الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوّلُ الغيث : هدف برازيلي في مرمى الشرعية الدولية

رائد الدبس

2010 / 12 / 7
القضية الفلسطينية


النقاش الذي يدور حول الخيارات والبدائل المتاحة أمام شعبنا في مواجهة حالة الاحتباس السياسي وانقطاع الغيث، بدأ يتبلور ويتمحور حول خيار أساسي لا بد منه، ألا وهو
الحصول على أوسع وأكبر اعتراف دولي ممكن بالدولة الفلسطينية المستقلة، ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، وذلك قبل إعلانها من جانبنا كفلسطينيين. يقولون في بلادنا : أول الغيث قطرة . ويمكننا أن نقول اليوم، بعد أن طال انتظار الغيث وطالت حالة الاحتباس السياسي فوق أرضنا وسمائنا : أول الغيث برازيل. وأن نقول أيضاً أن البرازيل التي اعتادت على تسجيل الأهداف الرياضية الرائعة، قد سجلت هدفاً سياسياً أروع في مرمى الشرعية الدولية.
لماذا البرازيل؟ البرازيل هي من أوائل الدول التي تمّ التوجه إليها بطلب الاعتراف، وقد لبّت الطلب الفلسطيني الذي قدمه الرئيس الفلسطيني إلى نظيره البرازيلي في غضون عشرة أيام فقط، منذ تلقيه الطلب. ثم تلتها الأرجنتين وسوف تليها حتماً، كثير من الدول الأخرى. يقولون في بلادنا : أول الرقص حَنْجَلة. ثبت أن أوّل الرقص سامبا ثم تانغو، وقد يتبعه الفلامنغو والوالس أيضاً.

السؤال المشروع الذي يطرحه الكثير من الفلسطينيين : ما جدوى حصولنا على اعتراف دولي جديد، طالما أن منظمة التحرير الفلسطينية أعلنت في العام 1988 قيام دولة فلسطين وحصلت آنذاك، على اعتراف حوالي مائة دولة، ولكنّ دولتنا الفلسطينية العتيدة، لم ترَ النورَ بعد؟؟
كان ذاك الإعلان التاريخي الهام الذي صاغه الشاعر الراحل محمود درويش، وأعلنه الرئيس الراحل ياسرعرفات، بمثابة إعلان الشعب العربي الفلسطيني عن حقه في تقرير مصيره واستقلاله في دولة فلسطينية فوق أرض فلسطين، وعاصمتها القدس الشريف. وقد أثمر ذلك الإعلان الذي حدث لأول مرة في تاريخ الشعب الفلسطيني، عن اعتراف الغالبية العظمى من دول العالم، بحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير ولاستقلال ضمن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس . ما تطلبه منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية من دول العالم اليوم، هو اعتراف رسمي مُعلَن، بحدود الدولة افلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ضمن خطوط الرابع من حزيران عام 1967.

الفوارق النوعية بين إعلان الاستقلال عام 1988 وما تلاه من اعتراف دولي، وبين ما تطلبُهُ منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية من دول العالم اليوم، تتجلّى أولاً باعتراف دولي يحدد حدود الدولة الفلسطينية وينزع أيّ شرعية إسرائيلية عن عمليات الاستيطان التي حدثت وتحدث منذ عام 1967 . وثانياً، أن هذا الاعتراف الدولي المُحَدّد بحدود الدولة الفلسطينية وبعاصمتها، هو اعتراف تتجاوز آثارهُ الأبعادَ السياسيةَ والمعنويةَ للاعتراف بإعلان الاستقلال، وينشأ عنه ويترتب عليه آثار قانونية دولية مُلزمة، خصوصاً بعد أن يكتمل، إما بالحصول على اعتراف ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومن ثم التوجه بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد تحت بند ميثاق الأمم المتحدة الشهير بإلزامية قراراته، وهوبند الاجتماع لأجل الحفاظ على السلم العالمي، أو بالحصول على قرار من مجلس الأمن، وهو الاحتمال الأضعف بسبب الفيتو الأميريكي المتُوَقّع.

هنالك كتاب جديد فائق الأهمية من حيث مضمونه وتوقيته، صدرعن مطبعة جامعة كمبردج في أيلول الماضي كتاب بعنوان : دولانيّة فلسطين: القانون الدولي في صراع الشرق الأوسط .
بالإنجليزية : (The Statehood of Palestine- International law in the Middle East Conflict).
تكمن أهمية الكتاب، حسب ما تمّ التعريف به حتى الآن، في ما يقدمه البروفيسور كويغلي من خلاصات من بينها قرائن تعود إلى عصبة الأمم صاحبة قرار الانتداب في العام 1924 حول هوية فلسطين كدولة. وفي هذا الصدد يرى المؤلف أن كل ما حدث لاحقا لم يغيّر من الوضع القانوني لدولة فلسطين، ولا من حقها في الاستقلال. وفي تعليقه على الكتاب يقول الدكتور نبيل العربي، العضو السابق في محكمة العدل الدولية: " إن كتاب دولانيّة فلسطين شامل، يأتي في التوقيت الصحيح، ويمثل إضافة قيّمة إلى الدراسات الخاصة بوضعيّة فلسطين، في وقت يشهد مداولات بشأن الدولة الفلسطينية في أكثر من محفل دولي".
أما جون دوغارد، المبعوث الخاص السابق حول حقوق الإنسان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة فيقول في تعليقه على الكتاب: "فلسطين ليست دولة، ليس لأن إسرائيل تقول إنها ليست دولة، القول الذي تتردد أصداؤه في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية. ولكن لأن الوضع كما يبيّن لنا كويغلي أعقد من هذا بكثير. ففلسطين تستجيب لكل مواصفات الدولة، وهي بالتأكيد مؤهلة أفضل من كيانات قُبلت كدول مثل كوسفو، ومكرونيزيا وجزر مارشال وبالاو".

يمكننا أن نضيف إلى أسماء الكيانات التي ذكرها جون دوغارد، والتي تمّ الاعتراف بها كدول، قائمة طويلة تتجاوز كوسوفو وميكرونيزيا وبالاو، وما أدراك ما "بالاو".. فهنالك الكثير من الكيانات القبليّة المرشحة جداً للاعتراف بها كدول، والحبل على الغارب، كما يُقال في بلادنا . لكن كل هذا الواقع الدولي المرير والمختلّ لصالح دولة الاحتلال، لن يمنعنا ولن يُثنينا عن مواصلة الكفاح لأجل الحصول على حقنا في دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. نحن إذاً، أمام معركة سياسية وديبلوماسية جديدة وصعبة ومفتوحة على كل الاحتمالات. ستلعب فيها مزايا الإرادة السياسية والمثابرة المهنيّة النضالية الذكية وطول النفس، دوراً حاسماً. فما أحوجنا اليوم لتنظيم وتوحيد صفوفنا وترتيب أوراقنا. وما أحوجنا اليوم ونحن نستعدّ لخوض هذه المعركة الديبلوماسية الدولية، أن نستعيد ذكرى شهدائنا الأبطال جميعاً، وخصوصاً أؤلئك الذين دفعوا حياتهم ثمناً لتحقيق هذا الهدف ، خلال عملهم كديبلوماسيين فلسطينيين مناضلين. نذكر منهم على سبيل المثال وليس الحصر : د. نعيم خضر، وائل زعيتر، محمود الهمشري، والقائمة طويلة..
نذكرهم اليوم ليس من باب الوفاء لهم فحسب، بل للتذكير أيضاً، بحاجتنا الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى ديبلوماسية فلسطينية مناضلة و ذات كفاءة مهنية راقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي


.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة




.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا


.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد




.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف