الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم بالخلود المؤبد .؟..

مصطفى حقي

2010 / 10 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حكمت المحكمة الإلهية العليا على الحاج عبد الله العبدلله بالخلود المؤبد في جنة الخلد ، وهتف الحاج والحاضرون الجلسة تحيا العدالة ، وردد بينه وبين نفسه : لقد أتت أكلها ، ما خطط له في الحياة الدنيا الفانية قد نجح وبامتياز ، كان تاجراً ماهراً وماكراً واستطاع خلط التجارة بالدين ليصل إلى مبتغاه ، وكان يستغل المناسبات وبالأخص الدينية منها كشهر رمضان مثلاً ، فكان يكدس مواد غذائية رئيسية في مستودعاته مثل البطاطا والبندورة قبل الشهر الفضيل بأشهر وبأسعار متدنية وفي بدء شهر الصوم يرفع السعر إلى أضعافه فيضطر وبالأخص الفقراء منهم إلى دفع السعر الجديد لدفع الجوع عن عائلته وبالأخص أن المادتين المذكورتين تشكلان مادة غذائية رئيسية في رمضان وقبله وبعده لهذه الطبقة المنتوفة ، بينما تُعتبر تلك المادتين البطاطا والبندورة ثانويتين في مائدة الأغنياء وكمقبلات وللزينة ، ومهما غلا ثمنه فلن يضر بميزانيتهم ، وفي نهاية الشهر الديني المقدس يزداد ثراء التاجر الشاطر ، لأن عرفهم يردد ( في التجارة شطارة) والشرع حللها ، بينما الفقراء وهم أغلبية الشعب يئن من وطأة الغلاء الذي أثقله وأرهق ميزانيته وراح يبذل أضعاف طاقته الجسدية كي يؤمن غذاء أسرته ، بينما التاجر الشاطر تنتفخ أوداجه مرحاً وغطرسة وخدمه يدورون حوله بإذلال وهم يرددون : أمور حجي ، نحن خدّامينك ...؟ ويا أرض اشتدي وما حدا قدي ، وفي كل عام يحذف إحدى زوجاته الأربع الحلال والتي عَتِقَت إلى خانة الطلاق ويبدلها بجديدة ، وأيضاً طبقاً لتعاليم الشرع ، ثم يشارك في بناء مسجد من ماله الحلال ، فيرفع الشعب المؤمن من حوله مكبراً : ألله أكبر ، الحجي عمّر جامع ... ويتهافت الجمهور المؤمن إلى تقبيل يده وبانحناءة وتذلل لهذا الإنسان الشريف والشهم والكريم حتى شاع انه ينفق على كامل عائلة شاب أمرد جميل يعمل عنده بتحضير الشاي والقهوة ، وأجره أضعاف أجر أي عامل في مثل مهنته ..!؟ ولما كان الحاج ذكياً حربوقاً ، ولكي يتخلص من ذنوبه الكثيرة ، كان يحج كل عامين أو ثلاث إلى مكة المكرمه ويدور حول الحجر الأسود الذي يساهم في محو ذنوبه كاملة ، ويشاء حظه الطيب أن يموت في حجته الأخيرة ميتة يحسد عليها ’ وفي الديار المقدسة وهو بريء من كل ذنب وكما ولدته أمه ، ولذلك جاء الحكم الإلهي عادلاً بحق الشيخ عبد الله فأول شيء فاجئه في جنته هو العري الكامل ، حيث لا توجد مصانع ثياب فيها ، تحرّج في البدء ولكنه اعتاد على ذلك والمفاجأة الثانية هو ذلك الانتصاب الذكوري المذهل والثاقب ، وأول ما بدأه متجاهلاً زوجاته هو البدء بخرق الحوريات السبعين واحدة تلو الأخرى وأمضى بذلك أكثر من اثني عشر ساعة ، وعندما انتهى من الخرق الأخير فالمنتصب بقي منتصباً ... فاشتهى طعاماً فقدّم إليه خروفاً ناضجاً التهمه بالكامل ولم يترك منه سوى عظامه ، وهنا حدثت المعجزة فتكتلت العظام وبني عليها اللحم بسرعة ، فإذا بالخروف يمشي على أربع ويودع من التهمه وهو يثغو شاكراً .. وبتكرار المشهد الروتيني اكتأب الشيخ والحاج والجناتي عبدالله .. هنا لاوجود لشيء اسمه الطموح والعمل والرزق والارتزاق ، وحبك المؤامرات ولذة المغامرات ، انه خلود كئيب ، ان أكلت أم لم تأكل ، وشربت أم لم تشرب لن تموت برغم انه احتسى كميات من خمر الجنة فلم يسكره أو يشعر بالنشوة ، لاسيارات لا تلفزيونات لامسارح لا سينمات لا انقلابات لا اغتيالات لا سباب ولا شتائم ولا وجود للحزن وحتى للفرح ، فقط انتصاب تاريخي وحوارٍ مرغمات على خرقهن وغلمان مرد يلبون الطلب ،وأن عدد الحواري والغلمان يفوق عدد سكان الجنة بأضعاف ويخشى من وقوع ثورة وإنقلاب في كل شيء...!؟ ونتيجة هذا النمط من حياة الثقب فقط يكتئب ويصرخ الشيخ الحاج الجنّاتي عبد الله محتجاً : بئسها من حياة ، وتقدم من فوره طلباً يرجو فيه إصدار قرار رباني يسمح له باللجوء إلى أمريكا....!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصة واقعية
المتمرد اللاديني ( 2010 / 10 / 12 - 13:02 )
اختصرت فأبدعت استاذي..
الحاج عبدالله نموذج لمعظم تجار البلاد الاسلامية وغير طمع الحاج عبدالله في قصر بالجنة عند بنائه المسجد فهو يوزع الصدقات على المحتاجين الذي هو كان من اسباب إحتياجهم وفقرهم، واللاهوتيين العاملون عليها أي الصدقات،شركائه في السراء وليس بالضراء يرددون: يرزق الله من يشاء بغير حساب، حتى يبعدوا عنه عين الحسد.


2 - رائع ..رائع.. أيها المبدع
نادر عبدالله صابر ( 2010 / 10 / 12 - 21:05 )
لك أجمل تحية ايها الألمعي
لقد استمتعت بجد أخي مصطفى بقصة الحاج عبدالله الورع التقي الذي لم يألو جهدا في سبيل دينه ودنياه
لك كل المحبة والأعجاب


3 - مقال اكثر من رائع
تي خوري ( 2010 / 10 / 12 - 21:59 )
نعم يا قاضي العدالة حكمت المحكمة الالهية على الشيخ عبدالله بالخلود المؤبد وبئس المصير؟؟

تحياتنا ايها المحترم


4 - أستاذنا العزيز السيد مصطفى حقي
ليندا كبرييل ( 2010 / 10 / 13 - 08:09 )
حقاً أستاذ .. كيف تجتمع الفطرة الدينية مع الجشع والطمع والكذب والفهلوة ؟ وتراهم يصلون والصلاة تنهيهم عن الغش , ويحجون طالبين رحمة الله وهم يسعون فساداً في الأرض , لماذا يحجون مرتين ثلاثة ؟ سمعت أن الحج مرة واحدة يمحي من الذنوب ما تقدم وما تأخر , أي كل ذنوب الحياة , فلِم الحج المتكرر ؟ وبغض النظر عن انحرافهم النفسي هذا , فقد تأملت الحكمة الواردة في نهاية المقال , أي حياة هي التي لا طموح ولا عمل ولا سعي فيها ؟ أي فكر خطير يزرعونه في نفوس الأتباع ؟ أما فكرة الثورة والانقلاب من قبل الحواري والغلمان فيمكن أن تكون مادة مثيرة لمقال رائع , لك محبتنا مع كل ظهور منير وشكراً


5 - ومضات
عدلي جندي ( 2010 / 10 / 13 - 14:20 )
شكرا علي هذا الفكر المتمكن

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم