الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألسنا جميعاً نحب سوريا!

منير شحود

2011 / 2 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


إلى متى سيستمر واقع الحال السوري كما هو؟
وهل ما يبدو من استقرار ظاهر دليل على أن الأمور تسير على ما يرام؟
الإجابة على السؤال الأول لا يعرفها أحد، والإجابة على السؤال الثاني تنقسم إلى إجابتين:
إذا كانت الإجابة بنعم فمن المفترض أن الشعب السوري هو الذي يقرر ذلك، وبما أن الشعب لا يمتلك حرية التعبير، ولا تعبر وسائل إعلامنا إلا عن وجهة نظر واحدة، لا نعرف مدى تطابقها مع الواقع، فهذه الإجابة تفقد معناها في الوقت الحاضر.
وإذا كانت الإجابة بلا، فيجب أن نبحث عن الأسباب:
أولاً، لا تختلف الحالة السورية عن مثيلتها التونسية والمصرية إلا بالتفاصيل، فالمظالم موجودة، وبمختلف الدرجات، والحرية شبه معدومة، وخاصة في تعبيرها السياسي، والحزب الحاكم موجود، والفساد على أشده، ومستوى العيش قد يكون في منزلة بين منزلتي تونس ومصر. وبالتالي فالمطالب ستكون هي نفسها من إصلاح ديمقراطي ومكافحة الفساد...الخ.
وثانياً، إن أهم درسين من تونس ومصر هما سقوط خرافتي الاستقرار والخطر الإسلامي. فالاستقرار كان القصد منه تغطية كل ما تكشف عنه الوضع من فساد ونهب، والخطر الإسلامي هو رسالة موجَّهة إلى الخارج للبقاء في السلطة إلى ما شاء الله، من أجل المحافظة على الثروة المنهوبة. إن الانتفاضات الشعبية ديمقراطية بطبيعتها، إن لم تستول عليها جهة ما بصورة انقلابية، وهي تسمح للجميع بالمشاركة في إدارة شؤون البلاد، إسلاميون وغيرهم، في إطار اللعبة الديمقراطية، وتحت سقف القانون.
وثالثاً، ثمة عوامل خاصة بسورية، منها الأحداث الدامية في الماضي، والتي لم تجر عليها أية مصالحة، وما زالت تثقل الذاكرة والمشاعر. ومنها أيضاً الدور السوري في الصراع العربي الإسرائيلي. وأعتقد أن حذر الشعب السوري بهذا الخصوص يدل على حالة من الوعي والوطنية، مخافة على بلده من الضياع، مع أن تأجيل الإصلاحات المنتظرة كنوع من اللعب على الوقت هو الضياع بعينه.
ورابعاً، لا أحد ينكر أن ثمة مؤيدين للنظام والرئيس، ويمكن حشدهم في أي وقت، مثلما أن هناك معارضين، كما ظهر على صفحات الإنترنيت. ولنتصور أن هذا الصراع انتقل إلى الشارع، أفلا يكون بداية لحرب أهلية؟ وكان من المفترض أن لا تدخل السلطة طرفاً في هذا الصراع، لأن ذلك يفقدها دور الحكم، وما قد ينجم عنه من مخاطر على الأمن الوطني. ولم يعد من الممكن اتهام كل من يعارض بالخيانة والعمالة، هذا منطق بائس، فضلاً عن خطورته.
عندما تفقد السلطة دورها الريادي للحكم واقتراح الحلول، فلا يمكن التنبؤ بما قد تؤول إليه الأمور في حال حدوث ثورات شعبية. أما الحل الأمني والبلطجي فقد لا يكون ناجعاً في هذه الحالات، كما أثبت نجاعته في قمع الأفراد والتجمعات الصغيرة الحزبية والحقوقية. وربما لا يمكن أن تتحمل سوريا، كوطن للجميع، قمعاً على نطاق واسع، في الوقت الذي تحتاج فيه لترميم ما لم يجر ترميمه.
الفرصة المنطقية التي يمكن أن تنقذ سوريا على المدى البعيد هي المباشرة بإصلاحات متدرجة وحقيقية، ومع أن ذلك ليس سهلاً، ويحتاج لشجاعة استثنائية، فإنه من الأفضل أن يحدث في ظروف أقل ضغطاً، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية. وهذه الإصلاحات أصبحت معروفة، ولعلها تبدأ بإلغاء حالة الطوارئ، بما فيها محكمة أمن الدولة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتحرير الإعلام لمناقشة مشاكل سوريا، والعمل على إشاعة جو من الاطمئنان والمصالحة.
ولا تكفي الإصلاحات الاقتصادية على أهميتها، بسبب الارتباط الوثيق بين السياسة والاقتصاد كانعكاس للعلاقة الموجودة بين السلطة والثروة في بلداننا العربية. والجهة الوحيدة التي يمكن أن تقوم بذلك في الوقت الحاضر هي السلطة نفسها، وهي أيضاً التي تتحمل مسؤولية عدم قيامها بتلك الإصلاحات. الأمر يحتاج إلى تضحية من الجميع، في ظروف تخيف الجميع، ومن كل حسب انتفاعه من سوريا، ألسنا جميعاً نحب سوريا!
لا يعقل أن ننتظر عقوداً حتى نبدأ بالإصلاح الحقيقي، أو أن نؤجله إلى الأجيال القادمة، فالأمور أكثر إلحاحاً، والأحداث تتسارع، بعد انفتاح ثغرات في جدار الاستبداد العربي. وحتى لو كان احتمال حدوث هذه الإصلاحات المنشودة واحداً بالمليون فإننا يجب أن نتمسك بتلابيبها، ربما كآخر أمل، لأن البديل مرعب، وفترة السماح محدودةً، قبل أن ندخل في قلب العاصفة.
ثمة الكثير من المستشارين الأمنيين من الحرس القديم والجديد، وبخبرة لا أحد ينكرها أو ينساها! ولكن أين عقلاء سوريا وحكماؤها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أن تحب سوريا يعني أن تحب النظام!
فلورنس غزلان ( 2011 / 2 / 8 - 17:30 )
أحييك بحرارة يادكتور منير..فرحة جداً بعودة مقالاتك تنير صفحات - الحوار المتمدن-، رغم فهمي العميق لأسباب انقطاعك، والتي لم تأتِ عليك بخير كثير..هو قدر مَن يفكر ، قدر من يحب سوريا دون زيف ، قدر من يحب الجميع كأهله، قدر من يريد إنقاذها من خراب أو فوضى..لانعرف إلى أين يمكنها أن تودي بها..لكن غناؤك الوطني..يعتبر نشازاً..في جوقة موسيقية..لاتتقن أصول - الصولفيج- السياسي..الفرق بين نشيدك ونشيدي ونشيد آخرين أنه ينسجم صدقاً مع تراب الوطن مع نشأته مع محيطه مع حلمه بوطن حر بألوانه وأطيافه..وتنوعه، الذي يرى فيه ثراء ، بينما يرى من يمسك بمقادير مصيرنا..أن الحب يعني تماهياً مع سلطة تمسك عصا لمن يخالف تعليماتها ، وتفرض عسساً على كل من يفكر خارج، خطوطه الحُمر الوهمية..التي ذكرت بعضاً منها ،لكن التاريخ علمنا أن الاستبداد لايدوم..وفيه من العبر الكثير..لمن يُعمِل عقله ويدرك قبل فوات الأوان.
مودتي واحترامي..

اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة