الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلافة والإمامة... جذر الخلاف الشيعي السني... محاضرة المفكر الإسلامي السيد أحمد القبانجي

آريين آمد

2010 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يشخص المفكر الإسلامي عادل رؤوف في كتابه عراق بلا قيادة اختلافا جوهريا بين العمل الإسلامي في إيران والعراق، ففي إيران لم تكن المؤسسة الدينية هي المصدر الوحيد للثقافة الدينية بل كان إلى جانب هذه المؤسسة الدينية ما يمكن تسميته مجازا بتيار المثقف الديني الذي لعب دورا بارزا وحيويا في جدل الحياة السياسية الإيرانية خلال القرن الماضي. هذا المثقف الديني لم يكن صدى لأفكار المؤسسة الدينية إنما كان ناقدا لها مرة وضاغطا عليها مرة أخرى ومتحالف مع تيارها التجديدي مرة ثالثة ومحاسب إياها من خلال إنتاجه الثقافي مرة رابعة.
في العراق ربما تأخر دور المثقف الديني لكنه لم يتأخر إلى الأبد، فها هو المفكر الإسلامي السيد احمد القبانجي يحاول جاهدا فتح كوة في جدران التخلف ليتسلل النور إلى الكثبان التي ظلت لقرون عديدة تحت العبودية، فالعمل الحقيقي الذي يمكن أن يتيح لنا أن ننسج مشروعا للحكم هو العمل الذي يتوجه إلى المنظومة الفكرية، وما دامت المنظومة الفكرية السائدة لدينا متخلفة فلا غرابة أن تفشل جميع الوصفات السحرية لعراق متأزم يوصف أكثر الأحيان بالمنتج للازمات بطبيعته.
استطاع السيد أحمد القبانجي من خلال محاضرته الموسومة "الإمامة والخلافة... جذر الخلاف الشيعي السني" وبأسلوب بسيط وواضح وبأدلة عقلانية ومنطقية أن يفكك اعقد خلاف في التاريخ الإسلامي والذي كلف أرواح الملايين من الناس في سبيل مسألة باتت اليوم عقائدية دينية... والذي في الحقيقة لا أساس له فهو عبارة عن وهم في وهم.
ولنبدأ ببعض الأسئلة "هل الإمامة أصل من أصول الدين يستحق القتال من اجله؟ فإذا كانت الإجابة بنعم فما هو موقف حمزة مثلا أو شهداء بدر أو شهداء أحد من الإمامة؟ فالمسلمون الأوائل لم يعتقدوا بإمامة أهل البيت وماتوا قبل ذلك، فهل يعني هذا إن دينهم كان ناقصا مثلا؟؟!!!!.
إذا كانت مسألة الإمامة بعنوان الخلافة فلماذا يتم التحديد باثني عشر إمام فقط؟؟؟؟!!
إذا كانت الأمة تختار الإمام... فلماذا نكتفي باثني عشر إماما فقط؟!
إذا كانت الحكومة شأنا دنيويا فما معنى أن يتدخل الله في شؤون الناس الشخصية؟؟؟!! أي ما الداعي ليتدخل الله في اختيار الإمام؟؟!!
أمام أسئلة من هذا النوع نحتاج إلى القيام في البحث في جذر المسألة، وبشكل حيادي. حتى وان كنا نؤمن بالمذاهب من باب التعدد الذي هو حق من حقوق الإنسان.
فهل هناك نص الهي في الإمامة؟ وهل لله الحق في ذلك؟
في المسائل الشخصية يلاحظ دائما بان الله يترك لنا حرية الاختيار كما في الزواج مثلا، فأنت تختار زوجتك وليس الله هو من يختار لك الزوجة. كذلك في الحكم فان الله يريد من الحاكم فقط أن يكون عادلا، أما شكل الحكومة فمتروك أمره للناس. أي ليس من اختصاص الشرع أن يجد الحل لكل مشاكل الإنسان الحياتية؟ لان الاتكال على الشرع في ذلك سيؤدي حتما إلى تجميد العقل، وان الرجوع إلى الشرع في كل شيء معناه البقاء في مرحلة الطفولة. من هنا يمكن أن نفسر تخلف المسلمين لاعتمادهم المفرط على الشرع في تسيير حياتهم، إنهم يلغون عقولهم، فيصبح كل شيء في الإسلام مقيدا، ويصبح المسلم مكبلا، فاقدا لإنسانيته، لا بل وصل بالبعض أن يردوا الإرهاب إلى الله، أليس هذا مسخا حقيقيا للإنسان؟؟.
أهل السنة يقولون بان الرسول مات دون أن يترك الحكومة لأحد، أما الشيعة فيقولون إن النبي نصب الإمام علي بعده خليفة على المسلمين.
السيد القبانجي يعتمد نظرية تنطلق من الفصل بين الإمامة الدنيوية والإمامة الدينية... ففي الوقت الذي نجد العديد من الروايات والأحاديث حول فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مثل حديث الثقلين، وحديث الغدير ، وحديث خيبر، ومقولة "أنت مني كمنزلة هارون من موسى" وأخرى عديدة وكلها يتم توظيفها من قبل علماء الشيعية بأحقية الإمام بالخلافة، لان لا توجد أي آية صريحة في القران بان الإمام علي هو الخليفة بعد الرسول. التلقين المستمر هو الذي أدى إلى عدم تفكير الشيعة بهذه المسألة بصورة مختلفة، فأمام رواية "إعطاء الراية لشخص يحبه الله، ويحب الله" فهذه تنطبق على الإمام علي، وتنطبق على غيره كأن يكون عمار مثلا، فما المانع في ذلك؟!.
كذلك الحال مع رواية "أنت مني كمنزلة هارون من موسى" فهارون كان بمثابة وزير لموسى، ثم انه توفى قبل موسى. أي أن هذه الرواية لا تخدمنا في مسألة الخلافة. وكذلك الحال مع " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا" فمن يستطيع أن يجزم من المقصود بأهل البيت؟ لان الملاحظ أن الشيعة يميلون إلى التفسير التعسفي في هذا المجال. لان الله لو أراد أن ينصب الإمام علي خليفة من بعد الرسول فلماذا لم يشير إلى ذلك صراحة في القرآن!!!.
إن جوهر الخلاف السني الشيعي حول الخلافة جاء بسبب، إن أهل السنة يقولون بأحقية أبو بكر في حين يرى الشيعة بأحقية الإمام علي بذلك، فاصل الخلاف إذن هو خلاف سياسي حول من هو الأصلح للخلافة؟ فالإمام علي كان يجد نفسه الأجدر، لكنه لم يذكر أبدا في نهج البلاغة بان الله قد نصبني، ولم يذكر بان النبي قد نصبني باستثناء الخطبة الشقشقية التي قال فيها صراحة بأنه الأولى بالخلافة من عثمان، في حين هناك العديد من الروايات حول تأكيد الإمام رفضه للخلافة وتفضيله باستمرار أن يكون وزيرا بدلا من خليفة، فهو القائل لقومه " وأنا لكم وزير خير لكم من أمير" وفي مناسبة أخرى وبعد مقتل عثمان قال "دعوني والتمسوا غيري"، والتاريخ اثبت بان الإمام علي كان على حق في رفضه الخلافة، ففي عهد عمر كانت الدولة قوية برئاسة عمر ووزارة علي، أما في عهد علي فقد أقيمت الدولة الدينية وكانت افشل دولة في التاريخ، فلا امن، ولا اقتصاد، ولا حتى دين، لان الكثير من المسلمين خرجوا عن طاعة علي فأصبحوا من الخوارج، انهارت الدولة وقتل أمير المؤمنين على يد أهل الكوفة. لهذا فهو لم ينجح في حكومته لا دنيويا ولا دينيا لأنه في الأساس اجبر على قبول الخلافة وكان رافضا لها منذ البداية، لأنه رجل مبادئ ويعرف بان السياسية والدولة لا تحكم بالمبادئ ولكن بالمصالح، الإمام كان يرفض أن يصلح الناس بإفساد نفسه، وخلافه مع أخوه عقيل دليل على مبدئيته العالية، فعقيل لم يطلب إلا دراهم معدودات.
لا احد ينكر على علي إمامته الدينية، ولا يشك احد من أهل السنة باعلميته في الدين، لكن المشكلة تكمن في الإمامة الدنيوية، النبي في الغدير لم يقل هذا هو الخليفة، لكنه أوصى " من كان يريد الدين فليأخذه من علي" ، إلا أن الملاحظ بان علماء الشيعة يخفون متعمدين حقيقة عدم تنصيب الإمام علي من قبل الله أو الرسول صراحة، وهم في هذه النقطة أشبه بأحبار اليهود في إخفائهم للحقيقة عن جمهورهم وأتباعهم، فالإمامة إذن ليست من الله، لان الإمام الحسن تنازل عن الخلافة لمعاوية، فلو كانت الإمامة من عند الله لما تنازل الإمام عليها، فهو إمام صالح ولا يعصي أي أمر من الله.
الإمام علي وطيلة أيام جرحه لم يوصي بالإمامة لحسن، وهنا يؤخذ على الشيعة رفضهم ذلك على النبي وقبولهم به في حالة علي!!!!!، فالمسلمون اختاروا الإمام الحسن وهو قبل به، لان الناس ولوه ذلك، ونفس الشيء حصل في السقيفة فالناس وبعد النقاش اختاروا أبو بكر، واختيار تم من قبل الأنصار، لكن الشيعة يقولون لقد حصل انقلاب عسكري!!!
ربما نحتاج إلى دليل عقلي لمعرفة ماذا جرى بعد موت الرسول ولنستشهد بالدليل العقلي الذي ساقه الشهيد الصدر الأول فهو يقول بثلاث احتمالات:
الاحتمال الأول. أن يترك النبي الناس، وهم يختارون.
الاحتمال الثاني. أن يعين النبي مجلس شورى لاختيار الخليفة.
الاحتمال الثالث. أن يعين النبي شخص ما لولاية الأمة.
فأما ترك الناس بدون شورى فهو أمر غير معقول فلا يمكن للنبي أن يترك الناس سدى.
والنبي لم يعين مجلس شورى لان هذا لم يحصل نهائيا.
إذن فالنبي أوصى بتعين احد ما، وهذا ما يسميه السيد محمد باقر الصدر بالدليل العقلي.
المفكر احمد القبانجي يرى عكس ذلك تماما منطلقا من التفكير بعقلية ذلك الزمان، أي استحضار ملابسات الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي لتلك الفترة، ليطرح سؤالا بسيطا صادما لمستمعيه، هل يعقل أن يختار الرسول شخصا مكروها لقيادة الأمة من بعده؟؟؟ لأنه من المعروف بان "الجميع" كانوا يكرهون الإمام علي لأنه قاتل آبائهم أو إخوانهم أو أعمامهم خصوصا ونحن نتحدث عن العرف الجاهلي الذي يؤمن بالثائر ويؤمن بالانتقام ومحكوم بالحقد، أي نتحدث عن مجتمع مشبع بروح الانتقام، لهذا فان العقل يؤيد اختيار أبو بكر فهو أصلح من الإمام علي، لأنه حتى لو أصبح الإمام علي خليفة في تلك الفترة فقد كان سيتصرف بنفس الطريقة التي تصرف بها أبو بكر محاربا المرتدين عن الإسلام، ولكن السؤال كيف كان سيقاتل وبمن؟؟!!! من كان شيعته في ذلك الوقت؟؟؟؟، فقريش لم تكن مستعدة لدعم علي، وأبو سفيان لا يقبل أن يؤتمر من علي وكذلك خالد بن الوليد، لا بل إن أبو سفيان كان يتمتع بقوة كبيرة وكان بإمكانه أن يقتل عليا بسهولة من خلال انقلاب عسكري، في زمان عثمان جاء جيل جديد ... مات الجيل القديم الذي كان يكن العداوة لعلي ومع ذلك لاحظنا إن أول المنتفضين على علي هم صحابة الرسول (طلحة والزبير ومعاوية)، لا بل رأينا يزيدا بعد ستون عاما يعلن "هذه ثارات بدر وحنين"، لذلك نستطيع أن نقول بان قريش انتصرت على المرتدين بقيادة خالد بن الوليد وعلينا أن نعرف بان خالد لا يطيع علي فهم كانوا في خلاف دائم، ففي يوم الغدير حصل خلاف بين علي وخالد على جارية اختارت علي، فحكم النبي في ذلك الخلاف معلنا "من كنت أنا مولاه فهذا علي مولاه". لهذا لو كان الإمام هو الخليفة في السقيفة لقضي على الإسلام فالناس كانوا يكرهون علي وكذلك قريش وكل المنافقين.
بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب فند السيد احمد القبانجي كل ما يقال عن اللحظات الأخيرة من حياة النبي حين قال " آتوني بأدوات وكتاب لأكتب لكم وصية لن تظلوا بها من بعدي"، وكيف رفض عمر تلبية طلبه قائلا " إن النبي ليهجر" ، الحاضرون في تلك اللحظات كانوا خاصة النبي واقرب المقربين له، حيث تقول الروايات بان انشقاقا قد حصل بين الحاضرين، طرف يقوده الإمام علي وكان معه العباس والزبير وطرف يقوده عمر. ألتيجاني يعتب على عمر معتبرا إياه أصل الظلال واصل ما أصاب الإسلام من شقاق بعد موت الرسول.
لكن العقل يفرض علينا أن نسال من كان يعرف ماذا يريد النبي أن يكتب؟؟ هنا المسألة ظنية في جوهرها، لنقل هناك احتمال أن يوصي النبي بالخلافة، فإذا كان الله والنبي قد أوصى بخلافة علي في الغدير وأمام مئة وعشرون ألف شخص فما قيمة أن يوصي النبي بخلافة علي إمام عدد محدود من خاصته من المسلمين لحظة وفاته لا يتجاوزن خمسة عشر شخصا؟؟، ثم ما قيمة الوصية التي لن يظلوا بها من بعده، هل القران ناقص ليتم إكماله بوصية تمنع الضلالة!!!!! الآن حتى لو أوصى الرسول بخلافة علي فهل كان العرب سيوافقون على وصيته؟؟ فأهل المدينة أكثرهم منافقون، وقريش حديثة عهد بالإسلام، وكل جماعة علي أربعة فقط (عمار، وأبو ذر ، وسلمان الفارسي، والمقداد). فهل يعقل أن يحارب الإمام المنافقين وقريش وأهل الردة معا وأتباعه قليلون جدا!!!!. لهذا ربما شعر عمر بوجود خطر حقيقي على الإسلام لذلك رفض الاستجابة لطلب الرسول قبل مماته. علما بان الرسول عود أصحابه على مناقشته في الأمور الدنيوية، فكان يغير آرائه أحيانا بعد مناقشتهم. لذلك كان يجب على عمر أن يرفض الوصية لكي لا تتمزق الأمة. لهذا أعود واختم بان جوهر الخلاف السني الشيعي حول الخلافة هو وهم في وهم.


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - للحقيقة لا للتاريخ ـ معروف الرصافي
ممدوح الممدوح ( 2010 / 12 / 22 - 03:56 )
باسم الحقيقة المطلقة اللانهائية
الحمد لها والصلاة والسلام منها علينا وبعد فقد كنت اكتب للتاريخ وكنت احسب للتاريخ حسابا واجعل له منزلة يستحق بها ان اكتب ما اكتب حتى لقد قلت فيما قلته من قبل:
واكتب للتاريخ ما انا كاتب ليجعله احدوثة كل فجر
ولكن الايام تنضج المرء بحوادثها فيسنحيل من حال الى حال وينتقل من طور الى طور. حتى أصبحت لا أقيم للتاريخ وزناً ولا أحسب له حساباً لأني رأيته بيت الكذب ومناخ الضلال ومتشجم هواء الناس، إذا نظرت فيه كنت كأني منه في كثبان من رمال الأباطيل قد تغلغلت في ذرات ضئيلة من شذور الحقيقة فيتعذر او يتعسر على المرء ان يستخلص من طيس اباطيله ذرات شذور الحقيقة.:لذا اقول
وما كتب التاريخ في كل ما روت ** لقرائها الا حديث ملفق
نظرنا لامر الحاضرين فرابنا ** فكيف بامر الغابرين نصدق
وما صدقتنا في الحقائق اعين ** فكيف اذا ما كان فيهن مهرق
وهل قد خصصنا دون من كان قبلنا ** بخبث السجايا شذ ما نتحمق
ــــــــــــــــ
تحية اكبار واجلال للسيد احمد القبانجي.اما
التشيع ألآن = نصر سياسي لايران
والتسنن الآن = نصر سياسي للسعودية
والحقيقة ان مصطلح التشيع والتسنن الآن هووهم في وهم

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س