الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زمننا المترهل وزمانهم..!

ابتسام يوسف الطاهر

2010 / 10 / 22
سيرة ذاتية


في أحدى رحلاتي البرية .. قدمت التذكرة التي كانت ورقة مسحوبة من الأيميل..لكن المسافرة الشابة التي امامي فتحت الموبايل لتري السائق رقم الرحلة.. استغربت الأمر لجهلي بتقنيات الموبايل (الهاتف النقال أوالمحمول)، عرفت فيما بعد ان التذاكر المحجوزة عن طريق الانترنت بالإمكان الاكتفاء باخذ رقم الرحلة وخزنه على الموبايل فقط..
هذا الجهاز الذي سجل رقما قياسيا بسرعة تطوره وتغيير شكله وحجمه وما يقدمه من خدمات. فبعد ان كان مجرد جهاز تلفون متنقل ذو وزن ثقيل صار بحجم الشخاطة وبمواصفات مذهلة. فقد صار كاميرا وراديو وفيديو كاميرا ومسجل يحمّل ما شئت من أغاني.. وبعض الدول صارت تستخدمه كبطاقة تنقل او تذكرة للقطار او وسائل النقل العمومية الاخرى بدلا من الوقوف بطوابير طويلة. حيث احترام الزمن بالنسبة لهم من البديهيات التي لا يتنازل عنها المواطن..
أما في بلداننا فالحمد لله فلا وجود أساسا لطوابير! بل الكل يزاحم الآخر للوصول للسيارة أو لشباك الدائرة.. ووفقا شريعة الغاب الوصول دائما للأقوى!
قبل مدة وصلني خبر بالايميل عن خدمة أخرى أضافوها للموبايل.. انه صار دليلا الكترونيا ناطقا !.. ما ان تكتب اسم الشارع الذي تقصده والذي ستنطلق منه، حتى يقودك خطوة خطوة ومنحنى بعد آخر، سواء كنت راجلا أو بالسيارة، ذاكرا أسماء الشوارع التي ستسيرها او تمر بها مع دلالاتها الواضحة الثابتة. وبتسلسل دقيق لا يحتمل الخطأ!.
هذا الحلم لا ندري متى يتحقق وبعد كم جيل تصل تلك الخدمات لنا؟ فشوارعنا بالرغم من تجاوزها مرحلة الكهولة مازالت تنتظر دائرة النفوس لتسجل لها اسما ما، كانتظارها لمن يزرعها أشجارا تحميها من العواصف أو ليستظل تحتها المواطن المتعب، بدل من زرعها عبوات ، ويستخدم غربان الظلام الموبايل (البدعة الغربية) لتفجير تلك العبوات الناسفة او اللاصقة لقتل الأبرياء لتشويه حياتنا وتلك الشوارع التعبة.
قبل مدة وصلني خبر بالايميل عن خدمة أخرى أضافوها للموبايل.. انه صار دليلا الكترونيا ناطقا !.. ما ان تكتب اسم الشارع الذي تقصده والذي ستنطلق منه، حتى يقودك خطوة خطوة ومنحنى بعد اخر، سواء كنت راجلا أو بالسيارة، ذاكرا أسماء الشوارع التي ستسيرها او تمر بها مع دلالاتها الواضحة الثابتة. وبتسلسل دقيق لا يحتمل الخطأ!.
كان الموبايل قبل سنوات احد أحلام الشباب ، الحمد لله اليوم صار لكل فرد موبايل من الطفل الى الشيخ الكبير.
وبفضل خدمات التلفون الأرضية الكارثية او المرحومة ! في عراقنا، صار لكل واحد منا ثلاث أو أربع أجهزة كل واحد يخص شركة من شركات الموبايل، واحد لعراقنا والآخر لآسيا والثالث لأثير وغيرها وهكذا .. وهذا ليس بطرا بل هو بسبب الخدمات التي تقدمها تلك الشركات التي تعمل بمنطق (كلمن ايده له) لا رقابة ولا حساب ولا كتاب من المسئولين، فحتى نتصل بشخص لابد من التنقل من آسيا للعراق عبر الأثير لنجرب كل الأنواع ولكن دون جدوى . كل ذلك على حساب المواطن وراحته وماله المهدور ووقته.
فكم من الجهد والمال نبذله لانجاز موضوع بسيط ممكن انجازه بمكالمة تلفونية واحدة كما هو الحال بالبلدان التي تقيم وزنا للمواطن ومشاعره وراحته وللزمن، الذي يركض و يتجاوزنا بينما نحن نراوح مكاننا.

فالزمن في كل ركن من حياتنا مترهل ويتمطى كليل امرؤ ألقيس ماله إصباح.. أما زمنهم فهو كجلمود صخر حطه السيل من علِ ..
ودوائرنا ومؤسساتنا الحكومية بالذات شاهد على ترهل الزمن الذي جعلنا منه مسخرة.. فلا علاقة لها بزمن ولا قانون ولا احترام لا للعمل ولا لوقت المواطن.. بل لا اهتمام حتى لوقت الموظف ذاته ، ففي معظم الدوائر او كلها يمنع المدير الموظفين من الانصراف قبل نهاية الدوام ولو بدقيقة واحدة! خاصة الذي لم يصدق نفسه انه صار مديرا! ومنهم من يتفاخر بأنه يقفل الباب عليهم!! أو يقف موظف الاستعلامات أو غيره مانعا أي موظف من الانصراف حتى لو أنهى عمله قبل ساعات. بل ترى الموظفين يقفون مثل طلبة الابتدائية او أتعس بانتظار ساعة الصفر التي ينطلقون بعدها لدورهم بالرغم من سوء المواصلات واختناق الشوارع إضافة للوضع الأمني!
لذا ينتقم الموظف بدوره من المواطن، بعدم الإلتفات له اذا وصل للشباك بعد جهد جهيد.. وإذا التفت واخذ ملفه فأفضل جواب هو تعال بعد أسبوع هذا إذا كان له ضمير!! ولو احدهم أرسل إيميل لإحدى الدوائر يستفسر عن أمر ما متوقع أن يصله الرد خلال ساعات تماشيا مع عصر السرعة، أو أيام .. لكن الموظف المسئول لا يتطلع للايميلات إلا بعد إشباع رغبته في تعذيب الآخر بالانتظار تمسكا بالبيروقراطية التي تنتعش في مؤسساتنا، ولا يسمح لزميل آخر بفتح الانترنت! وإذا تطلع على ايميلات المؤسسة، فلا يكلف نفسه بالرد ولو لإشعار المرسل بوصول الايميل.. يكتفي أن يسحبه على ورق ليمر بمتاهات (كتابنا وكتابكم ) ليبقى أكثر من أسبوع حتى يرحل للجهة التي ربما ستجيب على سؤال المواطن بعد شهور !.
هذا ما اكتشفته من تجربة شخصية في قسم الإعلام من هيئة حل النزاعات الملكية!! وهذا ينطبق على كل الدوائر بلا استثناء.. فتكفي رؤية الأعداد الغفيرة من المواطنين المنتظرين أو من يفترشون ساحات الدوائر وحدائقها أن وجدت او على امتداد الشارع الذي فيه تلك الدائرة، لنعرف حجم معاناتهم وحجم مأساة الزمن!
وحتى بالأمور الأكثر أهمية وخطورة على حياة المواطن نرى البعض من المسؤولين لا يبالي بعامل الوقت أو الزمن ولا بالجهد الذي يبذله المواطن ولا بأموال الدولة حتى.
فاحدى شركات الدواء التي تزودنا ببعض انواع الادوية منذ زمن.. رست عليها المناقصة التي أعلنتها وزارة الصحة، وأرسلت الوزارة الطلبية، ولكن حين جاء وقت التنفيذ، ألغت الوزارة ذلك الطلب والعقد المبرم بينها وبين تلك الشركة ! وبسبب غير مقنع (عدم حاجتهم للدواء) مع انه ليس صورا نعلقها بالشوارع ، ولا حلوى ممكن ان يستغني صغارنا عنها! ثم لماذا المناقصة ومضيعة الوقت اذا كانوا لا يحتاجون ذلك الدواء!!؟
فصار من حق الشركة أن تقاضي الوزارة فقد ضاع وقتها وجهد العاملين فيها ومندوبيها بالعراق إضافة للخسائر المادية!.
ولماذا الذهاب لبعيد.. ها هي القوى المنتخبة تتصارع منذ شهور على تشكيل الحكومة و"كلمن يقول الزود لي"!! على شو مستعجلين؟ قال احد أعضاء الكتل الفائزة "لدينا متسع من الوقت"!.
ومأساة الزمن تظهر جلية أيضا في المواصلات.. فقد توصلنا لحلول سريالية حيث أُلغيت معظم الباصات ووسائل النقل العمومي! اما القطار فهذا صار بخبر كان، لنعود كما كنا من قبل سبعون او ثمانون عاما أو أكثر، يتراكض الجميع وتتزاحم الكتل البشرية كما النحل الذي هوجمت خليته. على سيارات الكيا او صناديق الصفيح بعجلات! والسواق بحّت أصواتهم وهم يتصايحون .. باب معظم .. باب الشرقي.. كرادة .. بغدلد الجديدة..الخ من المناطق .. او يكتفي البعض منهم بالإشارة لاتجاه ما، لا تفقه منه شيئا .. وحين تقترح على السائق " لماذا لا تخط قطعة كارتون صغيرة باسم المكان المقصود ليعرف الركاب المنتظرين على الأرصفة، لتختصر وقتك ووقت المواطن الذي يوقفك وأحيانا تتذمر، حين لا يصعد لو عرف انك ذاهب بغير الاتجاه الذي يقصد" .. يتطلع لك بسخرية واستهجان "شنو احنا بسوريا؟؟". فقد صرنا دون البلدان حتى الفقيرة والمتعبة اكثر منا. لنسجل رقما قياسيا بإهمالنا لعامل الزمن وعدم اخذه بعين الاعتبار وتمسكنا بكل ما يعيدنا لسالف العصر والأوان، أو يسوقنا سراعا لهاوية التعب والحرمان، لنبقى خلف آخر قافلة للركبان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الموضوع ليس سيرة ذاتية!؟
ابتسام يوسف الطاهر ( 2010 / 10 / 25 - 13:55 )
ماعلاقة الموضوع بالسيرة الذاتية.. اعتقد انه سياسي وثقافي او اجتماعي او حتى تكنلوجي..واذا كان المنطلق من تجربة شخصية فالسياسة والاجتماع والحياة كلها لاتنفصل عن التجربة الشخصية..لااعرف لماذا هذا التخصيص!؟ مع اني لم اختره شخصيا!!؟

اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن