الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أين يسير الأردن ؟!!

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2011 / 2 / 15
الادارة و الاقتصاد


هذا سؤال بسيط لم أملك الإجابة عليه حينما فاجأني به صديق أردني مغترب على حين غرة !! فقلت له ماذا تقصد ؟ فقال أصبحت أخاف أن أقرأ صحف ومواقع أردنية يوميا من شدة ما يصيبني من قهر كلما قرأت عن عنف هنا وقتل هناك وغلاء معيشة ورفع غير مبرر للمشتقات النفطية وأزمة اقتصادية ومديونية بالمليارات وغضب شعبي غير مسبوق أراه في سطور تعليقات قرّاء المواقع والصحف الأردنية ونقد مستمر لسياسات الحكومة !!
صمت لبرهة ثم قلت له فعلا لا اعلم إلى أين يسير الأردن، فحاولت أن أعيد قراءة ما يجري في الأردن خلال السنوات القليلة الماضية فوجدتني أمام وضع لم أتصوره أبدا يمكن أن احصره بالتالي :
- يعاني الأردن اليوم من سلسلة ضاغطة من الحوادث اليومية التي تؤشر على شكل جديد للعنف الاجتماعي لم يألفه المجتمع الأردني من قبل ، فهو أشبه بـ"بعنف متفق عليه" يأتي نتيجة سياقات وظروف اجتماعية أردنية معينة ساهمت في زيادته
- "قتل" و"خطف" و"مشاجرات جماعية" و"اعتداء الطلبة على المدرسين" و"اعتداء المواطنين على الكوادر الطبية وموظفي الدولة" و"مشاجرات مدرسية وجامعية" وأخرى نيابية وغيرها من مشاجرات بين كوادر رسمية.... أصبحت ظواهر سلبية مقيتة برزت في الأعوام الأخيرة تؤشر على تزايد ظاهرة العنف الاجتماعي في الأردن. - المواطن الأردني يعيش أحيانا في مجتمع متأزم ومتناقض مع نفسه ، فيجد الشاب الأردني نفسه عاجزاً عن تقبل الضوابط والأحكام، فلا يملك القدرة على ضبط ذاته ويميل إلى التمرد والتهكم وغالبا إلى التعامل مع الآخرين بالخشونة والقسوة، فيصبح العنف سيد الموقف ويبيت اللجوء إليه او التهديد به حتى ولو لفض المشكلات البسيطة امراً محتوماً.
- إدارة حماية الأسرة سجلت منذ بداية العام الحالي أكثر من 1500 قضية اعتداء جسدي وجنسي بحق المرأة والطفل والأسرة فقط !! إضافة الى عشرات قضايا العنف الجامعي وعدد لا ينحصر من قضايا العنف الاجتماعي والعشائري في مختلف مناطق المملكة وأخرها على ما نذكر في السلط والعقبة ومادبا ومعان وعمان وضواحيها والكرك والطفيلة ..!!
ومع ان العنف بات ظاهرة خطيرة ومقلقة جدا لكل الأردنيين إلا أن الاتجاه الرسمي يتعامل معها بوصفها تطورت طبيعية !! وما يضحك وربما يبكي ان يخرج مسئول كل يوم ليعلن للملأ ان هذا العنف غريب عن سلوك وقيم وعادات الشعب الأردني المسالم وان هناك فئات مندسة تحاول الإساءة لسمعة الأردن !
لدرجة أن يضحك وربما يبكي معها المواطن –في وقت غابت فيه الابتسامة والكشرة أيضا عن وجوه الأردنيين- وكأن العنف الذي يجري في معان والسلط والكرك والطفيلة يقوم به مواطنون من كوكب أخر لا يمتون بصلة للشعب الأردني !!
ويكأن فيديو العنف والشغب الذي حدث قبل أيام قليلة في الجامعتين الأردنية واليرموك وانتشر كالنار في الهشيم في آلاف المواقع الأردنية والعربية والعالمية مجرد إحداث "فلم اكشن" ولا يمت بصلة لفئة من المفترض أنها مثقفة وواعية من المجتمع الأردني !! لكنها فقدت كل أسباب الوعي والإدراك والثقافة بسبب التشنج والإحباط وتضييق خناق الحرية ونشر ثقافة الهويات الفرعية على حساب المواطنة الصالحة !!
- ثقافة الاعتصام والمظاهرات التي بدأت تنتشر في الأردن في السنوات الأخيرة هي ظاهرة ايجابية ردا على الأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها الأردن وهي نشوء طبيعي لمجتمع يعبر بديمقراطية عن مطالبه معتقدا أن الديمقراطية وصلت لذروتها في الأردن لتقبل المؤسسة الرسمية بهذه الظاهرة !!
ولان التعامل الرسمي مع هذه التظاهر يتسم برد فعل متجاهل وأحيانا غاضب، فان تأجيل النظر في قضايا مؤسسات المجتمع المدني التي تتظاهر لمطالبة بحقوق مشروعة لأسباب هاوية يدفع بالحكومة إلى نقل الأزمة الى الأمن العام الذي تأتيه الأوامر للتعامل مع المظاهرات بأسلوب مغاير .. وللأسف اغلب تلك الأساليب أفرزت أزمة جديدة في المجتمع الأردني وهي أزمة ثقة بين رجل الأمن العام والشارع نجم عنها قضايا تجاوز عديدة فأقمت الأزمة برمتها بدل أن تحلها، وأصبحت أزمة ثنائية : تجاهل رسمي لقضايا المواطن وتأزيم العلاقة بين الأمن العام والشارع العام !!
- بتاريخ 20/8/2010م نشرت صحيفة الـ"واشنطن بوست" الأمريكية تقريرا عن الوضع في الأردن، أشارت فيه الى أن حالة التأزم الداخلية التي يعيشها الأردنيون بات يسمع صدى تداعياتها على الصعيد الدولي وخصوصاً حينما انهالت المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات بإعلان استنكارها وشجبها للإجراءات التي تتخذها الحكومة في تضييق نطاق الحريات العامة والصحفية والاستمرار في التعنت حيال المواطنين بشكل عام.
واستعرضت الصحيفة الحملات التي شنتها وتشنها قوى المعلمين وعمال المياومة والمتقاعدين العسكريين والصحفيين والاستياء الشعبي من الوضع الاقتصادي المتدهور!!
- الحكومة تساهم في تأزيم الموقف الاقتصادي والاجتماعي الداخلي عبر رفعها غير المبرر للمشتقات النفطية خلال عام 2010م بنسبة تجاوزت 35% إضافة إلى فرض ضرائب بالجملة عن المشتقات النفطية ما ساهم برفع أسعار النفط لمستويات قياسية لم يبلغها في ذروة الأزمة العالمية حينما وصل سعر البرميل لحدود 150 دولار رغم أن سعره اليوم بحدود 90 دولار !!!
ويؤكد خبراء اقتصاد أردنيون إضافة الى تقارير اقتصادية دولية ان وضع الاقتصاد الاردني قلق جدا وان مستقبل الاقتصاد الوطني في وضع محرج جراء تداعيات الأزمة المالية العالمية.
وتشير المؤشرات الأساسية لأبسط قواعد علم الاقتصاد، ان ارتفاع الدين العام المستمر والمتزايد؛ نتيجة ما يضاف من فوائد على أصول المبالغ المقترضة، واحتياجات الحكومة السنوية لتمويل عجز الموازنة. وزيادة رفع الضرائب والرسوم على المواطن الفقير مقابل انتشار الفساد الذي بات ظاهرة منذ سنوات قليلة، الى جانب زيادة الانفاق العام على مظاهر الترف الذي ينعم به المسئولون على حساب قوت الشعب والمواطن وخصخصة اغلب مؤسسات الدولة وتفريخ عدة مؤسسات عن الوزارة وبيع الأصول لشركاء أجانب بحجة الاستثمار الذي لم يحقق أي فوائد تنموية اقتصادية .. ابرز أسباب الأزمة التي يعيشها الأردن منذ عقد !!
وكما هو واضح فان وضع الاقتصاد في عام 2010 أسوأ من 2009، والمشكلة الرئيسية أن 70% من ميزانية الدولة تذهب رواتب. كما تعجز الدولة عن تقديم الخدمات الرئيسية المهمة مثل الصحة والتعليم رغم أنها غير مجانية لأغلب فئات الشعب، والطامة أن موازنة الدولة تنفق كرواتب واغلبها رواتب ضخمة خيالية تنفقها مؤسسة الضمان الاجتماعي وأمانة عمان لفئة من المسئولين بصيغة هي فريدة من نوعها في العالم!!
- هذا الأمر دفع صندوق النقد الدولي في تقريره عن الأردن في حزيران 2010م الى دعوة الحكومة لتحرير قطاعي المياه والطاقة بشكل كامل عام 2011م وهو الاتجاه الذي تسير به الحكومة قريبا، كما أشار التقرير إلى أن الوضع المالي في الأردن صعب بسبب التراجع الكبير في المساعدات الخارجية، ودعا البنك المركزي الى التشدد في السياسة النقدية لضبط التسارع في معدلات التضخم، وأشار التقرير ان العجز المالي لا يزال كبير وان الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي مستمر في الارتفاع.
وأيدت بعثة الصندوق الإجراءات الحكومية المالية لعام 2010 والمتمثلة بإعادة ترتيب أولويات الإنفاق الرأسمالي وتخفيض النفقات الجارية بما في ذلك فرض ضرائب على المشتقات النفطية و بعض السلع الأساسية وإلغاء الإعفاء الضريبي على بعض السلع والخدمات مثل البن وغيرها .
- مجلس نواب تشكل بلمح البرق وسط انتخابات شكك الكثير بنزاهتها فيما تؤكد مراكز الدراسات الممولة من الحكومة أنها كانت نزيهة ونسبة المشاركة بها تجاوزت نسبة انتخابات عام 2007م !! رغم أن فعاليات وأحزاب وفئات كثيرة من الشعب الأردني قاطعت الانتخابات !
المحصلة: تشكل لدى الأردن مجلس نواب بات يعرف بنواب(111) نسبة إلى عدد النواب الذين أمطروا الحكومة بوابل من الانتقادات ثم ما لبثوا منحها ثقة مطلقة تجاوزت نسبتها 93% ما زاد من سوء الوضع السياسي الداخلي وأحبط المواطن الأردني الذي راهن ولو بنسبة بسيطة أن هذا المجلس سيقف ضد سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية !! وإذ به يشكل تحالف ضمني مع الحكومة مقابل امتيازات مالية للنواب وتمرير صفقة تأجيل إخلاء المأجور لعام 2012م !!
ربما يحتاج الأمر أكثر مما ذكرناه ولو فتحتا ملفات أخرى لوصلنا إلى نفس النتيجة وهي أن أزمة كبيرة جدا يمر بها الأردن على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والثقافية..الخ .
ولكن في نهاية المطاف تبقى الإشكالية الأولى تسير في حلقة مفرغة لان لا كاتب المقال أو غيره يملك الإجابة على سؤال إلى أين يسير الأردن !؟
فهل تعتبر حكومتنا الموقرة هذا سؤال او استفسار بسيط من الشعب الأردني يود بشغف الإجابة عليه عاجلا !!
نتمنى ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله يحمي الأردن
سوزي سوداح ( 2011 / 2 / 15 - 19:17 )
أتمنى أن يسير الأردن نحو شط الأمان ، فأنا متأكدة أن لا أحد يحب الحلقات المفرغة والأسئلة بدون أجوبة ، الله يحمي الأردن ،


2 - مستقبل الأردن بيد أبنائه فقط إذا أرادوا
د. قيس الحمود ( 2011 / 2 / 16 - 05:46 )
مستقبل الأردن بيد الأحرار والشرفاء من إبنائه إذا أرادوا، وبادروا للمساهمة بفاعلية لحمايته والحفاظ عليه، ونبذوا التقاعس والانشغال بالمعاك الفارغة الجانبية التي يحاول البعض إشغالهم بها، ونبذوا التفرقة التي تسعى بعض الأطراف الدولية لبثها داخل المجتمع الأردني سعيا لإنجاز مخططات الصهيونية العالمية التي تعزف سمفونيتها في إسرائيل صباح مساء، وبكل إصرار على أن تكون هي الحل الأوحد للقضية الفلسطينية، على اعتبارأن جوهر القضية من وجهة نظرهم هو حل قضية اللاجئين، والأقلية العربية الغريبة في -إسرائيل- والحمولة الزائدة في الضفة الغربية، وإعادة توطينهم بوضع يضمن توفير السلام للشعب المختار، وبالتالي فقد قررت حكومة الشعب المختار التنازل عن حقها التاريخي في جزء من أرض إسرائيل شرقي النهر لإعادة توطين هؤلا المواطبين فيه، ومن هنا نرى هذا الكم من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على الأردن في هذه المرحلة لإضعاف جبهة النظام الداخلية، وزعزعة وضع البلد الاقتصادي، وخلخلة التركيبة الاجتماعية، لإجبار النظام على الرضوخ لهذا الحل، وتهيئة الأجواء الاجتماعية المناسبة لإعادة ترتيب المجتمع الجديد.
يتبع


3 - مستقبل الأردن بأيدي أبنائه ـ تتمة
د. قيس الحمود ( 2011 / 2 / 16 - 05:58 )
وبالطبع لم تبلغ الأمور منتها، فما زال الوضع مرشحا للازدياد، وجل ما نخشاه أن يتم استغلال موجة نزوع الناس إلى المطالبة بحقهم المشروع في الإصلاح ومكافحة الفساد، وركوب هذه الموجة لزعزعة الأمور داخل البلد على نحو أسوأ.
لكن كل هذا يمكن التصدي له من خلال مجموعة م نالإجراءات الاستباقية اللازمة قبل أن يقع الفاس بالرأس، منها:
أن يبادر النظام بمجموعة من الإصلاحات الجوهرية، وذلك بتعديل القوانين المشكلة داخل البلد، وإجراء انتخابات تشريعية جديدة، وإنتاج مجلس نواب يعبر عن الشعب .
عمل حوار واسع بين الحكومة والشعب، وبين مختلف مكونات المجتمع الأردني للوصل إلى وضع اليد على المشاكل الحقيقية التي تؤدي إلى هذه الحالة من ضعف الترابط الاجتماعي وتلمس الحلول المناسبة.
عمل حملة إعلامية واسعة تساهم فيها مختلف مؤسسات المجتمع المدني، والشخصيات الحترمة اجتماعيا لبيان حقيقة الوضع والأخطار المحيطة، وطرق التصدي لها.
تفعيل الدور الشعبي في التكافل الاجتماعي من خلال توسيع دائرة العمل الخيري، ودعمه حكوميا لسد حاجات الفقراء والمحتاجين.
يتبع


4 - مستقبل الأردن بأيدي أبنائه ـ تتمة
د. قيس الحمود ( 2011 / 2 / 16 - 06:15 )
التخلي عن الارتباطات الدولية التي تفرض على الدولة القيام بأعمال غير مقبولة شعبيا، ومن شانها أن تكون سببا في زعزعة الأمن داخل البلد، مثل المشاركة في حملة مكافحة الإرهاب الأمريكية، خاصة بعد أثبت الواقع أن الدول التي شاركت بفاعلية في هذه الحملة لم تجني منها سوى الدمار، كاليمن والباكستان، كما أن هذه الارتباطات لم تنفع أولئك الذي ساهموا فيها بفاعلية، كمبارك وبن علي. فالأولى لنا أن نلتفت إلى شأننا الداخلي، ، و-خلي كل واحد يقف على مارسه-.
شن حملة لا هوادة فيها على الفساد والفاسدين، وضبط اموال الشعب.
السعي إلى تطوير العلاقاتالاستراتيجية مع الدول الشقيقة والصديقة في المجال الاقتصادي والسياسي والدفاعي، كسوريا وتركيا ومصر (الجديدة).
أنما لست خائفا على الأردن لكنني خائف على بعض أبنائه الذي أخذهم الضبع، وانساقوا وراء السلبية العمياء تجاه المساهمة الواعية في صنع مستقبله، وأنا أثق كل الثقة بمستقبل الأردن بشعبه ونظامه أنه سيصمد، وسيتطور إلى الأحسن، وسيزداد عقده تماسكا إن شاء الله ـ ثقة واعية مبنية على وعي أكيد.

اخر الافلام

.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 25-4-2024 بالصاغة




.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا