الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يرد الدين الى أم كلثوم

قاسم السيد

2011 / 2 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


حرارة تموز عام 1958 في بغداد كانت مركبة فلقد جمعت مابين سخونة صيف العراق اللاهب وسخونة الحدث الأهم وهو ثورة الرابع عشر منه هذا الحدث الذي بقي العراقيين يتذكرونه ويشيرون اليه رغم تعدد الأنقلابات التي اوصلت حكومات مختلفة بعد ذلك الى سدة السلطة .
تموز الثورة الأنتفاضة فجرها العسكر وهم من قام وقاد هذه الثورة الا ان الجماهير هي التي احتضنت الثورة وتولت حمايتها وربما تحمل هذه العبارة بعض المفارقة اذ لولا النزول الجماعي للشعب الى الشارع في مختلف المدن العراقية وخصوصا العاصمة بغداد مع القراءة الأولى لبيان اندلاع الثورة صبيحة الرابع عشر من تموز من دار الأذاعة العراقية في الصالحية كون الشعب العراقي لم يفاجيء بهذا الحدث لأنه كان على موعد معه بحكم التنسيق بين الضباط الأحرار والقوى السياسية الوطنية المنضوية تحت جبهة موحدة لما كتب لهذه الحركة النجاح كون القوى المؤيدة للنظام المالكي كانت تملك كثيرا من الموارد العسكرية تفوق بدرجة كبيرة القوة التي قامت بالثورة وتسيطر على كثير من مفاصل الدولة الا ان فزع الجماهير الى الشارع اربك القيادات العسكرية الموالية للنظام وشل حركتها وجمد ردة فعلها .
لم تكن الثورة حتى في سويعاتها الأولى حدثا طارئا او عابرا فأعلان النظام الجمهوري والخروج من حلف بغداد المركزي وتحرير العملة العراقية من هيمنة الأسترليني التي وردت في البيان الأول للثورة كل هذه الأمور لم تكن شيئا بسيطا في حينه بل كانت تحديات مخيفة حتى للجماهير المساندة والحامية للثورة.
ورغم مصرع الملك فيصل الأول ملك العراق مع الدقائق الأولى لأندلاع الثورة وتوالي الأعترافات الدولية بالثورة من دول كبرى ودول عربية عديدة الا امر الثورة لم يكن مطمئنا لكون اقوى شخصية في النظام الملكي نوري سعيد رئيس الوزراء لايزال طليقا وهذا بحد ذاته يشكل تهديدا كبيرا للثورة الفتية .
لم يكن ابن الشارع في حينها يفهم قيمة الأعتراف الدولي الواسع بالثورة فقد استطاعت الأشاعات التي كانت تروج من ان نوري سعيد سيستطيع ان يعود كرة اخرى للسلطة بواسطة تدخل عسكري غربي مباشر وهو اسلوب سبق وان مر به العراقيين عندما استطاع الأنكليز من اعادة الوصي على العرش الأمير عبد الله الذي فر خارج العراق بعد حركة رشيد عالي الكيلاني عام 1941 لهذا سيطر جو من التخوف والترقب على بغداد وبقية المدن العراقية .
في ظل هذه الأجواء حملت امواج الأثير من القاهرة صوت ام كلثوم وهي تشدو لبغداد اغنيتها الرائعة بغداد ياقلعة الأسود وسرعان ما تم تسجيل هذه الأغنية في أول بث لها من قبل بعض المواطنين الذين كانوا يملكون اجهزة تسجيل التي كانت حيازتها في ذلك الوقت أمرا نادرا لغلاء ثمن هذه الأجهزة وقلة وعي المواطن بقيمتها وحمل الشريط الذي سجلت عليه الأغنية على عجل الى دار الأذاعة التي لم تترد في اذاعتها رغم بعض التشويش الذي رافق التسجيل الا ان تكرار اذاعتها قد اشاع جوا من الأطمئنان لدى الناس على مصير الثورة ليس فقط كون بغداد قلعة وأهلها اسود فلا خوف على ثورتها وانما لأن من غنى لبغداد ام كلثوم وليس شخص اخر .
موقف سيدة الطرب العربي من ثورة العراق بالتأكيد لم يكن مفروضا عليها فلم نسمع من اخرين من كبار المطربين المصريين من غنى لثورة العراق وهي بموقفها هذا تستحق الأشادة وهو دين في رقابنا جميعا قد حان وقت سداده للشعب المصري لكون ام كلثوم أحد ابناء هذا الشعب الرائع الذي يسطر هذه الأيام احدى ملاحمه التاريخية وهو في أشد الحاجة للدعم وعليه اني كمواطن عراقي غنت ام كلثوم لعاصمته بغداد اوجه الدعوة لفناني العراق الموسيقين من مطربين وملحنين من ان ينوبوا عنا برد الدين لأم كلثوم وشعبها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة