الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مساء ذلك الخريف

هادي عباس حسين

2011 / 1 / 16
الادب والفن


قصة قصيرة ( مساء ذاك الخريف )
الأوراق الصفراء متساقطة على الأرض,وتحول اللون الأخضر إلى اللون الأصفر, وذبلت الأوراق وانتهت مواسم الزهور منذ شهور,وعندي حلمي المتراقص في ذهني أن يولد لي من يحمل اسمي بعد رحيلي,زوجتي في شهرها الأخير وقد خطت صوب أبواب الولادة,وفي هذا الوقت عليها أن تتحلى بالصبر والإيمان وتتحلى بالدعاء أن يكون المولود سليما,لكنني أراها عصبية المزاج لا تتحمل أي حالة تذمر تعيشها,أنا أراقب بطنها المنتفخة من بعيد وأتخيل الذي في أحشائها قد خرج يركض باتجاهي,كاد يتعثر في خطواته السريعة,متى يا الهي يصبح هذا حقيقة لن تفارق عيني,كلما تركت زوجتي أحس بان روحي تخرج من جسدي لئلا أصاب بأذى لو بلدي المنتظر,تمنيت أن أبقى جالسا بجوارها حتى الولادة,حتى أحافظ علي ولي العهد,أريده وبدعوتي أن يكون صالحا محبا للخير متعلقا بدينة الإسلامي بقوة,أحب أن أراه سيدا يلقي محاضراته.أو قائدا بمجموعة يدخلها الدرب واجتياز الصعاب ألا هذا ولا ذاك المهم أخيرا استسلمت أن أراه يخرج من الدنيا في يوم خريفي حزين,ولم أنسى يوم سألتني جارتنا أم احمد عن عصيبتي ومزاجي وكان النار تشتعل في جسدي,قالت لها والدتي ( رحمها الله )
_ انه جاء في شهر حزيران الحار,وامتص كل حرارته .....
يعني أن ولدي سيكون نحيفا هزيلا لا يقوي على مقاومة الإمراض لأنه الشهر الحالي من شهور الخريف الجافة,الذي يتحول فيه كل شي إلى الاصفرار,لعل ولدي سيكون شاحب الوجه مصفرا تبدو على وجهه ملامح التعب والإرهاق,المهم أقولها لعدة مرات الحمد الله ... المهم يأتي ... كم تواق إلى مجيئه لأحدثه فيما بعد عن المعاناة التي سببها لي,نادت زوجتي بصوت متقطع
_ يا أبا غائب ... اشعر بان الآلام تزداد ...
لم اعرف ما أجيب لكنني قلت بسرعة
_ سأنادي على القابلة آم ستار ...
أشرت بإطراف أصابعها قائلة
_ ليس ألان,تعال وساعدني في النهوض ...
قبل وصولي لها وجدتها تصرخ
_ أخ ... انه يضربني بقدميه ...
قلت مستفهما
_ من هو ... وسألعن أباه ...
ضحكت لفترة وتذكرت من هو أبوه,نسيت أنا المقصود بالموضوع,بات كل شي هادي بعد أن استقر جسدها الثقيل على فراشها الذي رتبة لها بيدي,الساعة لم تتحرك عقاربها عن الثانية عشر إنهما متطابقان,متعانقان بشدة,الثانية عشر ظهر يوم شوتي بأنه من بدايته وحتى نهايته سيآتي الفرج الذي سيغير حياتي بأكملها متى ينادونني بدلا من أبي غائب,لقد كرهت هذا الاسم,متى ينادونني بابي محمد فقد عشقت هذا الاسم منذ صغري انه مشابه لاسم جدي فان نسبي من أهل البيت عليهم السلام,أخذت نظارتي تتحرك أجواء الغرفة,كانت تجمع فيها ذبابات يحدثن طنينا في أذني,كل شي حولي لم أبالي به,الذي يهمني اليوم وغدا وبعده أن يحل ظيفا جديدا في هذا الدار وبالأخص من بين جواري هذه الغرفة التي مستها الرطوبة منذ شتاء السنة الماضية,لم أصلحها لأنني بقيت مشغولا بجمع المال لأجل يوم مثل هذا بلى,المصاريف ستزداد وستتغير ميزانية العائلة,وتفتح عليها مواجهات جديدة ستتولد بميلاد المنتظر الذي أرهق قواي,كيف لي أن اصبر,وأين هذه ملائكة الرحمة التي تخفف عني قلقي كما سمعته من كبار السن,الوالد ترفرف قربة ملائكة تخفف من وطاه قلقة ومعاناته في لحظة الميلاد ... ما الذي جرى أنها تتألم وتصرخ في كلمات لم افهمها أبدا كل الذي تطرق لسمعي
_ هيا ... القابلة أم ستار ...
المسافة صارت أميالا معدودة حتى أصل إلى باب الدار,ما أن خطيت أول خطوة إلى الشارع,اطل علي وجه أم ستار وهي تدعو بصوت مسموع
_ الفرج ... يا صاحب الفرج ...
حتى رددت ورائها كطالب حفظ نشيدا بسرعة وبتفوق
_ الفرج ... يا صاحب الفرج ...
كانت أسرع مني,وكأن لها جناح طارت به صوب الغرفة وأغلقت الباب ورائها, وحاولت أن ادخل لكنني وجدتها مقفلة,الصيحات تعلو ... الصرخات وكلمات آم ستار تشاركها في حالتها الصعبة,الثورة تتأجج داخلي وروحي اشعر بخروجها من جسدي ... فتحت الباب لي بعجل وقالت لي
_ لقد حضر المولود ...
صراخه ممزوج بصرخات أمه التي تتلوى من الالم,أني حزين جدا فما فائدة حضور القادم وقد رحلت من جاءت به,تركته بين أحضان أم ستار بعدما نطقت,وشهقت وهي تعاني من سكرات الموت, ودعتني في مساء خريف مؤلم ....

هادي عباس حسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى