الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هي السلطة التشريعية في الإقليم؟

قاسم محمد علي

2011 / 1 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وافقت كتلة التحالف الكوردستاني على قانون الإنتخابات النيابية المعدل داخل الپرلمان العراقي والذي أقر في تشرين الثاني عام 2009. إقرار ذلك القانون كان إجحاف متعمد وصريح بحق الشعوب الكوردستانية وشكل خطراً كبيراً على المصالح القومية للكورد في العراق الجديد. صوتت في حينها كتلة التحالف الكوردستاني داخل مجلس النواب العراقي لصالح القرار بالتنسيق مع رئاسة الإقليم، وبعدها صادق رئيس الجمهورية على القرار. وبالتالي أبعدت الدور السياسي لپرلمان الإقليم، من قبل القيادة السياسية الكوردستانية من تلك العملية السياسية التي لها علاقة مباشرة بالمستقبل السياسي للإقليم للمرحلة القادمة في العراق الجديد.

كذلك تم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعيد الإتفاق السياسي بين قادة الكتل السياسية، ومن جانب إئتلاف الكتل الكوردستانية من قبل رئيس الإقليم السيد مسعود البارزاني. هذه المرةً أيضاً همش دور پرلمان الإقليم من عملية تشكيل الحكومة بالإضافة الى عدم إطلاع الپرلمان حتى على شكل الإتفاق ومضمونه، وفيما إذا كان يلبي مطالب وطموح وتطلعات الشعوب الكوردستانية ومصالحها.

نأخذ من هذين المثالين مدخلاً الى موضوع بحثنا في هذا المقال لنبين للمواطن الكوردستاني الكريم بأن رئاسة الإقليم والقيادة الكوردستانية أبعدت پرلمان الإقليم عن الساحة السياسية وأفرغته من قوته السياسية وحولته الى دمية بيدها ويسيرها وفق مصالحها ووفق مصالح أحزابها بعيداً عن المصلحة القومية العليا. وبالتالي السؤال المطروح، من هي السلطة التشريعية في الإقليم؟

إتخاذ جميع القرارات وبالتحديد القرارات المتعلقة بمصير الشعب الكوردي ومستقبله يتوجب أن يتخذ من قبل الپرلمان أو يكون بموافقة الپرلمان وليس بموافقة رئيس الإقليم والقيادة السياسية الكوردستانية. هذا إذا كانت القيادة السياسية الكوردستانية تؤمن عملاً وفعلاً وقولاً بالممارسة الحقيقية للديمقراطية وبالمؤسسات الديمقراطية المتواجدة في الإقليم وتؤمن بسلطة وصلاحيات الپرلمان بإعتباره المرجعية السياسية وأعلى سلطة تشريعية.

ما يجري على الساحة السياسية وما يمارس على أرض الواقع هو أن السيد رئيس الإقليم أصبح هو المرجعية السياسية والسلطة التشريعية وأن الپرلمان يعمل بإمرة السيد الرئيس وتحول الى مؤسسة تنفيذية لتحقيق توصيات رئيس الإقليم وصياغة تلك التوصيات الى قوانين وبالتالي إعطائها شرعية وتغطية قانونية بالإضافة الى تشريع قوانين تنسجم مع المصالح الحزبية للقوى الرئيسية الحاكمة، من خلال تبنى سياسية التوافق الحزبي في طريقة إتخاذ القرارات داخل الپرلمان وخلف الكواليس بين الأحزاب الرئيسية الحاكمة.
أما حكومة الإقليم، أنها تحولت الى سلطة لتنفيذ الإتفاقات السياسية بين الأحزاب الرئيسية الحاكمة، من أجل حماية المصالح الحزبية على حساب المصالح العليا للإقليم ومصالح الجماهير. بالإضافة الى أن سلطة الأحزاب الرئيسية الحاكمة، كل حزب في مناطق نفوذه السياسي تمثل السلطة التشريعية والتنفيذية بحد ذاتها. وبالتالي تم إحتواء الدور السياسي للپرلمان بإعتباره أعلى سلطة تشريعية ورقابية في الإقليم وتحول الى مجرد هيكلية شكلية للممارسة الديمقراطية ووسيلة بيد القيادة السياسية الكوردستانية وأحزابها الرئيسية الحاكمة.

الأسلوب الفردي والحزبي في إدارة الحكم له تداعيات خطيرة على المستقبل السياسي للإقليم، لأننا نعيش ضروة النضال السياسي السلمي من أجل تثبيت حقوقنا الوطنية والقومية في العراق الجديد، وفي ظل هذا النضال يتطلب وقوف الجماهير الكوردستانية والشعب خلف قيادته، وهذا يحصل فقط حينما تكسب الجماهير ثقة قيادتها السياسية، وهذه الثقة تتولد وتترسخ في نفس المواطن عندما يشعر بأنه عامل مؤثر على صنع القرار السياسي من خلال السلطة التشريعية وعندما يشعر بالممارسة الحقيقية للديمقراطية في إدارة الحكم وإتخاذ القرارات من قبل مؤسسات الإقليم وليس من قبل القادة والأشخاص، عندما يوفر له فرص العمل، عندما يشعر المواطن بالحرية والمساواة في الحقوق الشخصية ووجود نظام العدالة الإجتماعية، وحينما لاتوجد مساحة للإمتيازات الحزبية.
أما في ظل الحكم الفردي في طريقة إتخاذ القرارات وإنعدام الحياة الديمقراطية الحرة والحكم الحقيقي للشعب وتفشي البطالة وظاهرة الفساد المالي والسياسي والإداري وتردي الأوضاع المعيشية للمواطن وكبت حرياته تحت مسميات مختلفة سوف تؤدي في النتيجة الى غليان الأجواء السياسية وسوف تهب عاصفة غضب وسخط الجماهير الكوردستانية ضد مصادر الفساد ومؤسساتها ومسؤوليها وأحزابها كما هبت الإنتفاضة الجماهيرية وثورة الخبز والحرية مؤخراً وفي هذه الأيام ضد عرش الفساد والإستبداد والطغيان وحكامها في تونس. قد تستطيع سلطة الحكم الفردي والأنظمة الديكتاتورية خنق الديمقراطية وعزل الجماهير وابعادها من المعادلة السياسية وكبت حرياتها وهضم حقوقها لسنين، لكن لا تستطيع الإستمرار والى الأبد في حرمان شعبها من حقوقه الشخصية ومن تطلعه الى الحرية والديمقراطية، ولا تستطيع الوقوف أمام بركان الغضب وسخط الجماهير عندما تتفجر.

إن الطبيعة السيكولوجية لأي شخص ومسؤول مارس الحكم الفردي وإتخذ القرارات الفردية وكان القائد الأوحد ومن دون منافس داخل حزبه وتنظيمه وكان يعتبر من الإلحاد والمحرمات توجيه الإنتقاد اليه مدة ثلاثين الى أربعين عاماً، ويتخذ من حمل السلاح ومن لغة التهديد والتخويف والترعيب وسائل لمواجهة الصوت المعارض والرأي الآخر، وترسخ هذه الصفات في ذاته وفي عقليته وأصبحت جزءاً ملازماً من شخصيته وبالتالي لايمكن أن يكون ديمقراطياً ويقبل بالممارسة الحقيقية للديمقراطية في إدارة الحكم أو على أقل تقدير يحاول أن ينسجم مع متطلبات العصر والقيم الديمقراطية والتي هي في الأساس تربية وثقافة وممارسة. هذه هي المشكلة الحقيقة عندنا في الإقليم، حيث نريد بالإعتماد على القيادة السياسية التقليدية القديمة وبالعقلية القديمة الدخول الى مرحلة سياسية جديدة والإستفادة من التجربة الجديدة ومن الواقع الجديد، الذي يتطلب أصلاً عقلية عصرية ديمقراطية متحضرة تواكب العالم ومتغيرات العصر ومتطلباته ومفاهيمه وترى من التعددية الحزبية والصراع الفكري أفضل وسيلة لتحسين أدائها السياسي وتقديم أفضل الخدمات للمواطن، كما ترى من الديمقراطية الشكل الأمثل للنظام السياسي من أجل بسط الإستقرار السياسي وبالتالي الإزدهار الإقتصادي في البلد وحماية الحريات العامة وحرية الصحافة والرأي، وليس الخوف منها وإعتبارها تهديداً لوجوده.

ليس بمقدور أشخاص محدودين وعقلية أشخاص محدودة أن تكون البديل عن النظام الپرلماني الديمقراطي في إتخاذ القرارات الجماعية التي تتفق عليها الرؤى وتتوحد عليها المواقف بما فيها المصلحة العليا للإقليم، ولا يستطيع هؤلاء الأشخاص أن يقودوا، في الإتجاه الصحيح نحو تحقيق المصالح الوطنية والقومية، الإقليم والمجتمع الكوردستاني اليوم وفي عصر العولمة والتكنولوجيا وثورة الإتصالات التي تغير بالضرورة إحتياجات المجتمع بشكل عام وإحتياجات الطلبة والشباب بشكل خاص، وتتحكم بمصير الشعب الكوردي في العراق كما كان الحال في القرن الماضي وتعزل الجماهير وإرادة الجماهير وجيل الشباب من صنع القرار السياسي. لذلك من مصلحة الإقليم ترسيخ أسس الديمقراطية الحقيقية والإستناد على مؤسسات الدولة الديمقراطية الفاعلة التي تمتلك الكفاءة والجرأة السياسية في إتخاذ القرارات المصيرية الصعبة بالنيابة عن الجماهير الكوردستانية في هذه المرحلة السياسية الدقيقة والحساسة التي يمر بها العراق. وبالتالي يحتاج الإقليم الى سلطة تشريعية حقيقية شفافة ونزيهة وموضع ثقة الشعب لتكون العين الساهرة للجماهير الكوردستانية في حماية مصالحها الوطنية والقومية، ومدافعاً عن حقوقها الشرعية والدستورية ورقيباً على ثرواتها وممتلكاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طغاة قادمون واخرون رحلوا
سلمان حبيب ( 2011 / 1 / 21 - 22:39 )
ان اقصئ تمظهر للعدم يكمن في السياسة .في الغرب منطق الرسمال والفضائح تتحكم بالمصير السياسي للنخب.اذ ان التيارات السياسية ترصد الاخلاق السياسية للاخر تحت دافع الصعود او الاحتفاظ بالسلطة ومهمة الشعب هناك هو تكوين قناعة ما واستجابة لنوع القيمة السياسية التي تحكم برنامج الحكومة لكن كل ذلك ايضا مرتهن بالقدرة علئ التاثير بالاخر عبر وسائل قوة في مقدمتها الاعلام.المعنئ الانساني في الخطاب السياسي الغربي مرتهن بالمصلحة الانتخابية تماما لانها الوسيلة الوحيدة للوصول الى السلطة واشباع دوافع متعددة في مقدمتها معنئ ما يسعئ السياسي الى تاكيده.لكن في العراق لامعنئ لكل مايجري وان الخطاب هناك محشود بالمعنئ واليووبيات لكن في جوهره عدم يفتك بالانسان وحؤيته وخياراته. ان حكم العوائل متضافرا مع النهب المنظم للثروة هو اكثر من نظام تولتاري ربما يكون مشابها لا بل اكثر نفوذ من نظام صدام ذاك ان واحد من اسباب سقوط صدام هو طموحه الامبراطوي الذي قاده للهلاك بعامل خارجي اما من يخكم العراق الان طموحهم ارضاء مصالح الغرب وتطبيق نظمهم الخاصة من عشير ة ومذهبيات .ان الغرب لايكترث لنوع القيم السائدة توريث او ثقافة محلية

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل