنك الدولي ودائما في اطار العينة المعتمدة فإن الألف توصيلة تحتاج الي 10 موظفين في كل من صنعاء وتونس و8،6 موظفين في الجزائر و7 في غزة و6 في الدار البيضاء و5،5 في عمان.
غير ان هذه الارقام في الواقع في حاجة الي تصحيح باعتبار انتشار من عدم انتشار الصرف الصحي ومعالجة المياه أم لا.
وقدمت وثيقة البنك الدولي أحوال الفاقد من المياه عبر تسرب المياه من شبكة هي في الغالب قديمة غير جيدة الصيانة وايضا عبر التبخر في المياه المكشوفة في منطقة شديدة الحرارة نسبيا وعلي جزء كبير من السنة كما يلي:
دمشق : 65% عمان: 52% الجزائر: 51% صنعاء: 50% الخليل: 49% غزة 1995: 48% وهران: 42% لبنان (متوسط): 40% طهران: 35% الدار البيضاء: 34% غزة 1999: 31% رام الله: 25% تونس: 21% دبي: 21%
ولعل اكبر اسباب هدر المياه هي الاسعار المتدنية لسلعة غير متجددة وضرورية لحياة الانسان.
وهناك مجالان كبيران للحديث في هذا الامر:
1 - المياه المخصصة للزراعة: وهذه المياه تمثل معدل 88% من جملة المياه المستعملة في المنطقة مع فروق بين بلد وآخر.
ويبدو الهدر من ان هذه الثمانية وثمانون في المائة لا تسهم في الناتج الداخلي الخام، الا بما بين 10،5% (طبعا بقطع النظر عن انتاج الزراعات البعلية).
وللمقارنة فإن الصناعة التي لا تستهلك سوي 5% من المياه في المنطقة الشرق أوسطية تتيح مابين 20و50 من ا لناتج الداخلي الخام حسب البلدان.
هذا علي الصعيد الاقتصادي الشامل والجملي (الماكرو اقتصادي) ولكن يزداد الأمر سوءا عندما ننظر الي اسعار بيع مياه الري وتعريفاتها فعلي اهميتها الكمية يضاف هدر حقيقي في كل البلدان لهذه الثروة التي تكاد تعطي مجانا للفلاحين في الزراعات المروية بما يعد بلا مردود اقتصادي فعلي حتي علي المستوي الميكرو اقتصادي.
2 - وفي كثير من الاحيان فان تسعيرات بيع المياه حتي في المدن لا تغطي الكلفة الحقيقية لإنتاج ونقل المياه علي مسافات طويلة نسبيا ثم ايضا ادارة تلك المياه.
ويستمر في المنطقة عموما دعم تسعيرة المياه بشكل أو آخر مما يشجع عادة علي افراط في الاستهلاك وفق القاعدة التي تقول ان عدم الدفع للثمن الحقيقي يؤدي بطبيعته الي الهدر.
وتعتبر مدينة رام الله من بين عينة تحدثت عنها وثيقة البنك الدولي المدينة التي يباع فيها المتر المكعب الواحد من الماء للمستهلكين المدينة الوحيدة التي تنفذ اسعار تغطي الكلفة وزيادة بواقع 1،11 دولار وينخفض الأمر بعد ذلك الي 0،61 دولار في عمان للمتر و0،43 دولار في خان يونس و0،36 دولار في لبنان و0،28 دولار في كل من غزة وصنعاء و0،22 دولار في تونس و0،18 دولار في الجزائر و0،08 في سوريا و0،06 في محافظة البحيرة في مصر و0،04 في القاهرة.
ويمكن ان يكون اعتماد تسعيرات اعلي وتغطي الكلف الحقيقية للإنتاج والنقل والإدارة ان يكون سببا حقيقيا لاقتصاد المياه وهو ما يدعو إلي اطلاق صيحة فزع للتنبه للمستقبل المظلم اذا لم يقع من الان اتخاذ ماينبغي من احتياطات.
فسنة 2025 ليست بعيدة وهي تهم ابناء هذا الجيل لا احفادهم الذين لن يعرفوهم: فماذا وقع من اعداد العدة للتحضير لهذا المستقبل القريب الذي سيتضاعف عدد سكانه عما هم اليوم في المنطقة واذا كانت تحلية مياه البحر يمكن ان تجيب عن التحديات فلا بد ان يكون واضحا انها مكلفة جدا وانها ليست في متناول كل بلدان المنطقة وحتي تلك التحلية المكلفة لابد ان يقع الاستعداد من الان لتحويل كلفتها الي المستعملين الحقيقيين للمياه اي مستهلكيها ضمانا لحد ادني من العدالة في زمن سيتميز بالندرة بدل الوفرة التي عرفتها بعض البلدان في المنطقة في العقود الأخيرة والتي مكنتها من وفرة مالية لا يتوقع احد عودتها أو علي الاقل عودتها بذلك الشكل.
وفي الاثناء هل يكون التخصيص الجواب المناسب لوقف الهدر الحاصل للمياه بين استعمالات زراعية غير مجدية ولامنتجة وتسعيرات للإستعمال المنزلي مشجعة علي الهدر فيما حصة من المياه المتاحة والمتجددة في تناقص اكثر فأكثر حدة.
1 - تمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اعتبارات الأمم المتحدة كلا من الجزائر والبحرين ومصر وايران والعراق واسرائيل والأردن والكويت ولبنان وليبيا ومالطا والمغرب وعمان وقطر والسعودية وسوريا وتونس والأمارات العربية المتحدة واليمن والضفة وغزة وبذلك فان هناك ثلاثة بلدان غير عربية هي داخل المنطقة في مفهوم الأمم المتحدة وهي مالطا واسرائيل وايران كما ان هناك 5 دول عربية لا تدخل تحت هذا التصنيف وهي وموريتانيا والصومال وجيبوتي والسودان وجزر القمر.



سوء استغلال المياة عبء يواجه الدول العربية 91% للزرعة ، 5% للشرب ، 4% للصناعة ذات العائد المرتفع
كما أكدت دراسة اقتصادية أن العالم العربي سيواجه أزمة في ندرة المياه خاصة في ظل التواجد الصهيوني، والسلوكيات السلبية التي تؤدي الى فقد المياه، الى جانب استخدام نحو 91% في الزراعة ذات العائد المنخفض مقابل 4% للصناعة و5% للشرب، واوضحت الدراسة ان الدول العربية تعتمد على أربعة مصادر للموارد المائية، ، المصدر الاول يتمثل في الامطار وهي منخفضة وغير منتظمة وسيئة التوزيع، ولا يمكن الاعتماد عليها في وضع سياسة زراعية لاستغلال الاراضي المتاحة، وتعتمد على الامطار كل من سوريا والعراق ولبنان والأردن وتونس والمغرب والجزائر والسودان والصومال ، ويقدر الوارد المائي السنوي من الامطار بنحو 2282 مليار متر مكعب، يسقط نحو 5، 14% من الامطار على 67% من اجمالي مساحة الوطن العربي بمعدل يقل عن 100مم وحوالي 19% تسقط على 15% من مساحة الدول العربية بين معدلي 100، 300مم، وتعتبر متوسطة في حين السابقة فقيرة، وحوالي 5، 66% من الامطار يسقط على نحو 18% من مساحة العرب بمعدل يزيد عن 300 مم.

والمصدر الثاني يتمثل في الموارد المائية السطحية العذبة (الانهار) وهي قليلة نسبيا حيث لا يتوفر للدول العربية سوى نهر النيل ونهري دجلة والفرات، وبعض الانهار الصغيرة التي تعتبر مغلقة ويصل جملة مواردها المائية المتجددة نحو 42 مليار متر مكعب، وتبلغ مواردها المائية حوالي 204 مليارات متر مكعب منها 46% مصادر خارجية و54% داخل الوطن العربي .
يحتل المشرق العربي منها نحو 67 مليار متر مكعب بنسبة 33% والجزيرة العربية 10 مليارات بنسبة 5%، والاقليم الاوسط 87 مليار متر مكعب بنسبة 42%، والمغرب العربي 40 مليار متر مكعب بنسبة 20%،
وتعتبر المياه الجوفية المصدر الثالث ويقدر مخزونها بنحو 7734 مليار متر مكعب، يتجدد منها سنويا 42 ملياراً ويتاح للاستعمال 35 مليار متر مكعب .
يحتل الاقليم الاوسط نحو 83%، المغرب العربي 12%، والجزيرة العربية 7، 4%، والمشرق العربي 3، 0%.
والمصدر الرابع يشمل الموارد غير التقليدية مثل مياه البحر المعالجة، ومياه الصرف الصحي المنقاة ومياه الصرف الزراعي المعاد استخدامه ويبلغ مواردها 6، 7 مليارات متر مكعب .
وكشفت الدراسة التي اعدها الدكتور امام محمود الجمس وكيل معهد بحوث الزراعة حول (الأمن المائي العربي الواقع والأزمة) عن انخفاض متوسط نصيب الفرد من المياه في الوطن العربي الى 990 متراً مكعباً في عام 1995 مقابل 1090 متراً مكعباً سنويا عام 1990 وهو ما يشير الى دخول العالم العربي حزام الفقر المائي في خمسة اعوام فقط مما يضيف عبئاً اضافياً على الامة العربية، ورغم ان كلاً من العراق ومصر والمغرب وعمان ولبنان تمكنت من ان تبقى مواردها المائية خارج حزام الفقر المائي حتى عام 1995م الا انها في الوقت الحاضر اصبحت على حافة خط الفقر باستثناء العراق، كما أن لبنان تتعرض مياهها للاستيلاء من اسرائيل.
واشارت دراسة الأمن المائي العربي إلى أن استخدامات المياه توضح التخلف الاقتصادي للعرب لاعتمادها بصفة اساسية على الزراعة بنسبة 91% في حين الصناعة 4% والشرب 5%، فأعلى مورد من المياه يتوجه الى الزراعة ذات العائد المنخفض .
وفي الجزيرة العربية تحتل الزراعة نحو 84% من موارد مياه الجزيرة، 14% للشرب و2% للصناعة، والمشرق العربي 95% للزراعة، و3% للشرب، و7% للصناعة، والمغرب العربي 83% للزراعة، 14% للشرب، 3% للصناعة وهو ما يوضح ان الاقليم الاوسط من اكثر الدول العربية صناعة وتحديثاً، وتؤكد الدراسة انه في ضوء استيراد العالم العربي لمعظم غذائه فسوف يظل كفاءة استخدام مياه الري ضعيفة للغاية، تطالب الدراسة باعادة النظر في طريقة واسلوب ونمط توزيع المتاح من المياه العربية على انشطة الانتاج الممكنة والتي تتيح تحقيق اكبر عائد في الحاضر والمستقبل، كما تطالب بضرورة تعاون الوطن العربي لمواجهة مشكلة ندرة المياه واقامة الانشطة الانتاجية في اماكن ومناطق مزاياها النسبية، وتوفير عنصر الوعي والادراك لمعرفة العدو والشقيق، وخلق ارادة التعاون العربي لصالح كل العرب.
وذكرت الدراسة ان ندرة المياه اهم المشاكل التي تواجه التنمية الاقتصادية وخاصة التنمية الزراعية والعمرانية.

كما تعد ندرة المياه سبباً في التوترات والاضطرابات السياسية بين البلدان المتجاورة وقد تصل الى الحروب بين الدول بعضها البعض، وارجعت ندرة المياه الى النمو السكاني المتزايد في الوطن العربي، وعمليات التنمية الصناعية، والاتجاهات العمرانية التوسعية، وسوء الاستغلال الجيد للموارد المائية في ظل الثبات النسبي للمياه، وحذرت الدراسة من المخطط الاسرائيلي لسرقة المياه العربية ومحاولاتها السيطرة على منابع الانهار التي تصب في الدول العربية بمساعدة امريكا لتنقص من حصص العربية،
سوء استغلال المياه عبء يواجه الدول العربية، 91% للزراعة، 5% للشرب، 4% فقط للصناعة ذات العائد المرتفع .


ثلث سكان العالم يفتقدون ماء الشراب
في بداية السبعينات شهد العالم العديد من الصدامات النفطية ولكن القرن القادم يمكن ان يعرف مع الاسف عددا من الصراعات الجيوسياسية والتجارية اكثر اتساعا من صدمات النفط ، لان هذه الصراعات ستكون مرتبطة بالسيطرة على احد الموارد الطبيعية الضرورية للحياة والتي لا يمكن استبدال مصدر اخر بها، والتي لا تتوافر الا بكميات محدودة : انه ( الماء) حياة كل شيء وصدق سبحانه حيث يقول وجعلنا من الماء كل شيء حي ان التوسع غير المنضبط في طلبات الصناعة والزراعة والسياحة واستخدامات البلدان الغنية كلها ادت الى تلوث بعض المخزون المائي الجوفي والتبذير الواسع المنذر بنضوب حاد في الكميات المتوفرة وقد أصبحت هذه الوضعية الأخيرة هي القدر اليومي لاكثر من 1,4 مليار كائن بشري لا يستطيعون الحصول على حاجتهم من الماء فمن ذا سيكون الحكم بين حاجات المجموعة البشرية على ظهر الكوكب والمصالح الفردية؟ ان منطق السوق الذي يعمل على توسيع الفوارق بين الناس لا يستطيع ان يكون ذلك الحكم وقد حان الوقت لايجاد منهج جديد - تعاوني ودولي للتصرف في هذا المورد الطبيعي الذي يجب ان يبقى او يصبح ملكية مشتركة للبشرية اجمع .

الوضع يزداد سوءا
ذلك هو ما خلصت إليه أحدى الوثائق التي قدمت في حزيران/ يونيو 1997م أثناء أحدى جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة المخصصة لتقييم مخزون الماء العذب المتوافر في الكوكب الأرضي في الوقت الحاضر وتذكر الوثيقة بان خطط التنمية الحالية وطريقة استخدام الموارد المائية لا يمكن احتمالها بشكل عام ويمثل الماء مشكلة مطروحة على مستوى العالم والتي يمكن لقرار يتخذ حوله ان يحدد مستقبل المجتمعات البشرية فدون الماء لا يمكن تحقيق التنمية, ودون ان نكون متشائمين يترتب علينا ان نشير الى ان الموارد المائية بدأت تشح في كثير من المناطق وان مستوى المخزون ينخفض ، وان التلوث ينتشر بشكل كبير، وان التصحر يتوسع، غير ان مثل هذه الظواهر لا تثير نفس المشاعر الملحة التي تثيرها تغيرات المناخ والقضاء على الغابات أو طبقة الأوزون، ومع ذلك فان لفقدان الماء عواقب وخيمة منها سوء التغذية والأمراض المرتبطة بالماء ، النزوح من الريف، ومتاعب تلحق بالنساء,, الخ، والماء مورد محدود الكمية وهو موزع بشكل غير متساو سواء من حيث الزمان او من حيث المكان غير انه مصدر متجدد من خلال الدورة المائية التي تساوي 1385985 كيلومترا مكعبا ولكن مصادره مع ذلك ليست بلا حدود ذلك ان الخبراء يتنبأون ان يتم استهلاك جميع مخزون المياه السطحية في العالم من الآن حتى عام 2100 كما ان مجمل الماء الذي توفره الدورة المائية في الكرة الأرضية سوف ينفد كلية بحلول 2230 .
الماء العذب لا يمثل سوى 3 في المائة من مياه الكرة الأرضية ، اما اذا استثنينا من التقدير مياه المجلدات التي لا يمكن توافرها الآن لصالح البشرية او الغطاء القطبي او المخزونات الجوفية فلا يبقى تحت تصرف الكائنات الحية جميعا سوى 1 في المائة من المياه العذبة المتوافرة من البحيرات والغلاف الجوي والانهار والجداول غير ان 60 في المائة من الأراضي السطحية تعيش نقصا في المياه وان 1 من كل خمسة أشخاص في العالم محروم من الماء الصحي الصالح للشراب وان نصف البشرية لا تمتلك شبكة كافية من مياه الصرف وتعيش بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط هذه الوضعية اذ لا يتوافر للفرد الواحد سوى 2000 متر مكعب من الماء في السنة مما جعل سكان هاتين المنطقتين يعيشون في ظل توتر مائي يعطل حياتهم الاقتصادية والاجتماعية .

مورد يتم تبذيره
إذا ما كان سكان الأرض قد ازدادوا ثلاث مرات خلال هذا القرن فان الطلب على الماء قد تضاعف سبع مرات، وازدادت رقعة الأرض السطحية المروية ست مرات إضافة لذلك فان تلوث المياه الجوفية خلال السنوات الخمسين الماضية خفضت المخزون المائي بمعدل الثلث وعليه يمكن استخدام الموارد المتاحة بشكل أكثر فعالية من خلال التخفيض في مستوى التلوث والتبخر في الخزانات ومن خلال اعادة المعالجة وصيانة الشبكات ومقاومة التبذير وزراعة محاصيل اقل استهلاكا للماء واكثر مقاومة لتملح التربة، هذا وليس من الممكن اللجوء حاليا لتحلية مياه البحر الا في بعض البلدان حيث تتوفر الطاقة بأسعار زهيدة غير ان هذا الأجراء لم يمنع ان يصل استهلاك الماء مستويات خطرة كما هو الحال في المملكة العربية السعودية والكويت على سبيل المثال .
تبتلع الزراعة ثلثي الاستهلاك العالمي من المياه غير انه يجب الاخذ بالاعتبار المنافسة الكثيفة في استهلاك الماء التي باتت تظهرها المدن الكبيرة والصناعية والسياحة لاسيما في بلدان الجنوب ولكن الخبراء يتكهنون ان تظل الزراعة في القرن الواحد والعشرين محافظة على مستوى استهلاكها الحالي ويؤكد احد الاختصاصيين ان الشح المتزايد في المياه العذبة هو بالفعل عقبة كأداء أمام الإنتاج الغذائي وسلامة الأنظمة البيئية والاستقرار الاجتماعي والسلام بين الشعوب ويلاحظ ان دولا مثل مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وكلها تفتقر الى المياه الكافية تستورد منذ الآن اكثر من ثلث الحبوب التي تحتاج اليها .

نقل تكنولوجيا المياه
ان الأمم المتحدة أوصت خلال جلستها الخاصة حول الماء بضرورة الاتفاق على الأولوية المطلقة للمشاكل الخطيرة المتعلقة بالماء العذب التي يعاني منها عدد كبير من المناطق في العالم .
وتحث الأمم المتحدة على ايلاء أولوية لنقل التكنولوجيا الخاصة بالمياه على أساس اقليمي ودولي ومساعدة دول الجنوب على تبني انماط من الإنتاج الزراعي والصناعي اقل استهلاكا للماء واكثر اقتصادا فيه .
ودعت المنظمة الحكومات الى : انتهاج اسلوب استراتيجي لتنفيذ جميع مظاهر الاستخدام الرشيد للمياه العذبة لتحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية ، وتلاحظ المنظمة على كل حال ان هذه العمليات الحكومية لن تعطي نتاجها الا اذا خصصت لها المجموعة الدولية مزيدا من الموارد المالية الاضافية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميتا- تعلق -ثريدز- في تركيا بعد قرار من هيئة المنافسة التركي


.. إنتاج مصر من القمح يكفي لسد 50 % من احتياجاته السنوية | #مرا




.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 20-4-2024 بالصاغة


.. سفير غير معروف.. المعارضة في فنزويلا تختار مرشحها لمنافسة ما




.. أسعار النفط العالمية تقفز بأكثر من 4% بعد الهجوم على إيران