الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شجرة الحياة

عباس منصور

2011 / 2 / 13
الادب والفن




الحياة التي أكلت الناس

لم تزل تطلب المزيد منهم

والناس جاهزون على الدوام

للمجيء .. للغناء .. للعناق والعراك

لخلفه الأولاد

جاهزون للمزيد .

* * *


ما الذي يفعله الناس في هذي الحياة !؟

يأتون .. يكذبون

يكسبون جرائر سعيهم

من همٍ ٍ ومن مسرّة

ثم يمضون

لا يعلم الكثير منهم إلى أين تدفعه خطاه

وتنقضي الحياة

ويأتي المزيد من ضد ٍ

ومن أشباه

فما الذي يفعله الناس في هذي الحياة

إن لم يصيروا فريضة ً كالزهر

والفراش والطين والمياه !؟

ما جدوى الحياة

إن لم يذو الناس في ألق

ينسربون للتراب الذي يستحيل

طينا !!

تصعد من حمأته اليرقات والضوء

والأولاد نشيدا للحياة .

* * *


ماذا بعد الناس

بعد الجسد والكلام

بعد الموت والميلاد

بعد البيوت والصلوات ورجمة الشيطان

بالطوب أو بالكلام !؟

ماذا بعد الفصول

بعد الصيف وموسم الأمطار

بعد يبوسة الأطراف في الخريف

بعد انتظار العانس لانهمار الرجولة

وخشونة الأغصن وخرخشة الأوراق الزاوية

ماذا بعد الحياة

لاشيء .. سوى الحياة !!


* * *

كل شيء ينفد

المال والأولاد .. العمر والخطوات

وحتى الطفولة والكهولة

وثورة النهود والأرداف

في فسقة الصبا

كل شيء .. كل شيء .. ينفد

فلماذا تبقى صرخة الجوع وعضة الظلم

إرثا للقبح وللكراهة

كأنما

كتبنا عليهم عذابا إن حياة أو مماتا

في غبار الشراهة .


* * *

أخرجت لها كفي من النافذة

فبصُرت به رشفة أو رشفتين

ثم قالت :

آه .. ما أحلاه !

إنها الأولى التي ورديا أراه

فقلت لها :

اكتمي السر يا امرأة

فمن باح استبيح

فاحفظي دمك – إن شئت –

في شعاب القبائل

واغنمي بقية السنوات

يابنة الناس

في هذي الحياة .

* * *


ماذا يريد الناس من الناس

ما الذي أصلا لدى الناس

ليمنحوه للناس !؟

الحب .. الأنس .. الألفة السكينة

لاشيء من ذا لديهم

الناس لديهم أبناء ومزارع

حيوات صاخبة بالجنس وبالمال

لديهم وجع وصراخ ومظالم

جهل وغرور بالعمر وبالموت

بالفرح وبالأحزان

لديهم نهم صارخ

لا تكفيه حياة واحدة

يتمنى لو يغرف من حيوات الناس جميعا

حتى يبقى أبديا

وان ظل وحيدا في هذي الدنيا

لا يعرف بيتا يؤويه

أو أين سيخبط مسعاه .


* * *

أعطيتها طرفا من قميصي

قربته من وجهها .. تشممته

فانهلّ دمعها

قبّلت دمعها في ثنايا القميص قائلة :

آه .. ما أحلاه !

إنها الأولى التي ورديا أراه

هذا الدم الوردي لمن؟

دمك أم دم القميص

على خشبة المنبر .


فقلت لها :

إن رأيت ِ

راق الدم في الوريد وفي القميص

فاعرفي واحفظي

فما بك طاقة للنبذ والعراء.


* * *


علامن "تدور الدوائر "

- إن دارت أصلا -

على خطوة والغةٍ في الدم

واللحم العشيْ

أم تراها تدور

على قلب خشيْ !؟

وما الدوائر تلك – أيها الحادي –

أقرصة الجوع هيْ

أم غدرة البدو في الصحراء

وحسرة الفيْ !

ما الدوائر أيها الحادي

"تكونشي" ندهة ُ الموت

أم رجفة الخوف

في حضرة الميزان صباحا مسا !؟

وعلامن تدور

وهذي قوافل البدو تجوس

في الأرياف

تمصّ دم العيال وتسبي النسا

تارة بسيف السما

ومرة بخمر الجنان – لعل وعسى –


* * *

مددت لها بعضا من رغيفي

قربته من فمها

تذوقته

ثم قضمت قضمتين

وقالت :

آه .. ما أحلاه !

لكنها الأولى التي ورديا أراه .



عباس منصور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن