الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك من يقوم اعوجاج حاکم عربي؟

نزار جاف

2010 / 10 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


يتحفظ النظام الرسمي العربي کثيرا على محاولات تطبيق النموذج الغربي للنظام الديمقراطي في البلدان العربية، و يسعى دوما للتشکيك بهذه المحاولات و حشرها في بوتقة نظرية المٶامرة و في أحيان أخرى يدفع باوساط ثقافية و سياسية محسوبة عليه لتصوير القضية وکأنها فصل من فصول(غزو سياسي ـ ثقافي)، ويتذرع النظام الرسمي العربي بعدم جدوى و فاعلية النموذج الغربي للمجتمعات العربية ذلك أنها نتاج و إنعکاس لمراحل تأريخية مرت بها المجتمعات الغربية ولذلك فإنها سهلة التقبل و الاستيعاب من قبلها لکنها صعبة التقبل من جانب مجتمعاتنا العربية لإختلاف المراحل التأريخية و أنماط تکوين الوعي الثقافي و السياسي والاجتماعي وصولا الى البناء الحضاري.
ولئن کان رفض العديد من الانظمة العربية(المحافظة)للديمقراطية الغربية مبنية اساسا على ماأردفناه من إعتراضات، فإن بعضا من الانظمة العربية الراديکالية قد ذهبت في رفضها للنموذج الغربي أبعد من ذلك، عندما صورته بديمقراطية ناقصة او غير مکتملة کما بين النظام الليبي من خلال أطروحة الکتاب الاخضر للزعيم الليبي معمر القذافي الذي قدم اللجان الشعبية کنموذج للديمقراطية المتکاملة و النموذجية التي بالامکان الاستفادة منها کبديل للديمقراطية الغربية(على حد مايقوله أنصار النظرية العالمية الثالثة)، کما أن حزب البعث بدوره قد أدلى بدلوه بهذا الخصوص من خلال ماذکره في أدبياته عن(الديمقراطية الشعبية)، التي هي تعکس في خطها العام لنظام مرکزي صارم مبني على مٶسسات و رکائز هرمية تنتهي الى القمة وکلها مجرد متلقية لإملائات مفروضة عليها وليست سوى طرح تساٶلاتها و إستفساراتها المحدودة عن تلك الاملائات المتباينة وليس تقييمها او رفضها او طرح بدائل لها، و لامناص من أن الاوساط الثقافية و السياسية العربية المستقلة او المحايدة"وليس الدول الغربية" لا تميل الى مجرد التصديق بجدوى هاتين التجربيتين(الليبية و العراقية"في عهد البعث" و السورية)، بل وانها تٶکد على أنها تبرير او تسويغ لإبقاء التسلط و الديکتاتورية الفردية او الحزبية، رغم أن هناك إجماع تام على أن کلتا التجربتان تعکسان نظام إستبداديا قمعيا و ليست لهما أدنى علاقة بالتأسيس لنظام ديمقراطي عربي حقيقي.
طرح مسألة تباين المراحل التأريخية و خصوصية کل منها عن الاخرى، هي احدى الرکائز الاساسية التي يعتمد عليها النظام الرسمي العربي في رفضه للنموذج الغربي للنظام الديمقراطي، متشبثا بالتراث العربي ـ الاسلامي الذي يحتوي على نظام أفضل و أجدى منه"کما يطرح دوما"، وفي الوقت الذي يعتمد النموذج العربي البديل على المضمون و الماهية الاسلامية کروح نابض لها، فإن النظام العربي الرسمي کان و لايزال على مسافة حذرة جدا من التعامل و التعاطي مع الاسلام و طرحه کبديل جاهز للنموذج الغربي، بل وانها حتى غير مستعدة لتقبله او السماح بتفعيله على ارض الواقع کما حدث في الجزائر أبان الثمانينيات من الالفية الماضية عندما فاز الاسلاميون في الانتخابات بصورة حاسمة لکن لم يلق فوزهم أي دعم او اسناد عربيين وانما جوبه برفض ضمني قوي أدى الى وأده و إجهاضه قبل أن يرى النور، کما أن التعتيم و التحديد و الملاحقة و التأطير الذي مورس و يمارس ضد حرکة الاخوان المسلمين الناشطة في مصر والتي وعلى الرغم من کل ذلك فإنها مازالت تعتبر أقوى و أصدق معارضة حقيقـية بوجه النظام السياسي هناك و ان عدم السماح للحرکة بالتعبير عن نفسها إعلاميا و بالصورة التي تعکس واقع وجودها، يعبر عن حالة من الافلاس السياسي و الثقافي للنظام المصري الحالي في تعاطيه مع هذه الحرکة ناهيك عن أن النظام السياسي المصري(والذي يعکس نموذجا متقدما للنظام الرسمي العربي)، لايستطيع و ليس بإمکانه أبدا الاتکاء على العکازة الاسلاميـة طالما کانت هنالك حرکة الاخوان المناهضة له مثلما أنه لن يستطيع أيضا الاتکاء على عصا الديمقراطية الغربية التي لاتتوافق و تتلائم مع أبجدياته و مثله السياسية.

خاطب عمر ابن الخطاب الناس بقوله: قوموني ان کنت اعوجا، فأجابوه بإستعدادهم لتقويمه بسيوفهم، هذا المنطق الحدي و المثالي في التعاطي بين الحاکم و الرعية، والذي تسعى مختلف الانظمة العربية(وحتى الاسلامية أيضا)الى التوشح والافتخار به، لا ولم"وحتى لن" توجد هناك شواهد او إثباتات ما تدل بشکل او بآخر من أن الحاکم الفلاني قد تعامل مع شعبه بصورة تعکس ولو بشکل جانبي او محدد ذلك المنطق، وانما بقي هذا المنطق و سائر النماذج"الکثيرة المشابهة او المحاکية لها من التأريخ العربي الاسلامي" والتي تعکس مضمامين ديمقراطية حية و نابضة في تعامل و تعاطي الحاکم مع الرعية، أسير و مکبل و محنط داخل الکتب و في قاعات المحاضرات و الخطب الرنانة و الطنانة أما على أرض الواقع فلن تجد له وجود مطلقا، وبين إستحالة تطبيق النموذج الغربي للنظام الديمقراطي و خيالية و لاواقعية النموذج العربي الاسلامي وفق رٶية النظام العربي الرسمي، ليس أمام المجتمعات العربية الاسلامية سوى إنتظار عبثي لاطائل من ورائه سوى هدر الوقت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشواهد كثيرة
عبدالله محمد ( 2010 / 10 / 28 - 15:10 )
قوموني إن كنت أعوجا،من هذه الشواهد الحث على قول الحق عند سلطان جائر واعتبرهذاالموقف جهاد في سبيل الله من اجل حياة حرة وكريمة للمسلمين والأنسانية عامة،فهل للمسلم عودة إلى إحياء هذاالنهج بوعي وفهم يعقبه البناء والأزدهاروالوحدة والطمئنينة ،يعقبه الأستقرارلاالخراب والتشرد كما هو حال تنظيم القاعدة وحال اهلنا في العراق من ظلم إلى اظلم !!!

اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة