الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نموذج ميؤوس منه*

سعدون محسن ضمد

2010 / 12 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لماذا لم تستفز عملية إغلاق نادي الاتحاد العام للأدباء والكتاب قادتنا السياسيين (العلمانيين) وتجعلهم ينددون بها ويواجهونها بشكل يليق بمن يُقدِّر حقيقة التهديدات التي تستهدف وجوده؟ سؤال لم أجد عليه إلا جواباً واحداً، هو:
لأنهم فاشلون لهذه الدرجة وأكثر.
أن تزحف جحافل الساسة الإسلاميون لمحاصرة النادي الذي تلتقي فيه النخبة التي تغذي خطابك وتحشد لك ناخبيك ولا يستفزك الأمر، فهذا يعني بأنك فاشل ومهزوم ومستسلم. وأن تُعامل طقوسك التي تحب ممارستها، وعاداتك التي تريد الاستمرار باتباعها، على أنها تصرفات مخالفة للقانون ومجانبة للذوق وموجبة للمحاسبة والمعاقبة والإبعاد، ولا يحرك فيك هذا التعامل ساكناً، فهذا يعني بأن الشجاعة قد خانتك لدرجة تستحق معها الشفقة والرحمة. وأن تكون خائفاً ومرتبكاً ومنزوياً في الظلام، فهذا يعني بأنك تحتضر وسيغادرك الأطباء عما قليل وهم يائسون من شفائك.
الكارثة التي نزلت على رؤوس التيار العلماني في العراق أنه مبتلى بقادة سياسيين يخافون الشرائح الاجتماعية الإسلامية من جهة، ويتملقون قيادات هذه الشرائح من جهة أخرى. وفي كلا الحالين تكشف تصرفاتهم عن خلوهم من المشروع وافتقارهم إلى الحكمة. إذ ليس هناك تصرف يجعلك صغيراً بنظر الجماهير قدر خوفك منها وتجنبك الدفاع عن إيمانك بقوة ووضوح أمامها. وليس هناك تصرف يجعلك عرضة لاستهزاء نظرائك ومن ثم اضطهادهم لك، مثل تملقك لهم وتزلفك إليهم.
ما يدركه سياسيونا (العلمانيون) جيداً أن نظرائهم الإسلاميون لن يشركوهم بكعكة السلطة ما داموا بلا شريحة تجعلهم أنداداً أكفاء وتؤهلهم لمنافسة تستحق الاحترام والخوف. ومع أنهم يدركون هذه الحقيقة (السياسية البديهية) إلا أنهم يتعاملون مع التحركات التي تستهدف خنق شريحة ناخبيهم ببرود مخجل ولا أبالية مهينة. على عكس ما حصل ويحصل من تساند بين البعثيين وشريحة ناخبيهم؛ فلم يكن صوت البعثيين قُبيل الانتخابات عالياً وخطابهم صاخباً ومستفزاً ومغامراً لأنهم يؤمنون بحزب البعث وقدرته ـ وهو الحزب المحضور دستورياً ـ على الانبعاث. بل لأنهم أرادوا أن يعيدوا الدماء لجماهيرهم. أرادوا أن ينتجوا خطاباً واضحاً وشجاعاً بقدر يكفي لإقناع الناخبين بقدرتهم على ترجمة الوعود إلى منجزات, ما يقنع هؤلاء الناخبين بالالتفاف حولهم والتصويت لهم. وجاءت نتائج الانتخابات لتكشف عن وعي القادة البعثيين وقدرتهم على فهم الجماهير والتواصل معها بشكل واضح ومباشر. لكن ـ بهذا الصدد ـ ماذا فعل الساسة العلمانيون قبيل الانتخابات؟ لم يفعلوا أكثر من أنهم أنجزوا خطاباً لا هو إسلامي ولا هو علماني ولا هو جامع مقنع بين الخطابين، وهكذا نفخوا بكومة تراب الذهب الذي كان يمثل رصيدهم وسبيلهم الوحيد للوصول إلى السلطة وتركوه نهباً لغرمائهم، ما جعلني أكرههم منذ ذلك الوقت وأصنفهم تحت مرتبة: (النموذج الميؤوس منه).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صراع طبقي
بشار سكر ( 2010 / 12 / 9 - 19:54 )
المميزات الاقتصادية و الستراتيجية التى حصل عليها الرهط الديني لن يتخلى عنها بدون احتدام لصراع بينهم و بين قوى الحداثة و العلمانية و للاسف لا ارى لليوم اي علامة لتجمع علماني حداثي ناهيك عن امتلاكه لقوة يستطيع بها اثبات وجوده في الساحة الاجتماعية و السياسية في العراق


2 - منطق
مازن البلداوي ( 2010 / 12 / 10 - 03:54 )
عزيزي سعدون
تحليل منطقي وواضح وحقيقي،لذا فان انشاء تيارات جديدة او توحيد الجبهات المتعددة امر ضروري جدا وفي هذه المرحلة بالذات،والا فلننسى ماكنا نحلم به ،لأني لاارى اي فعالية لهذه التيارات والأحزاب،ان طريقة واسلوب العمل بين الجماهير مهم جدا ويحتاج الى اناس فاهمين لما يقوموا به،لايقف الأمر عند التنظير وكتابة المقالات او طرح الصحف..........ليس هنالك منبر حر واحد صريح تستطيع ان تسمع صوته؟! فكيف تستوي الأمور؟

تحياتي


3 - حكمة الله البالغة ...فهل من يشتري ؟
احمد مكطوف الوادي ( 2010 / 12 / 10 - 17:14 )
نحن نؤمن بالله الواحد الاحد وايماننا بألله يفترض ان يكون نابع من قناعتنا التي ورثناها في البداية من ابائنا ،فكانت تقليدا وانتهت الى يقين واعتقاد ...
ولذلك يحتم علينا ايماننا بالله ان نتعامل بالحكمة والمنطق العقلائي ....نستلهم الحكمة منه عز شأنه في حكمته البالغة في تصريف الامور لهذا الكون المترامي الاطراف ..لقد عرفنا ان رحمة الله لنا مقترنه برحمتنا لمخلوقاته مضافا اليها امورا اخرى هو يعرفها ...والرحمة فعل مركب مقترن بالعواطف والمشاعر مرة وبالسلوك والتصرف مرة اخرى
لا يمكن للدولة باعتبارها الراعية ان تفرط برحمتها تجاه ابنائها من مختلف الانتماءات وبتنوع السلوكيات فهي الاب والام التي تسهر لرعاية ابنائها
فتوفر لهم سبل العمل والحياة الكريمة والاصلاح والحماية والتعليم والحرية وكل شيء
الله سبحانه وتعالى لم يقطع رزقه عن كل مخلوقاته ..عن البر والفاجر والطير والحوت والابيض والاسود واليهودي والمسلم والملحد
وهو الذي استخلف الانسان في هذه الارض ليكرمها ويعمهرها فيرحم ناسها ودوابها ونباتها وبيئتها
ونحن عبدته ونستلهم منه ونبيه الكريم حكمتنا وتدبير امورنا .... فهل من يشتري ؟


4 - أخفتنا يا سعدون
أسامة الوليد ( 2010 / 12 / 19 - 07:29 )
مع خالص احترامي للكاتب سعدون محسن ضمد
إلا اني اخشى منه ان يتحول نتيجة الضغوط الى تكفيري من ظراز رفيه ( بغض النظر عن كونه تكفيرياً علمانياً أو دينياً ) أعتقد ان طريقة تحليل سعدون تكشف عن رؤية مغرقة في التحليل الايديولوجي المتمظر بتجليات التحرر و الحداثة !!!!! ألم تعترفوا بالديمقراطية ؟ هذه الديمقراطية أقرت المنع فعليكم الطاعة و السكوت ، و أرجو ان تقولوا ان الدستور كفل الحرية في شرب الخمر لان الدستور نفسه منع التعارض مع الشريعة الاسلامية في المادة نفسها


5 - النضال المسلح هو الطريق
علي خلف الساعدي -العراق ( 2011 / 1 / 7 - 11:51 )
اثني على مقالاتك الموجزة بلا خلل ...والوضحة بلا تسطيح

واسمح لي : اقول
العلمانية نخبوية ..والنخبة المتنورة ليست صدامية بطبيعتها

والعراق بلد...لتأخذ حقك فيه ..فعليك اولا ان تَكون مليشيا..وتقتل الناس من خصومك واصحابك تحت شعار جميل (المقاومة..العملاء..الخ)فتأتيك الحكومة ومن خلفها القوى السياسية طائعة مذعنة ..لتقول لك ماذا تريد لكي تنظم الى العملية السياسية..تمنى علينا
....
وعندها حتى الشيخ اليعقوبي سيصدر فتوى ترضية للعلمانيين من باب (دفع الضررين بضرر واحد) او (درئ مفسدة عظيمة)فتستطيع عندهاان تفرض شروطك
هذا هو الطريق قد دللتكم عليه..النضال المسلح او العنف الثوري
هكذا حصل البعثيون على مكاسبهم الجديدة يا سيد سعدون

اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا