الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الشعوب العربية بين مطرقة الإسلام السياسي وسندان الفراغ السياسي

محمد حسن فلاحية

2011 / 1 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تحولت شرارة الثورة العربية في تونس الى قبس منير يضئ طريق بقية الشعوب العربية نحو التحرر والديمقراطية والتخلص من استعباد الحزب الواحد وطغيان الرجل الضرورة وسطوة رجال الأمن الذين يعبثون بمصائر ومقدرات الشعوب العربية منذ أن حصلت الشعوب العربية على استقلالها بعد نضال طويل وتضحيات جسام وبعد تخلصها من هيمنة الاستعمار الاجنبي .
فبعد نحو قرن من الصمت ومصادرة الحقوق والمبادئ من قبل أنظمة عجزت عن تأمين أبسط المتطلبات لهذه الشعوب الغنية بطاقاتها وشبابها ومصادرها وثرواتها وبعدما تحولت ثورة الياسمين أو ثورة "الدم" في تونس الى ثورة غضب في مصر نتيجة البطش والتمسك بالكرسي من قبل النظام في مصرفإذا ما نجحت الثورة المصرية – وندعو لها بالنجاح – نظراً لأن مصر أكبر بلد عربي من ناحية ما يشكله من عصب ومركزية بين البلدان العربية من خلال عدد سكانها وقيادتها القومية للأمة العربية فلا شك أن هذه الثورة ستكون حاملة بشرى سارة بالتغييرفي جميع الأقطار العربية ومحيطها الاقليمي خاصة بالنسبة لتلك الشعوب في منطقة الشرق الاوسط التي تربطها أواصر تأريخية وعرقية مع أخوتهم العرب وهم يرزخون اليوم تحت نير العدوان والتعسّف والاحتلال إذن لابد أنها تكون محفزاً لهم لكي يستنيرو بقبس الثورة العربية الكبرى في مصر وتونس.
وما يخيف الكثير من المواطنين في الدول العربية هو الخطرالكامن الذي يحدق ببلدانهم نتيجة مساع تبذلها بعض التيارات المدعومة من جهات إقليمية لمصادرة الثورة العربية الكبرى في مصر وبقية الدول العربية بسبب أنها تحمل أجندة وايديولوجيات إقليمية متمثلة بالاسلام السياسي في إيران والذي من جانبه يدعم تيارات إسلامية سياسية بعينها في مصر خاصة والعالم العربي بشكل عام مثل الإخوان المسلمين والجهاد الإسلامي وحزب الله وغيره من العصابات والأحزاب الموالية فإنّ هذا القلق بالتحديد هوالذي يعيق خروج أكبر عدد ممكن من المتظاهرين في مصر وبقية الدول العربية التي تعيش على أبواب الثورة إضافة الى ذلك الخوف فإن الشعور بالقلق إزاء ما سيحدث من فراغ سياسي قد تخلفه تلك الثورات الشعبية وما قد تتركه من حالات إنفلات أمني تصب بالنهاية في خدمة المصالح الإيرانية التسعفية في المنطقة يربك الثورات هذه الى حد ما وإذا ما أضفنا الى هذا الامر إستغلال البعض هذا الشعور بالخوف ليعمل على إحباط الثورات فتكون الصورة قاتمة الى حد ما فعلى القائمين على ثورات الغضب العربية تجاوز هذه العقبة من خلال التركيز على مواجهة ما سيشكله هذا الأمرمن تحديات ومخاطر.
أما بشأن ما يحدث الآن في مصر (وما حصل قبل ذلك في تونس) من تطورات أظهر بكل وضوح أنّ التيارات الإسلامية رغم التأييد الشعبي الواسع اذي تتمتع به تلك التيارات في بعض الأحيان إلا أنها من ناحية تفتقر الى شخصيات تتمتع بالكاريزما اللازمة التي يمكّنها من طرح أنفسها كبديل للنظام ومن ناحية أخرى اكتشاف الجماهير العربية في مصر وبقية الأقطار العربية لإنتهازية هذه التيارات وركوبها الامواج وعدم خبرتها في تولي مهام إدارة البلاد وذلك بسبب ما خلّفه النظام الايراني بين الشعوب العربية من إنطباعات توحي بفشل هذه التيارات الدينية وخوف الجماهير على مصيرها من نوعيّة الاسلام السياسي الذي جرّبته إيران منذ ثلاثة عقود من الزمن وأن ذاكرة الشعوب العربية ما زالت زاخرة بكثير من الصور التي تركه هذا النظام من تجربة مريرة في تعامله القاسي والمتوحش مع الشعوب هناك في السنوات الماضية.
أضف الى ذلك الطائفية التي يدعو لها النظام الايراني لتمزيق المجتمعات العربية هذا الأمر سيحول دون تمكين الاحزاب الدينية من السيطرة على مقاليد الحكم وعدم قدرتها على مصادرة ثورات التغيير بسهولة رغم ما تبذله من مساع في هذا الإطار ونحن نلاحظ تراجعها في أخذ زخم بين الشارع وهي تحاول جاهدة لتصدي مقاليد الحكم بشعارها "الاسلام هو الحل " من خلال استغلال المشاعر الدينية للشعوب العربية خدمة لأجندتها .
فتيارات الإسلام السياسي تريد الاستيلاء على قاعدة جماهيرية عريضة بإخفاء نفسها خلف الجماهير وعدم الظهورللعلن في مصر بعد تقاعسها بسبب تزمتها وعدم احترامها للرأي الأخر وذلك ما سيتركه هذا الأمر في نهاية المطاف من تمزيق المجتمعات العربية وإحداث شرخ بين مكونات الشعب الواحد وهو يتكون من عدة طوائف غير اسلامية مثل الأقباط في مصر وغيرها في البلدان العربية الاخرى فالإسلام السياسي في بلداننا كحل أصبح من أخوات كان بسبب تجاربه الفاشلة فلا يمكننا الانفصال عن العلمانية والقومية العربية بسبب ما تشكله هذه المفاهيم من صمام أمان لبلداننا المتعطشة للديمقراطية الحقيقية والتعددية والحريصة على وحدة مكوناتها في نفس الوقت.
و ما سيعيق اكتساح التيارات التي ترفع شعارات الاسلام السياسي للشارع العربي هو تقوقعها على نفسها وعدم إنفتاحها على الأخر وهذا ما سيكلفها الفشل تلو الفشل وأما بشأن الخوف من الانفلات الامني والفراغ السياسي فقد أخذ هذا الهاجس يزول شيئاً فشيئاً بعد أن استطاع أهل تونس ملئ الفراغ الذي حصل بُعيد خلع الرئيس التونسي السابق بن علي ما سيدفع الشعب المصري مواجهة هذا الخوف والقلق الذي يحاول البعض استغلاله لترهيب الشارع للحؤول دون إحداث أي تغيير جذري والقفز على طموحات الشعب المصري من خلال تخويف الشارع من الارهاب الديني الاسلاموي ولكن المتابع يدرك أن تخفي التيارات الاسلامية في ثورة تونس ومصر يعود الى عدم رغبة المصريين والتونسيين بالأجندة التي تطرحها التيارات الدينية المشبعة بالتكفير وفشلها في اقناع الرأي العام بسبب تزمتها وخطرها الماثل في تمزيق مكونات المجتمعات العربية وإثارة النعرات بين أبناء الشعب الواحد بكل ألوانه جراء ما ستخلفه هذه الايديولوجيا من كوارث وتمثيلها لبيئة خارجية لا تمت لصلة لطبيعة المجتمعات العربية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أفيقوا يا مسلمون.
الكاتب الأستاذ / عبد الرحمن سرحان / سط ( 2011 / 4 / 24 - 11:33 )
هل تضمنون أن الشعوب سترضى بالأنظمة الجديدة التي بُنيت على أنقاض القديمة؟. كلاّ لقد فتحتم جبهة تعرفون أولها ولا تعرفون آخرها. الشباب متهور لا يرضى إلا بالجنان في تلك البلدان وهذا مستحيل تحقيقه. سيأتي يوم ويرفضون الأنظمة الجديدة وتقوم الثورات تلو الثورات هنا وهناك ويموت خلق كثير ويتناقص المسلمون وخاصة شبابهم وهي والله ما يريده الإفرنجة من الديانات الأخرى ولسوف تُحتلون جميعا كما كنتم في القرن الماضي وسيتدخلون في ثرواتكم الباطنية ألا يطالبون بحقهم فيها ألم يساعدوكم على تغيير الأنظمة؟. وعند الله تسألون عن تضييع الأمانة وتعاقبون.

اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح