الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و تغسل لي البنطلوووون !!!

نزهة المكي

2010 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


و تغسلي البنطلوووون !!!
جاءت هذه العبارة في فيلم " حين ميسرة " الذي يعالج قضية العشوائيات في مصر و ما ترتب عنها من مشاكل اجتماعية و اخلاقية و اقتصادية ، العبارة رددها رجل من سكان احدى العشوائيات حين دخل بيته او لنقل كوخه و وجد زوجته نائمة على سريره مع احد جيرانه الذي ارتدى البيجامة الجديدة التي تعود للزوج المخدوع ، فنشب الصراع بين الزوج و عشيق الزوجة و الذي تخيل المشاهد انه سينتهي بسفك الدماء ، طبعا فانه لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى الا اذا اريق على جوانبه الدم !! كذلك كان منطق العربي ما قبل زمن الحداثة و العولمة و التحرر من القيم الاخلاقية او الظلامية كما يحب ان يسميها البعض .
المعركة لم تنتهي و لله الحمد بسفك الدماء ، لان الامر هنا لا يتعلق بشرف رفيع و لا علاقة له باي من الصفات و الاخلاقيات الانسانية الرفيعة ، فهذه الاعراف و المبادئ في حياة بطلنا المسكين تعتبر ثراء لا يمكن ان يدعيه او يفكر به وهو يعيش على هامش الانسانية او ربما ابعد من ذلك بما لا يتصوره عقل ، انتهت المعركة باتفاق حضاري ، يستجيب لكل مفردات الحرية و الديمقراطية المعاصرة و منطق العولمة ، فقد اتفق الزوج مع عشيق الزوجة على تطليقها ، شرط ان تقضي ايام عدتها في بيته ، هذا طبعا ليس تطبيقا لما يفرضه الشرع ، و انما لتفي بحاجاته الى ان تاتي من تعوضها ، ثم يعوضه عنها بتزويجه شقيقته لكن الشرط الاهم قبل تنفيذ الشروط السابقة : ان تغسل البنطلون !! بنطلون بيجامته الجديدة الذي كان يرتديه عشيقها و دنسه بوساخته .
هنا نلاحظ كيف صار بنطلون بيجامته الجديدة ارفع قيمة من كل المبادئ و القيم الاخلاقية التي تعارف عليها الناس ، و التي تمنى اغلب المتفرجين ان تهزه للثأر، بل ان هذا البنطلون ارفع قيمة من زوجته نفسها ، و اخت العشيق التي اضيفت للصفقة .
كيف لا وبطلنا يعيش في عالم وصل لدرجة مرعبة في تحقيره للانسانية و استبضاعها ، حتى اصبح من السهل على اي انسان ان يستمتع بجسد انسان اخرحتى لو كان من جنسه ، او يقتله او يشرده ، او يسخره لاي غرض يلبي حاجياته الشخصية ، فالقوانين الديمقراطية و المفاهيم الاستعمارية المنمقة جاهزة للدفاع عن كل من اراد تشويه الفطرة الانسانية و تزييف الحقائق و احلال جنس مكان اخر و مستوطن محل مواطن و انتزاع حق من صاحبه بالقوة و النار ليسند لظالم و مغتصب ، كل ذلك ممكن و جائز المهم ان نحسن اللعبة و المناورة و نحشد كل ما استطعناه من قوة ، لان الغلبة للاقوى بالطبع ، لكن الاصعب من كل ذلك ان نستمتع بلقمة عيش كريمة ، و الحياة بحرية داخل اوطاننا و اعرافنا و تقاليدنا و ثقافتنا و جلدتنا و عزتنا .
ما احوجنا اليوم لتلك الثقافة ، لتلك البداوة ، لتلك الوحشية ، لذلك التخلف الذي يحولنا لكائنات مفترسة في وجه كل من اراد اغتصاب اعراضنا و اراضينا ، تلك الاعراف و الثقافة التي تجعل من المرأة و العرض كما الارض شرفا يراق على جوانبه الدم و ليس بضاعة ارخص من وساخة تراق على سروال بيجامة !!
نزهة المكي
آغدير : 16 ـ 12 ـ 2010 بقلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي