الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جداً / الضفة الأخرى

نواف خلف السنجاري

2010 / 12 / 30
الادب والفن


الضفة الأخرى
بلا اهتمام نظر إلى اللوحات المعلّقة على الجدران البيضاء، تخطيط مفّصل لدماغ بشري، وآخر لهيكل عظمي، وثالث للجهاز العصبي.. الملل جعل ذاكرته تسترجع انتظاراته الطويلة في محطات الحياة.. فعندما كان طفلاً انتظر رجوع والده المفقود بلا جدوى، ولمّا صار شاباً ترقب بشوق نتائج الامتحانات، والقبول في الجامعة.. كم طال انتظاره حتى حصلت موافقة أهل حبيبته على الخطوبة.. انتظر قرار تعيينه أعواما عديدة .. انتظر خروجه من السجن سنين طوال، وعودة شقيقه من الأسر إحدى عشرة سنة.. انتظر ولادة طفله البكر ثمان سنوات.. انتظر بمرارة إعادته إلى الوظيفة في حين كان زملاءه ينعمون بالتقاعد.. انتظر صدور كتابه الأول عشرين سنة.. انتظر كثيرا في محطات القطار، المطارات، الأرصفة، صالونات الحلاقة، مواقف الباصات وفي طوابير المعاملات الرسمية،و.....، و.....
عاد للنظر إلى اللوحات المعلقة يتطلع فيها بنظرات فارغة بلهاء..
فجأة قرر أن لا ينتظر بعد الآن شيئاً..!
هم بالخروج، لكن السكرتيرة ابتسمت له قائلة:
- انتظر قليلاً.. ستظهر نتيجة المختبر بعد دقائق.
وحين عادت ومعها ورقة الفحوصات.. كان قد غادر العيادة، واجتاز الشارع إلى الضفة الأخرى من الحياة!

رموز
في طقوس مهيبة، تخللها عزف على الطبول، وإحراق البخور، وزغاريد النساء، ونحر الذبائح.. أنزل شيخ القبيلة التمثال النحاسي المكسور من مكمنه، وسلّمه بوقار إلى شاب قوي قائلاً له:
- ستذهب إلى المدينة وتصلّح تمثالنا المقدس، فاحرص عليه لأنك الوحيد الذي يفهم لغة أهل المدينة!
لفّ الشاب التمثال في قطعة قماش من القطيفة الفاخرة، ووضعه أمامه على الحصان، وانطلق كالسهم صوب المدينة.
وصل سوق(الصفافير)، سأل عن امهر الصنّاع، اخرج تمثاله بتأني وأعطاه للحرفي:
- أريدك أن تصلحه في اقرب وقت.
اخذ الرجل التمثال بلا مبالاة.. رماه فوق كومة من الخردة، وقال ببرود:
- تعال بعد ثلاثة أيام!

بهلول
جميع العلماء اجتمعوا في قصر الحاكم يبحثون في كيفية تحويل التراب إلى ذهب كما أمرهم. فجأة هدر صوت المجنون:
- لماذا تريدون تحويل التراب إلى ذهب؟
الحاكم: يا لحماقتك.. سنحقق كل طموحاتنا..سنستولي على العالم!
المجنون: يهز رأسه بأسى، ويبتسم ساخراً.
الحاكم: وأنت بماذا تحلم؟
المجنون: أريد تحويل ذهبكم إلى تراب!!
الحاكم: ينظر إلى الحضور باندهاش! ويسأله باستهزاء: وما حاجتك للتراب أيها العبقري؟
المجنون: يرنو إلى الأفق البعيد بعيون جامدة:
- سأزرع فيه وردة، وحبة قمح!

السر
اقتفى أثر كلكامش في بحثه عن العشبة السحرية، اجتاز الجبال العالية، قطع الصحارى الشاسعة، اخترق الغابات الكثيفة، عبر البحار البعيدة.. فتّش في كل مكان علّه يكتشف ذلك السر، وحين يأس تماماً، وعاد من حيث بدأ.. تأكد له باليقين الراسخ إن السر يكمن هناك في أعمق أعماقنا!
عندئذ تنهد بحرقة وقال:
- آه لقد فات الأوان!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/