الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة الديمقراطية العربية الكبرى

عمر شاهين

2011 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تسونامي الديمقراطية يجتاح العالم العربي. وهاهم الزعماء العرب يحومون حول عروشهم، وما أن يرتفع إيقاع الأحداث حتى يفقد أحدهم مقعده. للآن خرج الرؤساء زين العابدين بن علي وحسني مبارك من السباق، فمن سيكون الثالث، الرابع...

من الصعب التوقع من التالي في لعبة تشبه "الكراسي الموسيقية". ويبدوا من المؤكد أن التحول مستمر، ربما بوتيرة أسرع أو أبطأ، حتى زوال كافة الأنظمة المستبدة. فما هي الأسباب والدوافع؟ ولماذا يحدث التحول بالتتابع، وأخالها المرة الأولى، أو الثانية بعد أوروبا الشرقية، في التاريخ البشري الذي نلحظ فيها هذا التفاعل المتسلسل. فما هي الأسباب والدوافع؟

1- التحول الديمقراطي، استحقاق لا يمكن التهرب منه، والديمقراطية مرحلة من تطور المجتمعات البشرية لا يمكن القفز عنها أو الالتفاف عليها مهما بلغت مناقب الزعيم. لقد حاولت الأنظمة الاشتراكية القفز عنها إلى مرحلة أعلى دون طائل. ويبدوا أنها إحدى الغرائز أو الحاجات الأساسية، البيولوجية الاجتماعية ، التي يتعين إشباعها عند بني البشر.

2- تأخير تطور المنطقة المتعمد. وكان نتيجة تضافر مجموعة من العوامل الرجعية المحلية، والاستعمارية الخارجية، الطامعة معا في تقاسم النفوذ والثروات النفطية. لقد أدى ذلك إلى تعميق فجوة المداخيل وازدياد أعداد الفقراء والمهمشين، وإلى تركز الثروات بأيدي الأوليجارشيات الحاكمة. وسياسيا، فقد أدى التسلط وحكم أجهزة المخابرات وتزوير الانتخابات إلى حالة من القطيعة بين الشعوب والحكام.

واستطاع الحكام العرب إقامة علاقات قوية بينية ضمنية أو معلنة، رغم ما يبدوا من تنافر، ضد شعوبهم، لتحنيط الأنظمة ومحاولة تخليدها. فالأنظمة الملكية سارت نحو بعث بنى اجتماعية بدائية عشائرية وقبلية، مماثلة لما ساد قبل الإسلام والمسيحية. وقامت الأنظمة الجمهورية بالسير نحو إنشاء الحكم العائلي وتوريثه، أي فعليا نحو الحكم الملكي الوراثي.

3- الإهانات المتوالية للمشاعر القومية والوحدوية العربية، المتمثلة بسلسلة لا تنتهي من الهزائم، التي يتحمل الحكام العرب مسؤوليتها منذ بداية القرن المنصرم. وقد بلغ تواطؤ الحكام العرب وخياناتهم لقضايا شعوبهم ما يعجز الوصف عنه. ومع ذلك فقد استطاعوا الحفاظ على عروشهم بالمزيد من التنازلات على حساب الأوطان.

4- استفحال التناقض بين الحكام والشعوب ومع الحداثة والتطور. وهذا ناجم عن اتساع الفجوة بين الشعوب والحكام لتفريطهم بالوطن واستباحتهم له من جهة، وانتشار التعليم ووسائل الاتصال العلمي والمعرفي والثقافي مع الحضارة العالمية، المتاح لجيل الشباب. فالشعوب تنظر إلى العالم المتقدم للبحث عن حلول لمآسيها، والحكام يحاولون إدارة عجلة التاريخ القهقرى لتخليد غطرستهم.

5- انتشار التسلط والقمع ومصادرة الحريات. فهي الوسيلة الوحيدة عند الحكام العرب لإقناع الشعوب للقبول بالأمر الواقع، وأقاموا بذلك ممالك وجمهوريات الظلم وشكلوا أخر حصون الاستبداد والطغيان في العالم، وكانوا الرجال الرجال في إكراه شعوبهم والنعاج النعاج أمام أعداء الأوطان. وقد اهتموا كثيرا ببناء أجهزة المخابرات والقمع، وأضعفوا الجيوش وحولوها إلى قوات لحماية النظام من "العدو الداخلي".

6- ضرب الأحزاب وتهميشها واحتوائها. وأدى ذلك إلى مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين من ناشطي الأحزاب وقوى المجتمع المدني على الصعيد العربي، و ساهم في إضعاف الأحزاب المثخنة بالجراح، وفقدانها لزمام المبادرة السياسة. ورغم فشل التجربة النهضوية في العقود السابقة، إلا أنها أدت إلى نوع من الصحوة الكامنة وانتشار الفكر الديمقراطي والتحرري والوحدوي.

7- ظهور قوى التغيير الصاعدة الجديدة المتمثلة بجيل الشباب. وهاهم الشباب ينخرطون في العمل السياسي ويكملون المسيرة، ويحققون المعجزات. فهم أكثر من نصف المجتمع، وهم الأكثر معاناة من القهر والبطالة والتسلط والعقلية الأبوية، وهم الأكثر انفتاحا على العالم، والأكثر جرأة وبأسا. لقد ساهم انتشار التعليم وازدياد عدد المدارس والجامعات، إضافة لوسائل الاتصال الحديثة، إلى إنضاج الوعي الذاتي المجتمعي لفئة الشباب كقوة للتغيير الديمقراطي. وجاءت الشرارة من تونس، وأشعلت الهشيم العربي من المحيط إلى الخليج، وكان يمكن أن تأتي من مكان آخر، فما الفرق.


لقد بدأت الأنظمة بالانهيار غير مأسوف عليها، ولا حتى من قبل أنصارها. فالديكتاتورية عندنا ليست لحزب أو طبقة أو مؤسسة كما كانت في التاريخ الغربي، بل أوليجارشية حاكمة نهبت الثروات وفرطت بالأوطان واحتقرت الشعوب.

ربما تنطفئ الجذوة أو تخبو دون انهيار كافة الأنظمة المعجل، الشيء الأكيد أن السقوط المعنوي قد أنجز وسيتبعه المادي. وكم نحن محظوظون، لأننا شاهدنا وسمعنا وعشنا وناضلنا في زمن كهذا، وفي صفوف الثورة الديمقراطية العربية الكبرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من أجل رد الاعتبار
عبدالقادر شامخ ( 2011 / 2 / 20 - 09:39 )
ما ورد في مقالكم جيد جدا ، إنما يبقى السؤال كيف يمكن تدعيم حركة الشعوب في شارع كل من اليمن والبحرين وليبيا ثم الدعوة إلى باقي الشعوب العربية من أجل أن تتحرك لتحرير نفسها بنفسها من هذا النظام العربي الذي هو أسوأ حتى من أنظمة القرون الوسطى . وبالتالي أين هو صوت المنظمات والتنظيمات العربية الحقوقية والشبابية والمهنية ؟ أين هو صوت المثقفين والطلبة والفلاحين والعمال ؟ الملاحظ أنهم غائبون عن حركة الشارع الذي هو ساحة النضال المباشر من أجل الحرية والديموقراطية ورد الاعتبار لأمة يدعوها ضميرها إلى أن تقوم

اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص