الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الياسمين في تونس موجة -تسونامي رعب - في قلوب الحكام العرب

محمد حسن فلاحية

2011 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أن طويت صفحة الحقبة البورقيبية في تونس رغم جميع الإرهاصات التي خلفتها تلك الحقبة من تأسيس دولة تونسية حديثة وتسمية مؤسسها الحبيب بورقيبة بأبي التوانسة "أتاتورك التوانسة" بسبب الإصلاحات التي كانت متّبعة في التعليم ومنح المرأة حريتها وحيويتها إلا أنها وبسبب كونها تتسم بالديكتاتورية وانتهت دون حسرة من قبل أهل تونس .فكان زين العابدين بن علي الرئيس التونسي المخلوع والذي حكم البلاد أكثر من ثلاثة وعشرين عاماً هو أول من أراد طي فترة البورقيبية واليوم انقلب السحر على الساحر الا أن هذه المرة من يريد طي فترة العابدينية الشعب نفسه وليس جنرالاً ولا منقلب أخر.
من هنا فإن التطورات الأخيرة التي انطلقت شرارتها في تونس تبقى موضع اهتمام الابحاث والدراسات العربية والأجنبية التي تسعى الى معرفة الشخصية العربية وما يدور حولها من غموض وتغيّرت تلك الاهتمامات بين ليلة وضحاها وأصبحت تتحول هذه الدراسات من نتائج مليئة بشتائم الشعوب العربية بسبب صمتها المطبق حيال ما تتعرض له من قبل أنظمتها الى تقارير تثني على الشعوب العربية التي وصلت الى مبتغاها بسبب تضافرها ووحدة صفها (لكن ألا يبدو أن التحليل الذي يقول بأن النظام التونسي سقط بسبب أنه أقل فتكاً من بقية الأنظمة العربية والاقليمية مثل النظام القمعي في إيران الذي ملأ الشوارع بالجثث ولم يردعه رادع صادق الى حد كبير؟!) .
إن الشعب العربي طوال فترة حكم الجنرالات ورؤساء الجمهورية(بالتوريث والانقلابات )والملوك والامراء العرب الذين غيّبوا الشعب العربي عن دورهم في الحياة السياسية والاجتماعية قد نجح أخيراً في الاطاحة بأول نظام ديكتاتوي وهذا أول الغيث فإن أحداث تونس قد تصبح إنطلاقة نحو إعادة النظر بالدراسات والتقاريرالتي تشير بالاصبع الى الشخصية العربية على أنها شخصية موالية وخانعة للسلطة ومستسلمة وضعيفة ومغيبة في فترة زمنية غير قليلة.
فمن بين ثمار ثورة الشعب التونسي هي بث روح الأمل في جميع الشعوب العربية ودفعها للإنتفاضة ضد الحكومات العربية المنضغلة بالفساد ونهب ثروات شعوبها ولربما تصل هذه الشرارة بلهيب ملتهم نحو العواصم العربية المجاورة والبعيدة من تونس على حدٍ سواء وموجة "تسونامي رعب " في قلوب الحكام العرب.
ولعلّ الابرز فيما يحدث بتونس هو مايترك بظلاله على الساحة العربية فيما يتعلق بالعمل التنظيمي العربي الذي من الممكن أن يعيد النظر بأطروحاته بسبب أنها لم تتطابق وطموحات الشارع العربي كون ماحدث في تونس لم يعدو سوى ثورة شعبية عارمة لم تتدخل بها لا الأحزاب القومية ولا الإسلامية ولا العلمانية وإنما حصل عبارة عن ثورة غضب جماهيري ضد الظلم والفساد والمحسوبية ثم تحولت الى ثورة مناهضة للحكم التونسي القاهر فخيبة أمل المعارضة التونسية ومن وراءها العربية بسبب أنها لم تستطع تجييش الشارع العربي قد تدعوها الى إعادة النظر ببرامجها وأطروحاتها التنظيمية وما حدث بتونس خير دليل على ذلك وسيقوي ما حدث ، العمل النقابي الذي كان له دور فاعل فيما جرى بتونس من ثورة بعيدة كل البعد عن ريموت كنترول تقوده الاحزاب وإنما النقابات التي أثبتت نجاحها.
أما بشأن الاحباط الذي يسود السياسيين وغيرهم من أبناء الشعب العربي والتونسي على وجه الخصوص والذي برز فيه تخبط واضح بعد الفراغ الذي تركه حادث الاطاحة بـ "بن علي" في تونس مباشرة فهو لا يعدو كونه يعود لفقدان تجربة التغيير السلمي في بلداننا العربية فما حدث من قبل من تغيير إما كان عبر انقلابات دموية أو إحتلالات أجنبية و ما حدث بتونس فكان مشهداً متفاوتاً للغاية عما ألفناه في السابق.
فيما يخص إمكانية حصول تغيير جذري بتونس ومن وراءه العالم العربي يعود ذلك اساساً الى إمكانية التحرك وسط الجماهير وفاعلية طرحه على العالم فإن مايحدث الان في تونس هو عبارة عن ظاهرة فريدة من نوعها لم يسبق لها مثيل حيث لم يستطع شعب ما في منطقتنا العربية في الاطاحة بزعيم جبار عبر مظاهرات سلمية فكانت المظاهرات التغييرية إما توأد بالمكان أو لم تكن شاملة هذا ما جعل التغيير محبطاً ومنتقصاً قبل هذا الأخيربالنسبة للشعوب العربية والنخب على حد سواء.
لماذا يخاف البعض من التجربة الديمقراطية التونسية الحديثة؟ ومن يخاف أكثر من هذه التجربة هل هم الحكام العرب أم المتآمرون على شعوبنا وألا أنّ الخوف يكمن في الجهل مما قد يحصل في هذا البلد ومن وراءه بقية البلدان العربية ، ألا تعتبر تجربة الحرية والديمقراطية في تونس ومن وراءه الدول العربية قد تشكل حجر الاساس نحو ديمقراطية عربية حقيقية تبعث على التفاؤل ؟ إذن لماذا لا ندعم التوانسة لأن تجربتهم ليست تجربة محلية فقط بل تجربة لكل العرب ؟.
هل يتمكن التوانسة من إحداث تغييرجذري عبرالاستعانة بتجربة ديمقراطية لم تلد النور في هذا البلد أم أنّ هذا التغييرسيكون فاشلاً ومحبطاً بسبب التراكمات والخوف من الحريات والديمقراطية الفتية وعدوى هذه الظاهرة الى بقية الدول العربية وما سيتركه هذا الامر من تغيير وبالنهاية مؤامرة ديكتاتورية قد تحاك ضد هذا البلد من قبل الجيران والاشقاء بسبب ما ذكرناه أم العكس من ذلك صحيح ، هذا ما ستكشفه الايام القادمة وستعري حقيقة من يتأمر على حرية الشعوب العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي اخــي , فقط ملاحظــة
وليـد مهــدي ( 2011 / 1 / 16 - 07:01 )
احييــك على كل ما كتبته وفصلتــه لنــا مشكورا من تاريخ وسجال الحقبة البورقيبية العابدينية التي ولت بعزيمة جماهيرنا التونسية إلى غير رجعة

اخــي العزيز

من فادح الخطأ ان نسميهــا ثورة ياسمين
شعبنا التونسي اعطى التضحيات الجسيمة من دماء ابناءه
ثورة اشعلتهــا نار احرقها بوعزيزي في نفسه كيف تسمى ياسميناً ؟

اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي