الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى عبدا لقادر الدردوري لن يأخذ منك الموت غير الجسد الفاني

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية

2011 / 1 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية
[email protected] :البريد الالكتروني

تونس في 2 جانفي 2010

إلى عبدا لقادر الدردوري لن يأخذ منك الموت غير الجسد الفاني

لقد انقطع صوتك فجأة ليتوحد بصمتنا وحدادنا عليك... وقد كانت كلمة "الحداد " أخر ما نطقت به قبل أن تتكلم فينا ذكراك الحزينة.. كنت معنا قبل ليلة تناقش" الزوبعة واالحداد" مجموعتك القصصية الأخيرة التي شاءت يد الطاغوت أن تمتد إليها لتسرقها من قرائك ومعجبيك . لن تذهب بعيدا أيها الشيخ الوقور بل ستعود إلينا من ثنايا الذاكرة ومن الشبابيك التي أشرعتها زوبعتك على الأفق الرحب وان لم تر النور . ما أتعس الموت حين يسرقك منا ونحن غافلون... أنت الذي تحديته دائما بقلمك المرفوع كالقبضة الصلبة في وجه االقدم الهمجية . شاركت منارة قليبية في ضوئها ولكنك لم تكن مثلها تشتعل لتنطفئ بل اشتعلت على مدى أربعين سنة حتى احترقت ذات ليلة شتاء باردة لتضيء السبيل أمام من أخطأ طريقه إلى الحرية . ظللت صديقي منارة تنير دربا لبلد في منعرجاته العسس والمخبرون وقطاع الطرق . أولئك الذين منعوك حتى من الشدو وأنت في آخر أيام شدوك المعهود . أرى على جسدك المتعب المسجى على فراش الموت آثار دمك المسفوك جراء تسلقك الجدار الفاصل بينك وبين الحرية، تلك التي وهبتها حياتك حتى لا تكون مثل ذلك الحمار الذي حدثتنا عنه يوما ... أشعره الجملُ بما فيه من ذل ومهانة وحقار حتى أثّر فيه وأقنعه بالهروب من الزريبة المشؤومة والانطلاق نحو النور والتخلص من الذل والعبودية. لكنه بعد أن سار أياما وليالي توقف منزعجا قائلا للجمل:” آه.. لقد نسيت مِقودي في الزريبة. وعليّ أن أعود إليه” وقفل راجعا إلى مقوده، والجملُ ينظر إليه ساخرا، ليقول:” وُلدتَ حمارا و عشت حمارا وستموت حمارا”. ما ذنبك ياصديقي إذا كان الحمارُ حمارا؟ ما ذنبك والبعض يقبل أن يكون ألعوبة في يد الغير مستسلما للقيد الذي كسرته أنت وصرفت من اجل كسره اغلي أيامك وأعز لياليك ؟

أيها الفارس الذي ترجّل.. نم هادئا على سرير إغفاءتك الأخيرة فقد أوقدت حروفك الملتهبة فينا مذ كنا صغارا نتدرب على حروف التمرد نخبئها في دفادر الثورة التي حلمنا بها بواعث يقظة نراها اليوم في حزن شباب يأكله اللهب المستعر ولكن أيضا في ابتسامة الجيل الذي هجر الخوف دياره فانبرى يشدو شدوا فيه بعض من صوتك ومما جادت به قريحتك على مدى عقود من كلمات وشحتها بسخريتك الحلوة المرة. ضحكت من الجميع بل حتى من نفسك أحيانا وظللت تضع ملحتك الذكية بين الحرف والحرف وفي ثنايا السطور تمتلئ بها أوراقك وكراريسك ثم الشبكة العنكبوتية التي كنت تطلع فيها علينا فتسعدنا دائما حتى وأنت حزين. لم تيأس ولم تساوم ولم تحن ظهرك رغم السنين التي تعاقبت عليك لأنك رفضت أن تكون حمارا بمقود أو بغير مقود بل اخترت أن تكون حرا في زمن عز فيه أمثالك حتى خلنا أن الدنيا الفاسدة قد خلت منهم . فالي روحك التحية فما إخالها إلا تسمعني ... فمن كان مثلك لا يأخذ منه الموت غير الجسد الفاني.

عن المرصد

المنسق المكلف بالاعلام

عبدالسلام الككلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري