الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسين ثورة الوجدان محاضرة للمفكر السيد أحمد القبانجي

آريين آمد

2010 / 12 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بدءا وكما أوضحت في المرة السابقة إن أحمد القبانجي بصدد مشروع مهم وهو إزالة كل ما لا يمت إلى ديننا الحنيف بصلة من خرافات ودجل وشعوذة والتي تبغي تضليل الأمة لتصبح سهلة القيادة وربما المستفيد الأول من ذلك هي المرجعية الدينية التقليدية أولا، والأحزاب "الاسلاموية" ثانيا.
إن "الترتيب العقلي" أو ما يسمى بالـ "mind set" أمر مهم للوصول إلى جوهر ما يبغيه هذا المفكر وسط تلاطم الأمواج خصوصا وانه يتحدث بلغة مختلفة، لغة بعيدة عن التطبيل والتكبير، لغة ليست روزخونية، وليست الحادية، انه يتحدث "بلغة العصر". لهذا فان قبول آراءه أو رفضه يعتمد بالدرجة الأساس على الترتيب الذهني الـ "mind set" للمتلقي، فبين الرفض المطلق والقبول المطلق هناك مساحة واسعة لتأمل الأفكار قبل النطق بالأحكام المستعجلة والأحكام المسبقة "prejudice" والتي هي ديدن الكثيرين الذين يسمحون لأنفسهم بإطلاق أحكام الهوى دون التروي فلسنا في سوق المزايدة على الدين، فالدين ليس ملكا لأحد، وعلينا أن نتذكر بان لا شيء مقدس وان كل شيء قابل للمناقشة.
أما لماذا ثورة الحسين "ثورة الوجدان" فلأننا في مناسبة إحياء أيام عاشوراء وأمام حجم اللطم والتطبير والزيارات المليونية وإنفاق الدولارات الكبيرة في غير موضعها ربما نكون في أمس الحاجة لتسليط الضوء على هذه الثورة لاستحضار القيم الأصيلة التي ثارت من اجلها والتي كلفت إمامنا حياته، فهل كان الإمام بحاجة إلى الثورة ليضمن الجنة مثلا؟ أم انه أقدم على فعلته طمعا في السلطة؟ ببساطة شديدة يقول القبانجي لا هذا ولا ذاك. فثورة الحسين هي ثورة الوجدان، هي لم تكن ثورة دينية، ولم تكن ثورة سياسية، فالإمام في كل حركته لم يذكر انه يريد السلطة، ففي أول خطبة له قال " لم اخرج أشرا ولا ضالا ولا مفسدا، وإنما خرجت طلبا لإصلاح أمتي". أما مقولة " إذا كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني" فإنها كانت بيت شعري للشاعر حيدر الحلي أو الحميري.
كان الإمام الحسين يدرك مسبقا انه مقتول ليس لان جبريل اخبر رسول الله بمقتله كما تروج الأساطير، بل لأنه كان يواجه إمبراطور طاغية أقوى منه بكثير. نحن سنتناول الموضوع بعيدا عن الخرافات والأساطير فالإمام الحسين ثار من اجل نصرة المظلومين والتصدي للظالم، وكلا الحالتين تمثلان قيما أخلاقية عالية، قيما وجدانية، إن كتب الاستصراخ التي جاءته من أهل الكوفة هي التي دفعته إلى الثورة رغم إن العبادلة الثلاثة " عبد الله بن مسعود، عبد الله بن عمر، عبد الله بن عباس" نصحوه بعدم الذهاب إلى الكوفة فأهل الكوفة سبق لهم وخذلوا الإمام علي والإمام الحسن.
الثورة لم تكن دينية لان لا يوجد في القران أي نص يدعو إلى الثورة على الظالم بل على العكس هناك آيات عديدة تدعو إلى إطاعة أولي الأمر، لدرجة إن العديد من الغزاة اسلموا بعد سيطرتهم على الأمة الإسلامية، فهولاكو مثلا قد اسلم لأنه وجد في الإسلام تسهيلا لمهمة قيادته لمجتمع إسلامي، فالطاعة في الإسلام مجانية لا تكلف الخليفة أي شيء، والدليل على ذلك ظهور العديد من الخلفاء الظالمين دون أن يثور عليهم احد.
يحدد السيد القبانجي حدوث ثورتين في الإسلام ثورة دينية قادها النبي محمد، وثورة وجدانية قادها الإمام الحسين، ثورة محمد حققت أهدافها بنشر الدين الإسلامي، لكنها أخفقت في خلق الإنسان، فالثورة الدينية لا تكفي لخلق الإنسان، لهذا فقد حصلت تجاوزات كبيرة على الإنسانية خلال الغزوات التي قام بها جند الإسلام، لا بل شهدت ساحة الإسلام قتالا بين المسلمين في عهد أمير المؤمنين، لهذا فالإمام الحسين كان يدرك أهمية الحاجة إلى ثورة تعزز القيم الوجدانية، القيم الإنسانية لدى المسلمين، فما أمس حاجتنا اليوم إلى الوجدان، لأنه من الملاحظ وجود فائض دين لدينا، في وقت يرافقه نقص كبير في الوجدان، وإلا كيف يمكن لنا أن نفسر عمليات القتل التي تجري على يد المسلمين؟ أو نبرر عمليات الذبح على الطريقة الإسلامية التي ابتكرتها القاعدة في العراق وفي أفغانستان؟. بعكس الغرب الذي لديهم دين قليل ولكن وجدان كثير، فنراهم مشغولين بالبرامج التي تساعد الآخرين في كل مكان وبدون تمييز بسبب اللون أو العرق أو الدين. إنهم وجدانيون أكثر منا.
لم تكن إذن ثورة الحسين ثورة دينية لانتفاء الدوافع الدينية فيها، فهو لم يكن يريد الجنة من خلال الثورة، بل اتبع وجدانه واستجاب لصرخة الاستصراخ من أهل كوفة. لان الدافع في العمل الوجداني هو الوجدان فقط ؟؟؟؟.
الفيلسوف كانط كتب على قبره" إني أعجب في هذه الدنيا لأمرين، الأول السماء والنجوم... والأمر الثاني الوجدان". فالوجدان هو صوت الله "، ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها".... الوجدان هو الشرع.
كانت الثورة على عثمان ثورة اقتصادية في الأسباب وفي الدوافع، فالثورة جاءت بسبب سوء توزيع الأموال بين المسلمين، في حين يلاحظ على الانتفاضة الشعبانية التي حصلت في 1991 إنها كانت انتفاضة وجدانية، فلم تكن الانتفاضة دينية، لا ولم تكن دنيوية، فهي انبثقت من وجدان الناس، من وجدان جميع المسحوقين وفي مقدمتهم الجيش الذي سحق كرامته، والدليل عدم تحرك المرجعية، المرجعية لم تؤيد الانتفاضة، وجيش بدر لم يأتي لنصرة الانتفاضة، إنها بحق كانت ثورة الوجدان. ثورة جلبت أضرارا كبيرة، أليس من مميزات ثورة الوجدان القبول بأضرارها!!!!.
كثيرا ما نسمع إن الإسلام في خطر، إنني أقول هذا الكلام هراء، فلإسلام ليس في خطر، لدينا من المساجد في العالم أكثر من الكنائس ولكن المصيبة إن المساجد تحولت إلى أوكار للتفخيخ بسبب انعدام الوجدان لدى المسلم الذي ينفذ أعماله الإرهابية باسم الدين، نحن حولنا ثورة الإمام الحسين من ثورة وجدانية إلى ثورة دينية، الإمام خرج لتحريك وجدان الناس، ولولا ثورته لبقي الفكر الديني دائما مؤيدا للسلطة مثلما حصل للمجوسية والمسيحية، لهذا نجد في الإسلام حصول ثورات عديدة بمعدل ثورة كل 20-30 سنة، مما يعني وجود الحيوية في هذا الدين، تلك الحيوية جاءت نتيجة لثورة الحسين وليس بسبب ثورة النبي، لان القران والسنة خالية من أي دعوة للثورة على الظالم وكما أسلفنا سابقا.
اليوم ثورة الحسين في خطر المحق والمسخ، إنني أدعو المثقفين إلى عدم ظلم الإمام الحسين وظلم التاريخ الإسلامي الذي كله "زفت" بدون ثورة الحسين. لنعمل معا من اجل تفعيل الوجدان في مجتمعاتنا التي تسيطر عليها الجهل والخرافة فلا نريد دين كثير ، بل نريد وجدان حي يعرف الإنسانية من خلال الوجدان..... أخيرا " اعرف وجدانك تعرف الإنسانية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مخلذص
مازن البلداوي ( 2010 / 12 / 14 - 03:14 )
عزيزي الكاتب
هذا الرجل سيذكره التاريخ،على الرغم من انه بحاجة الى الدعم الواسع والقوي ليس لمجرد انه يخالف من هم على الطرف الأخر،لا...بل ان حتى من هو على الطرف الأخر سيشكره ذات يوم على مافعله وسيفعله

تحياتي


2 - ثوره الامام
علی ناجی ( 2011 / 2 / 10 - 16:54 )
بالنسبه الی هذا الموضوع هو موضوع اصبح واضحا جدا للجمیع ولا یقاس بجیش بدر او الانتفاضه الشعبانیه او غیر .


3 - تعلیق
جعفر القبانجی ( 2011 / 3 / 31 - 07:07 )
من معرفتی الشخصیه بهذا الرجل اقول لکم ان احمد القبانجی هذا رجل متقلب لا یستقر علی رای، بل الدین والعقیده والفکر لیس الا لعقا علی لسانه یتبعها ما درت معایشه، فمن کونه یؤمن بان ولایه الفقیه فی ایران هی من اصول الدین ولا یمکن انکارها الی انکاره ولایه الله علی البشر وصلاحیته فی تحدید الولی والخلیفه.
وان اغلب کلامه ما هو الا ادعاءات کلام من دون دلیل، وکل من یراجع ویطلع علی الروایات یجد ان کلامه افراءات، فالرجاء من الاخوه جمیعا ان یسمعوا لجمیع الاطراف وان یتحققوا قبل ان یعتقدوا ویؤیدوا او یرفضوا.
والشهره التی هو فیها هی باب خالف تعرف لا غیر، وهذا الرجل مدعوم دعما شدیدا من اجندات خارجیه

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س