الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يكفي حكم الثلاثين، تونس راحت في العشرين

ازهر مهدي

2011 / 1 / 29
حقوق الانسان


لقد رحل الطاغية التونسي بن علي وهرب الى الديار المقدسة واختار جدة ملاذا له محتميا بمليك الجزيرة الذي أبدا لا يضيع حق الظالمين لديه ويبقى وفيا لزملائه في المهنة مهما تغيرت الظروف !!!
تكلمنا عن كوارث بن علي وسعينا منذ البداية للتضامن مع اخوتنا واخواتنا المطالبين بالحرية والكرامة ( رغم الصمت العربي الاعلامي حينها ) وكم فرحنا عندما وصلوا الى مبتغاهم لكن الحالة التونسية يجب ان تدرس جيدا فأن استنساخ تجربة بلد آخر قد لا يكون أمرا نافعا بل قد يكون كارثيا جدا !!!! فلكل دولة خصوصيتها وظروفها الداخلية البحتة وان قلب اي نظام يجب يجب ان يراعي وضع الشعب وليس وضع الدكتاتورية الحاكمة.

يكفي حكم الثلاثين، تونس راحت في العشرين ( شعار يمني ضد عبد الشيطان الطالح )
يبدو ان بن علي لم يكن شريرا كبيرا مقارنة بالاشرار الكبار بدءا من صدام ومرورا بمبارك والبشير والاسد وصالح وغيرهم أو أولئك الذين مضوا أو سياتون بعدهم ( أقول لم يكن شريركبيرا مقارنة بغيره ولا اقول انه طيب وجيد !!!)
في غمرة فرحي العميق عندما فر بن على هتفت بصديقي وزميلي في العمل وقلت له لقد هرب بن علي فما كان منه الا ان اجابني وكم سقط من الضحايا فقلت ثمانون شهيدا وشهيدة فما كان منه الا ان ضحك وقال يبدو ان الرجل لم يكن سيئا جدا كما يقولون !!!!
في حقيقة الامر الموضوع شائك جدا فما قصده صديقي ان صدام عام 1991 بعد هزيمته في الكويت أباد عشرات الالاف من البشر وهجر عدد اكبر بكثير بعدما سمحت له الولايات المتحدة بالقيام بأعمال الابادة الجماعية ( رغم ادعائها آنذاك انها ترغب باسقاط صدام وكانت تدعوا الشعب للثورة ) وقد قتل وأباد اضعافهم قبلها وبعدها.
وقد قال بوش الاب لاحقا ان السعودية قد تدخلت وضغطت عليه كي لا يسمح بأسقاط صدام حسين ( هي نفس السعودية التي استقبلت طاغية تونس بن علي ) في رسالة وجهها له الملك السعودي الراحل.

وهي نفس السعودية التي تنشر القتلة والمجرمين في كل مكان في العالم ولا احد يجرؤ على انتقادها في المحافل السياسية والدولية.

قبل ايام اوردت التقارير ان الجنرال رشيد عمار قد رفض فتح النار على المواطنين المتظاهرين ولم ينصع لاوامر رئيسه مما ساعد على نجاح الثورة بل وحسم نجاحها بالكامل على ما يبدو وإن دل الامر على شيء فلا بد ان يكون ان الجيش التونسي غير ملوث بأي عقيدة سياسية وليس لديه أي ولاء سوى الولاء للوطن بل ويثبت ان بن علي لم يقم بأي تغيير في تركيبة أو ولاء الجيش ولم يتدخل في جعله حاميا للنظام والرئيس خلافا للجيش العراقي الذي كان اداة للقمع والتدخل والابادة ضد المواطنين ففقد صفة الجيش ولم يعدو كونه اداة للترهيب والقهر خلال فترة حكم عائلة صدام من ( التكارتة وخصوصا قرية العوجة التي انحدر منها الدكتاتور العراقي الاسبق )

اجهزة الامن التونسية اكثر شرفا ومهنية من مثيلتها في الدول العربية البوليسية القمعية الوحشية وهو يختلف كلية عن نظيره العراقي السابق او الجهاز الامني المصري الحالي الذي اخذ يفتك بالشبيبة الابطال في مصر أم الدنيا التي ايتمت أولادها وهم أحياء فأول مرة نشاهد قوى امن في دولة تنضم الى الشعب لمواجه السلطة واول مرة نشاهد شعبا يقدم الزهور للجنود في دبابادتهم فخرا وزهوا لدعهم ثورة الشعب وخصوصا في دولة عربية.

الجيش العراقي السابق يختلف كثيرا عن نظيره التونسي فقد تم بناء الجيش العراقي على اسس أثنية وطائفية بالاساس وتم تقسيم هذا الجيش الى وحدات متعددة يرأسها ضباط مناطقيون معروفون بولائهم لصدام فقط وليس الوطن او الشعب وقد كان ذلك الجيش اداة القمع الاساسية خلال تلك الفترة اضافة الى اجهزة امنية وحزبية متعددة فلم تنجح ثورة شعبان عام 1991 بسبب بشاعة وفضاعة ردود الافعال الرسمية والامنية والعسكرية وان كانت امريكا هي الداء فقد صارت الدواء عندما ازاحت نظام صدام بعد 13 عاما لكن كان تصرفها متاخرا جدا فأن ذهب صدام لكن ثقافة صدام لا تزال تفتك بالجميع.

ردة فعل بن علي كانت مختلفة عن صدام عندما ثار التونسيون ضده فقد اقال وزراء عدة ورفع الحظر الاعلامي الذي كان مفروضا على الانترنيت وبعض الصحف ووجه رسالة الى شعبه من اجل التهدئة والتطمين بينما اول شيء فعله الدكتاتور العراقي الاسبق انه وجهة رسالة تهديد ووعيد الى الشعب تضمنت اقسى درجات التحقير والإهانة متوعدا المتمردين بالسحق الكامل من دون رحمة وهو ما حصل فعلا.

وهي ردة فعل تختلف عن تصرف مبارك الذي ظهر على التلفاز مؤخرا محملا الحكومة وليس النظام مسؤولية ما حدث وكأن الحكومة ووزراؤها ليسوا اكثر من دمى متحركة تتصرف وفقا لامر الرئيس وزوجته واولاده واحفاده وحمل كلامه اتهام واضح للثوار بأنهم مشاغبين وليسوا متظاهرين مهددا ( ضمنيا ايضا ) بسحقهم بحجة الحفاظ على الامن العام وسلامة المواطن والأمة.

الشعب التونسي يختلف عن الشعب العراقي في كثير من النواحي فالتونسيون لم يدخلوا حروبا مدمرة وعاشوا فترة طويلة في ظل العلمانية التي لم تفرق بين أحد على اساس العرق او المعتقد وهم يشكلون نسيجا متوافقا من الناحية الاجتماعية والثقافية مع الدول المحيطة بهم على عكس العراق الذي يتميز بتفرده السكاني الذي ترفضه الدول المجاورة ( وهي المصدر الاهم والابرز في عمليات التطهير العرقي والطائفي حاليا ) ناهيك عن ان الشعب التونسي يمثل نسيجا متوافقا مع نفسه أيضا فلم تقم الحكومة السابقة بتقسيم الشعب التونسي الى طبقات واثنيات متطاحنة ( اذ لم تتوفر لها الفرصة على ارض الواقع ) فكان بن علي في مواجهة الشعب بينما كان العراقيون - ولا يزالون - في مواجهة بعضهم البعض من جهة وفي وجه السلطة آنذاك في آن واحد في سياسة مقصودة منذ ثورة العشرين في القرن الماضي عندما عاقبت بريطانيا الشيعة والاكراد وحاولت حرمانهم من المشاركة الحقيقية في الحكم ناهيك عن اخطاء كثير ارتكبها الشيعة والاكراد لاحقا زادت من معاناتهم وعزلتهم.
في مصر فحجم الفساد والافساد مهول وقد عبر عنه الزميل السيد بدر الدين عيسى في مقاله الاخير ( مصر ليست تونس ) إذ قال:
في تونس كان الفساد مصدره عائلة الرئيس وعائلة أصهاره وعدد محدود من العائلات وهو مايسهل هروبهم. أما في مصر لو أن الفاسدون هربوا لما بقي في مصر سوى بضعة آلاف
طبعا مقال السيد بدر الدين معبر جدا وانصح بالاطلاع عليه على الرابط
http://eisa.elaphblog.com/posts.aspx?U=954&A=74096

شخصية بن علي تختلف عن صدام وتختلف عن زعماء عرب آخرين فبن علي شخص متعلم ويجيد اكثر من لغة وقد وصل الى السلطة في انقلاب ابيض وليس انقلابا دمويا وحشيا كالذي قام به البعثيون في حقبة الستينات وما تلاها من عمليات تطهير بشعة داخلية بحق اعضاء الحزب انفسهم ومن ثم بقية الشعب
وهو اكيد مختلف عن حسني مبارك والذي لا يمكن مقارنته تاريخيا باحد سوى بمعاوية بن ابي سفيان وهو تشبيه يغني عن الكثير من الكلام فلم نعرف شخصية تخلف معاوية في خبثها ونفاقها مثل هذا الغير مبارك بالمرة

بن علي ليس شخصية تصادمية فلم يشعل حروبا ولم يقم باعمال ابادة جماعية ولم يقم بعمليات تهجير شاملة ولم يغير تركيبة النسيج السكاني في تونس ( على حد علمي ) كالتي قام بها صدام او الحسن البشير او بشار الاسد وغيرهم.
بن علي لم يلعب على متناقضات الوضع الاقليمي ( وأيضا لم تتوفر لديه الفرصة لذلك ) فلا يوجد حوله محيط شيعي يهدد مصالح النفط ولم تتح له المتاجرة بالقضية الفلسطينية للتلويح بها عندما كان يريد التخلص من احد.

بن علي شخصية تذوقت طعم الارباح التجارية فدخل عالم المال والاعمال ( من خلال زوجته سيدة قرطاج السابقة السيدة ليلى طرابلسي ) في حين استخدم جلاد بغداد السابق وبعض الزعماء العرب الوحشية والقسوة لاستنزاف موارد بلدانهم وانفاقها في الملذات وتكريس السيطرة.

بن علي كان علمانيا مخلصا لعلمانيته فلم يجمع حوله وعاظ السلاطين او المطبلين لحكمه الالهي مثل صدام والذي كتب كلمة آلله اكبر بالدم ( وهو من النجاسات في الشريعة الاسلامية لكنه لم يعدم احدا يبيح له ذلك ) والذي انقلب على العلمانية البعثية الظاهرية آنذاك وبدأ ما يسمى بالحملة الايمانية البغيضة والشهيرة في حينها بعدما كانت المحجبة تعاني الامرين في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي او كما يفعل مبارك ايضا بالاستعانة ببركات شيوخ الازهر ( وآخرهم عضو بالحزب الحاكم يعني عيني عينك ) ولا بصلوات الانبا شنودة الذي يباركه بالروح القدس.

مقالي هذا لا يعدد محاسن بن علي بل يبين فروقاته عن الاخرين في العراق وسوريا ومصر والسودان واليمن والجزائر والخليج وبقية الدول العربانية وإنني اذ اصلي للاخوة الابطال في مصر واليمن وسوريا والجزائر اتمنى عليهم ان يكونوا واعين لخصوصيتهم القطرية في معركتهم العظيمة ضد الطغاة .
الشيء المشترك في الشعوب العربية أنها بدأت تثق بالفيس بوك واليوتيوب وتويتر اكثر من ثقتها بالمشايخ والمتفلسفين والمتحذلقين اصحاب الكلمات الرنانة والطنانة أصحاب الابراج العاجية من اخونجية وكلمنجية وولاة الفقيه من اليسار واليمين وتوحدوا في قولهم الى الامام در

أخيرا وليس آخرا فبعد ان فشلت طريقة ( الحفرة ) فهناك شيء واحد مشترك يختاره الزعماء العرب فهم جميعا مرحب بهم في جدة التي ادعو الله ان يحفظها من كوارث السيول حاليا لتكون ملاذا آمنا لكل الظالمين لتسريع التخلص منهم وإلا فالبديل قد يكون كارثيا لهم ولشعوبهم !!!!!
ازهر مهدي

http://alwah.net/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون