الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمالة الأجنبية في دول الخليج: عبودية في القرن الواحد والعشرين!

عارف علوان

2010 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


أغلب الذين يكتبون عن العمالة الأجنبية في دول الخليج لا يتطرقون إلى المشاريع العمرانية التي تقام بدافع البذخ والتفاخر أكثر منه للحاجة!
وإذ بدأت دول الغرب تنتبه إلى الجشع القاتل، وأثره في تدهور الاقتصاد، ويبحثون عن حدود لربح البنوك والشركات المنفلت، فإن الجشع يضرب دول الخليج ويهز اقتصادها. ويذهب بعيداً في رفع الأسعار لتنعكس على المواطن العادي، وتهدد الحكومات بنتائج وخيمة، أبرزها لجوء الحكومات، وكلها تملك ثروات ضخمة وبحبوحة، إلى ما يسمى بخصخصة المشاريع، وبعضها خصخصة الثروة نفسها، حيث يخضع النفط والغاز إلى مزايدات أجنبية، وهي ثروة قال حكام الخليج في القرن الماضي إنها ثروة وطنية عامة للأجيال، لا يمكن المساس والتصرف بها من قبل جيل واحد، وإن ريعهما ينبغي إعادة استثمراه ليتحول إلى أصول إنتاجية عامة مردة للدخل! (د. أسعد السعدون)
لكن ما يحدث الآن أن بعض الحكومات تبحث عن الشركات الأجنبية التي تقبل بخصخصة المشاريع الوطنية، وتبيع آبار النفط والغاز لها كما فعلت دولة قطر! أي امتلاكه مقابل دفعات من المال تساعدها على مواصلة البذخ في إنشاء العمران غير المنتج، والمساوي في قيمته النهائية إلى أحجار قائمة لا تدخل أي ناتج (مردود) وتقف أمام الكاميرات للتصوير فقط ثم تودع الملفات!
وتعتبر دولة قطر، التي رعت الإرهاب الإسلامي ودافعت عنه بفضائياتها مقابل أن يعمل خارج حدودها، حسب ما كشفته وثائق ويكيليكس، من أكثر الدول تلاعباً بثرواتها، النفط والغاز، وهي تقوم بالبذخ على مساهمات دولية تنفق عليها مليارات الدولارات، مثل كرة القدم للعام 2020، لينام رئيسها على قفاه، ويحلم بمنافسة نجوم هوليود في الشهرة، بينما هي إمارة صغيرة لا يتجاوز عدد مواطنيها 880 ألف نسمة، وتنتج كميات ضخمة من الغاز (ثالث دولة في العالم) ويعيش بعض مواطنيها على الفتات من خيرات الحكام!
ولا تقل حكومات الخليج الأخرى عن بذخ قطر المرضي، الذي لم يعرق جبينهم في جنيه وإعادة صرفه على أمور تافهة، فقد بلغت فيها قيمة الإنشاءات العقارية تريليون دولار، ولم تكتف دبي – مثلا- بعقاراتها القائمة، بل لجأت إلى تشييد أطول برج في العالم فقط لتسجل رقماً قياساً بموسوعة "غينيس" وإلى جواره أقيم أكبر مركز للتسوق، وتوجد مشاريع القطاع الفندقي التي كلفت نحو 23 مليون دولار مقابل 200 فندق سياحي، وتصل قيمة المشاريع الأخرى حوالي 170 مليون دولار لإقامة منتجع "درة" البحرين، ومشروع "لؤلؤة" الدوحة، وتوسيع مشروع "النخلة" في دبي، وقبل أيام فقط افتتح في دولة الإمارات أكبر نادي للغولف في العالم!
أكبر، أكبر، أكبر حتى من الله الذي يعبدونه في صلاة الأعياد!
لقد تورطت دول الخليج في مشاريع أكبر من قدرتها على توفير العمالة الوطنية لتنفيذها، فجلبت العمالة الأجنبية، كما قالت جريدة الشرق الأوسط 10/5/2008، واندفعت في التشييد العمراني حتى وصلت حدّ الإشباع، لتبدأ المنافسات فيما بينها على الأكبر، والأضخم، والارفه، ولم تتوقف، بل ازدادت جنوناً في وقت يشهد الغرب انهيارات مالية انعكست على تلك الدول، ويتساءل د. أسعد السعدون، الأكاديمي والخبير الاقتصادي:
"هل تساير دول المجلس البنك الدولي ويصبح كل القطاع العام مرشحاً للتحويل "الخصخصة"؟
أعتقد إن الحالة مرشحة للاستمرار، وسيعرف مواطنو الخليج بنضوب ثروتهم خلال العشر سنوات الأخيرة، وسيصبحون مديونين للبنوك والشركات الأجنبية، هذا إذا لم تحتلهم إيران الطامعة بثرواتهم، أو فقرهم!
يجب أن نعرّج الآن على القنبلة التي تسميها دول الخليج "القنبلة الموقوتة" وهي العمالة الأجنبية!
تشير الإحصائيات، ومن بينها إحصائيات الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والأمانة العامة لاتحاد الغرف الخليجي، إن العمالة الوافدة تشكل نسباً عالية. ففي دولة الإمارات تشكل 81.5% وفي دولة قطر 70% من مجموع السكان عام 2006، أما في مملكة البحرين فقد أصبح الأجانب يشكلون نصف السكان تقريباً, وبنسبة 49.4% في نهاية 2007.
وتتركز معظم العمالة الوافدة خصوصاً الآسيوية في قطاع الخدمات، ومنها قطاع المقاولات والبناء والتشييد والزراعة وأعمال النظافة وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والنقل والصيد والأمن والحراسة لدى منشآت القطاع الخاص.... إذن ماذا يفعل المواطنون العاديون؟
وبشكل عام تشكل العمالة الوافدة الآسيوية في الخليج نسبة 69.9% تليها العمالة العربية 23.2%، وذلك لعدم قدرة دول الخليج على توفير العمالة الوطنية كما قالت جريدة الشرق الأوسط، إضافة إلى استبعاد النساء عن سوق العمل إلا بنسب ضئيلة، بينما يشعر الرجل بالغبن والانكسار وهو يرى حقوقه الخاصة وبلده قد خطفت من قبل الأجانب، بعد حصولهم على امتيازات لا يجدونها في بلدانهم الأصلية (صندوق النقد الدولي)
بيدَ أن العمالة الأجنبية مغلوبة على أمرها، فهي تتلقى أدنى الأجور، وتستغلها الدوائر الرسمية، والشركات المعنية باستيرادها، لحاجتهم الملحة إلى العمل، ولم تحظ بأية حقوق إلى أن ضغطت إدارة الرئيس بوش على حكومات الخليج لتحسين قسم من ظروفهم التعيسة.
يحدث في أغلب الحالات أن يعيش العمال الهنود والباكستانين كل 40-50 شخص في غرفة سيئة التهوية، وتخلو من المرافق الصحية، ومياه الشرب، وعندما قامت بعض الشركات ببناء مجمعات سكنية أو مدن عمالية مزودة ببعض الخدمات الإنسانية الأساسية، ما كان من الشركات وأرباب العمل إلا أن زادوا أسعار منتجاتهم وخدماتهم للمستهلك ليحتفظوا بنفس الأرباح فيما لو اسكنوا العمال في هذه المساكن الحديثة. وهذا يذكرنا بدول الغرب التي تزيد أسعار السلع على المواطنين كلما زادت الحكومات الضرائب على الشركات، بحيث ضاعفت الشركات أرباحها ثلاث مرات!
هؤلاء العمال الأجانب الذين وقفوا في ظروف حرّ قاسية، وظروف معيشة أسوأ، الذين هم الذين بنوا الأبراج العالية، ومنتجعات الرفاه، والمشاريع العمرانية والفندقية التي لا يسكنها إلا عدد محدود جداً، بينما يبقى الجزء الأكبر منها شاغراً!
وتعتبر العمالة الأجنبية مجهولة كلياً لدى حديث المسؤولين عن الإنجازات العمرانية المبالغ في رفاهها، ثم يعادون إلى بلدانهم ما إن تنتهي مدة العقود المبرمة معهم، مع ذكرى تحويلات ضئيلة جداً لعائلاتهم! أما "العمالة الوديعة" في البيوت مع ما تلقاه من استعباد وذل غير إنسانيين، فإنها تُبتز من قبل مكاتب الخدمة التي تستوردها، وهم ينتمون، عملياً، إلى فترة العبيد في القرن السابع عشر والثامن عشر في معاملة مخدوميهم لهم، والتي غالباً ما تنتهي بالانتحار، وهم لا يعلمون شيئاً يذكر عن تلك الجهات التي تنذر بـ"القنبلة الموقوتة" التي يمثلونها على دول الخليج، ويتذمر منها المواطنون، الذين سمحوا لحكوماتهم ببيع ثرواتهم الضخمة لكي ينفقوا على رفاههم الخاص!
للمزيد انظر: http://www.arif-alwan.blogspot.com//








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث