الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجياع يتجمعون

سعدون محسن ضمد

2011 / 2 / 17
حقوق الانسان


كنت أقول: أن سحب الحراك (الإنتفاضي) الجماهيري ـ بنموذجيه التونسي والمصري ـ إلى العراق عمل مرتجل وغير مدروس. وأن الذي يعمل على ذلك يخاطر بعصفوره الذي بيده طمعاً بالحصول على العشرة الواقفة على شجرة الأماني والطموحات، والموشكة على الطيران بعيداً جداً، كنت أقول: لم يكن لدى التونسيين والمصريين ما يخسروه، انتفاضة هذين الشعبين انتفاضة رابحة بكل المقاييس، فباستثناء الخسائر بالأرواح ماذا يمكن للمنتفضين على الحكم الدكتاتوري الاستبدادي الفاسد أن يخسروه؟ لم يكن لدى التونسيين ما يخاطرون به، ولم يكن لدى المصريين ما يحرصون على الاحتفاظ به.
لدينا ديمقراطية وليدة يمكن لنا أن نخسرها ونغرق في فوضى الاحتراب الطائفي من جديد، لدينا انتقال سلمي للسلطة يمكن لنا أن نخسره لصالح الاستئثار بها من قبل طائفة أو قومية أو حزب. ومن جهة أخرى لدينا جيوش مسلحة ونائمة تنتظر تخلخل الوضع الأمني من أجل أن تعمل بنا ذبحاً وتهجيراً تحت شعارات المقاومة الجوفاء. ولدينا ميليشيات تنتظر فرصة مناسبة تعيدها لميدان الذبح والنهب والسيطرة على آبار النفط وموانئ التصدير. بيد العراقيين عصفور يستحق أن يحرصوا عليه ولم يكن بيد، لا التونسيين ولا المصريين، ولا حتى جناح أو منقار من هذا العصفور.
كنت أقول ذلك إلى أن انتشر فيروس الدعوة إلى التظاهر في مواقع الفيس بوك العراقية وانتشرت حمى المسيرات الحاشدة في مدن واقضية ونواحي العراق، وعند ذاك لفت نظري أمران، الأول أن جميع تلك المسيرات الحاشدة كانت تطالب بالخدمات وتحسين فرص العمل، كانت إذن حشود جياع، ولا يجوز لنا أن نطالب الجياع بانتظار وعود نعرف سلفاً أنها زائفة. والأمر الثاني هو الخوف والارتباك والإحساس بالخطر الذي بات يدب بأوصال المسؤولين والسياسيين العراقيين. الأمر الذي دفع بهم للبحث عن أي فرصة لإصلاح الخلل أو تطمين المواطنين.. عندما لفت نظري هذان الأمران وشاهدت الإحساس بالتقصير والخطر يلوح على ملامح السلطة التنفيذية عرفت أن هناك فرصة حقيقية يمكن لنا أن نحسن استغلالها للخروج من مستنقع الفساد الذي أوقعنا فيه صعود جماعات لا هم لها سوى انتهاز الفرص واستغلال المناصب لحصد المنافع الشخصية وتحقيق الطموحات الرخيصة.
صحيح أن خطر الاقتتال الطائفي لم يزل كبيراً جداً، وصحيح أن انعدام الثقة لم يزل هو السمة الأكثر وضوحاً من بين سمات حراكنا السياسي على طريق بناء الدولة، وصحيح أن المسيرات التي ستعم بغداد والمحافظات ستكون مهددة بانقسامها إلى مسيرات شيعية وسنية وعربية وكردية وإسلامية وعلمانية، كل ذلك صحيح وممكن. لكن اللعنة على المخاوف التي تقف بطريق انتفاض الجماهير الجائعة والمخذولة والمنكسرة، اللعنة على المخاوف التي يمكن لها أن تشكل فرصة نفاذ يهرب من خلالها الفاسدون والمزورون والانتهازيون، اللعنة على المخاوف التي تشكك بقدرة الشعوب على تلمس مصيرها في ليل التحديات الحالك. نعم كنت أقول لا لانتفاض العراقيين، والآن أقول نعم لمسيرات الاحتجاج التي يمكن لها وحدها أن تلقن لصوص العراق ونفعييه درساً بالوطنية والشرف والنزاهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وحدة المالكي وعلاوي ضد الفقراء
صادق حسين ( 2011 / 2 / 18 - 01:27 )
الغريب ان المالكي وعلاوي متوحدين ضد التظاهرات لان علاوي يعتقد بانه الوريث الوحيد للمالكي لذا ضهور تظاهرات يعني خسارته للسلطة وكما قلت سابقا التحالف السلطوي الوحيد واللمكن الان والامس هو تحالف الاسلاميين والبعثيين لانهم من ذات مدرسة القمع والاستبداد. احيك على مقالك


2 - رماد ارغفة الخبز....
حسين خلف حمزة ( 2011 / 2 / 18 - 14:52 )
الاستاذ سعدون ضمد: محقا- انته في طرح مخاوفك لانناشربنا من نفس كأس السنوات المنصرمة , لكن تذكر انها كأس تجرع سمها شعب بكل قومياته ومذاهبه, وماعاد في قوس الصبر من منزع , هم يسرقونا ,هم يقتلونا , هم يتجاهلون هوياتنا , هم يحيلون رغيف الخبز بيدي اطفالنا رماد ,بل سرقو من عصافير الاشجار احلامها , لااريد ان اكون شاعريا- وخياليا- بعيدعن العقل لي مخاوفي ايظا- ولكني ملئت بها اكياس (الحصة التموينية)المنتظرة بلهفة ان تمتلئ مرة اخرى بطحين الكرامة !لبطون الجياع ,جحافل الجياع والمهمشين ليسو سنة وشيعة ,عربا- وكردا- ,اليوم هم (ثوار الجوع)وهويتهم واحدة لايمكن ان تتفرع ابدا- (هم المسروقون المحرومون المهمشون......الخ)هم نحن الذين فقدنا(ال نحن) ونريد ان ,نستردها,,ياصديقي تقبل مني اطيب التحيات


3 - لا للمخاوف
سعدون محسن ضمد ( 2011 / 2 / 19 - 16:18 )
الصديقين صادق حسين، حسين خلف حمزة.. تحية محبة
تبا للمناطق الخضراء والرواتب الخضراء والامتيازات الخضراء والدرجات الخاصة الخضراء والكيانات الخضراء تبا لكل هذا الدجل وأهلا بصوت الجياع، صوت الناس التي ملت الصبر والوقوف في طوابير الانتظار بدون جدوى.. مرحبا بلحظة الحسم والتغيير..


4 - مخاوف اخرى
احسان محمد ( 2011 / 10 / 9 - 01:26 )
لدي مخاوف اخرى هي ان استفحال النقمة الجماهيرية وتجسيدها في مظاهرات قد تطالب اليوم بالخدمات وايقاف مد الغساد الجارف وقد تطالب غدا عند عدم الاستجابه لمطالبها- ولا اظن ان اجدا سيستجيب- باسقاط الحكومة,ما اخشاه هو ان يحاول السياسيون العراقيون الهاء الجماهير باشعال نار حرب طائفبه ثانية لن تبقي هذه المرة ولن تذر. هل انا على حق ام اني اسرف في التشاؤم؟؟؟؟

اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط