الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصناعة العراقية مشروع أسست له الدولة الوطنية ودمره الاحتلال

ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)

2010 / 12 / 8
الادارة و الاقتصاد


قد يعتبرني البعض مغاليا في تقديراتي إذا ما قلت إنني أعتبر(الموقف من الصناعة) في أي بلد نام هو واحد من معايير وطنية السلطة الحاكمة في ذلك البلد (دكتاتورية كانت أم ديمقراطية). ومن هنا لابد من الحديث عن موقف الأنظمة المتعاقبة في العراق من هذا القطاع وترك المقارنة (إن جازت) بينها وبين ما آلت اليه الصناعة اليوم، في ظل (تجربة الحكم البريمرية) التي تعد فترة سوداء في تاريخ العراق وتاريخ الصناعة الوطنية العراقية تحديدا. وأجزم بأن ما جرى للصناعة ليس عفويا، بل خطط له منذ اجتياح الكويت وفرض الحصار على العراق، ثم أنجز القادمون على الدبابة الأمريكية تدمير هذا المشروع الوطني.
في البداية ترك الاحتلال منشآت القطاع الصناعي للغوغاء والنهابين، فيما حمى وزارة النفط ببضع دبابات، ثم جاءت الحكومات المتعاقبة لتترك القطاع يواجه مصيره بإهمال متعمد من جهة وبفتح أبواب الاستيراد على مصاريعها من جهة أخرى للاستيراد من دول الجوار وبدون رسوم كمركية، مما جعل الصناعة العراقية التي تعاني من تكاليف مرتفعة للعديد من الأسباب لاتتمكن من المنافسة فتلفظ أنفاسها ....
العهد الملكي قلة الإمكانيات وكبر الطموحات
إن أي دارس منصف لوثائق مجلس الإعمار العراقي، خاصة دراسات المسح الصناعي الشامل التي أجرتها (آرثر دي لتل) الأمريكية، يلمس حجم طموحات النظام الملكي وصدق موقفه لإقامة صناعة وطنية عراقية، رغم قلة موارده المالية، وقد اطلعت شخصيا على العديد من وثائق المجلس في المكتبة المركزية لوزارة الإعمار التي آلت في السبعينات إلى مديرية البحث والرقابة الصناعة، واستقرت في مبناها القديم في باب المعظم خلف دار الطلبة، وكان من بينها نشرات أسبوع الإعمار التي تلمس اهتمام الملك الشاب ورئيس وزرائه نوري السعيد بوضع مجلس الإعمار بشكل عام. وقد سمعت من الراحل عبدالقادر عبداللطيف الذي عمل في المجلس لسنوات طويلة، ثم ترأس اتحاد الصناعات العراقي في الثمانينات الكثير عن اهتمام المجلس بالدراسات المتعلقة بإقامة صناعات في العراق. وسمعت أيضا من السيد فخري بكر الذي رحل مؤخرا في الولايات المتحدة الكثير في هذا المجال، مما يؤكد اهتمام الملك بالمقترحات المتعلقة بإقامة بعض الصناعات. وقد أكد لي عبدالله بكر آخر رئيس للديوان الملكي في حوار أجريته معه ونشر في مجلة (الحضارة) بعددي شهري مايس/ تشرين الثاني 1988 أنه حين رافق الملك الشاب في رحلته للولايات المتحدة عام 1952 برفقة الوصي على العرش، وكان يومها (عبدالله بكر) ممثلا للعراق في الولايات المتحدة بدرجة وزيرمفوض في واشنطن، لمس اهتمام الملك بالصناعة وإصراره على زيارة بعض المصانع، ومنها (مصنع سيارات فود)، وحديثه عن حلمه بتحويل العراق إلى بلد صناعي. وقد ظل هذا الهاجس يلازمه بعد توليه سلطاته الدستورية. ورغم كل الإهمال والتعتيم الذي فرض على وثائق مجلس الإعمار في مختلف المجالات إلا إن ماجرى يؤكد أن الأنظمة المتعاقبة نفذت الكثير من المشاريع التي اقترحها مجلس الإعمار في خططه المستقبلية وحال دون البدء بتنفيذها محدودية موارد الدولة (1). والذي يرى بعض المشاريع المنفذة يلمس تفهما للدور الاجتماعي للصناعة. فعلى سبيل المثال نفذ (معمل السكر في الموصل) وكان الهدف منه تشجيع زراعة البنجر في منطقة تكثر فيها الأمطار الموسمية وتتوفر فيها مصادر المياه، حيث رافق إنشاء المعمل إقامة مزرعة نموذجية لزراعة البنجر(2). هناك أيضا معمل الطابوق الحديث في بغداد (الوصي) الذي استهدف إقامة صناعة طابوق أحدث من الصناعات القائمة، وكذلك معمل النسيج في الموصل، وقد رافق إنشاء هذه المشاريع إقامة أحياء سكنية صغيرة للعاملين فيها. في تلك المرحلة كان القطاع الخاص قد بدأ هو الآخر بإقامة صناعاته الاستهلاكية البسيطة. وأذكر هنا أنني سجلت للراحل خدوري خدوري حديثا نشر في زاوية (قصتي مع الصناعة) في العدد الأول التجريبي من مجلة (الصناعة والتجارة) في آب 1987 ذكر فيه ذلك، وقال بأن العقلية التجارية كانت مسيطرة على أصحاب الأموال وقد بذلنا جهودا كبيرة لبناء وتأسيس قاعدة صناعية للقطاع الخاص إيمانا منا بأهمية هذه القاعدة للمستقبل الصناعي. وكانت أول شركة مساهمة صناعية قمنا بتاسيسها هي شركة (الكوكاكولا). ثم أعقبناها بشركة برأسمال بسيط لصناعة السدادات ثم شركة صناعة (البيرة فريدة) وشركة الكارتون الأهلية وشركة الكبريت المتحدة وشركات أخرى خلال عشر سنوات. وطبعا كان هناك المبادرات الفردية في قطاعت عديدة أذكر منها النسيج (فتاح باشا) و(صالح أفندي) وغيرها. وإذا كان الرائد خدوري خدوري وزميلاه محمد حديد، وهما عضوان بارزان في الحزب الوطني الديمقراطي، قد أسهما مع الآخرين في إنشاء العديد من الشركات التي حفزت رأس المال الوطني على الخوض في ميدان الصناعة، كشركات وليس كأفراد الذين نشط منهم العشرات في حينه في هذا الميدان وفي مقدمتهم نوري فتاح باشا وصالح أفندي.
لقد باشر القطاع الخاص بإنشاء شركات مساهمة محدودة لصناعات استهلاكية وإنشائية في تلك المرحلة تعد قاعدة لهذه الصناعات من بينها (شركة بذور القطن) و(شركة الزيوت النباتية) و(شركة السمنت العراقية) معملها في منطقة سعيدة ببغداد و(شركة سمنت الفرات) معملها في السماوة و(شركة سمنت الموصل) معملها في حمام العليل ومعمل آخر لشركة أخرى في بادوش.
مرحلة حكم الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم
كان هناك حول الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم العديد من الشخصيات الاقتصادية المؤمنة بدور الصناعة في عملية التنمية. وكان الرجل مؤمنا بأهمية إقامة صناعة وطنية عراقية. ونتيجة لذلك تم توقيع الاتفاقية (العراقية- السوفيتية) في عام 1959 والتي ضمت عددا من المشاريع الصناعية الأساسية من بينها (مصنع المعدات الزراعية في الاسكندرية)، وهو مشروع أريد له أن يكون قاعدة للصناعات الميكانيكية في البلد. وتحوّل في مرحلة السبعينات إلى مجمع متكامل لهذه الصناعات. تضمنت الخطة أيضا إقامة مصنع للمعدات الكهربائية في الوزيرية ببغداد وآخر لصناعة الزجاج في الرمادي يعتمد بدرجة كبيرة على المواد الأولية المحلية ومصنع للأدوية في سامراء وآخر للتعليب في كربلاء ومصنع للألبسة الجاهزة في بغداد ومصنع للنسيج والحياكة في الكوت وللأحذية الشعبية في الكوفة. وقد تم تدريب الكوادر لهذه المصانع في الاتحاد السوفيتي. ومما يمكن التندر به هنا أن ( جماعة 8 شباط) اعتبروا هذه المصانع شيوعية (3) فأهملوا فقرة في الاتفاقية التي كان العراق قد دفع مستحقاتها وهي مراكز التدريب المهنية التي أعاد العراق طرح قضيتها عبر (اللجنة العراقية – السوفيتية) المشتركة في السبعينات، ونفذ مركز التدريب الخاص بالصناعات الميكانيكية الذي يعتبر من المراكز المهمة التي خرّجت الكوادر الوسطية. وكانت مناهج هذه المراكز أقرب إلى الصناعة من مناهج (ثانويات الصناعة) التي تتبع وزارة التربية، والتي ظلت حتى أواسط السبعينات أسيرة للتعليم النظري. في مرحلة حكم الزعيم الوطني عبدالكريم قاسم انطلقت تجربة القطاع المختلط وكان وراءها حشد من الصناعيين القدامى من بينهم صديق شخصي للزعيم قاسم هو إسماعيل الربيعي. وقد أطلقت هذه المجموعة (شركة الصناعات الخفيفة) التي أصبحت في الثمانينات واحدة من أنحج شركات إنتاج المعدات المنزلية في المنطقة.
انقلاب 8 شباط ومعاقبة (الصناعات الشيوعية)
جاء انقلاب 8 شباط إلى السلطة حاملا معه عسكرا لا يملكون أي تصور عن أهمية التنمية الصناعية في العراق. كانت الشعارات الوحدوية الساذجة هي المسيطرة على تفكير قادته الذين وقعوا في فخ تنفيذ أجندة معاداة الشيوعية والدول الاشتراكية فأهملت مشاريع (الاتفاقية العراقية –السوفيتية) في ظل ثقافة معاداة الشيوعية ولم يقدم الانقلابيون أي بديل تنموي في مرحلة حكمهم التي اتسمت بالدموية مع الخصوم السياسيين والصراعات بينهم وأدّت إلى الإطاحة بهم على يد شريكهم في الانقلاب عبدالسلام عارف في 18 تشرين الاول. وقبل أن يكملوا سنة واحدة في السلطة، جاء عبدالسلام عارف وهو يحمل إعجابا مطلقا بالتجربة المصرية، وحاول ومن معه تقليدها في كل شيء حتى إنه حين أقدم على تأميم المشاريع الصناعية مع شركات التأمين والبنوك في عام 1964 اختيرت المشاريع المؤممة من دليل اتحاد الصناعات العراقي، مما أوقع الحكومة في حرج لشمول التأميم صناعات شبه يدوية (4). تلك التأميمات استهدفت إقامة قطاع الدولة أكثر مما استهدفت تنمية تلك الصناعات وتطويرها، وتركت أثرا سلبيا على الاستثمارات الخاصة في قطاع الصناعة، مما جعل روؤس الأموال الوطنية تهرب باتجاه التجارة. أما المشاريع الصغيرة التي أقيمت في تلك المرحلة، فقال لي خدوري خدوري في حديثه الذي أشرت له سابقا إن الذين أقاموها كانوا من التجار الذين دخلوا الميدان بعقليات تجارية بحتة، بحيث تغير وجه الصناعة الحقيقي، لأن هؤلاء أسسوا شركات صغيرة كمشاريع فردية لم تعطِ جانب التطور أي اهتمام. يقابل ذلك حصول تقلص كبير في الشركات المساهمة في بناء صناعة وطنية حقيقية في هذا القطاع واستمر الحال حتى عام 1968. الحدث الأبرز في مرحلة حكم الرئيس عارف كان إنشاء المؤسسة العامة للصناعة، التي ضمت دوائر نوعية للإشراف على المشاريع المؤممة، ومشاريع الاتفاقية العراقية – السوفيتية. أما عهد الرئيس عبدالرحمن عارف الذي شهد استقرارا نسبيا، فقد شهد توجهات مختلفة بالنسبة لقطاع الصناعة. فبينما كان رئيس الوزراء عبدالرحمن البزاز يمتلك رؤية معينة للتنمية الصناعية كان العسكر يركزون اهتمامهم على الشعارات. أبرز مميزات تلك المرحلة تبلور نضالات عمالية داخل المشاريع الصناعية تحمل رؤى لتطوير الصناعات القائمة بجانب دفاعها عن حقوق الطبقة العاملة. ومن يراجع صحيفة الاتحاد العام لنقابات العمال في ظل رئاسة هاشم علي محسن (صوت العمال)، يرى أنها حملت الكثير من المقالات التي ترقى إلى مستوى الدراسات، تحمل أفكارا لتطوير المشاريع الصناعية وحماية الإنتاج الصناعي الوطني في ذات الوقت الذي كانت تدافع فيه عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة في تلك المرحلة (5). أيضا أقرت المؤسسة العامة للصناعة نظام توزيع نسبة من الأرباح للعاملين في القطاع .
الصناعة في مرحلة مابعد 1968
عاد حزب البعث للسلطة في 17 تموز 1968 بالتعاون مع عسكريين طامحين بالحكم (عبدالرزاق النايف- إبراهيم الداوود- سعدون غيدان)، وكان الحزب يومها من أضعف الحركات السياسية نتيجة الانشقاق الكبير الذي خرجت بموجبه مئات الكوادر ملتحقة بالتنظيم السوري (جناح صلاح جديد). وكان البعث كحزب قد اتخذ قراره للانفراد بالسلطة منذ الأيام الاولى، وحين أطاح بعبدالرزاق النايف في 30 تموز أصبح الحكم بيد الحزب بشكل كامل
الموقف من التنمية الصناعية
بدأت معالم الاهتمام بالتنمية الصناعية تتضح منذ الشهور الأولى لسيطرة الحزب على السلطة. كان هناك رغبة بالوقوف على واقع التجربة الصناعية في العراق، وكان طه الجزراوي الذي عين وزيرا للصناعة خلفا لخالد مكي الهاشمي لا يعرف الكثير عن القطاع، وما يمتلكه من معلومات عبارة عن تقارير حزبية من عمال دخلوا معترك الحياة النقابية عبر الحزب، ولكنه اعتمد في عملية المتابعة على وكيل وزارة غير بعثي، وفني متمكن، هو المهندس نجم قوجة قصاب (6). وللأمانة والتاريخ، كنت ألحظ شخصيا منذ التحاقي بعملي في قسم العلاقات والإعلام أن الجزراوي لم يكن يتخذ قرارا فنيا دون العودة إلى الوكيلز وحين بدأت مناقشة قانون رقم 90 لسنة 1970 كان واضحا أن الحزب يقدم كوادره لتولي قيادة المؤسسات الصناعية. وفعلا تم ذلك بعد إقرار القانون، وعُين بعثيون لقيادة المؤسسات باستثناء مؤسسة واحدة هي الألبسة والجلود والسكاير التي عُين لها فني مستقل بترشيح من الوكيل نجم قوجة قصاب هو السيد كاظم الشيخ. اهتمت الوزارة في السنة الأولى لحكم البعث في إنجاز ماكان متوقفا من مشاريع (الاتفاقية العراقية- السوفيتية) في ظل شهر عسل حقيقي بين بغداد وموسكو، كان فيه طه الجزراوي رئيسا للجنة عن الجانب العراقي وسيمنون سكاتشكوف رئيسا للجانب السوفيتي. وتركز الاهتمام على مشروع المعدات الزراعية في الإسكندرية. ولابد أن نذكر هنا أن الكوادر العراقية تمكنت من تقديم تصاميم مبتكرة لآلات زراعية أساسية، وكانت أغلب تلك الكوادر من الدارسين في الاتحاد السوفيتي. وانتبهت السلطة الجديدة إلى عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار الصناعي من خلال لقاءات ومذكرات رفعها اتحاد الصناعات العراقي (7)، وجرى إعداد بيان رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر لتشجيع الاستثمار الصناعي لسنة 1970(8)، في محاولة لتبديد مخاوف المستثمرين التي أدت الى انكماش دور هذا القطاع بعد تأميمات 1964. وبموجب البيان حددت للقطاع الخاص مشاريع للاستثمار فيها بحوافز تشجيعية من الدولة. في تلك المرحلة بدأ الحزب بالسيطرة على النقابات، ولعبت وزارة الصناعة دورا بارزا في تلك العملية فقد كانت قوائم نقل العمال من قطاع إلى آخر تصدر يوميا لتشتيت الناشطين النقابييين من حركة القوميين العرب والشيوعيين وخاصة من مصانع السكاير والزيوت وبذور القطن والنسيج. وكان أغلب هؤلاء العمال يتركون عملهم بشكل نهائي بعد النقل. وقد حسمت الانتخابات لصالح الحزب الحاكم بعد معركة انتخابية مع قوائم منافسة خلت من النزاهة، استخدمت فيها كل أساليب البلطجة والعنف لضمان فوز الحزب بالنقابات (9). وحين أشير لهذه القضية فلأنها شكلت تحولا حصل في مواقف العمال من المشاريع الصناعية، بحيث أصبحت اللجان النقابية مراكز لمراقبة العمال أكثر منها مراكز للاهتمام بالإنتاج ...
لقد عملت السلطة في تلك المرحلة باتجاهين:
الأول معالجة الأوضاع المتردية للمشاريع القائمة وتوسيعها وتحديثها وإنجاز الدراسات القطاعية المستقبلية
الثاني محاولة تحديد دور جديد للقطاع الخاص الصناعي لجذب الاستثمارات الجديدة لهذا القطاع
صدور القانون رقم 90 لسنة 1970
يمكن اعتبار صدور القانون رقم 90 لسنة 1970 بداية جديدة لعمل القطاع الصناعي العام، فقد تم بموجبه إعادة هيكلة القطاع الصناعي القائم باتجاه تعميق التخصص، فألغيت المؤسسة العامة للصناعة واستحدث بدلا منها مؤسسات نوعية هي:
المؤسسة العامة لصناعة الغزل والنسيج
المؤسسة العامة للصناعات الكيمياوية والغذائية
المؤسسة العامة للصناعات الإنشائية
المؤسسة العامة للصناعات الهندسية
المؤسسة العامة لصناعة الألبسة والجلود والسكاير
المؤسسة العامة للتصميم والإنشاء الصناعي
والأخيرة مؤسسة متخصصة بإعداد الدراسات والتنفيذ، حلت بديلا لمديرية المشاريع الصناعية العامة وبموجب هذا القانون ارتبطت بالوزارة.
مصلحة الكهرباء الوطنية
مديرية التنمية الصناعية العامة
مديرية البحث والرقابة الصناعية العامة
وفي السنوات اللاحقة تم إخضاع مصلحة الكهرباء إلى قانون المؤسسات أيضا.
وضمن سياسة التوسع بالاهتمام بالقطاع الخاص تم تحويل مديرية المشاريع الى مؤسسة هي:
المؤسسة العامة للتنمية الصناعية، وضمت إدارات نوعية للاهتمام بالقطاع الخاص.
أما المديرية العامة للبحث والرقابة الصناعية فقد تم تحويلها إلى جهاز متخصص للرقابة والنوعية في السنوات اللاحقة، وتم ربطه بوزارة التخطيط ومنح صلاحيات واسعة لضمان استقلالية قراره.
وشهدت هذه المرحلة إعداد العديد من الدراسات لتطوير الصناعات القائمة وإقامة صناعات جديدة. وكانت دراسات الجدوى الاقتصادية والفنية تعد من قبل كوادر عراقية في المؤسسة العامة للتصميم والإنشاء الصناعي التي ضمت حشدا من خيرة الكوادر الاقتصادية والفنية العراقية.
ويمكن لأي متابع أن يلمس أن الحزب الحاكم بدأ يفرض نفوذه في اختيار قيادات هذا القطاع، حيث شغل مواقع رئاسة المؤسسات حزبيون، ولكن من داخل القطاع الصناعي نفسه، ويملكون تاريخا وظيفيا (بالتاكيد بعضهم لم يكن الأكفأ ضمن قطاعه) باستثناء المؤسسة العامة لصناعة الألبسة والجلود والسكاير التي اختير لرئاستها كادر مستقل من العاملين في قطاع الصناعة هو كاظم الشيخ.
وبدأت عمليات تنفيذ العديد من التوسعات في المشاريع القائمة وفي مختلف القطاعات النوعية.
الصناعة في مرحلة حكم الرئيس صدام حسين
لايمكن أن نفصل بين أسلوب إدرة الدولة عامة وبين أسلوب إدارة القطاع الصناعي، ويمكن اعتبار الندوة التي عقدت لمناقشة انخفاض الإنتاجية في القطاع الصناعي برعاية صدام حسين حين كان( نائبا)، مؤشرا على اهتمامه بالقطاع الصناعي من جهة وأسلوب إدارته من جهة أخرى ... كانت الجبهة الوطنية والقومية التقدمية قائمة يومها فرحبت بانعقاد الندوة ونشرت جريدة (طريق الشعب) العلنية عددا من المقالات الترحيبة كتبها كوادر الحزب، وحين بدأت الندوة قدم القيادي الشيوعي ووزير الدولة يومها عامر عبدالله مداخلة طويلة ألقاها بأسلوب شاعري، واهتمت الجريدة بنشرها، مما جعلنا نسهر حتى وقت متأخر لتنضيدها وتصحيحها. وتمت الإشارة لها في الصفحة الأولى. وقد استعرضت المداخلة موقف الأنظمة الاشتراكية من الإنتاجية والتقييم الذي تقدمه المنشآت للمتميزين في إنتاجهم (أبطال الانتاج) ثم تناول في المداخلة قضية إحياء الأرض البكر (10) وماتحقق من إنجازات في ظل السلطة السوفيتية في مجال الإنتاجية. والمهم أن (الرفاق الشيوعيين) الذين تناولوا الندوة بالكتابات انتقدوا بخجل بعض جوانبها ولم يتطرقوا للقضية الأبرز (شعاراتها الملتبسة) (11). وبعيدا عنهم كان هناك أستاذ جامعي قومي هو طالب البغدادي ناقشها مع طلبته في الجامعة، ودفع ثمن ذلك سريعا بإبعاده عن عمله، واعتقل بعض طلبته لعدة أيام. المهم أن الندوة حملت مؤشرات واضحة عن التوجه الدكتاتوري، فحين طلب السيد النائب من الجميع التحدث بصراحة، تقدم السيد ناجي حداوي السعيدي، وهو واحد من العاملين الأكفاء في القطاع الصناعي، فتحدث عن الإدارة الصناعية ودورها في العملية الإنتاجية. قال الرجل يومها ما معناه إن الإدارة الصناعية في العالم أصبحت علما مستقلا بذاته، بينما ما زلنا نحن نأتي بمعلم من المدارس الابتدائية ونسلمه منشأة صناعية تستثمر الدولة فيها ملايين الدنانير، وهي حقيقة لم يتحملها السيد النائب ومستشاروه، فاعتقل الرجل وسجن ثم أطلق سراحه بعد أسابيع ليحال على التقاعد. ولو تعامل (النائب) يومها بإيجابية، لتجاوز الكثير من مشكلات القطاع الصناعي فيما بعد. في تلك المرحلة كان مكتب النائب يتابع تطور العمل في بعض المشاريع الصناعية، ومن بينها (معمل السكاير الجديد في الناظمية). ويبدو أن المكتب العمالي كان وراء تلك المتابعات، لأنه كان في مرحلة بسط نفوذه على الحركة النقابية ..
وشهدت مرحلة ما بعد التأميم نهضة صناعية شاملة باتجاهين:
الأول تنفيذ دراسة التوسعات والتحديث التي اقترحتها المؤسسات النوعية وبالتعاون مع المؤسسة العامة للتصميم والإنشاء الصناعي
الثاني إقامة صناعات جديدة مستقبلية في ضوء الدراسات التي أعدتها المؤسسة العامة للتصميم والإنشاء الصناعي
وبالنسبة للاتجاه الأول شهدت صناعة الغزل والنسيج تحديث وتطوير معامل الغزل والنسيج العراقية في الكاظمية، ومعامل النسيج الصوفي (فتاح باشا) معامل النسيج في الموصل، معامل النسيج والحياكة في الكوت، معامل الخياطة في الوزيرية. وفي الاتجاه الثاني تم إنشاء مصنع للنسيج الصوفي في الناصرية وآخر للنسيج القطني في الديوانية وثالث للنسيج الصوفي في أربيل ومعملا للأقمشة الكردية في دهوك تم تحويره لاحقا لفشله في إنتاج الأقمشة الكردية (الشيل وشبك) التي تنتج يدويا في تلك المناطق. تم أيضا إنشاء معمل للسجاد الميكانيكي في بغداد ومعمل للأكياس البلاستيكية المستخدمة في تعبئة الحبوب بدلا من معمل الجوت القديم (أحد المعامل المؤممة عام 1964 والذي يعتمد على أدوات إنتاج قديمة). أما الصناعات الغذائية فقد شهدت توسيع وتحديث معامل الألبان في أبو غريب والناصرية والعمارة والبصرة وأربيل. ولاحقا تم إنشاء مصانع حديثة لإنتاج الألبان في المقدادية بمحافظة ديالى والديوانية وتكريت. وقدمت الدولة دعما لمربي الأبقار وشجعت على إقامة مزارع متخصصة للثروة الحيوانية لخدمة صناعات الالبان. تم تحديث وتطوير معمل التعليب في كربلاء وإقامة معامل للتعليب في بعقوبة وبلد وحرير ودهوك. وقد وقع هذا القطاع بأخطاء كبيرة منها إقامة معمل للبصل المجفف في بعقوبة وآخر لعرق السوس في العزيزية وثالث للسكر السائل في الهندية ورابع للنشا والديكسترين في الهاشمية، وهي مشاريع لم يكتب لها النجاح حورت لصناعات أخرى وبيعت للقطاع الخاص. وشهد ت الصناعات الغذائية أيضا تحديث وتطوير معمل سكر الموصل وإضافة خط لإنتاج الخميرة وتحديث معمل السكر في ميسان وإقامة معمل لإنتاج خميرة التوريلا من البكاز (المنتج العرضي في صناعة السكر) ومصنع آخر للسكر في السليمانية. وشهد قطاع الصناعات الهندسية تطوير وتوسيع معامل الإسكندرية وإقامة خط لتجميع السيارات (اللوريات). وتطوير معامل البطاريات السائلة والجافة وإضافة خطوط انتاجية جديدة لها وإقامة معمل للمصابيح في التاجي وتطوير معامل الصناعات الكهربائية في الوزيرية وإقامة مجمع للصناعات الهندسية الخفيفة في ديالى. ولاحقا توسعت هذه الصناعة بشكل كبير حيث تم إنشاء مجمع نصر الذي يعد قاعدة أساسية للصناعات الثقيلة. وتمت إقامة مصنع الحديد والصلب في خور الزبير ومعمل القابلوات في الناصرية ومعمل رقائق الالمنيوم في الناصرية. وتوج هذا القطاع بإنشاء مجمع نصر العملاق في التاجي والذي خطط له ليكون القاعدة الأساسية التي تستند اليها الصناعات الثقيلة ومنها صناعة السيارات التي تم تشكيل هيئة مستقلة لها تضم نخبة من خيرة الكفاءات الهندسية والفنية برئاسة د. براق سعيد يحيي (12)، قامت بمفاوضة الشركات العالمية على أسس علمية تضمن تكامل صناعات السيارت مع الصناعات المغذية في القطاع الخاص، علما بأن العراق كان يقوم بتجميع سيارت النقل (سكانيا) في الاسكندرية.
وشهد قطاع صناعة الألبسة والجلود والسكاير هو الآخر تطورا كبيرا حيث تم إنشاء وحدات جديدة للدباغة في معمل جلود بغداد لتقليص العمل اليدوي في بعض مراحل الانتاج، وتحسين أجواء العمل بالنسبة للعمال. وتم تطوير معامل (باتا) القديمة، وأدخلت لها خطوط إنتاجية جديدة. وفي مراحل لاحقة عقدت اتفاقات مع شركات عالمية للاستفادة من خبراتها في تصنيع الجلود. تم إنشاء مصنعين للسكاير في بغداد وأربيل، كما تم تطوير وتحديث معمل سكاير السليمانية. أما الصناعات الأساسية التي دخلت العراق للمرة الأولى فكانت:
صناعة الأسمدة، حيث تم إقامة مصنعين في البصرة وتمكنت الكوادر العراقية من أن ترقى بنوعية الإنتاج، بحيث فتحت أسواقا تصديرية يدخلها العراق بمنتجاته الصناعية للمرة الأولى.
صناعة الإطارات المطاطية للسيارات، حيث تم إنشاء مصنع في الديوانية.
صناعة الورق حيث تم إنشاء مصنع الهارثة قرب البصرة ولاحقا مصنع العمارة.
مصنع للأنابيب البلاستيكية في ميسان لإحلال البلاستيك بدلا من الاسبست الذي ثبتت مضاراستخدامه الصحية والبيئية عالميا.
ويمكن القول إن الصناعات الإنشائية شهدت هي الأخرى تطويرا جذريا، فقد تم تحديث معامل السمنت في السماوة محافظة المثنى وبادوش وحمام العليل في الموصل، كما شهدت السنوات اللاحقة إقامة مصانع جديدة في بادوش وحمام العليل والسماوة وكربلاء وطاسلوجة (السليمانية)، كما تم تطوير معمل السمنت في الكوفة وإنشاء معمل سمنت كربلاء، ولاحقا معامل السمنت في سنجار والقائم. تم أيضا إنشاء ثلاثة مشاريع لإنتاج الكونكريت الخفيف (الثرمستون) والعديد من مشاريع الطابوق الطيني الحديثة، ومشاريع للطابوق الجيري في البصرة والموصل. كما تم إنشاء عدد من مشاريع الجبس (الجص) الحديثة. وبموازاة قطاع الدولة تم دعم المؤسسة العامة للتنمية الصناعية والمصرف الصناعي واتحاد الصناعات العراقي لتطوير وتحديث بعض صناعات القطاع الخاص، حيث تم تنفيذ مجمع النهروان الذي خصص جزء منه للصناعات الملوثة. ولأول مرة في العراق تم تطبيق قواعد صارمة في إجازة معامل الطابوق الطيني من أجل حماية البيئة من الثلوث (13).
مع تسلم صدام حسين لموقعه الأول في الدولة جرت مناقشة ورقة (واقع القطاع الصناعي) التي أعدت من قبل كادر الوزارة المتخصص، وعلى أثرها تم فصل القطاع إلى وزارتين، هما (الصناعات الثقيلة) و(الصناعات الخفيفة). وسأثبت هنا ملاحظاتي كمتابع عن قرب لقطاع الصناعات الخفيفة بحكم عملي كمدير للإعلام فيها. كان صدام حسين، وهو رئيس للدولة، يتابع التطورات في قطاع الصناعات الخفيفة باستمرار، ونشط الوزير طارق حمد العبدالله بالمتابعة الميدانية للقطاع. وكانت ملاحظات الرئيس على تلك التقارير ترد بصيغة (أمر الرئيس القائد) (نسب الرئيس القائد) الخ. ومما أذكره هنا أنه زار الشركة العامة للخياطة في الوزيرية وناقش كادرها في تفاصيل تتعلق بـ (النوعية) و(السعر) وتوفر الانتاج، وبشكل دراماتيكي أمر بإجراء انتخابات (ديمقراطية) لاختيار مدير عام للشركة، حيث تم اختيار السيد شاكر شلال. وقد أثارت هذه الحركة مخاوف الإدارات العليا في الشركات. بعدها بشهور تلقت الوزارة كتابا من الرئاسة مضمونه (أمر السيد الرئيس القائد بإعداد الدراسات اللازمة لإقامة مشاريع حديثة للألبسة الجاهزة في المحافظات. وفعلا قامت المؤسسة للمشاريع الصناعية بإعداد الدراسات لثلاثة مشاريع للألبسة الجاهزة، الأول للألبسة النسائية، وتم اختيار السليمانية لإقامته، والثاني للألبسة الولادية، وتم اختيار الموصل لإقامته ضمن مجمع الغزل والنسيج في المدينة، والألبسة الرجالية الجاهزة، وتم اختيار مدينة النجف لإقامته وأنجزت المؤسسة الدراسات وأحيلت مناقصات إقامة الأبنية وتجهيز المعدات. وقد دخلت المشاريع حيز الإنتاج وظلت متابعات الرئيس لهذه المشاريع قائمة. وأذكر أننا تلقينا في مركز الوزارة كتابا من الرئاسة لإرسال نماذج من إنتاج معمل ألبسة الأطفال لاصطحابها معه ضمن إحدى زياراته لفرنسا وتقديمها كهدايا من إنتاج عراقي، مع بعض منتجات الصناعات الخفيفة والإلكترونية والألبسة الجاهزة في المحمودية (قطاع مختلط). وأعتقد أن هذا تعبير واضح عن اعتزازه بالصناعة الوطنية. وفي مرحلة لاحقة استقبل عددا من المدراء المفوضين لشركات القطاع المختلط واستمع منهم إلى تفاصيل عن أوضاع منتجاتهم. وأذكر جيدا أن الوزارة تلقت أمرا من الرئاسة بصيغة (أمر السيد الرئيس القائد بإعداد دراسات تفصيلية للنهوض بنسب إنتاج القطع في الصناعات التجميعية في شركات الإلكترونية والخفيفة. أيضا اصطحب الرئيس معه في إحدى سفراته نماذج من إنتاج شركات النسيج (فتاح باشا) لتقديمها كهدايا ضمن ما كان يقدمه من هدايا لمستقبليه ...
اهتم صدام حسين شخصيا بتكريم المتميزين في قطاع الصناعات الخفيفة، وأذكر هنا تكريم فريق من معمل سمنت سرجنار ومعمل سمنت بادوش لتمكنهم من إنتاج نوع من السمنت أرسل إلى مختبرات عالمية في الدانمارك وتبين مطابقته للمواصفات العالمية، وحدث ذلك لأول مرة. وهناك الكثير من الحالات التي تغيب عن ذاكرتي الآن.
أكثر مايلفت الانتباه هو التحول الذي جرى في فكر صدام حسين من القطاع فيما بعد، فقد طرح في إحدى زياراته للوزارة ضرورة ما أسماه بمغادرة (السواقي الصغيرة) إلى الأنهار، وكانت تلك بداية الدعوة التي تلقفها (البعض) للتخلي عن بعض الصناعات للقطاع الخاص. وفي الحقيقة فإن القطاع الخاص نجح في إدارة بعضها وفشل في إدارة البعض الاخر. وحسب تقديري ومن خلال متابعاتي فإن أسباب فشل الدولة في إدارة بعض الصناعات كان إداريا أكثر منه اقتصاديا، وسوء الإدارة غالبا كان سببه تغليب (الولاء) على الخبرة حين اختيار الإدارات العليا .
الحرب ونتائجها
شخصيا أعتبر بداية الانحدار في واقع القطاع الصناعي كان الحرب العراقية – الإيرانية التي انعكست على مختلف مناحي الحياة، وانعكس ذلك على الصناعة بشكل مباشر، فقد سحبت العديد من المواليد من مواقع الإنتاج إلى الجيش بالإضافة إلى السحب العشوائي لقواطع الجيش الشعبي، مما أدى إلى إحلال العمالة المصرية وأغلبها غير مدرب ولايمتلك الخبرة (باستثناء عمال النسيج). وكانت العمالة المصرية عمالة غير مستقرة، وغالبا ما كانت تترك مشاريع الدولة إلى القطاع الخاص الذي كان يعاني هو الآخر من نفس المشكلات، فتحولت مشاريع الدولة الى مراكز للتدريب وتهالكت معداتها. وكان التوجه القومي الإيديولوجي يرفض وضع أي ضوابط لهذه العمالة (14). وجاء اجتياح الكويت ليزيد الطين بله، فقد فرض على العراق حصار استهدف تدمير الصناعة ومنعها من تحديث معداتها، ووصل الأمر إلى حد منع المجلات المتخصصة في تكنولوجيات الصناعة من الوصول للعراق (15)، مما حول بعض الصناعات إلى عبء على الاقتصاد الوطني فعلا. أيضا ركزت الدولة في مرحلة ما قبل اجتياح الكويت على قطاع التصنيع العسكري رغم أن هذا القطاع ليس (شرا مستطيرا) كما تحاول بعض الأقلام تصويره، فقد أسهم هذا القطاع في توطين تكنولوجيا تعد أساسا للصناعات الثقيلة في العراق.
لقد شهدت عن قرب التطور الهائل الذي شهده القطاع الصناعي في العراق، وكنت ومنذ عام 1970 وحتى بداية التسعينات موظفا في الإعلام الصناعي ثم مديرا للإعلام وأحد الذين ساهموا بإقامة الأجنحة العراقية في بعض المعارض الدولية. وكنت ألمس عن قرب مدى الإعجاب الذي حظيت به الصناعات العراقية وحجم الاهتمام الذي أعطته الدولة لهذا القطاع من اجل تطويره والاعتماد على منتجاته محليا، ومن ثم الانحدار الذي تسببه الحصار بعد ذلك.
الاحتلال والتدمير
جاء الاحتلال ومعه أعوانه يحملون أجندات مختلفة، اتفقت جميعها على مشترك واحد هو إسقاط نظام صدام حسين. وقد بدا واضحا أن تدمير الصناعة العراقية كان واحدا من مشتركات الاحتلال وأعوانه، فمنذ الأيام الأولى تركت معداته للنهب والتخريب من الرعاع والغوغاء. ويؤكد الكثيرون ممن كانوا في مواقع قريبة من المنشآت التي دمرت أن هناك معدات حديثة نقلت إلى إيران وبيعت بأبخس الأثمان (17). في ذات الوقت فتحت الباب على مصراعيه للاستيراد بذريعة (الاقتصاد الحر). ويمكن أن نشير بسرعة إلى أن أكبر الجرائم في هذا المجال كانت فتح الباب لاستيراد السيارات القديمة. هذا القرار الذي أدى إلى إفراغ مقابر السيارات في أوربا وأمريكا من السيارات الفاشلة في فحص الـ ( إمِشِن تيست) الخاص بالتلوث. وقد روى لي أحد تجار السيارات في كندا أنه كان يذهب لتلك المقابر بمعدل مرتين أو أكثر كل أسبوع لتلبية طلبات السوق العراقية. (هذا في مقاطعة كندية واحدة). وكأن التلوث الذي أحدثته قنابل الاحتلال لم يكف لتدمير البيئة العراقية .. وأذكر أنني حين عدت إلى العراق بعد سنوات من الاغتراب عام 2004 كتبت على موقع (ايلاف) مقالا في 22 كانون الثاني 2004 نشرته في (الزمان) البغدادية في نفس الوقت عنوانه (هذا القرار بين المنافع والمضار)، ناقشت فيه قرار فتح الحدود على مصراعيها وما سيتركه من آثار مدمرة على الصناعة الوطنية، وهو ما حصل فعلا، فقد تحول العراق الذي كانت صناعاته تسد الكثير من احتياجاته المحلية وأصبح الآن يستورد من الجوار أبسط المنتجات الصناعية حتى (المرطبات والالبان) (18). ويتندر البصريون (ولا أدري مدى صحة ذلك) أن البصرة استوردت الصيف الماضي قوالب الثلج من الكويت ....
الواقع اليوم ..مالمطلوب؟
في حديثه لوكالة الأنباء (أ .ف . ب) بتاريخ 22 يوليو تموز 2010 قال وزير الصناعة العراقي فوزي حريري إن قطاع الصناعة المدمر بحاجة إلى استثمارات تبلغ (5-7) مليارات لإعادة بنائه، علما بأن المبالغ التي استثمرت حتى الآن أقل من مليار دولار. الوزير قال في حديثه (تعرضت الصناعة العراقية التي كانت الأكثر تقدما في المنطقة لأضرار كبيرة إثر الحروب المتعاقبة والعقوبات على هذا البلد منذ عام 1980). وقال أيضا ( في عام 2003 كان مايقارب ال99% من الصناعة في العراق في حالة جمود، موضحا (أن معظم القطاعات دمرت أو نهبت أو أغلقت). وأخيرا يؤكد الوزير (أن العراق في نهاية المطاف سيقوم بخصخصة 90 الى 95% من الشركات المملوكة للدولة، لكن حاليا لايمكن بيع الشركات الحكومية لعدم وجود قانون يسمح بذلك. ويأمل الحريري أن تتم المصادقة على قانون يسمح ببيع الشركات الحكومية نهاية العام) (19). ومن مساخر الوضع العراقي أن أبرز المشاريع التي ستعرض للبيع هي مشاريع السمنت. كما تناقلت الأخبار أن مستثمرين (عربا) أو (أجانب) سيقومون بتحديثها ومن ثم بيع إنتاجها الذي يعتمد على مواد أولية محلية بنسبة تزيد على الـ 90% لمشاريع الإعمار القائمة إذا مابدأت حملة الإعمار. وبدلا من أن تلجأ الدولة إلى دراسة السبل التي تكفل لها إعادة إحياء الصناعة الوطنية استعدادا لمرحلة الإعمار بحيث تستوعب اليد العاملة العاطلة من جهة وتوفر موارد للدولة هي بأمسّ الحاجة لها، تلجأ للطريق الأسهل والأكثر فشلا في أي مكان جرب فيه في العالم ( التخصيص). وتخيلوا أن وزير الصناعة وقع بتاريخ 27-10- 2010 حين التقى الرئيس الطالباني ( كما جاء في الخبر) بوفد فرنسي رفيع المستوى في السليمانية مذكرات تفاهم مع شركة لافاك لإعادة تأهيل معمل سمنت كربلاء. ولا أعرف ما الذي يمنع الحكومة من أن تخطو خطوات جدية وتمنح وزارة الصناعة الإمكانيات والصلاحيات لتنفيذ مثل هذه المذكرة وغيرها مع دول أخرى لإعادة تأهيل صناعة السمنت في العراق ..(20)
ما المطلوب؟
إن الموقف من قضية الصناعة العراقية بقطاعاتها الثلاثة العام والمختلط والخاص هو مقياس لمصداقية وحرص أية حكومة مقبلة، وهذا يتطب:
أولا: تركيز الحكومة على وضع خطة استراتيجية توفر التخصيصات اللازمة للقطاع الصناعي وإعطاء الأولوية للصناعات ذات المدخلات المحلية البتروكياويات، الصناعات الإنشائية ،صناعة الزجاج، صناعة الأسمدة بمختلف أنواعها، وبإمكان الحكومة أن تستفيد من تجربة القطاع المختلط لجذب استثمارات العراقيين لهذه الصناعات، بدلا من اللجوء للبيع والتخصيص للعرب أو الأجانب لأن القطاع المختلط سيبقى جزءأ كبيرا من الأسهم بيد الدولة، مما يجعل لها رأيا أساسيا في عملية التشغيل بأيد عاملة عراقية لامتصاص البطالة من جهة، وللتدخل في السياسة السعرية للمنتجات النهائية. وأعتقد بأن هناك استثمارات عراقية فردية كبيرة يمكن أن تسهم في عملية إعادة تأهيل وتطوير هذه الصناعات، خاصة إذا جرى التركيز على الجانب الأمني لتبديد مخاوف المستثمرين.
ثانيا: تطوير الصناعات الميكانيكية والهندسية القائمة حتى ولو تم ذلك بالمشاركة مع شركات عالمية تمتلك الخبرة لتسهم في رفد السوق العراقية بصناعاتها من جهة ولامتصاص البطالة، ودعم صناعة البرمجيات التي تعتبر من الصناعات المستقبلية الهامة للبلد.
ثالثا: تشكيل هيئة للحماية الصناعية الوطنية ترتبط بمجلس الوزراء وتضم ممثلين عن قطاعات الصناعة والتجارة والقطاع الخاص ممثلا باتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية لتامين منح نسبة من الحماية للصناعات العراقية كي تحتل جزءأ من مساحة السوق المحلية، وهذا سيساعد الحكومة بشكل كبير على امتصاص البطالة وعلى منح فرصة للصناعات العراقية لتطوير نفسها واعتماد سياسة ضريبية بالنسبة للمستوردات تعطي هامشا للصناعة الوطنية العراقية.
رابعا: إعادة هيكلة الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وتعزيزه بالكوادر العراقية الكفوءة والمؤهلة والنزيهة وتعزيزه بالصلاحيات اللازمة للسيطرة على انسيابية البضائع الرديئة وغير المطابقة للمواصفات التي تستنزف المستهلك العراقي وتملأ الأسواق حاليا، مع مراعاة تمييز موظفي هذا الجهاز من حيث الرواتب والمخصصات لضمان عيش كريم لهم، مع ملاحظة أن هذا الجهاز بحاجة إلى تطهير من العناصر الفاسدة أيضا.
خامسا: دراسة واقع شركات القطاع المختلط القائمة وتقديم الدعم لها لتعود إلى ساحة العمل والإنتاج. ويمكن لهذه الشركات أن تزيد رأسمالها أو أن تدخل في مشاركات من أجل التطوير والتحديث بسبب تقادم معداتها.
سادسا: دراسة واقع مشاريع القطاع الخاص المتوقفة بشكل جدي وتقديم الدعم للمشاريع القادرة على تكييف نفسها والعودة إلى العمل والإنتاج وتشجيع إقامة صناعات جديدة لهذا القطاع، وهذا يتطلب تنشيط الإدارات المهتمة بهذا القطاع وقوانينه وتسهيلاته وإعادة الحياة لاتحاد الصناعات العراقي كمنظمة تنموية مستقلة يتكامل دورها مع المؤسسات ذات العلاقة بهذا القطاع.
سابعا: وهذا أهم ما في الأمر، إبعاد العمل في القطاع الصناعي ومؤسساته عن العمل الحزبي وإعطاء الدور القيادي للكفاءات العراقية بعيدا عن الانتماء الحزبي أو الديني أو الطائفي، والاستعانة بذوي الخبرة الفنية والإدارية والتسويقية من الإدارات الصناعية السابقة ومن الصناعيين العراقيين كاستشاريين في القطاع الصناعي.

هوامش:
1- كانت المسوحات التي أجراها مجلس الإعمار تشمل مختلف نواحي الحياة (الطرق،الجسور، السدود) بالإضافة إلى المسح الصناعي المشار إليه في مقالنا السريع هذا.
2- كان مقترح مجلس الإعمار إقامة مزرعة نموذجية بإشراف معمل السكر وفيما بعد حاولت إدارة المصنع تشجيع الفلاحين على زراعة البنجر ولكن الطفرة الاقتصادية بعد تأميم النفط جعلتهم يتجهون لزراعات أكثر ربحية من البنجر وأقل جهدا في عملية الزراعة.
3- ما زلت أذكر أولى زياراتي لمعامل الإسكندرية والزجاج والسراميك في الرمادي بعد التحاقي بعملي في إعلام وزارة الصناعة. كانت هناك معدات ما زالت في صناديقها تحت الأمطار منذ انقلاب 8 شباط والسنوات التي تلته. وأذكر من الكفاءات العراقية التي ساهمت بالنهوض بالمشروع د.اسماعيل القزاز د. عبدالمعطي الخفاف د. عبد علي صاحب باسل الدرة وجودت والعشرات تفوتني أسماؤهم الآن.
4- تم تأميم معمل صابون الغار التابع للعائلة الصناعية المعروفة (كافل حسين). وحين زارت لجنة الجرد الخاصة المعمل وجدت أن هذه الصناعة شبه يدوية ولاتضم أية معدات تكنولوجية، بل تعتمد على طبخ الزيوت في خزانات ثم صبها في قوالب وتقطيعها يدويا. وأدى ذلك الى استثنائه من التأميم بقرار لاحق.
5- أستطيع القول إن صحيفة (صوت العمال) تستحق دراسة متأنية من قبل دارسي تاريخ الصحافة العمالية العراقية، فقد كانت تجربة متميزة إذا ما أخذنا إمكانياتها بنظر الاعتبار.
6- كان نجم قوجة قصاب مهندسا ذا ميول يسارية، درس في الولايات المتحدة وتدرج بالوظيفة في القطاع الصناعي. وكان رجلا متمكنا في أدائه ومعلوماته وواثقا من نفسه ومحبا للعراق. وقد حضرت الكثير من الاجتماعات بصفتي الإعلامية وكنت ألحظ أن الجزراوي يميل إلى الوقوف على رأيه قبل اتخاذ أي قرار فني يخص المشاريع الصناعية.
7- كان اتحاد الصناعات العراقي الذي تأسس في عام 1965 منظمة فاعلة للقطاع الخاص وقد شهد دعما واسعا بعد 17 تموز1968 من الدولة مكنته من إعداد العديد من الدراسات الهامة لتطوير القطاع الخاص، كان أبرزها الدراسة التي تم تنفيذها لـ (تطوير مشاريع صناعة الطابوق) حيث تمت إضافة محارق ميكانيكية وأجهزة قطع نصف ميكانيكية بعد أن كان الحرق يدويا ويسهم في تلويث البيئة، بالإضافة إلى ظروف العمل غير الإنسانية. وقد عادت هذه الصناعة بأسلوبها المتخلف للعمل بعد الاحتلال لتسهم في تدمير البيئة في وسط وجنوب العراق. ترأس اتحاد الصناعات العراقي في تلك المرحلة د. محمد خليل الطويل وصبحي السامرائي وحاتم عبدالرشيد وغسان مرهون وأحنف محي الدين الكميت وعبدالقادر عبداللطيف وعبداللطيف البنية وعدد من الصناعيين فيما بعد. وقد عومل الاتحاد بعد الاحتلال معاملة تدل على الجهل بتاريخه ودوره، فقد تم التدخل بشؤونه والسيطرة على أمواله وتفريغه من صلاحياته، وحتى الاستيلاء على بنايته في ساحة الخلاني، وهي بناية بنيت بتبرعات الصناعيين ولم تدفع الدولة في إنشائها دينارا واحدا.
8- حمل بيان الرئيس البكر المشار إليه قائمة من المشاريع الصناعية في ميادين مختلفة أتاح فيها للقطاع الخاص الاستثمار كمحاولة لتطمين هذا القطاع وحثه على العودة للاستثمار بعد مرحلة الانكماش التي أعقبت تأميمات 1964.
9- كنت قريبا جدا من الانتخابات العمالية وخاصة قطاع الصناعات الإنشائية، وقد شاهدت بأم عيني الاعتداءات على عدد من مرشحي قوائم (نضال العمال) و(كفاح العمال) ومن الناشطين الذين ضربوا أمامي الشهيد حسن عيدان الذي أعدم في الثمانينات وناشط قومي اسمه علي المشهداني وناشط يساري هو عمرو العلا.
10- كنت أعمل يومها مسؤولا عن القسم الفني في جريدة (طريق الشعب) التي أصدرها الحزب الشيوعي في ظل الجبهة الوطنية والقومية، وأذكر أن أجمل تعليق سمعته عن مداخلة الراحل عامر عبدالله القيادي في الحزب ووزير الدولة في الحكومة، كان التعليق من منعم حسن أو (منعم العظيم) كما يعرفه جيل الستينات، الذي قال معقبا في مقهى إبراهيم بحضور عدد من الأصدقاء أذكر منهم قتيبة عبدالله ورياض قاسم (إن عامر عبدالله قدم لنا الشعب السوفيتي وكأنه مجموعة من الآلات تحركها قيادة الحزب ....قرأوا لهم نشيدا ثم وضعوهم في القاطرات باتجاه الأرض البكر). أي فلسفة بائسة هذه؟
11- من بين الشعارات الملتبسة (من لايعمل لايأكل) ( من لايعمل لا شرف له) وهكذا الخ
12- كان العراق جادا بإقامة صناعة سيارات قبل اجتياح الكويت وتداعيات ذلك الاجتياح على مجمل نواحي الحياة، وقد أسس لهذا الغرض هيئة مستقلة من كوادر عراقية متميزة وكان على رأس الهيئة المهندس د. براق سعيد يحيي وأجرت الهيئة مفاوضات مع العديد من الشركات العالمية. وقد حضرت كإعلامي جانبا من تلك المفاوضات التي تركزت على برامج تفصلية للارتفاع بنسب التصنيع المحلي، وكذلك ربط الصناعة الأم، صناعة السيارات بالصناعات المغذية في القطاع الخاص، مما يدلل على توجه استراتيجي.
13- خطط لمجمع النهروان لكي يكون واحدا من المجمعات النموذجية، وشاءت الظروف أن يعين له مدير عام كادر بعثي قديم كان قد عمل مع الحركة النقابية والعمالية هو شكري الحديثي الذي سجن بتهمة المشاركة فيما سمي بـ (مؤامرة محمد عايش) وأطلق سراحه بعد سنوات وعين مديرا عاما للمجمعات. وقد اندفع لتنفيذ المشروع بجدية بدافع توفير ظروف عمل جيدة للعمال في معامل الطابوق والجلود. ومؤخرا نقل لي صديق من العمارة أن (كور) الطابوق المتخلفة التي تستخدم الحرق اليدوي عادت إلى سابق عهدها في استعباد العمالة وتلويث البيئة .
14- حضرت ندوة في سنوات الحرب عن مشكلات العمالة المصرية في العراق وتنقلها من قطاع الى آخر. وأذكر أنني رفعت يدي للحديث وتحدثت عن ضرورة وضع ضوابط تمنع انتقال العمال المصريين المتعاقدين وتلغي إقاماتهم في حالة عدم التزامهم مما أثار ممثل ديوان الرئاسة فرد علي بمحاضرة عن (الوحدة) العربية والفكر الوحدوي. كان الجميع يؤيدني فيما ذهبت إليه، ولكنهم خضعوا للشعارات التي أثبتت الأيام خواءها .
15- شمل الحصار جميع الصناعات المدنية بما في ذلك صناعة الأدوية التي حرمت من متابعة تحديث معداتها. والعاملون في الصناعة يدركون معنى أن تتقادم معدات أي مشروع صناعي.
16- يحاول بعض الكتاب شيطنة (التصنيع العسكري)، وفي الحقيقة إن منشآت التصنيع ساهمت في عملية نقل وتوطين العديد من الصناعات الميكانيكية والهندسية وكان بإمكانها أن تقدم الكثير للصناعات المدنية أيضا. دخل قطاع التصنيع العسكري في مجال الإنشاءات، وقد نفذت شركة الفاو العشرات من مشاريع الطرق والجسور العملاقة، وقد علمت بأن الكثير من معداتها الثقيلة نهبت وبيعت في إيران أيضا. الغريب أن بعض من شيطنوا الصناعات العسكرية العراقية بكتاباتهم يصمتون أو ينقلون بفرح أخبار نجاحات الصناعات العسكرية الإيرانية.
17- هناك بعض المشاريع التي كانت تحتوي على (تورنات) متطورة في قطاع الصناعات الهندسية بيعت إلى إيران حيث تم نقلها بعد سرقتها من قبل لصوص محترفين أول أيام الاحتلال.
18- حين دخلت صناعة المرطبات الحديثة (خطوط الإنتاج ذات الطاقات الواسعة) على يد شركة بسكولاته التي أنشأها (ال فرجو أديب فرجو وشقيقه)، كانت جميع دول الجوار ما زالت تعتمد على الصناعة اليدوية ...أما بالنسبة للألبان فقد كان العراق أول بلد يستورد مكائن التعبئة (التتراباك) في المنطقة. اليوم يستورد العراق احتياجاته من الجوار.
19- حذفت هذه الفقرة من حديث الوزير حين تناقلته صحف الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق لأنهم لايتحملون عبارة أن العراق كان في زمن الدكتاتورية (يملك الصناعة الأكثر تقدما في المنطقة)
20- كنموذج فقط للأحاديث الصحفية حول مشاريع الإعمار القادمة في العراق!! قالت وزير الإعمار والاسكان العراقي بيان ده زئي في حديث لـ (السومرية نيوز) بتاريخ 20 شباط 2010 إن مشروع الإسكان الوطني الذي تم الإعلان عنه لبناء 500 ألف وحدة سكنية في عموم العراق عن طريق الاستثمار منها 120 ألف وحدة في بغداد و70 ألف في كردستان العراق غير كاف للقضاء على أزمة السكن. عادت الوزيرة لتقول في 30 تشرين الثاني في مؤتمر عن التنمية الإسكانية إن العراق يحتاج إلى أكثر من مليوني وحدة سكنية!! كم سيحتاج بناء هذه الوحدات من أطنان السمنت والمواد الأولية الأخرى التي ستجلب من الخارج في وقت يعاني فيه الملايين من العراقيين من البطالة. وإذا مابيعت مشاريع السمنت وتحكم المستثمر بالسعر كم سيضاف على تكاليف هذه المشاريع من مبالغ ستدفعها الحكومة؟ بالمناسبة لقد دمرت شركات المقاولات الوطنية العراقية التي كان بإمكانها أن تنفذ هكذا مشاريع بعقول عراقية وبسواعد عراقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا جزء مما عليه العراق اليوم
الدكتور محمد علي الحكيم ( 2010 / 12 / 8 - 07:45 )
قبل كل شي تحياتي لك ايها الاخ العزيز ليث الحمداني وانا سعيد بقراتي لهذه الحقائق وعسى ان تتذكرني وانا عملت في وزارة الصناعة الموسسة العامة للتصميو والانشاء الصناعي وانت ذكرتني بتلك الايام والعمل الجاد ةخصوصا بعد التامييم ولاحقا في الرقابة الصناعية وبعدها الجهاز المركزي للتقييس وقد غادرت الوطن عام 1981 وبعد ها عدت عام 2009 لكي احصل على حقوقي ولكن دون جدوى ليومنا هذا لكي اشمل بقانون اعادة المفصولين السياسين والامر هنا ان اويد كلامك وما طرحته ولكن ذرفت الدموع عندما وجدت كل ما طرحته في مقاللك الجيد مفقود ويا عجبا حتى الشخاطه تستورد من باكستان وعدت للمهجر ومعي هذه الشخاطة!!!!!!! وماذا اتحدث فالحديث طويل لكن دون جدوى نعم كانت نهضة صناعية جبارة والحق يقال الا ان الصهيونية واذنتبه هدموا عراقنا وشكرا لك وانا سعيد ان اتحدث معك ومتابع لمقالاتك والى اللقاء


2 - اتذكرك جيدا تحياتي
ليث الحمداني ( 2010 / 12 / 8 - 19:34 )
الصديق الاستاذ د. محمد علي الحكيم
تحية
كيف لااتذكرك كنت احد الكوادر البارزة في قسم الدراسات في الصميم والانشاء الصناعي وكان رئيس الدائرة الاستاذ عباس عبدالمجيد واذكرك ناشطا ابان الجبهة الوطنية واتذكرك جيدا في البحث والرقابة الصناعية تحياتي لك ولااستغرب عدم شمولك بقرار عودة المفصولين فقد كنت يساريا وحوربت من قبل البعض واضطررت لترك عملك لاتستغرب كلنا في الهم شرق اتمنى ان تكتب لي


3 - آلم الصناعة
د عباس التميمي ( 2011 / 2 / 7 - 21:40 )
استمتعت بكتابة الباحث ليث الحمداني ولاهتمامي بالصناعة العراقية اجد نفسي ملزا بالتعقيب عليه حيث يتوفر لي من الوقت واشير الى ان السيسة الت اتبعت في بداية السبعينات والتي ادت الى تاميم النفط وقيام الجبهة الوطنية كانت وراء التغيرات الجذرية في التطوير الصناعي حتى ان الجزراوي عندما اصبح وزيرا قال استقطعنا 40 مليون من افواه الناس لبناء الصناعة وكانت خطة التنمية القومية الاولى رائدة في تطوير الصناعة عندما كانت مديرية التنمية الصناعية تمتلك القدرة على ابداء الراي وخصص للمشارع الصناعية في البصرة من اسمدة وبتروكيمياويات والحديد والصلب ومشارع للمواد الانشائية وارصفة على خور الزبير وتطوير الموائ التجارية والنفطية الى غير ذلك واخذ الخصائص الجغرافية بنظر الاعتبار واصبح العراق على عتبة البناء الصناعي لكن وقيل قاتل الله لكن تغيرت السياسة بعد ذلك ودخل العراق الحروب القاتلة ففقد الرجال والمال والصناعة بل ان ما هدم يفوق ما بني .......وللحديث صلة شكرا للحوار المتمدن وتحية للسسيد الحمداني


4 - آلم الصناعة
د عباس التميمي ( 2011 / 2 / 7 - 21:42 )
استمتعت بكتابة الباحث ليث الحمداني ولاهتمامي بالصناعة العراقية اجد نفسي ملزا بالتعقيب عليه حيث يتوفر لي من الوقت واشير الى ان السيسة الت اتبعت في بداية السبعينات والتي ادت الى تاميم النفط وقيام الجبهة الوطنية كانت وراء التغيرات الجذرية في التطوير الصناعي حتى ان الجزراوي عندما اصبح وزيرا قال استقطعنا 40 مليون من افواه الناس لبناء الصناعة وكانت خطة التنمية القومية الاولى رائدة في تطوير الصناعة عندما كانت مديرية التنمية الصناعية تمتلك القدرة على ابداء الراي وخصص للمشارع الصناعية في البصرة من اسمدة وبتروكيمياويات والحديد والصلب ومشارع للمواد الانشائية وارصفة على خور الزبير وتطوير الموائ التجارية والنفطية الى غير ذلك واخذ الخصائص الجغرافية بنظر الاعتبار واصبح العراق على عتبة البناء الصناعي لكن وقيل قاتل الله لكن تغيرت السياسة بعد ذلك ودخل العراق الحروب القاتلة ففقد الرجال والمال والصناعة بل ان ما هدم يفوق ما بني .......وللحديث صلة شكرا للحوار المتمدن وتحية للسسيد الحمداني


5 - تدمير المشاريع الصناعية
عباس التميمي ( 2011 / 2 / 26 - 21:32 )
ان من المؤلم ان تستهدف الصناعة وهي اساس الاقتصاد والتطور والتشغيل وتوفير السلع للناس ولذا فان اي جهة تستهدفه او حتى لا ترعاه معادية لجماهير الشعب
لقد شكل حرق مصفى بيجي في 26 شباط جريمة على كل قوى المجتمع استنكاره وادانته ان العالم يركض وراء القرش والفلس والمليم وهنا تدمر الملايين من العملة الصعبة ان رثاء المعمل غير كافية وعلى البلد اتخاذ اساليب للتعويض كبناء مصافي في جهات اخرى
ان ضرب بيجي ضرب لمصلحة اهل بيجي اولا كما ان ذلك يؤثر في بيئتهم الملوثة ايضا ويقلل
من حصولهم على المنافع من وجوده وكان عليهم الدور الاكبر في حماية مصالحهم


6 - مبالغة في تحديد ايجابية القطاع الصناعي في العراق
ارام حمه ( 2012 / 7 / 8 - 18:29 )
للمعلومة المبالغ التي رصدتها الحكومة العراقية لمصنع الاسكندرية للصناعات الخفيفة كانت توازي في حينها ميزانية ليبيا والنتيجة هي لاشيء كهربائيات ديالى تبيع الانتاج بخسارة 50% ماالداعي لهذه الخسارة واعتقد في وقتنا الحالي ونحن بهذا التأخر والتخلف الصناعي قد نبالغ في محاولة احياء القطاع لأن الدول الصناعية الكبرى تعجز في بعض الاحيان منافسة الصين الشعبية فما بالك بالعراق ..تحياتي

اخر الافلام

.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل


.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ




.. متحدث مجلس الوزراء لـ خالد أبو بكر: الأزمة الاقتصادية لها عد


.. متصل زوجتي بتاكل كتير والشهية بتعلي بدرجة رهيبة وبقت تخينه و




.. كل يوم - فيه فرق بين الأزمة الاقتصادية والأزمة النقدية .. خا