الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


100 يوم المالكي ، جراحة في جسد ميت

هادي الخزاعي

2011 / 3 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


100 يوم المالكي ، جراحة في جسد ميت؟!

هادي الخزاعي

* ملاحظة أستباقية أولى : - كنت قد كتبت بأنه لا يضر أن ننتظر مئة يوم أخرى فلعل الأمور تسير بالأتجاه السليم بعد المئة يوم التي طلبها المالكي ، ولكن لم يلح في أفق الوعد أي مؤشر ، بل إن التخبط ساد الإجراءات الأمنية المشددة التي يقصد منها وقف شباب فيراير / شباط من الأستمرار في جمعهم المطلبية ، والتي إمتدت الى يوم جديدة هو يوم الندم .
* ملاحظة استباقية ثانية : - أتمنى على الشباب أن تستمر ايام غضبهم حتى تتحقق مطالبهم التي تبنتها جماهير جمعة الغضب .
* ملاحظة استباقية ثالثة : - أيتها الحكومة تنبهي ، فكلما طالت أيام الغضب ستكبر كرة الثلج ويعلو سقف التطلبات .



على حد تعبير المثل العراقي الدارج ( كثر اللحاح يطك اللحيم ) .

أنفجر صبر المواطن العراقي ، فخرج الى الشارع مطالبا بتحقيق الأمان وتوفير الخدمات ومحاربة الفساد وإيجاد حل للبطالة .
ورغم ان هذا المواطن لم يخرج للشارع ، إلا لأنه جائع أو متضرر من سوء الوضع الذي استشرى فيه الفساد بكل أنواعه ، ولم يعد يستشعر بأفق ينهي معاناته فخرج الى الشارع وهو يردد : - باطل... باطل ! على كل ممارسات باطلة كانت قد استشرت في جسد الحكومة السابقة ، والتي ستستشري في الحكومة الجديدة التي تأخرت قرابة السنة ليتمخضها جبل لا يلد إلا فئران الأنابيب .
رغم كل ذلك ، فلم يخرج هذا المواطن المتضرر الى الشارع وبيده خنجر او مسدس ، بل كان بيده العلم العراقي إعتزازا بوطنيته وحمايتا لآدميته ، وتأكيدا على سلامة نيته أزاء الدولة ومؤسساتها وحرصه على الملكية العامة .
غير إن الحكومة قد استهترت بهذا الجيشان من المشاعر والهواجس المبررة للموطنين الباحثين عن مسار يوصلهم الى تحقيق مطالبهم المقبولة ، وهم يحملون اغصان الزيتون ؛ فواجهتهم ، وهم المتسلحين بالعلم العراقي وقصاصات ورق المقوى واللافتات .. واجهتهم بوسائل القمع الكثيرة التي تملكها ، لتكسر كبرياءهم وكرامتهم الأنسانية ، هذا إن لم تفقد رصاصة عمياء حيوات بعضهم ، او تعجز البعض الآخر إصابة الى ابد الدهر .

ورغم هذا العسف المتعمد من الحكومة ، فلم يترك المواطن عصاه وهو يخطو الى نفق لم تتضح نهايتة . وظل وسيظل يمشي الى هدفه .

وأزاء هذا الأصرار استجابت حكومة الوحدة الوطنية غير المكتملة !! ، بأن أعلن رئيسها المالكي عن مشروع المائة يوم لأصلاح الحال . وكأنه لم يسمع بالمثل المتواتر " لا يصلح العطار ما افسده الدهر " !! وكأنه أيضا لم ينظر في تأريخ العراق الحديث الذي يسجل بأن أغلب ـ إن لم يكن جميع ـ الذين يقودون المفاصل الوسطية والعليا للدولة في العراق ، ومنذ يوم 8 شباط عام 1963 ولحد الآن ، قد تسنموا مواقعهم القيادية والوظيفية بإنتقائية كاملة ؛ بسبب الأنتمائات الحزبية ، لا لأنهم من أصحاب القدرات في فن الأدارة ، لكن لأنهم مدللوا أحزابهم السياسية أو من المرفهين الذين يملكون الجاه والمال ، رغم انهم يخلون من أي كفاءة تؤهلهم لمواقعهم التي كانوا فيها سابقا ، او المواقع التي يتسيدوها في الوقت الحاضر ، أولئك النفر من مالكي الجاه الطائفي والقومي والحزبي الذين نحر وطنيتهم طمعهم وجشعهم وميلهم للأستحواذ على المال العام ، رغم تشدق أغلبهم باخلاص وطني زائف ، تبرره سرعتهم في نزع جلودهم ليرتدوا الجلود التي تناسب جديد المتغيرات .
ويبدو أن هذا صار موروثا لدى الحكام وتوابعهم في العراق .

إن حالة التغيير التي جرت عام 2003 والتي إستبشرنا بها خيرا رغم خراب العراق على يدي الإحتلال والإرهاب ، لم تبرر إستبشارنا بذلك التغيير ، فسرعان ما تلبست العديد من القوى السياسية النافذة هواجس القفز الى سدة السلطة بأي ثمن ، ومنذ ما بعد السنة الأولى من التغيير وبدعم بريمر الحاكم الفعلي للعراق .

أيها السادة إن الجسد الحكومي العراقي ومنذ 8 شباط 1963 وهو متخم بالفساد وسيادة مبدا الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب . وأصبح بعد عام 2003 أكثر تخمة فكان لابد من أن يموت ، ومات ، فقد قتلته خناجر المحاصصة وسيوف سرقة المال العام .

يا سيد نوري المالكي ، يا رئيس وزراء العراق ، انك كمن يريد أن يجري جراحة ( لمصران أعور ) في جسد ميت ، فهل ستنجح هذه الجراحة الممثلة بمشروعك الممتد لمائة يوم فقط ، وهل تصلح هذه المعالجات لجسد حكومتك التي ولدت ميتة ، بسبب المحاصصة المقيته ، ونظرية المؤامرة التي تحكم علاقات الكتل الفائزة بالأنتخابات ؟؟!

كنت سأقول نعم لو أنك كنت قادرا على تشكيلها بعد الإنتهاء مباشرة من الأنتخابات ، لكنك ولحد الآن ، وبعد عام بتمامه وكماله منذ أنتهت تلك الأنتخابات ، لم تستطع أن تقدم للعراقيين قائمة وزارية متكاملة ، تضم كل الوزراء ، وإنك لا زلت تضرب أخماس بأسداس لتملأ سلة وزارتك المخرومة .

السؤال الملح هنا هو : - كيف تكفيك 100 يوم لتقدم مشروعا متكاملا يوفي بحاجات المواطن ويحل أزماته ، وأنت لم تكفك 360 يوما لتقدم حكومة مكتملة ، يمكن أن تبدأ بتقديم الخدمات له ؟؟!!
أشك يا سيد نوري بانك ستفي بوعدك ، ذلك لأنك لست عطارا ماهرا تصلح ما افسده الدهر، أو جراحا يعرف كيف يمسك مبضعه ! لذلك فسوف تمضي فوق المائة يوم ، مئات غيرها ، ولا يتحقق أي من الوعود ، لإنها مجرد وعود تناسلت من مئات الوعود التي سبقتها ، ولأن حكومتك يا مولانه ليس لها سوى توصيف واحد ؛ هي إنها ولدت ميته بسبب تراكم فضائح الفساد المالي والإداري والمحاصصة المقيتة، التي جثمت على صدر حكومتك السابقة فقتلتها وأحالتها الى رمة لم ينفعها الإصلاح . وأما الحكومة الجديدة فستكون أعجز من أن تقدم أي حل لمطالب المواطن . إذ ستعود دورة الحياة من جديد تجري في جسد الحكومة الجديدة كلها ، لكن سيكون كل شيء ميت فيها ، إلا الفساد ، وبأنواعه كما يبدوا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية