الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حل الحزب الحاكم يمثل خطوة هامة في اتجاه إصلاح مؤسسات الدولة.

المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية

2011 / 1 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حل الحزب الحاكم يمثل خطوة هامة في اتجاه إصلاح مؤسسات الدولة.


أعتقد أنه يجب التفريق بين حل الحزب وحل مؤسسات الدولة. وما يدعو إليه التونسيون اليوم هو حل الحزب الخارب، وهو في نظري الحل الوحيد الذي يمكن أن ينقذ البلاد فعلا. إذ يعلم الجميع مقدار الخراب الذي ألحقه هذا الحزب بالبلاد وأهلها لأكثر من نصف قرن، وكيف جمع هذا الحزب منخرطيه المليونين كما يقولون. كما يعلم الجميع أيضا كم اختلس هذا الحزب من أموال الشعب ليبني ثرواته. فهو إذن حزب مجرم في حق التونسيين ولا بدّ من حله ومصادرة أملاكه حتى تعاد إلى الشعب الذي سرقت منه. هذا أضعف إجراء منصف للتونسيين، وهذا أقل ما يرد اعتبارهم إزاء هذا الحزب الذي مارس عليهم كل أنواع الإذلال والسخرية والاحتقار والسرقة والنهب... إذن حل الحزب لابد منه في نظري.

لكن من ناحية ثانية هناك سؤال طرحه الكثيرون، وهو: ماذا نفعل في مؤسسات الدولة إذا تم حل الحزب؟ هذا السؤال في نظري مغلوط ويعكس انعدام الفهم الدقيق للأمور. لأن مؤسسات الدولة هي في الأصل مستقلة عن الحزب وهو الذي يسطوا عليها. مؤسسات الدولة تتبع الدولة والموظفون الذين يشغلونها هم موظفوا الدولة ويقبضون رواتبهم من الدولة يعني من الشعب وليس الحزب من يدفع رواتبهم. وتلك الرواتب تدفع لهم ليخدموا الشعب. ولا نجد من موظفينا التجمعيين من يشغل في مؤسسات الدولة وظيفة حزبية. فوظائفهم إذن هي وظائف الدولة لكنهم يسيؤون استعمال صلاحياتهم وإداراتهم ويوظفونها لصالح الحزب. فإن تمّ حل الحزب سيبقى هؤلاء في وظائفهم وسيصححون مهامهم ليكتفوا بالأعمال الإدارية أو السياسية التي يقبضون الرواتب ثمنا لها ويتوقفوا عن كل نشاط لصالح الحزب المحلول، وهذا كفيل بإصلاح الإدارة والمسؤولين إلى حد بعيد، إذ سيعود جهد هؤلاء إلى الإدارة التي تدفع ثمنه، وستعود موارد الإدارة وأموالها إلى الشعب بعد أن كانت توظف لخدمة الحزب وليس لخدمة الدولة والإدارة. وكل هذا في صالح المجموعة الوطنية. يعني إذا كان هناك مدير معهد وناشط في الحزب فسيصبح مدير معهد فقط وسيكرس وقته وجهده وموارد المعهد التي يتصرف فيها للمعهد وسيتوقف عن تكريسها للحزب بعد حله، وامر بقية الإدارات قياس. وهذا أيضا ينفع مؤسسات الدولة ولا يضرها.

يبقى السؤال الأخير في هذا الموضوع متعلقا بمنخرطي الحزب أنفسهم: ماذا نفعل بهم؟ والجواب هنا أن هؤلاء يبقون في وظائفهم التي يحملونها في بطاقات تعريفهم. وفي بطاقات خلاصهم. ولهم بعد ذلك ان ينخرطوا في حزب آخر نظيف ولا يحمل وراءه تاريخا أسود في ممارسة الجريمة على الشعب التونسي. والانفتاح السياسي والتعددية إن صحت ستتيح المجال امام كل تونسي أن يتنظم داخل أي حزب سواء مما هو موجود او في أحزاب جديدة ستظهر. لكن من ناحية ثانية سيكون هناك محاسبة لرؤوس الحزب الخارب على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، فكل من يثبت تورطه في جرائم الحزب ضد الشعب سيحاسب بالقانون. والقوانين التونسية أصلا تمنع تسييس مؤسسات الدولة وتمنع التصرف في مواردها وممتلكاتها بدون وجه حق. وبما أن كل المسؤولين التجمعيين متورطون في هذا وطبقا للقانون فيمكن للشعب التونسي أن يسامحهم باعتبارهم تونسيين غرر بهم هذا الحزب الخارب أو زرع فيهم ثقافة أن ما يفعلونه بموارد الشعب وممتلكاته مشروع.

هكذا إذن يمكن حل الحزب والإبقاء على مؤسسات الدولة، بل تخليصها وقطع شوط هام في إصلاحها بمجرد تخليص موظفيها من صفاتهم الحزبية. كما يمكن إنصاف التجمعيين والعفو عنهم.

أما القول بأن حل الحزب يعني حل مؤسسات الدولة فهذا خطأ كبير وخلط. لأن حل الحزب يعني حل الشُّعَب والجامعات المحلية ولجان التنسيق الجهوية واللجنة المركزية والمقر المركزي للحزب، ولا يعني حل البلدية أو حل إدارة المعهد او المستشفى او المعتمدية...

اما بخصوص الحكومة فستشارك فيها كفاءات الحزب ( إن كانت لهم كفاءة أصلا لأنني شخصيا أعتقد أن كفاءتهم الوحيدة هي التسلق والكذب والانتهازية أما الكفاءات فهي منعدمة تماما ولو كانت عندهم كفاءات لعالجوا الأزمات عندما كانت الأمور في أيديهم) لكن ككفاءات كانت تنتمي إلى حزب وقع حله ولم يبق لهم غير كفاءاتهم الإدارية والسياسية. لكن من المهم ان يكون تشكيل الحكومة بعيدا عن هيمنة أي طرف بما في ذلك التجمعيين السابقين. كما من الضروري تشكيل الحكومة دون إقصاء. ثم إن تشكيل الحكومة مرتبط بخطوات أخرى لابد من إنجازها حتى نخرج بالبلاد من الأزمة، وهي إنشاء مجلس تأسيسي وطني تكون مهمته تعديل الدستور والمجلة الانتخابية وقانون الأحزاب وقانون الصحافة في خصوص الفصول التي تحتاجها المرحلة أي ما يتعلق بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية أو لعضوية البرلمان، و ما يتعلق بحرية الإعلام حتى يكون رقيبا مستقلا وصادقا في هذه المرحلة الصعبة. كما من الضروري إعلان منع رئيس الدولة من رئاسة المجلس الأعلى للقضاء وإعلان الاستقلالية التامة للقضاء في هذا الوقت ودون تأخير. ومن المهم أيضا مراجعة القوائم الانتخابية حتى يتاح فيها لكل التونسيين ممارسة حقهم الانتخابي دون إقصاء لأن القوائم التي جرت بها آخر انتخابات لم يكن مرسما فيها غير العجائز والشيوخ والموتى والتجمعيين ومن لا يمثل في نظرهم خطرا على حزبهم والنتائج التي يرسمونها مسبقا، بينما يتم حرمان فئة كبيرة من الشعب من حقهم في الترسيم في القوائم الانتخابية وانا شخصيا من المحرومين وكذلك كل من أعرفهم من النقابيين الشرفاء والأساتذة والطلبة والمثقفين الذين لا يرضى عنهم السيد العمدة او رئيس البلدية...

هذه إذن اهم الخطوات التي يمكن إنجازها فورا حتى يقبل الشعب. أما الوعود فلا أحد من التونسيين يثق فيها بعد ما ذقناه. واما محاولات المناورة والالتفاف فهي مغالطات هدفها الإبقاء على الحزب الخارب باركا على صدور التونسيين حتى يذر الرماد في أعينهم بضع سنوات ثم ينقلب عليهم من جديد ويذيقهم ألوان التنكيل والعذاب أكثر مما كان. وتجاربنا مع هذا الحزب الخارب كثيرة. والجميع يعرف ما حدث في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات عندما جاء الرئيس الكلب وأصدر عفوا تشريعيا عاما وأبدى بعض الانفتاح السياسي وتحدث عن الحريات حتى أن الكثيرين ثفقوا له. وما إن ركز قدميه فوق أعناقنا حتى انقلب عينا وأوصلنا إلى ما وصلنا إليه

عبد الله بنيونس
نقابي
مكثر - تونس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان