الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخرجون عملت معهم في المسرح ..... غانم حميد

يوسف العاني

2010 / 12 / 6
الادب والفن


اشرت وانا اتحدث عن المخرجين الشابين روميو يوسف وفاروق فياض..الى تبني فرقتنا –المسرح الفني الحديث- للعناصر المسرحية الشابة والاخذ بيدها الى المكانة التي تستحقها وافساح المجال كي تعبر عن جدارتها الفنية الاسهام الفاعل في اغناء مسرحنا بالروح الشابة المتدفقة والواعية فذاك ما يديم عطاء المسرح من اجل ان يخطو الخطوات المتقدمة كاسرا الرتابة والسكون اللذين يشدانه الى حالة جامدة وغير متحركة.. بالنسبة لي شخصيا وانا متهم بالانحياز الى الشباب وهذه اشرف تهمة توجه لي. انني منحاز فعلا للشباب المبدع الذي اجد فيه ومنه محاولات ذكية مخلصة تضيف الى ما كان او الى ما هو كائن جواً جديدا ياخذ بيد الواقع الى امام كما اشرت.. وهو –أي الانحياز للشباب- عامل من عوامل ثقتي بالمستقبل الذي سيكون او يتكون بعدنا نحن الذين بدأنا بذات الحماس الذي اجده عند هؤلاء الشباب المبدع وهذا يعني بقاء الامل وتجدده. في مهرجان بغداد المسرحي الثاني في شباط عام 1990 كنت اتابع العروض المسرحية الآتية من اكثر من بلد عربي فهي عروض ضيفة علينا لا يطول بقاؤها لكي نتابعها بعد حين ثم تأتي المتابعة للمسرحيات العراقية والتي يمكن ان اشاهدها في مناسبة اخرى ولا سيما انا اعرف مسبقا قدرات وكفاءات معظم العاملين فيها.. لكنني حين اجد من كان اثيرا عندي من قبل وتهمني خطواته اللاحقة اضعه في مقدمة من اتابعهم واشاهدهم بروح ناقدة وبمحاسبة ومتابعة مخلصة. في ذلك المهرجان جاءني شاب قدم لي نفسه قائلا انا مخرج شاب اسمي غانم حميد رحبت به واحبب جرأته وهو يدعوني لمشاهدة مسرحية يخرجها من شعر عدنان الصائغ شكرته على الدعوة وانغمرت في مشاهدات مسرحية اخرى. بعد حين عاد (غانم) يدعوني مرة اخرى وشكرته مرة ثانية وظلت محاولاته تتكرر حتى قال لي مرة (ضروري تشوف هذا العرض المسرحي انه عرض شبابي بمعنى الكلمة) تأملت كلماته واستفسرت عن مكان العرض فاعلمني انه في منتدى الادباء الشباب والمسرحية تعرض على هامش المهرجان ومكان المنتدى في شارع ضيق ندخله بعد حسابات جغرافية ودالات لاكثر من موقع وقد لا تعثر عليه ان لم تحسن معرفة المداخل اليه والمخارج منه, بصدق اعجبني حماس هذا الشاب واستعداده في ان يقودني بنفسه ومن معي الى مكان العرض بالرغم من انني –ابن بغداد- اعرف خباياها وزواياها وقررت ان اشاهد المسرحية واخبرته بقراري المخلص هذا ثم قال (سيعجبك العرض وراح نبيض وجه) يوم3/3/1990 كنت جالسا اتابع مسرحية (هذيان الذاكرة المر) منذ البداية احسست باحترام اصرار المخرج غانم حميد على دعوتي لمشاهدة المسرحية واكبرت حماسه لها والحاحه الدائم على ان اتعرف بسعادة كبيرة عشتها قرابة الساعة بفرح واعتزاز واكتشاف جديد لمعظم العاملين والمشاركين بهذا الهذيان الفني والمتألق منذ ان يوقد الضوء في المسرح وتترنح الاصوات شعراً تشعر بلحظات من المحبة المتأزمة تتمسك بها كي لا تضيع العرض وحدة فنية متألقة ومنسجمة من رحم ابداع واحد من اجل اكتمال الفن الابداعي المتواصل النص جمع بين الشعر الجزيل الجميل و اشعار شعبية اخرى و اغنية باكية بصوت شجي عميق وموسيقى بسيطة هي الاخرى لكنها حميمة المجموعة كلها جسدت ادوار متعددة بلا تشنج او صراخ او صنعة متكلفة ووجوه جديدة لم أألفها من قبل لكنها تذكرني ببدايات الرائدات مثل ناهدة الرماح وزينب عبر كواكب وسافرة وشباب سيكونون بمواقع متقدمة. كانت هناك الفة بين الشعر والحركة والفهم الاخراجي لغانم مع الاداء التمثيلي الذي اكمل اللوحة الحياتية فنيا بلا ادعاء ولا افراط والمخرج الشاب الذي دعاني لحضور سعادة مسرحية غانم حميد خلف كل الاشياء الجميلة التي تستأهل المحبة والاعتزاز كان هذا لقائي الاول بغانم حميد ليظل في البال واحدا من امال مسرحنا العراقي الاتي.. بعد اقل من عامين جاءني غانم بحماسه المعهود ليعرض علي مشروعا جديدا قلت له ماذا؟ قال: اريد اخراج مسرحيتك المفتاح ضحكت اول الامر ورحت اتحدث معه عن المسرحية في عرضها الاول عام 1968 وكان في 5 ايار من ذلك العام وما تركته من اثر كبير على الجمهور والنقاد بل على السلطة التي اعتبرت المسرحية ادانة لها واشارت لشخصيات في مواقع عالية فيها واوشكوا على القاء القبض علي ومنع المسرحية من العرض وغير ذلك.. ورحت اروي له كيف قدمت في دمشق وفي مهرجان قرطاج اخراج اسعد فضة في الاردن اخراج احمد شقم وفي البحرين والمغرب. وحتى في جيكوسلوفاكيا من قبل فخري العقيدي كجزء من اطروحته الدراسية وغير ذلك.. كل ذلك لابعد عنه هذه الرغبة ثم ضخمت حديثي معه..ماذا ستضيف الى المسرحية بعد قرابة ربع قرن من الزمان) قال: سأضيف تصورات في رأسي وكأنها مكتوبة اليوم وفق رؤية حديثة لا علاقة لها بمكان في صيغتها التي عرضت بها وكانت كما ادري صيغة رائعة مبهرة قلت: كيف قال: وافق اولاً وانا احكي لك كيف وسوف تعيد كتابة بعض المشاهد قلت: لكنني لن امثل فيها.. قال: ابناؤك سيمثلون نيابة عنك في اليوم نفسه تداولت مع سامي عبد الحميد مخرج المسرحية عام 1968 فرحب بالفكرة مع متابعة منا لما سيقوم به.. ورحت اكتب اضافات فيها واغير القليل القليل منها.. وبدأ غانم يعمل بذات الملاك المسرحي الذي قدم به (هذيان الذاكرة المر) لتقدم أي المفتاح ضمن مهرجان بغداد للمسرح العربي الثالث في 17-2-1992 وكنت خلال البروفات اتابع غانم والمجموعة ولكن بشيء من الثقة اولا والشك المشوب بالحرص على المسرحية وهي تقدم باسم فرقتنا المسرح الفني الحديث. وبين الثقة والشك راحت كفة الثقة تعلو وانا اراقب بمحبة الشخصيات الرئيسة تتحرك عبر كواكب كاظم ومحمد هيثم واحسان هاني وسافرة ناجي وحقي الشوك واتامل غانم حميد وكيف يفجر حالات جديدة بمعرفة مثقلة بمسؤولية كبيرة وهو يتحدى بجرأة مرة وبثقة ووداعة مرة اخرى حالات تكسب العرض كله خصوصية من روح شبابية تعبر عن نفسها بعيدة عن التقليدية متخطيا اربعا وعشرين عاما من زمن كان المفتاح فيه ضائعا لم يفتح اي باب. قدمت المسرحية في المهرجان ليقول المسرحي المغربي المعروف عبد الحق الزردالي تناولها بالتقويم والنقد وان يقول ضمن حديثه عنها وما يتعلق بالمخرج. ان المخرج غانم حميد دخل في محاولة لتحديث النص من خلال تفكيكه وتضمينه لمعان معاصرة لها علاقة بـ(الان) وما بعد الان ربما شعورا منه بانغلاقية النص في حدود هموم المرحلة التي كتبت فيها فعمد بذلك الى كثير من الحيل الفنية المعتادة قصد اخصاب النص وتطوير حالتنا على الزمن المستقبلي للنص. ثم يقول لقد اخذتنا الحيرة فعلا عبر مجرى العرض بعد انه وفقت الفرقة في قدرتها على تشغيل مخيلتنا كمتلقين للفكرة وذلك لانها جعلتنا ننسج معها خيوط الرحلة عن الخلاص والبحث عن مفتاح لولوج عالم الامان والضمان ولكن كيف ومتى؟ لقد كانت تجربتي مع غانم حميد مخرجا وانا كاتب للنص تجربة مهمة وبقيت بعدها اتابع في اعماله التي تولى اخراجها حرصا عليه واعتزازا به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - متابعة
عبدالله الداخل ( 2010 / 12 / 6 - 23:13 )
نحن نتابع باهتمام ما تكتب، كلمة كلمة، مثلما كنا نتابع نتاجك الفني الرائد
تحياتي

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا