الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
القذافي الذي لم يرث الحكم
عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)
2011 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية
كما حصل في مصر ومن قبلها تونس، وكما هو حاصل في اليمن منذ أكثر من عام، فإنّ الرهان على تراجع زخم الثورة مع الوقت وتراخي الثوار عنها ليس سوى رهان فاشل، تتخذه الأنظمة ومن ورائها القوى العالمية ذات المصالح المتعددة التي تقفز مع مصالحها بين نقاط الأمطار، فلا نسمع صوتاً لها إلاّ حين تسلك الطريق المناسب لحماية مصالحها كما هو الحال في اليومين الأخيرين أميركياً وأوروبياً ودولياً.
وصل عمر الثورة الشعبية الليبية إلى عشرة أيام، وما زال شبابها كما هم في بدايتها وأشدّ. القتل مستمرّ والتعنت مستمرّ، وفي المقابل يستمرّ الثوار في تحديهم وتقدمهم نحو تحرير مدنهم من قوات النظام. وما هي إلاّ أيام أو أكثر حتى ينسحب القذافي مع بنيه، ويختصر مرحلة قد تضطر فيها عشيرته إلى نبذه انسجاماً مع شعب كامل هبّ في وجهه.
فالقذافي ليس مجنوناً كما يعتقد البعض أو تروّج له بعض وسائل الإعلام منذ عهود بعيدة. الكلمة فحسب فيها إهانة للشعب الليبي، أن يحكمه مجنون طيلة هذه المدة! هو صاحب نزعات فريدة لا شكّ، وصاحب فكر خاص نعم! لكنّ القذافي لا يختلف عن غيره من الحكّام العرب المتألهين في السلطة أبداً سوى في الدرجات. فالقذافي يتفرّد بالسلطات كلّها ويدّعي أنّ الشعب هو الحاكم كمن "من دهنه قلّيله"! كما يقول المثال الشعبي. وهي بالفعل طريقة أثبتت جدواها ليبياً طيلة 33 عاماً أي منذ عام 1977 مع عدم الإغفال بطبيعة الحال عن قيامه بقمع المعارضة سجناً ونفياً واغتيالاً وقتلاً جماعياً، حتى بدت الساحة خالية تماماً للأفكار "الخضراء" تتآكل الشعب الليبي صبح مساء.
القذافي ليس سوى حاكم طرق باب السلطة وذهب بها إلى أقصى الحدود وأخطرها، ولم يجاره في ذلك إلاّ من جاءوا مثله عبر ثورة عسكرية تغييرية، أو انقلاب على ثورة، أو ثورة على انقلاب، وهلمّ جرا في تاريخنا العربي المعاصر الذي لم يُبقِ سواه من أولئك البائدين. أما باقي الحكّام العرب فلم يتسنّ لهم ذلك التفرّد الفريد، رغم أنهم يتمنونه ويعملون عليه، فالحكم جاءهم غالباً عن طريق الوراثة، والوريث لا يمكن أن يكون كالأصيل أبداً. حتى أنّ أولاد القذافي، على عددهم الكبير، وتفانيهم في إثبات جدارتهم كلّ بطريقة واتجاه، لا يمكن لهم بأيّ حال أن يكونوا كمثله، فهم قبل كلّ شيء لم يصنعوا شيئاً ممّا هم فيه، بل ورثوه جاهزاً كما هو من والدهم، وما إضافات سيف الإسلام الدبلوماسية، أو عنتريات معتصم المخابراتية، وهجمات خميس العسكرية الطائشة إلاّ إثباتاً لصورة يطلبونها لأنفسهم، ولا يتمكنون من تثبيتها وإثباتها، كما فعل معمّر القذافي كلّ ذلك الأمد من حكمه.
وما الكتاب الأخضر وبصرف كلّ النظر عن أفكاره؛ جيّدها ورديئها، إلاّ شاهد على تألّه القذافي في السلطة وذهابه إلى أبعد الحدود، حيث اعتبر فكره هو الفكر السياسي الإنساني النابض الخالد المطبّق في جماهيريته، والذي يجب أن يحتذى به في طول البلاد وعرضها، على طريقة الكثير من مروّجي الأيديولوجيات التي تلغي الفكر الآخر مهما كانت منابعها ومنابعه.
هو القذافي آخر أولئك العتاة عربياً، هو ليس كزين العابدين أو مبارك، ولا حتى كعمر البشير أو علي عبد الله صالح، لكنّ الشعب الليبي سيثبت أنّه سيرحل عاجلاً أم آجلاً. أما من بقي من الحكّام العرب، فأولئك لا يمكن اعتبارهم نقطة واحدة في بحر القذافي المتيبّس في "لا منصبٍ" صنعه بنفسه ولم يرثه أبداً. وهو ما على الشعوب العربية في المغرب والخليج والمشرق أن تفهمه جيّداً، وتعرف عن حكّامها ما لا يشاءون أن يُعرف عنهم. ستعرف عندها أنّهم أضعف من أن يصمدوا أمامها..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة