الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدم خير أميرة فيلية ثائرة

ماجد السوره ميري

2010 / 12 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بقلم : رضا شوان
ترجمة : ماجد السوره ميري
"الأسود حين تخرج من عرينها أسود، ذكرا كانت أم أنثى" مثل كوردي
تاريخ شعبنا القديم و المعاصر مليء بالفخر والعظمة، وصفحاته الذهبية تزينت باسماء عشرات النساء البطلات على كل الصعد، وكلهن مارسن أدورا مؤثرة على صعيد معين خدمة ودفاعا عن الكورد وكوردستان، في العلم والمعرفة، في البناء الحضاري، منهن من كانت أميرة و وجيهة وقائدة وفارسة شجاعة وثائرة وبيشمركة وحاكمة وعالمة وحكيمة وسياسية وشاعرة وكاتبة و ضابطة وأستاذة جامعية... بل وحتى نائبة برلمانية.
ولو أمعنا النظر في الرحلات و المذكرات والكتب والكتابات التي خطتها أقلام الرحالة والسواح و التجارالاجانب، الذين مروا بكوردستان ورأوا بأم أعينهم دور وفاعلية المرأة الكوردية، ودونوا ذلك بضمير حي... يؤكدون على تلك الحقيقة القائلة أن المرأة الكوردية أنموذج للمرأة الشرق-أوسطية... فهي أكثر حرية و تحركا من المرأة الفارسية والتركية والعربية، وتناضل وتخدم جنبا الى جنب الرجل في كل الميادين... وقل نظيرها في العالم كله في القتال الى جانب الرجال.
الأميرة الخالدة "قدم خير" واحدة من مشاهير نساء الكورد، وهي البطلة والقائدة الثائرة الكوردية الصلدة، وهي الفارسة المقدامة الشجاعة الهمامة، التي قل نظيرها في حبها للكورد وكوردستان، فقد كانت كوردستان أغلى عندها من الروح والحياة، وكان أملها ان تتحرر كوردستان والكورد من المحتلين العنصريين القساة، ولم تخش التضحية والفداء والجود بالنفس من اجل هذا الهدف المقدس. فما عادت تطيق الظلم والجور والاضطهاد الذي تعرض له الكورد على يد شاه ايران رضا بهلوي، وجسدت المثل الكوردى الذي يقول "عش قليلا ولكن عش عظيما" فكانت تفضل ذلك على حياة الأسر والعبودية، وحملت سلاح (الكوردايتي) والرجولة و قامت باعلان الانتفاضة والثورة في منطقة لورستان في كوردستان الغربية... وقد تزامنت هذه الثورة مع ثورة القائد الكبير سمكو الشكاك (اسماعيل خان الشكاك)، وثورة الآذريين في ايران ... وبالمقارنة مع القائدة الثورية الفرنسية (جاندارك) ضد الانكليز الذين احتلوا بلادها، نجد ان قدم خير الكورد أشجع منها، ولكن الاثنتين قضتا غيلة وغدرا.
الأميرة(قدم خير) ابنة الامير (قند القلاوندي)، الذي كان أحد أمراء إمارة لورستان الصغرى.. من قبيلة لورية فيلية، معروفة بالبطولة و الشجاعة وحب وعشق الكورد وكوردستان. وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ولدت قدم خير(المؤسف انه ليس هناك مصدر يشير الى سنة ولادتها و موتها)، كانت قدم خير فتاة جميلة ممشوقة القوام ذكية و واعية وذات فكر لماع، وفارسة شجاعة ومحبة لكوردستان، وصارت مادة للعديد من الأشعار و الأغاني خصوصا باللهجة الفيلية، التي بقي صداها حتى يومنا هذا على لسان الكورد الفيليين، والتي تتحدث عن شجاعتها وبطولتها وثوريتها.
وفي سنة 1925 قام الشاه رضا البهلوي بقتل شامراد خان، آخر امراء امارة لورستان الصغرى غيلة وغدرا، وهو شقيق قدم خير، ما أثار غضبها وحنقها على الشاه .. وتوعدت ألاّ تقبل بالظلم والاضطهاد، وألاّ تدع بلادها لقمة سائغة، يقوم الشاه بالتهامها.. واستطاعت في فترة وجيزة أن تجهز جيشا من الكورد الفيليين وأعلنت الانتفاضة والثورة وقادتها بنفسها وأرادت أن تعلن استقلال لورستان، وجعلت من جبال لورستان الحصينة معقلا للثورة وهاجمت غير مرة قوات الشاه من عدة جهات والحقت بها خسائر كبيرة وغنمت الكثير من الأسلحة والأعتدة، فحاول الشاه ان يخدع العشائر الكوردية بإغرائها بالمال والمناصب ويجعل منها جحوشا مرتزقة لمواجهة الثورة غير أن هذه العشائر أبت هذه الخيانة ولم تقبل أن تلطخ ايديها بدماء بني جلدتها، فقامت قوات الشاه بهجمات اخرى ضد الثورة ولكنها جوبهت بالارادة الفولاذية للثواروحملاتهم وضرباتهم المميتة التي أوقعت بهم أفدح الخسائر... واستطاعوا في مدة وجيزة تطهير كامل مناطق لورستان من جيش الاحتلال.
وحينها أرسلت الأميرة قدم خير وفدا الى الشيخ محمود الحفيد يحمل له رسالة شرحت فيها المظالم التي تعرضوا و يتعرضون لها، وكيف ان الشاه رضا البهلوي قتل أخاها الأكبر الأمير شاهمرادخان غيلة وغدرا، وطالبت الشيخ الحفيد توحيد جيشيهما وان يهاجموا بقوة واحدة المحتلين في شرق وجنوب كوردستان .. وكتبت له أيضا بأنها على استعداد ان تكون بإمرته، هي و جميع الثوار مع كامل أسلحتهم وأعتدتهم التي تكفي مؤونة قتال سنتين كاملتين... إلا ان الشيخ لم يصغ لطلبها، ويقال بانه خشي إن اتفق معها فسيبتعد عنه فرسانه لاعتقاده بانهم بسيئون فهمه، ويظنون ان الشيخ إنما يفعل ذلك طمعا في ثروة وجاه أميرة غنية.
وبعد ان تكبدت قوات الشاه هزائم عديدة، لجأ الى التحايل و الكذب، فارسل وفدا الى الأميرة قدم خير مع مجموعة من الهدايا القيمة، وعدها من خلالهم ان يقوم باصلاحات وعمليات إعمار في لورستان وأن يرفع المستوى المعيشي لسكانها، وأعلن عفوا عاما عن جميع الذين رفعوا السلاح ضده وطلب يد قدم خير للزواج منه. فغضبت قدم خير من الوفد وأمرتهم ان يحملوا كل ما جلبوه من هدايا، وان ينقلوا له نص كلامها الآتي :"انا لست امرأة لأتزوج، إنما أنت امرأة". فقد كانت قدم خير على علم بنوايا وأهداف الشاه الخبيثة، ولكن وللاسف صدّق عدد من الثوار بالعفو الذي أصدره الشاه، فسلموا أنفسهم مع أسلحتهم للشاه، الأمر الذي أضر كثيرا بالثورة.
وحين علم الشاه بموقف الأميرة قدم خير استشاط غضبا وتوترا، وجهز جيشا جرارا مزودا باقوى الأسلحة وتوجه به نحو لورستان، ولم يدع هذا الجيش أمرا شائنا الا وفعله، فقام بقتل المئات من الاطفال والنساءوالكهول الابرياء، وخرب ودمّر عشرات القرى واحرقها وسلب ونهب ماكانت تحتويه البيوت، ولكن ورغم كل هذا لم يستطع أن يحتل جبال لورستان.. فقام الثوار بتنظيم صفوفهم في الجانب الجنوبي من منطقة كَرميان، وعبروا تارة اخرى الى لورستان وهاجموا جيش الشاه من عدة جوانب والحقوا به انكر الهزائم والخسائر والأضرار .
وحينما أدرك الشاه أنه من المحال أن يسيطر على المنطقة بقوة الجيش والسلاح وينهي ثورة قدم خير. لجأ مرة اخرى للمكر والخديعة والأيمان الكاذبة والوعود العسلية في مؤامرة أكبر من سابقتها، وعلى الرغم من انها لم تكن المرة الاولى التي يقوم الاعداء بخداع الكورد عبر التستر بستار الدين الاسلامي... فقد أرسل الشاه الغادر وفدا آخر الى قدم خير محملا إياه رسالة أخرى مع نسخة من القرآن الكريم دون على جلده الاول توقيعه مع طبعة يده، حتى يصدقوا بأنه مسلم يخشى الله وقد وضع يده على هذا القرآن دلالة على حسن نيته وجاعلا القرآن شاهدا على ذلك، وكتب لهم عفوا عاما بلا قيد أو شرط ، وأن يعود كل مسلح لداره وعياله، واعدا أن يعمر لورستان أفضل من السابق... وعندما وقعت أعينهم على القرآن الكريم صدق أغلب الثوار وعود الشاه وانطلت حيلته عليهم، فسلموا أنفسهم بأسلحتهم لجيش الشاه... عدا قدم خير وعدد قليل من الاشخاص الذين أدركوا ألاّ حيلة لديهم وليس بمقدورهم فعل شيء أمام جيش الشاه فسلموا أنفسهم أيضا.. وإن كانوا غير مطمئنين للعفو الذي اصدره الشاه... فقام جيش الشاه الغادر في أول ليلة بقتل معظم الثوار واعتقل الأميرة قدم خير و17 من قادة الثورة وأرسلهم الى طهران، وبعد وصولهم بيوم واحد أعدموا جميعا. ويروي البعض، وفي فعل مشين وغادر أنهم قاموا بربط ضفائر قدم خير لذيل بغل ، فتحطم جسمها وتقاطرت دماؤها ومن ثم رموها في زنزانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر