الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ردا على المشككين: الأردن محصّن بشرعية النظام والاستقرار

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2011 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بعد نجاح ثورة الشعب المصري الشعبية "ثورة اللوتس" بالإطاحة بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقبل ذلك نجاح ثورة الياسمين في الجزائر بالإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين-أو الهاربين- بن علي، أخذت بعض الأقلام العربية والصحافة الغربية تعصف بعقلها خارج نطاق المنطق والعقلانية، واخذ البعض يغرد خارج السرب، ويضع الأردن من أوائل الدول العربية التي ستهب عليها رياح ثورة شباب مصر!!
فالسيناتور الأمريكي جون ماكين، الذي سبق وأن ترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية ضد باراك أوباما، توقع أن تنتقل الاحتجاجات بعد تونس ومصر إلى اليمن والأردن وليبيا، معتبرا المناخ العام لهذه الدول يتميز بالاحتقان إلى درجة تدفع إلى السير على نهج الشعبين التونسي والمصري.
فيما توقع كاتب إسرائيلي صهيوني أن تنتقل بسرعة الانتفاضة الشعبية في مصر إلى الأردن، حيث يرى أن "الشعب سينتفض ضد النظام الملكي هناك" !! وبعد أن أكملت تحليل هذا الكاتب العقيم والمبتذل، وصلت إلى ما يرمي إليه في نفسه، انه يدعو في ختام مقاله إلى أن تدعم إسرائيل هذا التوجه لإقامة وطن بديل للفلسطينيين!! ودليل جهل هذا الكاتب الذي يبدو انه لم يقرأ بحياته كتابا واحدا عن الأردن، انه يعتبر أن التيارات الداعمة للغضب الشعبي في الأردن تمثل الأكثرية الفلسطينية التي تمثل (70%) من سكان الأردن!! لاحظوا جهل الكاتب وفراغه الثقافي ورؤيته الصهيونية التي هدفها الوطن البديل للفلسطينيين لا أكثر.
وخلص في مقاله إلى أنه "إذا سلكت هذه الأكثرية سلوك الجماهير في مصر فستنشأ الدولة الفلسطينية قطعا، في الأردن أولا، وبعد ذلك كما نفترض، ستنسج علاقات اتحاد فدرالي ثم وحدة" مع الضفة الغربية" !!!. هذه تصورات من يروجون لفكرة الثورة الشعبية في الأردن، ولكنهم يجهلون حقيقة أن النظام الملكي في الأردن سياجه الوحيد هو الشعب الأردني وليس تحالفاته مع الغرب أو علاقاته المتدهورة منذ سنتين مع الكيان الصهيوني، وهذا سر الحملة التي يقودها كتّاب صهاينة ضد الأردن ونظامه.
أما صحيفة "ذي غارديان" البريطانية والمتحالفة مع اللوبي الصهيوني في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فتوقعت انتقال احتجاجات مصر إلى دول عربية أخرى، وأوردت أمثلة لبعض الحيثيات المشابهة الموجودة في بعض الدول التي يمكن أن تنتقل إليها عدوى الاحتجاجات.
وقالت إن هناك حيثيات "تجعل الأردن الدولة الأولى المرشحة لانتقال العدوى المصرية إليها، حيث تستمر الاحتجاجات هناك على الفقر والتضخم والبطالة والفساد وانعدام الديمقراطية منذ أسابيع". ويبدو أن الغارديان أيضا تحكم بموجب ما يصلها من تقارير لا تمثل أرض الواقع، فضلا عما يصلها من تقارير المخابرات الإسرائيلية والبريطانية التي تعمل في وكر البعثات الدبلوماسية "بيت الجاسوسية المرخص" في الأردن.
وتجاهلت الصحيفة تصريحات حمزة منصور أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي لها والتي أشار فيها إلى أن الأردن مختلف كلية عن مصر وتونس، "فالشعب الأردني والمعارضة الإسلامية ليس من ضمن مطالبها نهائيا تغيير النظام، وإنما تطالب بإصلاحات سياسية وحكومة منتخبة".
ويسوق البعض -إعلاميا- أدلة هلامية وبراهين مزيفة للتأكيد على ذلك، احدهم يشير إلى مظاهرات سلمية خرجت بشكل متوالي قبل ثورتي تونس والجزائر، والبعض الأخر يعتمد على بيانات صدرت من فئات تدّعي أنها تمثل عشائر الأردن، وهي بالواقع لا تمثل سوى من أصدرها، فلا يعقل أن يكون بيان يمثل (18) شخصية موقعة عليه، لم يعرف من هي أصلا، بيانا يمثل الشعب الأردن وعشائره، وليس من الحكمة أو المنطق بشي ان نعتبر مجرد مظاهرات سلمية تطالب باستقالة الحكومة وفقا للدستور وتعامل معها الأمن الأردني بمنتهى التحضّر والمدنية، مقياسا لتنبأ خبيث، من هذه الجهة أو تلك، أن الأردن في طريقه للهاوية ولثورة شعبية تطيح بالنظام الملكي، كما حدث في مصر وتونس !!
ولن نقول أن الأردن ، كما قال آخرون، ليس مصر أو تونس، ولكن في تفاصيل التفاصيل ليست المملكة شبيهة بجمهوريتي تونس ومصر، فرغم الحالة الشعبية الواحدة، إلا أن الأمور غير متشابهة على صعيد الأنظمة، والحراك الشعبي الناشئ في الأردن يختلف جوهريا عن الحراك الشعبي لثورتي تونس ومصر. ذلك أن النظام الأردني له أهمية كبرى ودور تاريخي في صياغة مكونات المملكة، خاصة في صياغة مفاهيم المجتمع الأردني إزاء مؤسسات الدولة، لاسيما مؤسسة العرش.
والتركيبة السكانية الأردنية، وتركيبة البنية العشائرية تحديدا، تلعب دورا هاما في صياغة مفاهيم المعارضة والانتماء، حيث أن المعارضة لا تنفك تؤكد أن معارضتها قائمة على قاعدة الولاء للنظام، وتركيبة الشعب الأردني بمختلف شرائحه وأطيافه، تفهم قواعد لعبة المعارضة وتسير معها في نسق واحد، تطالب بالإصلاح والديمقراطية والعدالة والحرية، لكنها لا تدعو أبدا إلى تجاوز دور النظام في انحازت المملكة خلال العقود الماضية، فما وصل إليه الأردن اليوم هو حصيلة شبكة علاقات الملك الإقليمية والدولية، وحصيلة التفاف الشعب حول مؤسسة العرش، وحصيلة سياسات ساهمت عبر عقود في تأسيس مملكة أردنية معاصرة تحظى باحترام وإعجاب شعوب ودول العالم .
وفي الأردن لا يوجد تسلط للمؤسسة الملكية والأمنية على المواطنين، ولا يوجد تجسس على حياة وخصوصيات الشعب الأردني، كما تفعل مصر وتونس، ولا يوجد حكر على حرية الرأي والتعبير، وليس لدى الأردن معتقلات لأصحاب الآراء السياسية المعارضة للحكم، وليس لدى الأردن مئات الألوف من المخبرين الذين يجوبون الشوارع بحثا عن معارضين أو حزبيين، كما تفعل مصر وتونس ودولا عربية أخرى، وليس لدى الأردن مراكز تعذيب ممنهج، كما تفعل مصر وتونس، وليس لدى الأردن رقابة على المساجد وبيوت العبادة، فهي مفتوحة أمام الشعب بكل حرية دون رقابة أو قيد، وليس كما تفعل تونس التي تحظر على مواطنيها الصلاة في غير مناطق سكنهم !!
وفي الأردن لا يوجد فساد ورشاوى لدى المؤسسة الأمنية التي تسهر على حماية الوطن والمواطن، فثقة المواطنين برجال الأمن ثقة عالية، وليس لدى الأردن أي حادثة إعدام سياسي باعتراف المنظمات الحقوقية، والمعارض في الأردن يبدي رأيه عبر الشاشات العربية والأجنبية دون أن يتعرض للإساءة والحبس، كما تفعل معظم الدول العربية، وفي الأردن امن واستقرار أساسه التفاهم والصلة الوثيقة بين المواطن ومؤسسات الوطن كافة، وعلى رأسها مؤسسة العرش، وهذا الاستقرار هو أساس الحوار الهادف والجاد باستمرار بين قوى المعارضة والحكومات، والكل متفق في الأردن أن استقرار الأردن خط احمر لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، لأنه ثمرة عقود طويلة من العمل والنهج الثابت من المؤسسة الملكية التي أسست بلدا يملك طموحات كبيرة رغم صغر حجمه ومحدودية إمكانياته الاقتصادية.
لذا، فان المقاربة بين الأردن وثورتي تونس ومصر، مجافية للواقع بكل إبعاده، لان النظام الهاشمي بالنسبة لكل طبقات المجتمع الأردني خط احمر، ويحظى بثقة مطلقة من الشعب الذي يدين له بالولاء والانتماء ، اجتماعيا وسياسيا، بحكم العلاقة الخاصة بين العائلة الحاكمة والشعب الأردني، فالنظام الملكي في الأردن لا مثيل له في المنطقة العربية، بحكم نسبه وشرعيته وصلته العربية وقربه من مختلف طبقات ومكونات الشعب الأردني، بوصفه نظاما محايدا بين الحكومة والشعب ولا يتحيز إلا لمصلحة الوطن والمواطن في خاتمة المطاف، ويتحرك بموجب قواعد الدستور الأردني الذي منح الملك صلاحيات دستورية بموجبها يعين رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة التي يجب عليها أن تحصل على ثقة العمل وشرعية البقاء من مجلس النواب الذي يمثل الشعب .
هذه القواعد الدستورية هي التي تحكم علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية، أي بين رأس الدولة ومؤسسات تمثيل المواطن، وهي قواعد منصفه من الجانب النظري، لكنها بالضرورة تخضع لثغرات بالتطبيق حينما تتدخل الحكومة أحيانا بانتخابات مجلس النواب هربا من المواجهة السياسية مع ممثلي الشعب، كما جرى في انتخابات مجلس النواب الخامس عشر والسادس عشر، في عهد حكومتي البخيت والرفاعي، لكن ذلك كله لا يعني بأي حال أن رأس السلطة التنفيذية معني بتلك التدخلات، لان الحكومة مسؤولة بشكل كامل عن أعمالها وتصرفاتها بموجب الدستور، وتحاسب وفقا لكتاب التكليف الملكي الذي يحدد لها الأطر والعناوين الكبرى لتنفيذ توجهات الملك في مختلف مجالات الدولة.
دليل ذلك ، أن الملك التقط إشارة غضب الشعب الأردني على مجلس النواب الخامس عشر، فأمر بحل مجلس النواب في ديسمبر 2009م ودعا لانتخابات مجلس جديد، كما استجاب الملك عبدا لله لمطالب الشعب بإقالة حكومة سمير الرفاعي، بعد سلسلة مظاهرات سلمية انتقدت سياسات الحكومة، وكلف حكومة إصلاحية برئاسة الدكتور معروف البخيت، حظيت حتى اليوم برضا شعبي بعد أن تكونت من شخصيات نزيهة وأخرى تكنوقراط لديها خبرة في إدارة اغلب ملفات الشأنين المحلي والخارجي.
والواقع أن الجهات الخارجية، وبعض الأقلام التي تتنبأ بثورة شعبية في الأردن، بناء على تقارير السفارات المشبوهة في الأردن، وتقارير مخابراتية عربية وأجنبية، ومقابلات يجريها إعلاميين أجانب مع بعض الشخصيات الأردنية (إعلاميين ومعارضين ورواد الصالونات السياسية وفئة من أصحاب الموائد والدولار)، لا يعلمون حقيقة العلاقة العضوية بين الشعب الأردني والنظام الملكي الهاشمي، وهي علاقة لم تتأسس من عهد الملك عبد الله الثاني، وإنما أرسى قواعدها المغفور له الملك الحسين بن طلال منذ منتصف القرن الماضي.
فشرعية النظام برزت من عدّة مقومات رئيسية وهي: النسب الهاشمي، والدين الإسلامي والطروحات القومية التي تمثلت بالثورة العربية الكبرى، والبعدين البدوي والعشائري: حيث أن العائلة الهاشمية بطبيعتها التاريخية تصطبغ بطابع بدوي يتناغم مع بدو الأردن ، وتتمتع كذلك بمزايا العشيرة والقبيلة المتوفرة لدى النظام الأردني، وهذا عامل تقارب مرهف مع الشعب الأردني الذي هو جزءاً لا يتجزأ من النظام السياسي القائم .
تلك العوامل السابقة أدت إلى إحداث استقرار سياسي واضح في الأردن في مختلف الأحيان، واستقرار النظام السياسي ناجم عن عدة متغيرات أخرى وهي:
– قدرة النظام على احتواء التيارات والتوجهات السياسية المتوفرة على الساحة السياسية .
– توفر التجانس الديني في الأردن .
– الاهتمام الواضح في الجيش الأردني والاعتماد على العنصر البدوي .
– تجربة العائلة الهاشمية في الحكم خلفاً عن سلف أكسبتها خبرة ودراية في تسيير دفة الحكم.
– قدرة صانع القرار على الحفاظ على التوازن بين العشائر كافة من خلال سياسة التوظيف والعمل.
– كثرة التركيز على مفهوم الوطنية لاحتواء أية بوادر تهدّد الاستقرار الداخلي للنظام.
– التركيز على مبادئ وأهداف الحرية والاستقلال والوحدة.
- الاستمرار في عمليات التنمية السياسية وبناء المؤسسات الدستورية وتوسيع المشاركة السياسية .
والأردن بنظامه الملكي، قادر باستمرار على قراءة الظروف والمتغيرات والانسجام معها بصورة تبدو طبيعية للغاية، ففي عام 1989م كان الملك الحسين بن طلال أول من التقط إشارة واضحة من التغيرات الدولية الجارية على ساحة نظام ثنائي القطبية، وأدرك حينها أن العالم مقبل على مرحلة أحادية قطبية أساسها الديمقراطية وترويج مقولة حقوق الإنسان كنهج ثابت في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، فكان أول بلد عربي يرسي قواعد الديمقراطية بعد فك الارتباط القانوني والإداري بين الأردن والضفة الغربية، فوضع الميثاق الوطني وأعاد الحياة النيابية وبدأت مفاهيم التعددية السياسية والحرية وحقوق الإنسان والمشاركة في الحكم تبرز على الساحة السياسية الأردنية، ذلك الفهم الملكي للتغيرات الدولية كان متواليا وسريعا بسبب القراءة الذكية الواعية من قبل مؤسسة العرش التي تملك قدرة التنبؤ على انعكاسات الظروف الدولية على الشؤون الداخلية في بالأردن والمنطقة العربية .
والملك عبد الله الثاني ومنذ أحداث تونس أدرك أن الثورة الشعبية العربية ستسري في جسد الأنظمة العربية بلا استثناء، فالتقط تلك الإشارة بكل جدية، وأوعز للحكومة بجراء عملية إصلاح شاملة تشمل كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فأقال حكومة الرفاعي وجاء بحكومة البخيت التي كلفها بتطبيق برنامج إصلاحي وطني عام، وطالب بفتح تحقيقات بكل ملفات الفساد وإجراء تغيرات جذرية في مختلف مؤسسات الدولة لتنسجم ورغبات القوى والمعارضة الوطنية.
وفي الأردن، الذي يتشابه مع تونس ومصر في ملفاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعاني أيضا من فقر وبطالة وفساد مستشري، تعترف مؤسسة الحكم بتلك الملفات ولم تلغها أو تتجاهلها، كما فعل النظامين المصري والتونسي، لكن ما يميز النظام الأردني عن تلك الأنظمة وعن كافة الأنظمة العربية، انه نظام ديمقراطي معتدل وليس مستبد أو مطلق، كما هو حال الأنظمة العربية، فالملك يلتقي بالقوى الوطنية ويستمع لمواقفها وأرائها، فالتقى الملك عبد الله أكثر من مرة بالقوى الإسلامية واستمع لرؤيتها الإصلاحية، والتقى مؤخرا بوفود تمثل النقابات المهنية، التي تعتبر أكثر قوى المعارضة بالأردن بحكم صلاتها بالإخوان المسلمين والحركات القومية واليسارية، ويطوف سنويا كافة أرجاء الأردن للاطلاع عن كثب على واقع المجتمع الأردني وشرائحه الفقيرة والمتوسطة، ويسبق الحكومات في تحسس هموم وآمال الشعب الأردني، ويأمر الحكومة باتخاذ اللازم لمعالجة هذا الملف او ذاك.
إذا فهو نظام جزء من نسيج الشعب الأردني ومرتبط به كونه ملجأ الشعب الأول والأخير، على عكس أنظمة عربية أخرى تخلق بينها وبين الشعوب أسوار من الصمت والتجاهل، وحتى حينما تخرج المظاهرات السلمية في الأردن، فهي ترفع صور الملك وتناشده بتحقيق مطالبها، فينصت الملك باهتمام إلى صوت الشارع الأردني، ولا ينتظر أن تأتيه التقارير من الحاشية أو غيرها، بل ينزل بنفسه للشارع ليسمع ويلبي بعض المستطاع من تلك الرغبات، وهذه حقيقة لا ينكرها أي أردني أو عربي شريف مطلع على حقيقة العلاقة الحميمة بين الملك ومواطنيه.
والأردن تعامل بقمة الحضارية مع المظاهرات التي خرجت في مختلف محافظات المملكة، ولم يقمع أي مظاهرة دعت إلى إقالة حكومة سمير الرفاعي، لان الأردن ووفق دستوره المتطور يجيز بالمظاهرات السلمية وحرية التعبير والتجمع، وبالنهاية استجاب الملك عبد الله لمطالب الجماهير وأقال الحكومة، الأمر الذي لاقى ارتياح شعبي كبير.
وكل إشكال العنف التي رافقت بعض الاحتجاجات جاءت في سياقات خاصة مرتبطة باحتجاج على أعمال عنف وقعت بين الأمن والمواطنين وليس لها صلة مباشرة بقضايا سياسية أو دستورية أو مرتبطة بالنظام، كما حاول البعض تصوير الأمر.
الأمر المهم في القضية، أن المظاهرات الشعبية التي شهدها الأردن مؤخرا دعت لها قوى وأحزاب وتيارات مسيسة وليست تحركات شبابية أو شعبية عفوية، كما أن الأحزاب بما فيها الإخوان المسلمين لا تحظى برضا وثقة الشعب الأردني بكامله، بل لديها أجندات ومصالح معينة وطنية وقومية تدعمها فئات معينة من الشعب، فالشعب الأردني بكل فئاته مسيس بالفطرة ولا يحبذ الانضمام للأحزاب لعلمه المسبق أنها لا تملك برامج واضحة او لديها أفكار محددة باستثناء الحركة الإسلامية التي تحظى بشعبية جيدة تفوق نظيرتها من القوى المعارضة.
وكما نعلم أن الثورة الشعبية في مصر وتونس تحركت من الشارع ثم انضم إليها الأحزاب، بينما في الأردن يتم العكس، وعلى قاعدة المطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، وانطلاقا من الثقة بالمؤسسة الملكية التي تعتبر باستمرار رصيدا للشعب والمعارضة وتقف مع رأي الأغلبية لان النظام الملكي متواصل مع مختلف فئات المجتمع ويعتبر ملجأ المواطن، ولذلك تهتف الجماهير المتظاهرة باسم الملك والعرش.
أمام كل ذلك نقول: لا شك أن التغيير والإصلاح في الأردن بات حتميا اليوم أكثر من أي وقت مضى، ويجب أن يبدأ من أعلى الهرم ومن نخبة سياسية وطنية متميزة ليس لها مصالح ومطامع إلا الوطن والمواطن، وضرورة ومحاكمة الفساد والفاسدين، والضرب بيد من حديد على من أباحوا لأنفسهم التعامل مع الوطن بوصفه شركة تجارية لتحقيق مصالحهم ومكاسبهم التجارية، وإعادة توزيع الثروة الوطنية على الشعب الأردني بشكل عادل ومتساو، ومن الأهمية بمكان إعادة تأسيس ميثاق وطني معاصر يرسي قواعد جديدة للإصلاح السياسي والدستوري، ويفتح الباب على مصراعيه لمشاركة الشعب الأردني بشكل هادف في العملية السياسية والحكم والبناء والتعمير، ووقف كل أشكال الخصخصة بعد أن ثبت فشل جدواها في الاستثمار وتحقيق التنمية الاقتصادية.
ولا شك أن لدى الشعب الأردني مطالب كثيرة مرتبطة بالإصلاح السياسي وحل مجلس النواب الحالي وتعديل قانون الصوت الواحد والقضاء على كل أشكال استغلال ثروات البلاد لصالح فئة معينة، ومعاجلة قضيتي الفقر والبطالة، ومحاولة تحويل المملكة إلى دستورية برلمانية، تتيح للشعب عبر البرلمان تشكيل الحكومات ومحاسبتها.
كل هذه المطالب المشروعة، تتفهمها مؤسسة العرش وتحاول تلبيتها قدر الإمكان ووفق المتاح في ظل الظروف والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، لكن ليس من ضمن هذه المطالب أبدا دعوة تغيير النظام أو الإساءة لمؤسسة الملك، كما طرحت بعض التقارير الإعلامية المشبوهة، لان ضمير الشعب الأردني هو المعيار الصادق بالنسبة لنا في هذا الاختيار، والشعب يحافظ على النظام لأنه صمام أمان المملكة واستقرارها، ويحمي النظام بوحدته الوطنية والتفافه حوله، كما يلتف السوار حول المعصم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شو حالحكي يا بو زكي؟
سمير خليل ( 2011 / 2 / 16 - 13:42 )
إن المزج الغير مبرر بين تونس و الجزائر يلقي بظلال كثيفة على كل ما ورد في المقال. هل هنالك يا ترى من تبرير معقول لة؟

اخر الافلام

.. نحن الآن في مرحلة قران ثالث ويقال عن هذه المرحلة -قران ثالث


.. قرار أميركي يهدد بحظر تيكتوك خلال 9 أشهر




.. هيئة البث الإسرائيلية: الجيش يستعد لاجتياح مدينة رفح قريبا ج


.. الأمين العام للناتو يشارك في مهمة جوية على متن مقاتلة يوروفا




.. الاتحاد الأوروبي للعربية: نطالب إسرائيل بالتعاون الكامل فيما