الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة والحريات العامة والشخصية في غزة

ريما كتانة نزال

2010 / 11 / 21
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


كأننا نتابع فيلما من النوع الذي يصنف تحت قائمة "الكوميديا السوداء". توجيه تهمة لامرأة بسبب الضحك بصوت عالٍ على بحر غزة، قرار بتأنيث المدارس يمنع المدرسين الذكور من العمل في مدارس البنات، قرار يمنع النساء من تدخين النرجيلة في مكان عام. فرض اجراءات على طالبات المدارس والمحاميات تقضي بلبس الزي الشرعي، مطالبة التجار بإزالة دمى العرض من المحلات ومنع عرض الملابس غير المحتشمة، استدعاء قيادات نسائية وطنية لمراجعة الاجهزة الأمنية بمرافقة محرم، وقتل فتاة وجرح أختها باطلاق النار على سيارة كانت تقلهما مع خطيبيهما للشك بوجود علاقة غير شرعية!!!
ولا اضيف جديدا بالقول ان الانقسام بين شطري الوطن قد ادى الى آثار ونتائج كارثية على شعبنا، حيث حقق لاسرائيل الأهداف التي لم تحلم يوما بتحقيقها، وترك آثارا اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية على الشعب بشكل عام وعلى المرأة بشكل خاص. فقد وضع الانقسام المرأة كأحد الأهداف التي يتم من خلالها تغيير الهوية الثقافية والتراثية للشعب الفلسطيني في غزة، وذلك بهدف صبغ وخلق مظهر مضلل وانطباع عام عن هوية المجتمع ينَفذ من خلال المرأة، ولإحلال انطباع جديد وهوية بديلة للهوية الفلسطينية الأصيلة المنفتحة؛ ولتغيير دور المرأة الوطني المشارك تاريخيا والذي تطور وتغير لتلبية احتياج الواقع المتغير. ان القمع الممارس ضد المرأة يهدف الى قمع ووقف تطلعاتها التي تنامت في المرحلة السابقة وحققت المكتسبات، فالقائمون على نزع المكاسب ويقفون ضد التغيير الاجتماعي يعرفون بأن تغيير التراث الاجتماعي لا يتحقق بالسرعة التي يتمكن فيها أي انقلاب من تغيير النظام السياسي.
لذلك دأبت أجهزة نظام الأمر الواقع في غزة منذ عام 2007 على التضييق على الناشطات السياسيات والمجتمعيات بمختلف الوسائل، وداومت على استدعاء واحتجاز مستهدف لقيادات نسائية والتحقيق معهن، وكان آخر ما حرر من استهدافات مقصودة ضد رموز نسائية في غزة، ارسال رسائل التهديد بالقتل والحرق للاعلامية "أسماء الغول" في تصعيد مستهجن ضدها، وكأن من يستهدفها يريد اغتيال وحرق شخصيتها بالتشهير والاساءة الى سمعتها..
الخطوات والاجراءات التي تستهدف النساء في غزة متنوعة وتتناقض فيما بينها، حيث يتم التعامل مع المرأة بازدواجية كاملة، فالمرأة من جانب شخصية سياسية معارضة للنظام تؤخذ على محمل الجد ولا بد من محاسبتها وعقابها، وهي من جانب آخر ضلع قاصر عليها اصطحاب محرمها، دون ان نعرف ان كان المستدعي يخشى على نفسه من الضحية، أم يخشى على الضحية من نفسه.. وهم من جانب آخر يفتعلون الإجراءات باسم الدين وحماية الأخلاق والفضيلة، في الوقت الذي يخالف مضمون رسائل التهديد رسالة الدين السمحة وقيم التسامح التي حض عليها .
مع استمرار الانقسام السياسي والجغرافي يتكرس التأثير السلبي على مشاركة المرأة في الحياة العامة في غزة، حيث تتكرس الاختلافات النوعية بين مكونات المجتمع، وتحدق الأخطار بالنسيج الاجتماعي والهوية الوطنية الفلسطينية، والمرأة من يدفع فاتورة تراجع منسوب الحريات العامة والشخصية. لقد استبدل الخطاب الاعلامي الذي يدعو الى مشاركة المرأة في الحياة العامة من أجل زج جميع القطاعات في معركة الحرية ودحر الاحتلال، ليحل مكانه ثقافة تدعو الى الحجر على المرأة كمخلوق قاصر، وتوظف القمع والارهاب الفكري والاجتماعي لإحكام السيطرة على المجتمع، بديلا لتوظيف طاقات المجتمع في معركة الاستقلال.
وتأثرت المرأة سلبا بالانقسام السياسي لاستدراجه انقسامات جديدة اجتماعية وثقافية أثَرت على تراث مشاركة المرأة في العمل السياسي والعام. حيث أدى القمع للتحركات الجماهيرية الى نشر الرعب بين صفوف المرأة الى الحد من مشاركتها في الفعاليات الجماهيرية. وأدت عملية اغلاق المنابر الاعلامية المتعددة واقتصارها على منابر تروج لثقافة واحدة اقصائية "تحجيبية" للعقل والمظهر، والى خلق ثقافة التعصب التي تقصي المرأة عن أدوارها الوطنية والاجتماعية، وبما يساهم في تشييئها كشكل مادي مفصول عن صفتها الانسانية، وينزع عنها الشخصية المستقلة والمسؤولة عن تصرفاتها، اضافة الى خلق ونشر مشاعر انعدام الثقة بين مكونات المجتمع..
ان الشيء بالشيء يذكر، حيث لا بد من التذكير بالجدل الذي نشأ في العامين الأولين للانتفاضة الثانية على خلفية قيام بعض الفتيات بعمليات فدائية. حيث أفتى الاتجاه الأصولي بعدم جواز قيام المرأة بعمليات فدائية خلف الخط الاخضر دون محرم وذلك بسبب السفر والتنقل، أي ان هذا المنظور لا يستطيع النظر الى المرأة خارج الإطار الأنثوي حتى في اللحظة التي تضحي بنفسها وتندرها للوطن.
لا بد من رفع الصوت عاليا ضد كل من يمس بالحريات العامة والشخصية في هذا الوطن الذي لا ينقصه المشاكل، ولا بد من الاقرار بان مشاركة المرأة أمر مفروغ منه تكرس منذ دخولها على مساحات العمل العام من بوابة المشاركة في النضال الوطني ضد الاحتلال. وبأن مقاومة الاحتلال تتطلب توظيف كتلة الطاقة البشرية ومن ضمنها حشد طاقة المرأة في مجرى النضال التحرري على جميع الجبهات الوطنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبأن أحد مستلزمات ومتطالبات توظيف وحشد الطاقات تتمثل في ارساء قواعد الديمقراطية وحقوق الانسان.
ان مصلحة المرأة في النضال من اجل نظام ديمقراطي، يفتح المجال أمامها للنضال الوطني لتحرير الوطن، والنضال الاجتماعي من اجل قضية المرأة ومساواتها، نظام يمكَن من مزاولة حقهن كمواطنات لهن حق الانتاج والمشاركة دون التعرض للقهر.. فنحن في نهاية الامر نسعى لبناء وطن نعيش فيه كمواطنين أحرار لا عبيد وهذا لن يتحقق إلا بالاعتراف بالتنوع والاختلاف في المجتمع الفلسطيني بشكل فعلي، ولا ننسى أن ديمقراطية أي مجتمع تقاس بالحريات الممنوحة للمرأة فأي مجتمع تريده حماس في غزة راهنا..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حيثما وضع الاسلام حل كره النساء
tarik berdai ( 2010 / 11 / 22 - 09:37 )
سيدتي,حيثما وضع الاسلام حل كره النساء.لديك القرأن و السنة والحذيث وامثال الزبير ابن العوام يشقون رؤوس زوجاتهم هراوتا(وهن تدخلن الجنة بفعل اللكمات المنهالة عليهن-دعني اظحك قليلا ابابكر,الهم من كثرته يفرح!!!)
فقط الامم الغبية,مثلنا,يمكنها وضع مكانة المرأة في الاسلام -تحت أقدام الرجال-محل نقاش, او حيث يمكن معاينة مليون امرأة تحتج في الدار البيضاء لان مدونة الاحوال الشخصية الجديدة اععطتهن ولاية انفسهن(فقط,بقي ان يحملن لافتات يطالبن فيها بلكم أكثر على وجوههن الاسلامية.)
عتبي الوحيد, سيدتي ريما .هو فعل إضافة نعث سمح للاسلام!!!سمح مع من?شكرا.

اخر الافلام

.. رواية النصف الحي


.. زواج القاصرات كابوس يلاحق النساء والفتيات




.. خيرات فصل الربيع تخفف من معاناة نساء كوباني


.. ناشطة حقوقية العمل على تغيير العقليات والسياسات بات ضرورة مل




.. أول مسابقة ملكة جمال في العالم لنساء الذكاء الاصطناعي