الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بعد المحاصصة

سعدون محسن ضمد

2010 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يخيفني التفكير في الاتفاقات التي أُبرمت بين الفرقاء السياسيين خلال الأشهر المنصرمة؟ ولا أعرف لماذا أتعامل بحساسية، وربما بسوء ضن، مع الأنباء التي تتناول تلك الاتفاقات، خاصَّة تلك التي جرت بين دولة القانون وبين أكثر القوى التي حاولت، وإلى وقت قريب، منعها من النجاح في تشكيل الحكومة، أقصد العراقية والتيار الصدري؟
ربما أن خوفي ناشئ من معرفتي بأن هذه الاتفاقات جاءت لتكرس المحاصصة. بالأحرى تكرس عملية تحويل مؤسسات الدولة إلى مغانم ومكتسبات توزع بين الكتل الكبرى، ويتم توظيفها لخدمة الأغراض الحزبية أو الإثنية أو الطائفية.
وربما أن خوفي ناشئ من أن الاتفاقات استطاعت أن تجمع ألد أعداء الأمس القريب في إطار حكومة واحدة، الأمر الذي يثير الحفيظة حول طبيعة التنازلات التي يمكن لها أن تُحَوِّل العداوة إلى صداقة وشراكة!؟ وفعلا ما الذي كان عالقاً بين دولة القانون وبين أشد القوى اختلافاً معها في الدورة السابقة؟ كالقائمة العراقية، والتيار الصدري.. ما طبيعة المعركة التي نشبت بين هذه الأطراف، وما طبيعة الأدوات التي استخدمت لحسم نتائج هذه المعركة لصالح دولة القانون؟
إن استذكاراً بسيطاً للأحداث التي جرت خلال الأربع سنوات المنصرمة، تكشف لنا بأن الميدان الذي تعمل فيه الهيئات المستقلة وبعض الأجهزة الأمنية، شكل الحلبة التي جرت خلالها صراعات هؤلاء المختلفين. ولذلك فأن هيئة المساءلة والعدالة ومجلس القضاء الأعلى شكلا أدوات حسم الصراع (الانتخابي) الأخير بين العراقية ودولة القانون. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فأن الأجهزة الأمنية استخدمت لتصفية الخصوم. وهو ما أشارت إليه الكثير من الاتهامات الموجهة للحكومة السابقة من قبل قوى العراقية والتيار الصدري. ومن جهة ثالثة، فأن الأجهزة الأمنية وهيئة النزاهة ومؤسسات القضاء مثلت أدوات حسم الصراع بين دولة القانون والتيار الصدري، خلال، وبعد، عملية صولة الفرسان.
إذن هل أن مخاوفي وسوء ظني مبرران؟ وهل تضمنت الاتفاقات التي أبرمت خلال مباحثات تشكيل الحكومة، فيما تضمنت، تفكيك المؤسسات المستقلة التي استخدمت في الصراعات السابقة، وإعادة تشكيلها وفق صيغة (تحاصصية) تطمئن مخاوف المتحالفين مع دولة القانون؟ وما هو الإطار الذي ستستخدم فيه هذه الأجهزة ويطمئن تلك المخاوف؟ وكيف سينعكس هذا الاستخدام على مستقبل العملية الديمقراطية؟
هذه الأسئلة هي المحور الذي تدور عليه مخاوفي ومخاوف الكثير من مراقبي العملية السياسية هذه الأيام، وهي مخاوف حرية بأن تؤخذ على محمل الجد، خاصة وأنها تتعلق بنوايا تهدف لضرب البنى الارتكازية في النظام الديمقراطي. فليس هناك سيف أمضى في جسد الديمقراطية من سيف يضرب استقلال مؤسساتها الرقابية.

جريدة الزمان، الخميس، 23-12-2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استشراف
مازن البلداوي ( 2010 / 12 / 24 - 10:14 )
عزيزي سعدون
اعتقد ان اهم مايمكن القلق حوله هو باية صورة سنستشرف السنوات القادمة على ضوء قراءة المتغيرات التي ذكرتها؟ وهل ستكون عوامل مشجعة لمن هم بالخارج للعودة والمساهمة في البناء ام ان الموضوع سيندرج تحت عنوان(أنسى)، هذا باعتقادي هو الأهم،فما حصل قد انتهى وعلينا تقبل نتائجه،ولكن كيف ستكون المرحلة القادمة بعد هذه الدورة البرلمانية،الوزارية؟ من هي الشخصيات التي ستبرز؟ ماذا سيعد الفرد العراقي البسيط لنفسه كي يتلافى السلبيات التي واكبته الى اليوم؟

نحياتي


2 - مازن البلداوي
سعدون محسن ضمد ( 2010 / 12 / 25 - 07:22 )
صديقي العزيز.. تحية محبة
المخاوف التي تكلمت عنها حول تحاصص المؤسسات الرقابية مخاوف حقيقية، وقد سمعتها من قضاة وسياسيين مختلفين، ولك بعد ذلك ان تستشرف السنوات القادمة، لك ان تتخيل حال العراق لو تمكن السياسييون من تحاصص تلك المؤسسات، كأن تأخذ جهة سياسية محكمة التمييز، وأخرى المحكمة الاتحادية، وغيرها تاخذ النزاهة، وتتحول القضية من رقابة الى ابتزاز واخفاء ملفات وتمويه فساد وغسيل أموال... هل تعتقد بان مفوضية النزاهة وبعد معركة الانتخابات الاخيرة ستبقى كما هي؟؟؟؟
تحياتي

اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة