الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش مقالة السيد نزار جاف- - أقليم الصخور والحديد-.

آکو کرکوکي

2010 / 11 / 21
القضية الكردية


قرئت للأستاذ نزار جاف، و على موقعنا الجميل "صوت كوردستان"، مقالة جميلة، قيمة، ومهمة بموضوعها المثار، حول التطور العمراني لأقليم كوردستان، بعنوان "أقليم الصخور والحديد"، وعالرغم من إنني أنحازُ للرئي القائل، بإن عنوان المقال، كان سيكون أكثر تعبيراً عن رئي الكاتب، لو صيغ بهذا الشكل " أقليم الكتل الخرسانية والحديد"، حيث هناك فرق بين الخرسانة والصخور، ونقدهُ في المقالة، قد تركز على البناء الخرساني، وليس البناء التقليدي في كوردستان (خاصة في مدينة السليمانية)، أقصد البناء بالحجارة المأخوذة من الصخور. إلا إنه وبعيداً عن طريقة صياغة العنوان، فإن محتوى المقالة، جلب إنتباهي، ودفعني أن أكتب على هامشها بعض التعليقات والأفكار، ولتفادي إثقال المقالة بتعليقٍ أطول منهُ، فضلت نشرها بشكلٍ منفصل.
وحيث ولطالما كانت الأصوات، التي تطالب بضرورة تركيز العملية التنموية، على مجال البنى التحتية، أي محطات توليد وتوفير الطاقة وخطوط الأتصال والموصلات، تجابة بآذنٍ طرشاء أو في أحسن أحوالها بالبرود والفتور، فإنهُ يمكن تلمس حجم المشكلة تلك، بالأشارة الى المستويات المتدنية، لتوفر الطاقة (الكهرباء والوقود)، الى الحالة المزرية للأتصالات، مِن عدم وجود شبكة انترنيت فعالة، ولا خطوط تلفونات رخيصة. هذا إضافة الى حالة الطرق والجسور والأنفاق المزرية، فالكم الهائل لحوادث السيارات مؤشرٌ على هذا الامر، لا بل إنه ولحد الآن، لاتوجد حتى طريق أو شارع أمين يربط بين المدينتين الأستراجيتين أربيل والسليمانية، هذا ناهيك عن غياب خط سكة حديد في كل اقليم كردستان.
لايخفى على أحد إنه ليس لهذا النقص الواضح في قطاع الخدمات والتنمية، وخاصة الاتصالات والموصلات، تأثيرات سلبية إقتصادية ومعاشية على الناس فقط، بل تأثيرٌ سياسيٌ أكثر خطورة، فالأتصال، والتواصل المادي والمعنوي، تسهم في تشكل الجماعات والقوميات والأمم، فتوفر فرصة للأختلاط والتفاعل مع البعض، بالتغلب على المحددات الجغرافية بين الجماعات، بإيجاد تفاعلات ومشتركات أكبر فيما بينها،تدفعهم للترابط والتواصل وللانظواء تحت هوية أكبر من العشيرة والمنطقة والمدينة الواحدة، وحتى التغلب على الفروقات اللهجوية والدينية إن وجدت. وخير مثال هي أوربا بعد الثورة الصناعية فأزدياد خطوط السكة الحديد والأتصال السلكي واللاسلكي (عمليات التحديث) قد أرتبط عضوياً بنشؤ الدول القومية. إذن هكذا نوع من المشاريع الأستراتيجية هي ضرورة قومية بالدرجة الأساس. ثم حتى إذا كانت النظرة إقتصادية بحتة، فلما لايستغل الموقع الأستراتيجي لأقليم كردستان، بوقوعها بين تركيا (بوابة أوروبا)، وأيران (بوابة آسيا)، والعراق (بوابة الخليج الفارسي)، بإنشاءهِ شبكة خطوط للسكة الحديد او طرق سريعة بحيث تسهل من حركة التجارة وإنتقال البضائع والأفراد، بين كل هذه الاطراف، أو على الأقل بين مدن الأقليم.
إما النقطتين المهمتين الأخريتين اللتان أشار لهما كاتبنا المحترم (نزار جاف) فهي بحق جديرة بالأهتمام، وأقصد هنا أولاً: ألأهتمام بالوسائل والمعالجات الهندسية للوقاية او تقليل من أضرار الكوارث ومن أهمها الحرائق، وثانياً: تشكيل المساحات الخضراء. ويسمح لي أن أضيف عليها نقطة أخرى، ألا وهي ضرورة الحفاظ على الطراز المعماري الخاص بكردستان، لكي تبقى مدنها محتفظة بطابعها وخصوصيتها الكوردستانية، ولا تتحول الى مجرد تكتلات كونكريتية رمادية جافة. خلال عمليات البناء السريعة والفوضوية بعض الشئ والجارية الآن.
أما بالنسبة للنقطة الأولى (الوقاية من الحرائق) فلي رغبة بأضافة معلومة صغيرة لها، هي من صميم إختصاصي المهني، حيث سمعنا قبل فترة عن إنشاء نفق أزمر في حدود سليمانية، ثم أوردت وسائل الأعلام تقارير متضاربة، تكلمت عن عدم توفر أجهزة ووسائل تهوية، وإضاءة جيدة لها. وبغض النظر عن صحة وعلمية التقارير الصحفية والاعلامية تلك، فإنني لم أسمع لا من قريب ولا من بعيد، عن وسائل ومعالجات هندسية للتقليل من أضرار الحرائق في النفق، وأخص هذه النقطة أهمية خاصة، لخطورتهِ الشديدة على أرواح الناس، فإن إشتعال الحرائق في الأنفاق تسبب عادة بكوارث تفوق بأضعاف المرات مثيلاتها من الحرائق فيما لو حدثت في الأبنية المنشئة فوق الأرض، أي المنازل والعمارات. حيث في الأنفاق لاتوجد فرصة للحريق لكي يتلاشى ويتبدد حال إشتعالها، بل يتركز، بحيث إن درجة الحرارة تزداد وخلال فترة قصيرة جداً (خمس دقائق فقط) الى حوالي 1200 درجة مئوية وتبقى على هذا المستوى لمدة تقع بين 30 الى 70 دقيقية، هذا حسب العديد من المدونات الأوروبية والأمريكية، أم المدونة الهولندية، فإنها تخمن إرتفاع درجة الحرارة الى أكثر من 1300 درجة مئوية، خلال نفس الفترات الزمنية المذكورة أعلاه. هذه الحرارة العالية تجعل من الجدار الخرساني الواقي للنفق لكي يبدء بالتشقق وقذف أجزاء منه الى الخارج، نتيجة قوة البخار المحصورة في مساماتها، فيحدث مايشبه المطر الخرساني. ويؤدي بالتالي الى انهيار الجدار والنفق نفسه. ليس هذا فقط بل إن الدخان الساخن المنطلق من الحريق سيتسبب بإحتراقات جلدية وإختناقات، وحالات عدم رؤية وذعر، تؤدي كلها الى خسائر بشرية ومادية لاتحمد عقباه، بحيث إن النفق سوف يتحول الى مايشبه الجحيم. علماً إن هذه النتائج مستقاة من تجارب دورية، تقوم بها مؤسسات علمية ضخمة، تجري التجربة بمقاس 1:1، أي إن هناك أنفاق حقيقة بمقاسه الطبيعي، قد إنشئت في سويسرا وأماكن اخرى في أوروبا،خصيصا لهذا الغرض، يتم فيها احراق سيارات وعربات قطارات، بمختلف أحجامها، لقياس تأثير الحرائق في الأنفاق، وإيجاد الوسائل والمعالجات الهندسية، للتقليل من آثارها الكارثية. إنني أقف هنا مُتسائلاً ومتشككا، عن مدى إهتمام ذوي الأختصاص والقرار في إقليم كوردستان بهكذا امور، وحدث هذا عندما قرئت عن حادثة فندق سوما، من جهة، وعندما أطلعت على تحقيق صحفي، لأحد الفضائيات الكوردستانية، حول نفق أزمر من جهة أخرى، حيث كان كل المتكلمين في هذا البرنامج مهندسيين، أشرفوا على بناء النفق أو يُشهد لهم بالخبرة، إلا إنني لم أسمع أي شئ منهم، حول موضوعة (الوقاية من الحرائق)، بل إنه وخلال التطرق الى السلامة العامة، كان الكلام مقصوراً على أمور ثانوية كوجود الأشارات المرورية من عدمها.
ليس في كلامنا هذا محاولة للنيل والتقليل، من كم الجهود الجبارة، والأخلاص والتفاني الذي يبدية القائمون على تسير النهضة العمرانية في أقليم كوردستان، وبالتأكيد أغلبهم يعمل باسلوب الجندي المجهول، ولاهي غض الطرف عن النتائج الأيجابية الجيدة لعملهم، التي وضعت الأقليم في حالة مختلفة جداً، على الأقل عن الجزء الآخر من العراق. ولكننا نريد هنا ان نلفت النظر الى أمور أخرى نجدها اكثر أهمية، وهي إن غياب هذه النقاط الجوهرية في العملية التنموية ( أي عدم التركيز على البنى التحتية، وقلة الأهتمام بحماية الناس والبيئةوالخصوصية المعمارية لكردستان) ينم عن نقصٍ في البنى الكفائية والعلمية، من جهة وعدم تواصلها مع العالم المتقدم بالشكل الجيد، او عدم توفر الفرصة المناسبة لها، لكي تكون في موقع القرار،من جهة أخرى. بحيث جعلت عملية رسم الخطط والتخطيط الأستراتيجي، يواجه هكذا قصور. وحيث إن هناك خطوات لابأس بها في مجال إنشاء محطات توليد الكهرباء والأعلان عن وجود خطط او حتى إكتمالها لبناء شبكة خطوط سريعة وشبكة للسكة الحديد، فإننا ومن وجهة نظر واقعية بعض الشئ، لا ننسى أن نفرق بين عناصر مهمة في العملية العمرانية تلك وهن الحاجة، والامكانية، والمدة. فحجم الاحتياجات هائلة والمدة التي بدءت فيها هذه العملية قصيرة نسبياً والامكانيات يبدو إنها مازالت تعاني بعض النقص، لذا أجد من الضرورة، الحيلولة دون إضاعة أي فرصة أو دقيقة او قرش فيما ليس في مكانهِ، ولابد ان تخضع تلك الخطط الأستراتيجية للشفافية والنقد المستمرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال يستهدف النازحين الذين يحاولون العودة لشمال قطاع


.. إسرائيل تواصل الاستعدادات لاقتحام رفح.. هل أصبحت خطة إجلاء ا




.. احتجوا على عقد مع إسرائيل.. اعتقالات تطال موظفين في غوغل


.. -فيتو- أميركي يترصد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة | #رادار




.. مؤتمر صحفي مشترك لوزيري خارجية الأردن ومالطا والمفوض العام ل