الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يحيا العدل..

ريما كتانة نزال

2010 / 12 / 12
القضية الفلسطينية


أقعد قرار محكمة العدل العليا الدنيا التي قامت اثر قرار الحكومة بسحب المركبات الحكومية من عهدة الموظفين في آب الماضي، والذي حصر استخدام المركبات الحكومية بالعمل الرسمي بشكل مطلق، وينص على تحويل معظم السيارات الحكومية لسيارات حركة تدار بشكل مركزي من الوزارات في خدمة الصالح العام.. القرار الصادر عن المحكمة يقضي برد الدعوى المقدمة من نقابة الموظفين باسم عدد منهم؛ ضد سحب المركبات الحكومية من رتبة وكيل مساعد وما دون.
استقبل قرار الحكومة في حينه بالترحاب من قبل المواطنين بشكل عام، حيث أيده 62.6% من المواطنين وعارضه 31.% منهم وفقا لاستطلاع للرأي العام أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر تشرين الأول المنصرم. ويندرج قرار الحكومة في إطار سلسلة من الخطوات المزمع تنفيذها لمعالجة مظاهر هدر المال العام والفساد الإداري. لقد اظهر استطلاع أجراه؛ مركز استطلاعات الرأي والدراسات المسحية في جامعة النجاح الوطنية؛ بأن 93.9% من المواطنين يعتبرون بأن الفساد قد غدا مستشريا في المجتمع الفلسطيني، ويوزع المستطلعة آراؤهم مسؤولية الفساد بين المؤسسات الرسمية الحكومية والمؤسسات الأهلية ومنشآت القطاع الخاص على التوالي ..
ارتفعت المطالبات والضغوط المحلية بضرورات الإصلاح منذ البدايات، وتركزت الانتقادات على طريقة إدارة المال العام وعلى أولويات الصرف وعلى مظاهر البذخ التي لا تليق بشعب يقاوم الاحتلال ويئن من وطأة الفقر والبطالة وسوء الأوضاع المعيشية، وذلك بسبب سياسات الإفقار والإتباع والحرمان التي تتبعها دولة الاحتلال. وعبرت المواقف القاعدية عن نفسها في كل شيء وبكل الوسائل، بل فاقت مواضيع الفساد والإصلاح ما عداها من مصاعب وتحديات وطنية ربما تفوقها في الأولوية وضرورات المعالجة، وأصبحت قضية مطروحة في جميع الندوات والاجتماعات وورش العمل، وتجسدت بشكل فاقع في مواقف الرأي العام التي عبرت عنها الاستطلاعات.
ومع مرور الوقت؛ أخذ الموقف الجماهيري من الفساد وضرورات الإصلاح في التبلور والتعبير عن رفضه في أشكال احتجاجية أعمق وأكثر رسوخا، وأصبح موضوع الإصلاح الإداري والمالي كأحد أبرز التحفظات الإستراتيجية التي يبديها المواطن اتجاه السلطة، ومن ثم لتصبح كأحد المحددات التي توجه انتماؤه وتصويته وانحيازه، بل دفعت الكثيرين إلى اتخاذ مواقف سلبية أكثر دراماتيكية، عبرت عن ذاتها باستخدام الوسائل المتاحة، وعلى رأسها التعبير بواسطة الانتخابات عن رفض الواقع لدرجة العمل على تغيير النظام السياسي رأسا على عقب، بما فيها مظاهر من الارتداد الفكري والسياسي والاجتماعي لدى قطاع واسع بزاوية لا تقل عن مائة وثمانين درجة، للتعبير ليس عن رفض الفساد فحسب؛ بل ورفض اللامبالاة التي شابت أداء السلطة في التعامل مع انتقادات الموطن واحتجاجه.
قرار محكمة العدل العليا يشجع بل يحث الحكومة الفلسطينية على المضي قدما باتجاه استكمال إجراءاتها المعلنة بشفافية، والعمل بذات الوقت على تعميق الإصلاح المالي والإداري، وإلى أن تدفع بخطة التقشف إلى الأمام، وبما ينفذ تطلعها وعزمها على تقليل الاعتماد على التمويل الخارجي باتجاه الاعتماد ما أمكن على الذات.
ان الإصلاح المالي والإداري استحقاق واجب على السلطة؛ وبما يستجيب للواقع الوطني ومتطلبات تعزيز صمود المواطن على أرضه والوفاء باحتياجاته، جنبا إلى جنب مع توزيع بنود الموازنة بشكل يستجيب لأولويات الإنفاق التنموي بدلا عن الإنفاق الاستهلاكي المظهري والأبهة الشكلية، فقد أصبحت تلك المظاهر مستفزة لمشاعر الناس، بل وأكثر من ذلك؛ عاملا من عوامل فقد الثقة ومبررا لابتعاد القاعدة وعزوفها عن العمل العام، ومصدرا لسلبيتها في التجاوب والتفاعل مع متطلبات الانخراط في الدفاع عن المشروع الوطني.
لا شك بأن أمر استمرار مكافحة الفساد يشكل كأحد التحديات التي تواجه السلطة، لكن التحدي الأكبر والأصعب يتصل بمصداقيتها في ترجمة القرار بعدالة واستقامة والحرص على عدم استبدال السحب بامتيازات جديدة، بل الأساس ان تلبي الترجمة والتفسير متطلبات العمل واستعادة ثقة القاعدة. حيث أدى عدم المبالاة في معالجة الفساد مبكرا إلى فجوة بين المسئول والمواطن، التي ربما تمتد آثارها مدة أطول..
وأخيرا، لقد انتصرت محكمة العدل العليا لقرار الحكومة بردها الدعوى، فقد استقبل قرارها بارتياح بالغ من الرأي العام، وبما يعطي الثقة بحكمة ونزاهة القضاء. الأمر الذي سيدفعنا للتساؤل عن ماهية القرار الذي ستتخذه في القضية المرفوعة ضد الحكومة بشأن قرارها إلغاء الانتخابات المحلية، وهل ستتمكن المحكمة من النأي بنفسها عن التجاذب السياسي وتحكم بتخطئة الحكومة وإجراء الانتخابات.. عندها سنتمكن من الهتاف " يحيا العدل.."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق