الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يجب احالة حكومتي امريكا وبريطانيا الى المحاكم الدولية المختصة بمحاكمة مجرمي الحرب

سامية نوري كربيت

2010 / 11 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


إن من الظلم للشعب العراقي أن تترك الحكومتان الأمريكية والبريطانية بدون محاسبة وهما اللتان كانتا السبب الرئيسي فيما يحدث في العراق الآن من قتل وتدمير وتهجير وتصاعد العنف الديني والمذهبي والطائفي , وانتشار الفوضى والفساد المالي والإداري وانهيار مؤسسات الدولة وانفلات الأمن بحيث أصبح الفرد العراقي لا يؤمن على حياته وعرضه وماله , وتدهور الأوضاع المعيشية والصحية والتعليمية وحتى الأخلاقية واحتدام الصراع السياسي بين ممتهني السياسة على المناصب السيادية , هؤلاء الذين جلبتهم سلطات الاحتلال لتنفيذ مخططاتها بتدمير العراق وإفراغه من سكانه الأصليين ومن كوادره المتخصصة ومثقفيه ومفكريه وأعلامه من حملة الشهادات العلمية العالمية وذوي الاختصاصات النادرة , هؤلاء الساسة الذين باعوا الوطن رخيصا للمحتل وساعدوه للسيطرة على مقدرات هذا البلد الغني ليس بنفطه الذي هو الهدف الأول لهذه الدول الكبرى , بل لتدمير الإنسان العراقي الذي كان يمتاز عن الآخرين بذكائه وقابلياته التي تفوق بها حتى على الغربيين الذين توفرت لهم كل الإمكانيات والتسهيلات المادية والعلمية , ومع هذا كان العراقي دائما يبدع أينما حل سواء بالعمل أو الدراسة أو الإنتاج واستطاع أن يحقق منجزات عظيمة مع افتقاره لجزء كبير من الوسائل التي يملكها الغربي , فاحتل مراكز مهمة في الجامعات والمستشفيات والشركات والمعامل في الدول المتقدمة بحيث أصبح يشار له بالبنان , وكان من المتوقع للعراق في عقد السبعينات أن يحتل مركز متقدم بين الدول المتطورة في جميع النواحي الثقافية والعلمية والفنية وان يكون نموذج يحتذى به في الوطن العربي لو ترك بدون تدخلات الدول الأخرى من أجنبية أو عربية والتي استخدمت العراق لخدمة مصالحها , بالإضافة إلى مغامرات حكامه التي لم يكن لها من مبرر والتي كلفت العراق الكثير من الرجال والأموال وأدت إلى تحطيم البنية التحتية لمؤسساته , بعد ان كان يضرب بالعراق المثل في تطوره وكثرة انجازاته وشدة تماسك شعبه ورقي مجتمعه .
لن استرسل أكثر فالموضوع يطول شرحه ولست معنية به الآن ويمكن أن أعود إليه مستقبلا ولكن ما أريد قوله هنا هو أن ما متعارف عليه في القانون الدولي بأن على الدولة المحتلة حماية أرواح وممتلكات الدولة التي تحتلها والمحافظة عليها , فماذا فعلت هاتان الدولتان لتنفيذ بنود القانون الدولي ؟؟ أنهم على العكس مما يجب عليهما القيام به ومنذ أول يوم دخلوا فيه العراق تركوا الحبل على الغارب لكل سارق ومجرم ومنفلت فسمحوا لهم بالنهب والسلب , فانطلق هؤلاء اللصوص وذوي النفوس الضعيفة يعيثون بالبلاد نهبا وسرقة للدوائر والبيوت والبنوك وحتى المتحف العراقي لم يسلم من أيدي السراق والمجرمين ولم تفعل شيئا لإيقاف ما يحصل ماعدا حمايتها لوزارة النفط الذي جاءت للاستيلاء عليه وكان هدفها الأساسي , فكان عملها هذا أول الغيث وأنا هنا أتسأل ؟؟ الم تكن أمريكا تعلم بان الشعب العراقي كان يعاني من العوز والفاقة نتيجة الحصار الذي فرض عليه بعد حرب الخليج الأولى , الم تكن أمريكا تعلم بان ترك البلد بدون حماية سيشجع السراق والتي هي نفسها قد جربته أحيانا كثيرة وتحدثت عنه في وسائل إعلامها , إذ حدث كثيرا في أمريكا خاصة في حالات الكوارث الطبيعية كالفيضانات أو الأعاصير حيث يضطر السكان لترك منازلهم وعندئذ تتعرض للسرقة والسلب في حالة عدم وجود حماية أمنية , وحتى قبل عدة سنوات عندما انقطع التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من مدينة نيويورك اكبر مدن أمريكا وأقواها حماية تعرضت المخازن إلى النهب والسلب بسبب الظلام .
ثم إن أمريكا هي التي أوجدت أو ساهمت على ظهور الانقسام الطائفي في العراق وتفاقمه عندما سمحت لحاملي الأفكار الطائفية القادمين معها بتشكيل مجلس الحكم على أساس طائفي ففتحت بذلك الطريق إلى حدوث انقسامات طائفية لم بعهده العراقيون من قبل , وشيئا فشيئا تعمق الانقسام الطائفي بتشجيع من السلطة التي قدمت مع الأمريكان وهي تحمل معها مشروعها الخاص بتقسيم العراق وإخضاعه للنفوذ الأجنبي ففتح الباب على مصراعيه أمام تدخلات إيران التي كانت تنتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر للاستيلاء على العراق , وهذا ليس بجديد فتاريخ العلاقات العراقية الإيرانية يشهد بمحاولات إيران للسيطرة على العراق وكانت تنجح أحيانا كثيرة والحكم ألصفوي الفارسي للعراق خير شاهد على ذلك , وهذا يعني إن لأمريكا اليد الطولى في انتشار النزعة الطائفية والانقسام الديني والمذهبي وما نتج عنه من صراع وتقاتل وتهجير وضحايا بإعداد كبيرة لم يكن العراقيون قد شهدوا مثله سابقا . وكان من نتيجة الانقسام المذهبي إن فسح المجال لإيران للتدخل الفعلي بتشجيع السلطة الحاكمة الطائفية فأصبح العراق ساحة لإيران تسرح وتمرح فيه , تقتل معارضيها والطيارين والعسكريين الذين شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية وكذلك ابرز العلماء والأطباء وأساتذة الجامعات , ونقلت ثروات العراق إلى إيران عن طريق عملائها خاصة المعدات الثقيلة وفككت معامل بكاملها ونقلتها إلى إيران , وأغرقت السوق العراقية بالبضائع لكي يصبح العراق سوقا لتصريف منتجاتها والسيطرة على اقتصادياته , كما عملت على تشكيل ميلشيات إرهابية زودتهم بكل أنواع الأسلحة مهمتها القتل وزرع التفرقة والعنف في كل أنحاء العراق , وبسيطرتها العقائدية على كثير من السياسيين أصبحت مفاتيح اللعبة السياسية كلها بيدها وأصبح مصير العراق ومستقبله السياسي وتشكيل حكومته يرسم ويخطط في طهران .
ومن اكبر الجرائم التي ارتكبتها أمريكا في العراق هو تركها حدود العراق مفتوحة بعد احتلاله لكل من هب ودب للدخول إلى العرق خاصة الجماعات الإرهابية التي كانت تسعى لتصفية حساباتها مع أمريكا في العراق فأصبح العراقيين هم الضحايا في خضم هذا الصراع , إذ أصبح الشعب العراقي فريسة لهؤلاء الذئاب وتحول هؤلاء المجرمين نحو أبناء العراق تحت شعار المخالفين في الدين أو المذهب بعد أن عجزوا للوصول إلى المحتل بسبب قوة تحصيناته وصعوبة اختراقه , وهكذا تحول العراق إلى ساحة للتفجيرات والقتل في وقت احتمى فيه المحتل خلف تحصيناته وانشغال السلطة الحاكمة بسرقة أموال الدولة التي استباحتها بدون وازع من ضمير وهي مختبئة في المنطقة الخضراء , هذا كله أدى إلى مقتل الآلاف وهروب الملايين إلى خارج العراق وتشتتهم في المهاجر والمنافي ومعاناتهم التي لا يمكن وصفها , فمن هو المسؤول ؟؟ أليست هي أمريكا التي تركت الحدود وحلت الجيش العراقي والشرطة العراقية وتركت البلد بدون حماية داخلية أو خارجية ترعى فيه قطعان المؤدلجين والمغسولة أدمغتهم على يد رجال الدين , الذين يفسرون الدين على مزاجهم ويسلطون هؤلاء المسعورين على عباد الله ذبحا وقتلا وتفجيرا , أليست أمريكا بتركها الحدود مفتوحة هي المسؤولة الأولى عن هذه الجرائم وما نتج عنها من انهيار لكل أركان المجتمع وعوامل قوته وتماسكه , فأصبح عدد القتلى يتجاوز الآلاف والأيتام بالملايين والأرامل والمشردين والمعوقين والمفقودين وووو بإعداد لا تحصى .
الحديث يطول عما فعلته هذه الدول في العراق نتيجة احتلاله وما نتج عن ذلك من تخريب ودمار في كل مرافق الدولة والمجتمع , وفي مقدمة جرائمها تنصيب من جلبتهم معها ممن كانوا يدعون بأنهم معارضي النظام السابق ووضعتهم على رأس السلطة في العراق , وهم مجموعة أثبتت الأيام أنهم من الساعين وراء الجاه والمال والسلطة وليس في أجندتهم خدمة العراق والعراقيين , ولهذا السبب انصرفوا جميعا وبدون استثناء لاستغلال مناصبهم في سرقة أموال الشعب بكل الطرق المشروعة والغير المشروعة وأصبحت لهم أرصدة في الدول الأوربية وامتلكوا العقارات الضخمة والغالية في أوربا ودول الخليج فتحولوا إلى جماعة متخمة لا بهمها ما يحدث للعراقيين والشعب يئن من الفقر والجهل والمرض معرضا للقتل والضياع في كل لحظة وفي كل زاوية من زوايا العراق الذي ابتلى بالمحتل الأمريكي والإيراني من جهة , والسلطة النائمة في العسل في المنطقة الخضراء المحصنة بدبابات المحتل من جهة أخرى , والوحوش البشرية القادمة من وراء الحدود لقتل العراقيين وشعارهم القتل بأسم الله والتخريب والسرقة بأسم الله والتفجير باسم الله ويذبحون الأبرياء ويسفكون الدماء الزكية وهم يهتفون الله اكبر , والشعب تائه يائس وخائف ومحطم
ومأسور ومسجون والجميع عنه غائب فهو غير موجود في حسابات رجال السلطة الذين يتصارعون من اجل من يستطيع الحصول على المناصب والمكاسب وكراسي الحكم أكثر من الآخر وتحولوا إلى أبواق فارغة تحمل شعارات كاذبة ومن وراء كل واحد منهم جوقة من المطبلين والمنافقين والدجالين والمنتفعين يطبل ويزمر له في القنوات الفضائية , فالعراق الآن معروض للبيع والذي سوف يشتريه هو من يقتل أكثر ويدمر أكثر ويسحق الشعب بكل فئاته أكثر , فكرسي الرئاسة ليست رخيصة ولا يمكن الحصول عليها دون سفك دماء العراقيين .
إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية وأنا كعراقية أنوجه إلى كل عراقي أن يطالب وبأية وسيلة كانت بإحالة من خطط ونفذ جريمة احتلال العراق إلى المحاكم الدولية التي تحاكم مجرمي الحروب , وهذا سيكون اقل بكثير مما جنته يد هؤلاء المحتلين بحق العراق وشعب العراق والذي ذكرته هو غيض من فيض فلم أتطرق إلى ما جرى على فتياتنا ونسائنا في البلاد العربية وكيف أصبحت الفتاة العراقية تباع لشيوخ الخليج والسعودية ذوي الجيوب المتخمة بأموال البترول التي بدلا من أن تصرف على تثقيف شعوبها التي أصبحت تنبت الإرهابيين والقتلة والذين يصدرون إلى العراق لقتل العراقيين العزل والمسالمين والمنكوبين بالاحتلالين الأمريكي والإيراني والمبتلين بساسة اقل ما يقال عنهم تجار سلطة ومتعهدي تقديم خدمات للدول الاجنبية والاقليمية ومنفذي سياستها للقضاء النهائي على العراق الذي تكالبت عليه قوى تريد إزالته من على خريطة العالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام السابق ومآسي الشعب العراقي
صباح قدوري ( 2010 / 11 / 6 - 14:57 )
صحيح ان امريكا وحلفائها يتحملون مسئولية عزو العراق واحتلاله. ونتج عنه المآسي والمحن والكوارث للشعب العراقي. الا ان السبب والمسئول الاول عن هذه الحالة ، كان النظام الديكتاتوري المقبور وازلامه من بقايا البعثيين الذين يعملون مع القاعدة بحجة محاربة المحتل وارجاع سلطتهم عن طريق دفع ممثليهم في القائمة العراقية للمشاركة في العملية السياسية والحكم ،تنفيذا لوصية الطاغية صدام، عندما قال: ساترك العراق رمادا من بعدي. كان من المفروض والانصاف الاشارة في المقال حتى ولو سريعا وباختصار شديد الى هذه المسالة، وذلك لربط بين الحقيقة والنتيجة التي الت اليه الغزو ، وايصالهما بالامانة الى الشعب العراقي والعالم اجمع ،


2 - رد على تعليق الدكتور صباح قدوري
سامية نوري كربيت ( 2010 / 11 / 7 - 00:29 )
شكرا يا دكتور على قرأتك لمقالي والتعليق عليه وانا اود ان اجيبك باني ذكرت بشكل موجز كيف ان مغامرات حكامه ادت الى فقدان العراق الاموال والرجال وتحطيم البنية التحتية وكان المقصود من كلامي واضحا ولكني لم افصل الحديث لأن هدفي من المقال لم يكن ما جرى في العراق خلال حكم صدام حسين وانت حضرتك تعلم ان الدخول في تفاصيل الاحداث لمدة تلاتين عاما قد يحتاج الى عشرات الصفحات بل اكثر بكثير , اما سبب كتابتي للمقال الاخير كان بسبب الغضب والالم الذي شعرت به للمجزرة التي حدثت في كنيسة سيدة النجاة والتي راح ضحيتها اكثر من خمسين شهيدا سبعة منهم من اقربائي تم قتلهم بطريقة وحشية , ولم يكن انفجارا كما يحدث دائما ولكن الطريقة هذه المرة لا يمكن ان تصدق , حيث سمعت من اقربائي الناجين بان القتلة كانوا يتلذذون بقتل الاطفال امام ابائهم وامهاتهم وعاش من كان مخطوفا ساعات رعب تستطيع حضرتك ان تطلع عليها من على اليو تيوب , ولما كانت امريكا محتلة العراق ولم ينتهي الاحتلال رسميا ووفق القانون الدولي امريكا ملزمة بالمحافظة على ارواح العراقيين وحضرتك تعلم التزامات الدولة المحتلة , فلماذا تركت امريكا الشعب العراقي للمجرمين


3 - مواساتنا لكم
صباح قدوري ( 2010 / 11 / 7 - 16:40 )
تحية صادقة
قلوبنا تعتصر الماواسي من حادث كنيسة سيدة النجاة
يصعب علي ايجاد كلمات تعبر عن حزني وغضبي
مواساتنا لكم ولاسرتكم الكريمة
مع مودتي واحتراماتي


4 - شكر للدكتور صباح قدوري
سامية نوري كربيت ( 2010 / 11 / 7 - 19:25 )
اقدم لحضرتك خالص شكري وامتناني على كلمات المؤاساة والتعزية التي تضمنتها رسالة حضرتك وهي دليل صادق على سمو اخلاقك ورقة مشاعرك والتي لمستها من خلال تعابيرك الصادقة والعميقة في معانيها , حفظم الله سبحانه وتعالى من كل مكروه وجنب جميع العراقيين كل المآسي والمعاناة التي لا يستحقونها واعادهم كما كانوا دائما اخوة متحابين انه سميع مجيب

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل