الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاعة و مذلة للرئيس كلنا عملاء و جواسيس!

خليل الفائزي

2011 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


سبحان الله أصبحنا اليوم نعيش في زمن عجيب عادت فيه سلطة آلهة اليونان و الرومان وأرباب شعوب المايا من جديد و أضحى لدينا اليوم كما في السابق آلهة ليسوا في السماء السبع بل يمشون على الأرض و كل شبه إله عيّن نفسه رئيسا لدولة و صار يحكم فيها كيفما يبغي و يشاء و يصف نفسه (أنا ربكم الأعلى) و حتى بعض هؤلاء اختار له أسماء و صفات نعوذ بالله اكثر من أسماء الله الحسنى واصبح أنصاره والمهرجين له يثنوا عليه بصفات لم يسمعها الأنبياء و الرسل و ان آلهة اليونان و الرومان أضحوا خجلين مستصغرين وهوامش قياسا مع صفات و ثنايا زعماء دولنا العربية و الإسلامية في الوقت الراهن

و بالمقابل فان هؤلاء يرون الناس لاسيما غير الموالين والمطبلين لهم مجرد حثالة او قطيع من الحمير والغنم لابد من ركوبهم وضربهم بالسوط واستغلالهم في مختلف الأمور وممارسة كافة الضغوط عليهم و الاستهانة بهم و ذلهم بشتى الأساليب و نهب ثرواتهم والتعدي على حقوقهم الشخصية و منعهم من إبداء وجهة النظر و وصف المواطنين العادين بمثيري الشغب و تخصيص فيالق أمنية لقمع اي حركة شعبية عفوية وإغلاق الجامعات و تعطيل حركة البلاد و فلترة الانترنت او قطعه لمجرد اندلاع اعتراضات او مرور ذكرى سنوية وطنية و حرمان الشعب من خيرات البلاد و ثرواتها و فرض عليهم الضرائب الباهظة و الضغوط المعيشية و رفع أسعار السلع الغذائية لملأ جيوب السماسرة و التجار من المسئولين وذويهم و سلبهم حق تعيين المصير والمشاركة الواقعية في انتخاب الأحزاب والمؤسسات المدنية الواقعية وغير الحكومية وتزوير نتائج الانتخابات كيفما يريد ويشاء الرب السياسي الحاكم و ممارسة شتى أنواع الاضطهاد و التمييز من خلال تقسيم المواطنين الى موالين و غير موالين للسلطة الحاكمة و تحالف العصابات والمافيا الحاكمة او المحتكرة للسلطة و من الذين يأمرون قواتهم الأمنية و عصاباتهم المنظمة بإطلاق النار على المواطنين واعتقالهم بشكل تعسفي و اغتصابهم او قتلهم في السجون و ذبح خيرة أبناء الشعب تحت ذريعة العمالة للأجانب و الوقوف ضد الحاكم الذي هو بالأساس طاغية ورئيس المافيات والعصابات في الدولة، وإذا تنفس اي شخص او عبر عما يجول في فكره من اعتراضات على الوضع السياسي ونزل البعض الى الشارع اعتراضا على البطالة و الغلاء و إسقاط كرامته وانتهاك حقوق الإنسان فان اتهامات الزعماء عفوا الآلهة الحاكمة في الدول سرعان ما توجه للفقراء والمحرومين من الذين لم يروا سبيلا أمامهم سوى النزول للساحة و إبداء الاعتراض على الآلهة الحاكمة التي نعترف انها لم تدعي حتى الان إنها خلقتهم من تراب و إليها يرجعون!،أسوأ التهم و تنعتهم بالضالين فكريا و المنحرفين سياسيا و المرتبطين بالأجانب و المستلمين لمليارات دولارات من الدول الخارجية

و بما ان التهم الموجهة للمعترضين على الغلاء و البطالة او حتى تزوير الانتخابات واحتكار السلطة من جانب الآلهة الحاكمة جاهزة دوما باعتبارها ماركة مسجلة كلاصقة (لزكة) جونسون المعروفة فان الحكام المستبدين المهيمنين على خلق الله يتعلمون من بعضهم البعض ويتبادلون التجارب من الذين على شاكلتهم حيث أصبحت أختام التهم والتلفيق مهيأة و جاهزة لدى هؤلاء الحكام بتوجيه افتراءات جديدة هذه المرة من خلال اتهام العاطلين عن العمل او المطالبين بحقوقهم و المعترضين على غلاء الأسعار مقابل عدم تحسين الوضع المعيشي للمواطنين انهم عملاء للأجانب و للاستخبارات الخارجية أو ان هؤلاء المعترضين و المطالبين بحقهم الشرعي و القانوني جاءوا سرا من كواكب زحل والمشتري و المريخ الى الدولة الفلانية بهدف زعزعة الأمن فيها والانقلاب على السلطة و تحريض المواطنين على الانتفاضة ضد النظام الذي في الواقع يخشى ظله و يرتعد من الصوت الخافت للمواطنين النجباء

للرد على مثل هذه الاتهامات نقول و معنا المعترضون و المنتقدون أولا:ان عهد دفع الأجانب الأموال و المزايا قد انتهى واصبح في خبر كان، فهم (الأجانب) ليسوا بحاجة لهذا الكم و العدد الهائل من العملاء والجواسيس لان غالبية الشعب هم من الأشخاص العاديين و لا يمتلك هؤلاء اي معلومات أمنية و عسكرية او خبايا و أسرار تهم الأجانب و اذا كان الأجانب بحاجة لمثل هذه الأسرار و المعلومات فانهم يحصلون عليها من أصحابها اي من بعض كبار المسئولين في الدول و الحكومات و معظم هؤلاء هم بالأساس عملاء وجواسيس للأجانب يعملون لصالحهم مقابل الإبقاء على سلطة الحكام او على دعمهم وعدم تهديد حكمهم بالسقوط على يد الشعب
ثانيا:هل من المعقول ان ينزل عملاء و جواسيس الأجانب الى الشارع لإبداء الاعتراضات او تحريض المواطنين ليتم اعتقالهم سريعا و تذهب مخططات الأجانب سدى ام ان العملاء والجواسيس يعملون بصورة سرية جدا و يحصلون على أموال طائلة تمكنهم من الوصول الى ارفع درجات في السلطة والتدرج في مراكز النظام الهامة لكي يخدموا أسيادهم بشكل افضل في سدة الحكم؟.
ثالثا: اننا نتحدى اي نظام او حكومة ان تثبت في محكمة دولية عادلة ان الذين ينزلون الى الشارع و يطالبون بحقوقهم او يعترضون على سوء الأوضاع المعيشية هم جواسيس و عملاء للأجانب، والحقيقة ان كل في الأمر هو ان النظام الذي يعجز عن تلبية مطالب شعبه و يرى اعتراض المواطنين تحد جدي للسلطة واحتمال انهيار حكمه يسارع لتوجيه اتهامات العمالة والتجسس للمعترضين والمطالبين بحقوقهم من اجل تشويه سمعتهم و الزعم ان الحاكم المستبد برأيه هو اكثر وطنية و التزاما من الجميع وان الذين يعترضون على سياسته و قراراته هم حفنة من العملاء يحركهم الأجانب و لابد من قمع هؤلاء والقضاء عليهم وحصول المسئولين على مبررات قانونية وميزانيات طائلة لاحباط المخططات الأجنبية المزعومة و تبرير استمرار سلطة المسئولين لمدى الحياة. حالات تشويه سمعة المعترضين و توجيه الاتهامات الجوفاء الى المنتقدين وصلت من المؤسف في بعض الدول الى حد تكفير المنتقدين كما تفعل بالضبط الجماعات التكفيرية المنحطة ضد الأبرياء و العزل و أخيرا صرح مفتى إحدى الدول التي تشهد انتفاضة شعبية عارمة اعتراضا على غلاء أسعار المواد الغذائية و سحق كرامة الإنسان، انه لا يجوز الصلاة على جثمان الأشخاص الذين يستشهدون في سبيل الاعتراضات على الحكومات!
يا له من تفسير سطحي و خاطئ لدين أكد فيه الذين نشروه: ان الله خلق البشر أحرار،وعليهم ان لا يعبدوا سواه اي لا يعبدوا اي من البشر مهما كانت سلطته و قدرته
الحكام الذين يعتبرون انتقادهم من قبل الآخرين نوعا من الكفر و الشرك و يزعمون ان الاعتراضات على السلطة شكلا من أشكال الإلحاد و الضلالة او تحد للنظام الحاكم لا يسمحون للأحزاب المعارضة بانتقادهم بشكل واقعي ولا يقبلون بوجود تمثيل واقعي للمنتقدين في البرلمان او المؤسسات المدنية غير الحكومية و لا يعترفون بوجود أجهزة إعلام وصحف مستقلة و لا يرضون بنزول المواطنين للشارع للتعبير عن اعتراضاتهم و ما يجول في أنفسهم من انتقادات قد تكون بناءة و لصالح الجميع، وبعض هؤلاء الحكام لا يسمحون حتى للمواطنين التفكير بالاعتراضات و مناقشتها إعلاميا و سياسيا و لا يقبلون حتى بالاقتراحات الجيدة و المفيدة لحل الأزمات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية بل و أشاع هؤلاء أجواء من الرعب و الحقد و النفاق بين المواطنين حيث صار الأخ في بعض الأحيان يتهم أخاه بسب النظام و شتم الحاكم و حتى كتابة تقرير أمنى ضده من انه عميل للأجانب و يتجسس لصالح الاستخبارات الخارجية، ومثل هذا الوضع المؤسف سائد الآن في معظم الدول العربية و الإسلامية

على اي حال فان الأنظمة السائدة الان التي يحكمها الزعماء و الحكام بشكل عام ثلاثة أنواع، الأول اي يكون الحاكم نصب نفسه زعيما بقوة السلاح اي من خلال القيام بانقلاب عسكري و قتل و إعدام المسئولين السابقين و مثل هذا النوع لا يتمتع بأي صفة شرعية او صيغة قانونية مهما كانت الذرائع و المبررات لانه حكم دموي و جاء على خلفية صراع شخصي و تصفية حسابات فئوية، وهذا النوع من الحكم شرعا و قانونا باطل و غير مقبول جماهيريا. النوع الثاني من الحكام هم الذين ينصبون و يفرضون أنفسهم على الناس من خلال النظام الوراثي نقل السلطة بين الأسرة الواحدة دون إجراء انتخابات او حتى استفتاء عادي لاختيار الحكام والمسئولين، وهذا النوع ايضا باطل و غير مقبول قانونيا و شرعيا لانه مبني على الاختيار غير الجماهيري و غير الأخلاقي و بجملة أدق ان مثل هذا النظام غير المقبول على الأقل من معظم او غالبية أبناء الشعب الذين لا حول و لا قوة لهم. النوع الثالث من الحكام هم من الذين اختارهم الشعب بشكل مباشر و بشكل واقعي او عن طريق تزوير الانتخابات او التلاعب بالنتائج ولكن بالتأكيد فان اختيار الشعب لأغلبيته مثل هؤلاء الحكام كان اختيارا مرحليا اي لفترة محددة من الزمن تدوم لبضع سنوات فقط غير قابلة للتجديد بتاتا و لا يجوز شرعا و قانونا التمسك بإدارة النظام بكرسي الحكم بقوة الإعلام و السلاح الى مادام العمر و فرض الحكام أنفسهم وأنجالهم وأحفاد أحفادهم على غالبية الشعب بقوة سلاح و الأجهزة الحكومية القمعية و استغلال قوى الأمن و الجيش لمواجهة الشعب و منع الآخرين حتى من المشاركة في الحكم او العضوية في البرلمان بذريعة انهم عملاء للأجانب او لا يصلحون و غير جديرين لادارة البلاد

جميع هذه الأنواع من الحكومات هي حكومات باطلة و غير شرعية و ذلك للحقائق التالية:اذا كان الشعب قد اختار هؤلاء الحكام فمن حق الشعب او غالبيته أيضا عزل هؤلاء الحكام أو للشعب على الأقل حق الاعتراض و الإشراف الكامل على سلوك وقرارات الحكام بواسطة نواب البرلمان الواقعي او نواب الشعب في المؤسسات المدنية غير الحكومية و غير الخاضعة لسلطة و إشراف الدولة، واذا كان بعض الحكام يزعمون من حقهم الحكم بالتوريث او النظام لمادام العمر دون شروط و قيود، فمن حق الناس ان يتساءلوا من هو الذي أعطى الحق لهؤلاء الحكام لفرض أنفسهم على غالبية الناس دون إرادة و قرار من أكثرية المواطنين، مع التأكيد هنا رفض اي انتخابات او استفتاءات شكلية او التلاعب بنتائجها او إجراء انتخابات معروفة النتائج مسبقا او مشاركة شخص (مرشح) واحد فيها و تهديد الآخرين حتى بترشيح أنفسهم لانتخابات شكلية، وإننا نعتقد من ان جميع الانتخابات يجب ان تقام بشكل نزيه و شفاف و ان تشرف عليها مؤسسات دولية معروفة و ان تكون الجهة التي تجري الانتخابات غير حكومية وغير تابعة لوزارة الداخلية التي تمثل مصالح الحكومات قطعا، وان يقبل جميع الحكام و المسئولين بحالات النقد و المثول أمام رأي ممثلي الشعب و ان يخضعوا للاستجواب والمسائلة دوما و ان تكون قلوبهم رحيمة وعقولهم رحبة لتقبل الاعتراضات والانتقادات والأهم من هذا و ذاك ان يكون الحكام تحت سلطة الدستور و ليس ان تكون سلطتهم و قراراتهم ليس فوق الدستور فحسب بل فوق سلطة الشرائع السماوية أيضا

اننا و ونظرا لدفاعنا عن فكرة إرساء المجتمعات المدنية في الدول العربية و الإسلامية نذّكر الحكام و المسئولين من باب النصيحة بجمل انهم جميعا دون استثناء غير منزهين عن الانتقاد لانهم مهما كانوا غير منزهين عن ارتكاب الأخطاء و نعتقد بل نؤكد بضرورة انتقاد المسئولين و إبداء الاعتراض الحضاري ضدهم و النزول الى الشارع و تنفيذ العصيان المدني الشامل في حالة عدم الاستماع للانتقادات وعدم تلبية مطالب و إرادة غالبية المواطنين و نذّكر الحكام و المسئولين من اننا في المجتمعات المدنية و كافة الشعوب الحرة من اتباع حكام وقادة كانوا يعتبرون السلطة بأيديهم اتفه من عطسة تيس (عنزة) ويرون في الحكم المسئولية الواقعية وخدمة الناس و ليس إذلالهم و تضييع حقوقهم
نحن اتباع حكام وقادة كانوا يؤكدون: ضرورة الفصل بين الحق والأشخاص، فالتقدير والتقديس هو للحق وقيمته، اما الأشخاص فنتبعهم عندما يتبعون الحق، ونبتعد عنهم عندما يتخلون عنه: وأعرف الحق تعرف أهله، لا تقيسوا الحق بالرجال، ولكن قيسوا الرجال بالحق
اننا اتباع فكر كان عوام الناس يقفون بوجه حكامهم و يهدونهم بالتقويم بالسيف اذا ارتكب اي حاكم اعوجاجا في سلوكه و مواقفه، نحن اتباع قادة لم يكونوا يتهمون حتى خصومهم ولا ألد أعدائهم بالافتراءات و التلفيقات اليومية بل كانوا يدعون دوما لانفسهم و للآخرين بالتقوى و خدمة الناس على حد سواء

ان معظم الحكام الحاليين ومن المؤسف يؤنسون أنفسهم ويفرضون سلطتهم و يرتكبون أخطائهم بالنفاق السياسي لبعض المسئولين المنتفعين و رياء الإعلاميين المهرجين و شعارات أنصارهم من اتباع المزايا و العطايا والهرولة وراء لقمة الحكام الممزوجة بالذل والدم و فتات موائد الأنظمة المستبدة و توجيه الاتهامات زورا و بهتانا ضد منافسيهم و منتقديهم، مما جعلهم يطلقون هذا الشعار في وقت الضيق بهدف إنقاذ حكامهم من الأزمات والسقوط و ترويج الافتراءات الجوفاء ضد أبناء الشعب من المنتقدين و المعترضين:
طاعة و مذلة للرئيس كلنا عملاء و جواسيس!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية