الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصمة في النظرية وفي التطبيق محاضرة للسيد المفكر أحمد القبانجي

آريين آمد

2010 / 12 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعد العصمة من المسائل المثيرة للخلاف بين اهل السنة والشيعة، والتي تحتاج إلى بحث وتحليل لمعرفة منشأها وأسبابها لعلنا ننجح في النهاية إلى التخفيف من التوتر والاحتقان الطائفي المتولد من اعتقاد الشيعة بمعصومية الأئمة والأنبياء في حين يكتفي أهل السنة بالقول بعدالة الصحابة.
هناك غلو لدى كل المتدينين في العالم بشأن تعظيم رموز الدين وخاصة لدى الشيعة، هذا الغلو دفع بالعديد من أهل الشيعة إلى الاعتقاد بان الأئمة قد خلقوا قبل الكون، فهناك روايات كثيرة وضعها الغلاة وتحولت بمرور الايام إلى عقيدة مما زادت من الشرخ بين السنة والشيعة بلغت حد الكراهية، فعندما تتحول روايات ضعيفة مثل قيام جبريل بهز مهد الإمام علي إلى معتقدات دينية فهذا يعني غيابا تاما للعقل. والمصيبة انه لدى البحث في القرآن أو السنة يلاحظ عدم وجود أي ذكر لمسألة العصمة لا بل نرى نصوصا عديدة تؤكد بشرية الأنبياء والأئمة، فالقرآن لم يقل بعصمة النبي، والرسول لم يذكر في حياته بأنه معصوم، مثلما لم يقل الإمام علي في نهج البلاغة بأنه معصوم بل قال "إنني بشر ولست فوق البشر".
الغلو المستمر في تعظيم الأنبياء والأئمة جعلت منهم أشباه آلهة، لكن في القرآن آية صريحة حول بشرية الأنبياء مثل "إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي" ، إذن والحالة هذه فالنبي له ميزة واحدة في هذا المجال، ميزة "يوحى إلي" لكن العلماء يركزون على الجانب الغيبي له ويعظمونه على حساب الجانب البشري. لدرجة أصبح الجانب البشري لدى الأئمة والأنبياء منسيا.
إن تعظيم الأنبياء أمر شاع لدى جميع الديانات فأتباع الأديان يحاولون دائما تعظيم الرمز الديني من خلال الأساطير، فعندما نقرأ ولادة بوذا نجد أساطير عديدة حول ولادته، كذلك في ولادة عيسى فقالوا عنه "ابن الله". اما زرادشت فتقول الاساطير عند ولادته بكسوف الشمس وخسوف القمر والتي هي بالأساس ظواهر طبيعية خاضعة لقوانين الدوارن وباتت معروفة اليوم حتى بتنا نستطيع تحديد مكان ووقت حدوثه بالثواني. كذلك الحال مع ولادة النبي فيقولون بان النجوم اندثرت، وطاق كسرى انفطر، وقصص عديدة تتعلق بولادة الإمام علي وكيف إن جبريل كان يهز مهده.
يعود السبب لكل الحالات أعلاه وغيرها إلى الدافع النفسي، فعندما يتشبث إنسان ما بصنم أو بشخص، فهو يحاول أن يضفي عليه طابع الإلوهية أو الغيبية حتى يتمسك به، ونفس الشيء يحصل مع الإنسان الشيعي المسكين الذي يشعر بثقل الشريعة، فهو يلجأ إلى نظرية التعويض أو نظرية الجبران فيعظم إمامه ليشعر بأنه من أهل النجاة. يعظمه من اجل الشفاعة، ليعيش مطمئنا بشموله بشفاعة الإمام يوم القيامة. الشيعي يستمر بتعظيم الأئمة وينفخ فيهم تماما وكأنه ينفخ في بالون، وكلما نفخ أكثر كلما كبر البالون أكثر، ولكن هذا البالون قابل للانفجار عند أول وخزة إبرة، القبانجي اعتبر محاضرة "العصمة في النظرية وفي التطبيق" بمثابة الإبرة التي ستفجر البالون. فإذا كانت العصمة مهمة إلى هذه الدرجة فلماذا لم يأتي ذكرها في القران أو السنة أو حتى في نهج البلاغة؟؟؟؟؟؟.
في القرآن توجد قصص كثيرة حول أخطاء الأنبياء فيونس ابتلعه الحوت لأنه اخطأ، وموسى قتل نفسا بشرية بريئة لأنه استنصر لشخص من قومه، وداوود الذي كانت له 99 زوجة وجارية طمع في زوجة الرائد اوريا، وأيوب شكك بزوجته لأنها تأخرت عنه ساعتين بعد أن كانت خادمة له طيلة مرضه الذي دام سبع سنوات، أما إبراهيم فقد فسر حلمه بطريقة فيها إساءة حتى لرب العالمين، فكيف يمكن لنبي أن يفسر حلمه وهو يذبح ابنه بان الله يأمره بذلك؟؟!!، وطفله كان صغيرا لم يتجاوز السنتين فقط. حاشا لله أن يأمر بالفحشاء أو بالسوء. لماذا لم يفسر حلمه بأنه من الشيطان ليكون اقرب إلى العقل؟؟. أما النبي محمد فقد"عبس وتولى"، لا بل انه غضب غضبا شديدا عندما رأى جثة حمزة ممثلا بها فقال قولته الشهير " لئن مكنني الله من قريش لامثلن بثلاثين رجلا منهم" وكادت أن تصبح عرفا لان جميع المسلمين حوله اقسموا على غرار نبيهم أن يمثلوا بقريش، فمنهم من اقسم على عشرة ومنهم من اقسم على أربعين أو خمسين وهكذا، لتنزل في اليوم التالي آية قرآنية صريحة تمنع ذلك وتوصي بواحد مقابل واحد "، وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم". فلو كان الأنبياء معصومين لما حصلت كل تلك الأخطاء ولما نزلت آيات فيها تصحيح تارة، وتوبيخ تارة أخرى، بسجن نبي في بطن الحوت إلى يوم القيامة لولا استغفاره وتوبته " وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن إن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات إن لا اله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " . فإذا كان الأنبياء غير معصومين فكيف بنا أن نصدق بمعصومية الأئمة؟ والتي تتعارض نصا مع الآية القرآنية "وقل ربي زدني علما"، تلك الآية الصريحة التي تنفي امتلاك الأئمة لكل العلوم منذ الولادة، فالإمام علي يقول في نهج البلاغة "علمني الرسول ألف باب من أبواب العلم وكل باب يفتح على ألف باب"، وهذا يعني بأنه لم يكن يعلم لولا أن قام الرسول بتعليمه، فهو كان يأخذ العلم من النبي تماما كأي إنسان يطلب العلم ممن هو اعلم منه. وبالمناسبة كان كل العلم الذي أخذه يخص الشريعة تحت أبوابها العديدة كالطهارة أو الدية أو الزكاة.... الخ . وليس فيه أي شيء يتعلق بالعلوم الطبيعية مثل الفيزياء، الكيمياء، الذرة، أو النظرية النسبية.... الخ.
إن الإيمان بعصمة الأنبياء والأئمة يترتب عليه الأمور التالية:
1. حرمة التبليغ. فالمعروف إن الرسول كان يرسل المبلغين لتعليم الناس فإذا كان المبلغون ليسوا من المعصومين فهذا سيقود حتما إلى احتمال أن يخطا المبلغ ويعلم الناس اشياءا خطأ، فهو في النهاية إنسان وهو قابل للخطأ والنسيان.
2. حرمة التقليد. فالشيعة يقولون بالتقليد ويعلمون جيدا بان المجتهد ليس معصوما ولكنهم يصرون على التقليد ويفتخرون به ويعتبرونه ميزة لهم في حين إن التقليد يزيدهم تجميدا للعقل. فإذا كان المرجع غير معصوما فكيف لي إذن أن أقلده؟؟. العصمة تمنع التقليد. لأننا ببساطة شديدة وأمام مسألة واحدة قد نستفتي بها أمام مجموعة من المراجع يصل عددهم إلى عشرون مرجع فلربما حصلنا على عشرون فتوى، فقطعا ستكون فتوى واحدة صحيحة وتسعة عشر غير صحيحة.
3. الملازم الباطل الآخر لنظرية العصمة هو إن النظرية تنفي نفسها بنفسها. لأننا لو دققنا في القرآن لوجدنا نصوصا وآيات تخالف العقل وتخالف الرحمة. مثل إقدام إبراهيم على ذبح ابنه لو لا رحمة الله أو قصة الطوفان في عهد نوح، فهل يعقل أن يعاقب الله الناس جميعا ويغرق حتى الأطفال مثلا لان قوم نوح لم يسمعوه. أو هل يستوجب ناقة صالح عقابا استمرت لمدة ثمانية أيام بلياليها، ويشمل العقاب بالتأكيد الأطفال الذين لا ذنب لهم.
قطعا إن العقل الوجداني أو العقل الإيماني يرفض تصديق روايات كهذه فالله قد اغرق مدنا كثيرة لم يسمع بها حتى نوح مثلا، لان الفيضانات تحصل عند عدم توفر سدود على مجاري الأنهار وخاصة في مواسم الأمطار (فبغداد كانت تغرق في الخمسينات). لذلك نستطيع أن نقول بأننا أمام قراءة النبي لمسألة الطوفان في عهد نوح سنصل إلى احتمالين:
أ‌. الله اغرق قوم نوح بسبب ذنوبهم، وهذا يجعل من الله ظالما لأنه شمل الجميع بعذابه فهو لم يغرق المذنبين فقط ، فالفيضان كان عاما وشاملا ولم يقتصر على الموصل فقط موطن نوح.
ب‌. أو أن تكون قراءة النبي غير صحيحة. وأمام الاختيار بين أن يكون الله ظالما أو أن يكون النبي غير معصوم نترك الاختيار لمن يحكم عقله.

في النهاية يلاحظ بان احمد القبانجي يعتمد أسلوب الصدمة في طرح أفكاره ويستخدم عبارات تصل لدرجة السخرية أحيانا من عقول أصابها العفن، عبارات تربك مستمعيه خصوصا من الذين يستمعون لأفكاره للوهلة الأولى والذين يفتقرون إلى المرونة الفكرية التي تسمح بمناقشة كل شيء من اجل الحقيقة، فمن كان يريد الحقيقة فليستمع ويستمتع بمحاضرات هذا المفكر، لأنني شخصيا استمتع بمحاضراته المستفزة للعقل الرجعي الذي خدرنا لعقود وقرون.


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما احوج ألعالم ألأ سلامي إلى مثل هذا المفكر
جعفر محمد ( 2010 / 12 / 29 - 09:18 )
كلما قرات مقالات السيد القبانجي إزداد لدي قيمة العقل الذي غيب تماما في عالمنا الأسلامي وخاصة عندنا نحن الشيعة المضحوك عليهم منذو امد طويل من قبل ما يعرف باالفقهاء او ما يسمون ظلما بعلماء الدين والدين منهم براء وقد صدق قول بحر العلوم:

ليس هذا الدين دين الله بل دين الطغاة لفقوه من احاديث شياطين الرواة

وادعوا ان من الله نظام الطبقات

اعلى الله مقامك ايها السيد الفاضل وجعلك الله منارا لكشف الزيف وإظهار الحقيقة

ساكون شاكرا لمن يدلني على البريد الأ لكتروني لفضيلة السيد ليتسنى لي مراسلته وبكل صراحة لقد وجدت فيه ضالتي المنشوده

ا خوكم
جعفر


2 - بريد
مازن البلداوي ( 2010 / 12 / 29 - 11:58 )
الأخ العزيز آربين
اسمح لي ان اجيب الأخ جعفر مع الشكر

عزيزي جعفر
نتابع السيد احمد منذ مايربو على اكثر من ستة أشهر،ولايوجد له بريد الكتروني، الا من خلال موقعه، على الرغم من ان الموقع لاييمكن الدخول اليه في بعض البلدان، وتستطيع متابعة محاضراته ولقاءاته الموجودة على اليوتيوب.

تحياتي

اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت