الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواقف ومخاطبات لا تلزم النفري

نقوس المهدي

2011 / 1 / 4
الادب والفن


مواقف ومخاطبات لا تلزم النفري
نقوس المهدي


1 - موقف الحضرة والجذبة
اوقفني على سكة الحضرة، وقال يضل الانسان في حيرة من أمر حقيقة وجوده، وحينما يدرك نصف حقيقته او بعضها يفنى، ولا تستساغ الحياة الا ببطلان اسبابها، والشقي من تمادى واضاع وقته في معرفة كنهها، ففي اعقابها تشقى النفوس، ومن دونها تستريح
وقال: اهرب من الحياة ولا تهرب اليها، فانها تصون من لا يصونها، وتتمسح في من يعرض عنها، والقبر غايتها ومستقر ناسوتها، والعمر محدود، والرزق مضمون، والاحتراس واجب من ما لا ينال، ولا يطال، ولا ينقال .
ثم قال: لا تفوض امرك لكيمياء الصدفة، فما في الجب الا الماء، وما في الجبّة الا الهواء، وما في الجيب الا الهباء، وما في الجراب الا الخواء .
وقال شد امرك على درب الحق الى ساعة بلوغ الحقيقة، وكشف الحجاب عن الحساب، وليكن كلامك مسلحا بالمعاني على مقدار التاويل ومنتهى الغايات، وتحقيق الاستحقاق، وليكن عزمك نبراس عزيمتك يرفعك الى سدة القبول والاصطفاء، وسر مستترا بستائر الاسرار، مستورا بسرابيل الستر، فالاسراء بدون سير لا سر له، والسريرة بدون سر لا سيرة لها، والسائر بدون استتار لا سير له، والمسير بدون سمير لا مسرّة له .


2 - موقف الوجد والحال
اوقفني على باب المواجيد، وقال: هذا مقام الوجد، وبلاغة البلاغة بلوغ المكان والزمان وانت محمول على صهوة التجريد، والوجد مفرد لا يحتمل الجمع، وجمع لا له مفرد في باحة الكلام، ومبتغاه ملامسة الغاية، واصله غرائز الغواية، والعيون وسائطه التي تغني عن الايضاح بالافصاح، فآستهد بوميض عرفانه الوهاج، واستلذ بلذاذات الانكشاف، واستدل بهاتف الوجدان، واستتر بفيء جود دوح البسط ، واستظل بفيض مزنه ما استطعت، ولا تبيتن الا وأنت في حل من كل اضمار واشتهاء ولو في المنام .


3- موقف التسوّق
اوقفني ترجمان الأسواق على بعد من رفوف السوبرماركت، وانا بدون متاع، وقال انت وما تشتهي، والكائن بقدر ما يملك، فكانت البضائع تتمطى وتغمز لي بكيمياء البصيرة، وارنو اليها بيقين التبصر، وانال منها بطول التصبر ما يسد سغب حرماني، وما يكفيني مؤونة الافتتان بالبصر .


4- موقف الوادي والماء
أوقفني على دلتا الوادي، وقال لي: يوجد في الوادي ما يوجد في النهر، ثم قال عم نهرك، واكتم سرك، وامسح الماء بالماء، واياك والبلل، واخش من الانهار الهادئ، ولا تعبا بالهادر، فان من اعاقته الكياسة والحنكة وقصر الذراع، استعاظ عنهم باللغو والقيل وطول اللسان .
ثم أوقفني على بسيط الماء، وقال: هذا موقف افتيناه بافتاء مليح، وأفضاله ليست تحد، ومنه وبه وفيه وله وعليه ما لا يعد لا يحصى.
والماء مياه، ماء الوجه، وماء الحياة، وماء الصلب والغدد، وماء العيون
فماء الوجه يكسب المهابة .
وماء الحياة يجلب الكآبة .
وماء العين يوقظ الصبابة .
وماء الصلب والترائب يحدث الجنابة .


5- موقف النطق والصمت
اوقفني في دوامة السديم، وقال لي: النطق والصمت ضفتان، كالصوت والصدى، والكلمة والمعنى، والضوء والعتمة، والقوس والرمح، والنهر والطمي، والشئ وظله، والليل والنهار، والاشراق والإظلام، فاحتم بدياميس النهارات، وتجل بانقشاع الحنادس.
وقال: الحياة كوائن ازلية، والفيوضات احراجها، والحادثات فرسانها، والموسيقا لازوردها الابدي .
فاكفر بكل نعمة متبوعة بلغط .
ولا تخن ذاكرة مجبولة من صلصالك .
ولا تخذل روحك بسراب خلب .
ولا تغير احلامك بمجد غير جدير بوجودك .


6- موقف القلم و" الكيبورد "
اوقفني في رحبة الاقلام، وقال لي: القلم وشيعة العبارات، ونول العرفان، ومنسج الأفكار، وزوادة المعرفة، وزاد العارف، ومن بات ومعدته فارغة واستيقظ وهو شبعان مؤتدم بسر ولائم اسراره فتلك كفاية الكفاية .
وقال: اصل القلم الجنة، وصلبه رحيق اليقين، وحبره ريح رياحينها، وهو اسبق للوجود، وسره ثاو في حرف مكنون، ومن منتهى نقطته يكون طواف الكون كله، وبه خط الخالق الكون وشرع ابوابه ورسم تفاصيله، ثم كانت الهيولى وكان الماء وكان العرش وكان ما كان .
ثم قال: هو زاد الافكار، ولسانك اللاينطق، والمؤتمن على سور المعارف، وحافظ سيرة اهل الاعتراف من افة العدم، وامانات المجالس من الافشاء، وسره مكتوم على سن لسانه في اللوح المحفوظ، والاحتماء بوارف ظلاله يحمي من وحشة العمه، فاجعله حاجب ارادتك، وترجمان جنانك، ونبع الهامك، وضامن منطقك، ومغنيك عن نطقك واحتياجك، حيثما ضاق افق العبارة، واللبيب اللبيب من صانه وسار في اثره على هدي سطور تخط ، واقلام تقط ، وتجليات علوم تلتقط ، وصحائف تبسط .


7- موقف الأبجدية
اوقفني من دوحة البيان تحت ظل ظليل، وقال: الحروف شجرة الوجود، والكلمات سمت التواجد، وهي ترابها، والمعاني سر الموجودات، وهي فسيلتها، والعبارات مشكاة الانوجاد، وهي فروعها، والكشوفات براهين الجود وهي ثمارها .
وقال: قسم الحرف سره بين الكلمات، فالشجرة معلمة، وثمارها علوم معلومة بحسب عناصر الوجود وعدد المنازل، تنجلي لذوي العرفان، وتنطوي على نبراس النور، وتنجي من عماء العدم، وتبرئ النفس من شقاوة الظلال .
ثم أوقفني على اشارة الألف، وقال: الألف ألق الأبجدية، وأرخبيل الأنس، واصل الأمشاج
وأوقفني على باب الباء، وقال: هنا بدر البداعة، وبوصلة البشرى، وبوتقة البشارة.
واوقفني على جرم الجيم، وقال: في الجيم جزء الجواب، وجمر الجوى، وجزالة التجريد، وجرأة الجهر .
وأوقفني تحت دوحة الدال، وقال: الدال درع الدواجي، وديباج الدلالة، ودفق الدلال .
واوقفني على هالة الهاء، وقال: الهاء هبة الهناء، وهدوء الهموم، وهلال الهداية .
واوقفني على وتر الواو، وقال: هو الواو، وفاض الوقاية، ووميض الوفاء، ووكر الوداعة، ووحم الولادة .
واوقفني على حرف الزاي، وقال: هو زمردة الزهد، وزينة الزهو، وزاد الزمان، وزيق الزنار .
واوقفني على حافة الحاء، وقال: احتمي بحرز الحياء يحفظك من حيرة الحدوس .
واوقفني على طين الطاء، وقال: الطاء طاسين الطمانينة، وطيلسان الطهارة، وطهر الطوية
واوقفني على يم الياء، وقال هي ينبوع اليواقيت، ويناعة الياسمين، ويم اليقين
واوقفني على كفل الكاف، وقال فيه اكتمال الكمال، وكبرياء الكمنجات، وكناية الكينونة
واوقفني على لواء اللام، وقال هو لجين اللفظ، ولباقة الليونة، ولهيب اللوعة
واوقفني على مقام الميم، وقال هي ماعون المحو، ومربد البهجة، ومنتهى الملاحة
وأوقفني على نول النون، وقال هو نبراس النفوس، ونشوة النهاية، ونقاء النوايا
واوقفني على سن السين، وقال بسناء سلافته تستكين السجايا، وتسترخي السرائر، وتستدفئ السلالات .
واوقفني على علو العين، وقال هي عسلوج العناية، وعبق العفاف، وعلامة العشق
واوقفني على فص الفاء، وقال هو فيض الفيوضات، وفيضان الفضيلة، وفخر الفطنة
واوقفني على صرح الصاد وقال هو صهوة الصفاء، وصهد الاصطلام، وصهيل الصبوات
واوقفني علي قوس القاف وقال هو نقس القرطاس، وقرار القناعة، وقناع القهر
واوقفني علي ربوة الراء، وقال بروائها روعة الرشاقة، ورغبة الرغاب
واوقفني على شفا الشين، وقال هو شفاء الشدائد، وشدو الشطحات، وشهقة الشهوة
واوقفني على تلة التاء، وقال بتمامها يكون تمام التواشيح، وتيجان التيه.
واوقفني على خد الخاء، وقال هو خمر الخلود، وخمار الخواطر .
واوقفني على ذروة الذال، وقال هنا ذهاب الذهول، وذوذ الذمام .
واوقفني على ضوء الضاد، وقال هو ضياء الضراعة، وضمان الضرع، وضوع الضمائر
واوقني في ظل الظاد، وقال هو ظلام الظهور، وظمأ الظفر، وظل الظهيرة.
واوقفني على غرة الغين، وقال هو غشيان الغواية، وغدر الغياب، وغموض الاغتراب .


8- موقف الرؤيا
يا أيها النفري
بالأمس حلمت بك
قد تكون انت
وربما طيفك
لم أتبين ملامحك
وحصيلتك من سفر " النطق والصمت "
ولا رؤية ما في جبتك من احلام مؤجلة
كنت تقعي لترتوي على ريق القناعة ماء
وتهب مسرعا كالملتاع نحو عراء العراء
جناحاك الريح
مراياك سراب المفازات
زادك سلافة المشائين
وعلى منكبيك العاريين عبء العزلات
أنت المجبول من أمشاج المنافي
الآتي على صهوة الغيم
لتنتبذ مكانا قصيا في الفيافي
ترمم شروخ الذات
تداري أوجاعك بأوهام القطيعة
وتصغي لكركرة العتمات
وهمس القبرات للطبيعة
وتهلوس بكلام مبين
عن هواجس طاعنة في الضيم
وصداقات ممعنة في الخديعة
......
........


9- موقف الشيخ محمد ابن عبدالجبار
اوقفته في موقف المواقف، وقلت له: ارجع يا ايها النفري يا ابن عبد الجبار، وصن سيرتك الاولى، واحفظ وصاياك .
بيني وبينك علم اذا ناله جاهل تكبر، واذا ناله عالم تجبر، وصحائف لا تتسع لمخاطباتك، وركح لا يسع شطحك، وصنوج كاتمة للصوت، ومطهرات غير قادرة على تنظيف خرقتك، وهواء محشو بنكهة الزرنيخ والاورانيوم المخصب، والديناميت والنفطلين .
عد يا ايها النفري، فقد غاضت بحور الفراهيدي، ومات الشعراء، ومات الشرفاء، ومات الانبياء، ومات الكبرياء، ومات المؤرخون، ومات الضمير، وبهدلتنا الفواجع، وأضحى المدى مشاعا لغبار المدائح والوشاية، وتلصص المرتزقة والمخبرين ..
عد يا ايها النفري، حتى نعتق العامرية من غدر العلوج بآيات بينات من الشعر الرجيم، ونطهر بغداد من هدير الاباتشي، ورجس الشيطان ببلاغة الخطباء المخصيين .


10- موقف الحيرة
فأوقفني في الحيرة وقال .
ودين الرب لم أجد أي جواب .
ماذا فعلنا كي نستاهل هذا العذاب .
أمن الأحياء حقا نحن ام من الميتين .
ماذا اقترفنا كي نشرق بغصة غربتين .
ماذنبنا يا ألله كي نعذب في حياتنا مرتين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا