الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا جناه ليبرمان.. يا تشيني!

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 3 / 3
كتابات ساخرة


في منزل فخم قديم الطراز، يقع على أحد أطراف بلدة بروكفيل الثرية في ولاية نيويورك، ويملكه كاين ادم، وهو أحد قياديي منظمة أيباك الذي يفضل غالباً عدم الظهور، جلس في غرفة واحدة خفيفة الإضاءة، بنيامين نتنياهو وايهود باراك وريتشارد بيرل وجون بولتون، وكانوا جميعاً ينتظرون وصول ديك تشيني كي يبدأوا عشاءهم.

لم يتحدث أحد مع الآخر حتى بنيامين وإيهود اللذين جاءا سوياً. أمسك الإثنان بكأسيهما، بينما جلس بولتون يرتب أوراقاً بين يديه ويدوّن عليها بعض الملاحظات، أما بيرل فقد كان مشغولاً بهاتفه الخلوي، وكان يجري بعض الحسابات بادئ الأمر، قبل أن يطلب من الخادمة أن تشعل جهاز التلفزيون في الغرفة داعياً الآخرين إلى المتابعة.

لم تكن مذيعة الفوكس نيوز على غير عادتها، فقد نقلت أخبار سقوط النظام المصري وتنحّي حسني مبارك، كما يجب، وحاولت أن تؤكّد على التكهنات التي تشير إلى أنّ من سيتولى الحكم في مصر سيلتزم بالمعاهدات الدولية لا سيما كامب دايفيد. لكنّ ظهور جون ماكين معها في الإستديو جعل الأمر مثيراً للإهتمام، خاصة أنّ ماكين لم يكن قد ظهر بعد منذ انتهاء الإنتخابات الرئاسية السابقة على وقع خسارته، وفوز باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة.

جعل ماكين يتحدث بإشارات لاذعة إلى سياسات أوباما والحزب الديمقراطي الخارجية، ما دعا بيرل إلى استلام دفة الحديث داخل الغرفة بعدما أطفأ التلفزيون، ونظر إلى الجميع وهو يبدي حالة مختلطة بين الإستياء والعتاب.

بيرل متوجهاً إلى بولتون ومحاولاً تفادي نتنياهو وباراك: أيعجبك ما يحصل يا جون؟ كيف وصل الأمر بنا إلى هذا الحدّ؟
هزّ بولتون رأسه ونظر إلى بيرل كمن ينفي عن نفسه المسؤولية وقال بحدّة: ما ذنبنا نحن؟
وأشار بيده إلى الكنبة التي يجلس عليها نتنياهو وباراك، وقال: أليس حليفانا ها هنا هما المسؤولان مع كاين وجماعته؟
حاول باراك أن يفهم جيداً من نتنياهو ما يقوله بولتون، وعندما فهمه جيداً حرّك سبّابة تجاه بولتون وهدّده قائلاً: إيّاك أن تلقي اتهاماتك، لو أنّك قمت بوظيفتك كما يجب مع حزبك، وهذا الغبي ماكين لاستمرّ الحال على ما هو عليه وأفضل!
وأضاف نتنياهو وهو يضحك ساخراً مؤكّداً على كلام زميله وغريمه: لقد أتى بعاهرة كنائبة له.. ماذا تنتظر منه أكثر من ذلك!!؟

بيرل حاول أن يعود بالحوار إلى نقطته الأولى وقال: دعونا من ماكين وبالين الآن، فالأمر بدأ في دعمكم العلني مع حلفائكم في الأيباك لأوباما وإيصاله إلى الرئاسة كتأديب لنا.
نتنياهو: لا لم يكن تأديباً لكم أبداً، وهذا الأمر نحن مسؤولون عنه بالفعل لأننا أخذنا بكلام أفيغدور ليبرمان على نحو جاد، ورأينا فيه مع ديك تشيني أيضاً استراتيجية جيدة تجاه أولئك العرب، عبر جلب حاكم أسود للعالم. وتعلمون جميعاً كم يكره هؤلاء السود كما نكرههم، لكنّنا آمنّا بالتضحية كي نتمكن من إذلالهم جميعاً.
باراك مقاطعاً بعنفوانه اليساري: قلت مراراً ولم أزل أقولها حتى اليوم، لا ينبغي لهذا الأصولي الأجوف ليبرمان أن يكون له أي دور في سياستنا، ولم يصغ أحد إليّ، حاولت بكلّ جهدي أن أسقطه لكنّ الدعم كان يأتي من سراً من الليكود، ومن أولئك الحاخامات المتعفنين في شاس وسواها.

يدخل ديك تشيني إلى الغرفة قبل أن يردّ نتنياهو على اتهام باراك، ويبدو كأنّه سمع الكلام الأخير جيداً. يحيي الجميع ولا يصافح أحداً مدعياً أنّ لديه حساسية، فينظر باراك ونتنياهو إلى بعضهما ويهزان برأسيهما باحتقار ملحوظ لتشيني.
يسأله نتنياهو: وأنت ما رأيك، أم إنّك مهتم بأمور أخرى هذه الأيام؟
يفرك تشيني يديه ببعضهما البعض ويتجاهل ملاحظة نتنياهو الأخيرة قائلاً للجميع: ليست المسألة مسألة ليبرمان أو أوباما الآن. فبالنسبة للخطة، فقد نجحت بالفعل في المرحلة الآولى، لكننا لم نتوقّع غباءً إلى هذا الحدّ من أوباما في إدارة المستعمرات، بعدما تجاهلنا ما يعتبره إنجازاً في ما يسميه بملف الإصلاحات الطبية في الولايات المتحدة، وبات من واجبنا الآن البحث عن بديل.
يفتح بولتون عينيه على اتساعهما ويسأل بحماس منقطع النظير: هل نتخلص منه؟
ويعقّب بيرل متسائلاً: نتخلص منه!!؟ أتعني نقتله!!؟
يندفع تشيني، بتفكيره الدبلوماسي الممنهج المعهود، ويردّ بحزم: لا لا أبداً، لا نريد أيّ حراك جماهيري الآن. سيجعلون منه مارتن لوثر كينغ جديداً، لا بل سيجعلون منه كينيدي ولوثر كينغ معاً، ونحن بغنى عن ذلك في هذه المرحلة.
يخفض بولتون رأسه، ويمسح بيده فوق شاربيه كمن خذل، ويتدخل باراك بالسؤال: إذاً ماذا تقترحون، وأين سيكون دورنا الآن؟
يردّ تشيني: بالنسبة لدوركم فهو محفوظ دائماً، وسنمدّكم بكلّ ما يلزم لأجل إعادة موقعكم القويّ على صعيد المنطقة، والإنتقام لإخفاقاتكم العسكرية والمخابراتية. تدخلنا بالفعل لحماية النظام الأردني والسعودي وهما الأهم بعد المصري، الذي سنسيطر عليه مجدداً بعد اختفاء هذه الموجة الشعبية، وسنبقي على باب الدعم لحلفائنا في الضفة ولبنان مفتوحاً، رغم أنّ البساط سيسحب من تحت أقدامهم بالكامل قريباً. لكن وقبل كلّ شيء، يجب أن تقتنعوا منذ الآن بعودة الحزب الجمهوري إلى الحكم في الإنتخابات القادمة، ومن جهتي أعدكم بأن نعمل جاهدين خلال هذه الفترة على تنظيف الحزب من الأصوات المعارضة لكم وللأيباك، وتنظيفه كذلك من تلك الأصوات الغبية المهلّلة لإسقاط أنظمة مستعمراتنا.

ينظر الجميع إلى بعضهم البعض ويهزّون رؤوسهم موافقة، ويبدو أنّ ديك تشيني نسي الحساسية التي ادعى أنّه يعاني منها، وصافح الجميع قبل أن يسأل عن كأسه.
وفي اللحظة التي كان بولتون يصبّ لتشيني من الزجاجة في يده، فتح كاين ادم باب غرفة المائدة ودعا الجميع إليها، وهو يضحك عالياً ويقول: أهلا بكم جميعاً.. كما دائماً...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با