الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وزارة التعليم العالي ليست مختبراً لقضم الحريات

ماجد فيادي

2011 / 1 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




من غير الصحيح سوء الظن واستباق الأحداث وإطلاق الأحكام, لكن تصريح أي وزير لا بد أن يأخذ على محمل الجد وليس المزاح. ففي خبر لراديو دجلة, وقد نشر على مواقع الانترنت, زار الوزير علي الأديب المرجع الديني بشير النجفي, الذي حمله بعض الوصايا, وفي أهمها ( وضع حد لثقافة الاختلاط والتميع في الجامعات والمعاهد), التي قال عنها وزير التعليم العالي والبحث العلمي (أن وزارته ستكون جادة لآخذ وصايا المرجعية النيرة بعين الاعتبار).
لا يحق لأحد, أن يمنع وزيراً من زيارة أي مرجعاً دينياً, فهو حق شخصي لا يتعارض والدستور في أي بلد, لكن أن يخلط الوزير بين توجهاته الفكرية وهذه الزيارة, حد الأخذ بنصائح المرجع الديني محمل الجد والإعلان عنها, فهو موضوع يدخل في باب آخر غير الحرية الشخصية, لان الزيارة في هذه الحالة, تأخذ منحاً لصبغ الوزارة بصفة دينية, تتبع الانتماء الديني للمرجع الذي استضاف الوزير.على الوزير أن يوضح لنا, عندما قبل بهذا المصب, هل كان يفكر أن المرجع الديني سوف يرسم له خطة العمل, وماذا عن الطالبات والطلبة ممن ينتمون الى أديان ومذاهب أخرى, هل عليهم أن ينتظروا افتتاح جامعات أمريكية وألمانية وانكليزية كي يدرسوا فيها.
لا يخفي على احد, أننا في مجتمع, تسعى فيه الاحزاب الحاكمة, الى صبغه بمسحة دينية, ولعل أهم الوسائل لتحقيق هذه الصبغة, هي مزج إجراءات المسؤولين بفتوى أو تكليف المرجعية الدينية, ومنها ما قام به الوزير علي الأديب وتصريحه لأخذ وزارته ((وصايا)) المرجعية بعين الاعتبار. فأن يسميها بالوصايا, يعني اعترافاً بأنها جاءت من جهة ذات دراية ومعرفة وخبرة, تجاوزت الوقوع في الخطأ. ولو سماها بآراء لكان الموضوع مختلف, لان الآراء تقبل الصواب والخطأ.
جاء في نصيحة المرجع الديني بشير النجفي, المزج بين الاختلاط والتميع, ولان التميع في الثقافة العراقية يحمل معناً سيئاً, ارتبط بالضد من الصلابة والثبات والشجاعة. انه استخدام مقصود, لوصف الاختلاط بهذا المعنى, وعودته على الرجال بالضرر, وجعل المرأة في المستوى الدوني من الموروث الثقافي. لم يتردد المرجع الديني بشير النجفي في محاربة الاختلاط, من استخدام الثقافة التي تركها لنا صدام حسين, وهو يعيدنا الى مفهوم ( شوكت تهتز الشوارب), ليلغي معاناة ومآسي الشعب العراقي جراء أفكار, عادت علينا بالويلات والاحتلال.
يعلم الجميع أن طلاب الجامعات والمعاهد لا تقل أعمارهم عن الثامنة عشر, وهذا يعني أن الطالبة بالضرورة امرأة ناضجة, والطالب رجل ناضج, وفق الشرع والأعراف الاجتماعية في كل دول العالم, إذن الوصاية عليهم والفصل بينهم, إنما هي محاولة لفرض أفكار دينية, باستخدام السلطة الحكومية, وبغير رغبة المعنيين بالموضوع. إنها إجراءات للهيمنة على المرأة,وجعلها في قبضة الفكر الديني. كانت الخطوة الأولى في إلغاء القانون المدني لعام 1958, ثم لحقه محاولات فرض الحجاب بالقوة, ومن ثم الالتفاف على الدستور, وإبعادها عن المناصب الوزارية في الحكومة الحالية وفي رئاسة لجان البرلمان, ثم جاءت توصية المرجع الديني بشير النجفي للفصل بين الطلبة في المعاهد والجامعات.
هنا يبرز سؤال, هل سنشهد فصل جديد بين الموظفات والموظفين, وفصل آخر في استخدام مصاعد العمارات, هذا إذا بنوا عمارات بمصاعد, ودعوة لرضاعة الكبير؟؟؟
إن مسلسل قضم الحريات مستمر وبدون توقف, وغياب التكنوقراط عن الحكومة الجديدة, جاء مكملاً على الإجراءات التي اتخذتها الاحزاب الحاكمة, في منع الموسيقى والغناء, وإلغاء أقسام في معهد الفنون, ورفع التماثيل, وغلق النادي الثقافي لاتحاد الأدباء, هذا يوضح أن الموضوع لم يكن مرتبط بالخمور كما ادعوا, إنما هي سلسلة من قضم الحريات, لن تنتهي إلا بالهيمنة الكاملة للفكر الديني على المجتمع العراقي.
بات من الواضح أن الفكر الديني المتمثل بالإسلام السياسي, يستخدم المنصب الحكومي لفرض أفكاره على المجتمع, وهذا بحد ذاته يخالف الشرع, إذ أن الموظف الحكومي يتقاضى راتباً من الشعب لتقديم خدمة لهم, وإذا استغل هذه الوظيفة لمصلحة خاصة, فانه يخالف الشرع, وما يتقاضاه من اجر إنما هو السحت بعينه.
كنت أتمنى أن اسمع أو أقرأ, أن المرجع الديني بشير النجفي قد تحدث مع الوزير علي الأديب حول قرار مجلس الوزراء, في إعفاء المزورين من عقوبة السجن, لما له من أضرار كبيرة على المجتمع العراقي, والحث على تطوير الجامعات العراقية كي تصل مصاف الجامعات المتطورة في العالم, والبحث عن مقاعد دراسية للطلبة العراقيين المتفوقين في جامعات العالم لنقل المعرفة, وتشجيع البحث العلمي لما له من أهمية في خلق فرص عمل جديدة, كي نرتقي بمكانة الشهادة العلمية الى مرتبتها العليا. لكن الحقيقة أن الإسلام السياسي يتهرب من مشكلة البطالة ونقص الخدمات وضعف الأمن بالهروب الى قضايا جانبية لشغل الشعب عن حجم المشكلة, وان الاعتماد على موارد النفط بعد سرقة معظمها لن يستمر طويلا, ولنا فيما يجري بإيران خير دليل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نقلاً عن الوسط اليوم
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2011 / 1 / 4 - 05:41 )
http://www.wasatonline.com/

قال المشهداني ( قدس سره ) .. ان خيارنا كأسلاميين هو إسلمة المجتمع، ولا بد ان نستفيد من الوضع الديمقراطي لتحقيق مشروع اسلمة المجتمع، وهذه مهمة تاريخية، وحق دستوري، فنحن نعمل ضمن الديمقراطية لتحقيق اسلمة الشعب العراقي !!!! .

اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا